تدمير التراث في غزة ولبنان.. وتجميل صورة العدو في مؤتمر دولي! – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

تدمير التراث في غزة ولبنان.. وتجميل صورة العدو في مؤتمر دولي!

خاص
محمد علوش

انعقد  “مؤتمر الآثار الإسلامية” في جامعة جوته فرانكفورت المانيا في الفترة من 7 إلى 9 نوفمبر الحالي،حيث جمع خبراء إسرائيليين ومشاركين دوليين،من بينهم عرب من عدة دول، وكان منبراً مريحاً  لأعضاء هيئة الآثار الإسرائيلية،لكي يحاضروا بالآثار الإسلامية وهم المتهمون أصلاً بتدمير التراث الفلسطيني واللبناني .

المتحدثون العرب في المؤتمر لم يسجّلوا أي اعتراضات تذكر ولم ينسحب أحد منهم غيرة او دفاعاً عن الإرث والتاريخ والحضارة الإنسانية في كل من فلسطين ولبنان.

هل علم المشاركون والمحاضرون العرب أن “اسرائيل دمرت أكثر من 200 موقع أثري في قطاع غزة، وتعتدي على مواقع أثرية وتاريخية بارزة في لبنان، مثل بعلبك وصور في حربها الهمجية التي لا توفر بشراً أو حجراً؟”.

وإن كان لم يطلعوا بعد فسنعرض لهم بعض المواقع الأثرية التاريخية التي تعرضت للتدمير في غزة .

المسجد العمري الكبير في غزة بعد تدميره من قبل الاحتلال
المسجد العمري الكبير في غزة بعد تدميره من قبل الاحتلال

 

قصر الباشا في غزة
قصر الباشا في غزة

 

كنيسة القديس بريفيريوس في غزة
كنيسة القديس بريفيريوس في غزة

وفي لبنان، ينتقم العدو من التاريخ الحضاري حيث استهدف العديد من المواقع والبيوت الأثرية والتاريخية ويهدد بالمزيد.

بعلبك القلعة التي كسرت ظهر الغزاة مرار

كيان بلا تراث حضاري، وبسجل دموي احتلالي اجرامي، يعتدي على قلعة بعلبك.. التي لم يكن قد وُلد كفرة شريرة عندما بُنيت، كشاهد على كسر الغزاة.

بعلبك .. القلعة التي كسرت أمواج الغزاة مراراً.. تاريخ يعادي من عاداه، ويستصغر كياناً لم يكن قد صيغت فكرته الشريرة عندما شُيدت أعمدتها.. لكنه، ولأنه صنيعة القتل والدمار، أراد أن يمسها بشيء من خرابه.

لماذا يستهدفها.. سؤال بسيط، وجواب أبسط وأوضح، لأنه كيان يعاني من انعدام في التراث الحضاري، وفائض من المجازر المدونة في سجل ميلاده، ونوابات حقد من شمس مقاومتها المغروزة في بين قراها.

صورة من آثار الدمار قرب قلعة بعلبك الأثرية
صورة من آثار الدمار قرب قلعة بعلبك الأثرية

لا يُهدم التاريخ، وإن أمتلك العدو كل سلاح العالم، وهو الذي تُهدم أركان كيانه.. لو مالت عليه إعمدة قلعة بعلبك.

انهيار جزء من التاج العلوي لـ«قبة دورس» الأثرية المشادة من حجارة وأعمدة القلعة في بعلبك
انهيار جزء من التاج العلوي لـ«قبة دورس» الأثرية المشادة من حجارة وأعمدة القلعة في بعلبك
المقر السابق للمجلس الثقافي للبنان الجنوبي في النبطية
المقر السابق للمجلس الثقافي للبنان الجنوبي في النبطية

وأمعن الاحتلال في تدمير واحدة من أقدم المدن في التاريخ المُدرجة على لائحة التراث العالمي، وهي مدينة صور الساحلية العريقة.

هذه المواقع التاريخية ليست مجرد معالم وطنية للبنان أو فلسطين، بل هي جزء من الإرث الثقافي العالمي، وتعتبر شاهداً على التاريخ الذي يمتد لآلاف السنين. إلا أن السياسات الإسرائيلية تُسهم في طمس هذا التاريخ ضمن مخطط لطمس هوية المنطقة الثقافية، بما يعكس سياسة تزوير التاريخ واستبداله بروايات جديدة تخدم المشروع الصهيوني.

القوانين الدولية، مثل اتفاقية لاهاي لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح، تؤكد على حماية الآثار من الدمار أثناء النزاعات، وتنص على تجريم تدمير أي مواقع تراثية أو أثرية على الصعيد الدولي. كما تبرز اتفاقية اليونسكو لعام 1972 بشأن حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، والتي تلزم الدول الأعضاء، ومنها إسرائيل، بحماية المواقع المسجلة ضمن قائمة التراث العالمي.

صورة من آثار الدمار قرب قلعة بعلبك الأثرية
صورة من آثار الدمار قرب قلعة بعلبك الأثرية

إلا أن انتهاكات إسرائيل للمواقع الأثرية والثقافية، من المساجد والكنائس في غزة إلى المعالم التاريخية في لبنان، تستمر دون رادع، مما يشكل انتهاكًا صارخًا لهذه الاتفاقيات الدولية. يثير ذلك تساؤلات حول موقف المجتمع الدولي إزاء هذه التجاوزات، ويدعو إلى التشكيك في جدية الآليات المتبعة لمحاسبة الدول على انتهاكاتها.

المرتضىمن جهته، وجّه وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى رسالة إلى المديرة العامة لمنظمة اليونيسكو أودري أزولاي، أشار فيها انه تلقّى ” كوزيرِ للثقافة في الجمهورية اللبنانية، كما سائر اللبنانيين، بارتياحٍ كبير، الموقف الذي صدر عن منظّمتكم، بناءً على مطالباتنا المتكرّرة، لناحية دعوة “إسرائيل” إلى الالتزام في عدم المسّ بالمعالم الأثرية في لبنان، باعتبارها إرثًا للإنسانية جمعاء”.

أضاف: “نهيبُ باليونيسكو أن تستمر في بذل مساعٍ حثيثة لدى الدول الفاعلة كي تتخذ جميع  التدابيرَ الزاجرة لهذا العدوان”.

اعتراض في متن الرسالة

لكنه أردف عبر رسالته بقوله إنه ” لا يسعنا سوى الاعتراض بمحبّة على ورود  عبارة  All Parties “جميع الأطراف…” في موقفكم، التي يُستفادُ منها أنّكم، لا قدّر الله، تساوون بين الضحيّة والمجرم، مع أنّكم تعرفون كما يعرف العالم كلّه، أنّ “اسرائيل”، وتفلّتاً من المواثيق الدوليّة، ترفض الإنضواء تحت لواء الأونيسكو، في حين أن لبنان تحديداً هو من المؤسّسين لهذه المنظّمة العاملين على الدوام الى احترام مواثيقها”.

وتابع “هذا فضلاً عن انّكم تعرفون ويعرف العالم كلّه أنّ اللبنانيين والفلسطينيين واليمنيين، لا يتعرّضون للمواقع الأثرية في فلسطين المحتلّة بأيّ اعتداء، بل هم حريصون عليها حرصَهم على منازلهم وارواحهم، لإيمانهم بأنّها ملكهم، وسوف تعود حيازتُها إليهم عندما يزول هذ الاحتلال وترحلُ أسرابه السوداء عن بلادهم الحبيبة، وهو يومٌ يرجون أن يكون قريباً”.

نداء لمجلس الأمن

ومنذ أيام، وجّه المرتضى، نداء لمجلس الأمن والمجتمع الدولي، لـ”ردع إسرائيل عن تنفيذ تهديداتها بقصف قلعة بعلبك”، مشيراً إلى أن هذا المعلم يعدّ إرثاً ثقافياً عالمياً مدرجاً على لائحة اليونسكو للتراث العالمي.

وأقدمت مجموعة “عاملون وعاملات في الثقافة والفن” على رفع بيان إلكتروني إلى اليونيسكو  وقادة العالم والمجتمع الدولي يدعو إلى “حماية المعالم الثقافيّة والمدن التاريخيّة في لبنان، بما في ذلك مدينة بعلبك الأثرية ومدينة صور الفينيقيّة ومواقع صيدا التاريخيّة والتراث الثقافي الحيوي في بيروت وطرابلس، بعلبك وصور وغيرهما..

في الماضي كان العرب ينتفضون ويُعارضون أي محاولة للتطبيع الثقافي في الوطن العربي، ويُعدّ ذلك خيانة للقضية الفلسطينية، أما اليوم، فتمر هذه المؤتمرات دون أدنى اعتراض أو مقاومة تذكر، ما يدعو للغضب من التراخي تجاه ممارسات الاحتلال المستمرة في طمس التراث الثقافي للشعوب العربية.

أما المانيا فهي تحاول صرف الانتباه عن الدعم العسكري والمالي الذي تقدمه لكيان العدو من خلال هذه المؤتمرات التي يشارك فيها عرب ومسلمون، والمساهمة في تجميل وتبييض صورة الجامعات الإسرائيلية من خلال مشاركة الأكاديميين الصهاينة لتبني سردية الإحتلال.

المصدر: موقع المنار