منذ ما قبل بدء العدوان الاسرائيلي الواسع على لبنان في ايلول/سبتمبر 2024، هناك فريق لبناني سياسي وإعلامي لا يتوقف عن المطالبة بتسليم سلاح المقاومة والترويج ان العدو الصهيوني لا يريد احتلال لبنان وان تسليم المقاومة لسلاحها سيجعل المجتمع الدولي والامم المتحدة بقراراتها، هم من يحمي لبنان ويضمن منع العدو الاسرائيلي من التعدي على السيادة، بالاضافة الى نظريات وتحليلات كلها تنطلق من “نظرية قديمة جديدة” لنفس الفريق وهي نظرية “قوة لبنان في ضعفه”، حتى يعتقد البعض ان هؤلاء يكررون الزمن مع أنفسهم او انهم علقوا في تلك الحقبة من تاريخ لبنان وباتوا أسرى لها ولكل ما ارتبط بها من علاقات وممارسات وصولا للخروج من التوافق اللبناني على مواجهة الاحتلال.
واللافت ان هذا الفريق لم يتوقف في يوم من الايام عن مواجهة المقاومة وهو لم ييأس منذ ذلك، ويرفض الاعتراف ان المقاومة هي رد فعل طبيعي في البلدان والمجتمعات التي تتعرض للاحتلال ومن ثم لخطر العدو المتربض على حدود الوطن، فهذا الفريق بدون أي أسس منطقية يأتي في وسط الحرب والعدوان وبظل الجرائم التي يرتكبها العدو ليرفع الصوت بضرورة تسليم السلاح المدافع عن لبنان، وهم يروّجون ان ذلك سيحمي البلد، وهذا الخروج عن المنطق والعقل طالما تمسك به هؤلاء منذ ثمانينات القرن الماضي، فهؤلاء منذ العام 1982 الجميع يعرف ارتباطاتهم وأفكارهم وصولا الى تحرير العام 2000، حيث عاد هذا الفريق لينطلق ويستغل الانكسار الاسرائيلي للانقضاض على المقاومة والترويج ان مهمتها انقضت وانتهت ويجب تسليم السلاح.
وعند وقوع عدوان تموز 2006، ركب نفس الفريق الموجة الاميركية التي تروّج لانتصار العدو وإعادة رسم صورة المنطقة والبدء بالتحضير لمشروع ما يسمى “الشرق الاوسط الجديد”، ولكن بعد انكسار الأحلام الاميركية الاسرائيلية التي راهنوا عليها عادوا وانكفاؤوا وراحوا يخترعون الذرائع للهجوم على المقاومة وسلاحها ومحاولة إدخالها بالزواريب الداخلية ولمحاولة جرّها الى فتن هنا وهناك، وهم أنفسهم لعبوا أدوارا ضد المقاومة خلال فترة مواجهة الارهاب التكفيري في سوريا وتحرير جرود سلسلة جبال لبنان الشرقية وما تبعها من حصار اقتصادي للبنان ومحاولتهم رمي وزر كل ما جرى في لبنان على المقاومة، وصولا للعدوان الحالي، حيث يصرّ هذا الفريق على التهجم على حزب الله منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة وانطلاق جبهة الاسناد اللبنانية.
ونفس هذا الفريق يواصل “اطلاق النار” سياسيا وإعلاميا على المقاومة بدل مساندتها خلال دفاعها عن لبنان، فهو يحاول استغلال ظروف النازحين والأوضاع الصعبة بعد اعتداء العدو على الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية للترويج لكثير من الأكاذيب بدءا من تخزين السلاح بين المدنيين وصولا لوجود قيادات من المقاومة بين الناس وغيرها مما تنسجه مخيلاتهم المريضة، حتى وصل بالبعض -سواء عن قصد او غير قصد- لإعطاء التبريرات والحجج للعدو فيما يرتكبه من جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب لا شك فيها.
علما انه قد يكون البعض من هؤلاء صادقا في بعض ما يطرحه حول حماية لبنان ومناقشة كيفية الاستفادة من سلاح المقاومة الى جانب الجيش اللبناني في ذلك، لكن يمكنه فعل ذلك في وقت السلم وليس في زمن القتال والحرب وصدّ المقاومين للعدوان والدفاع عن الوطن، علما ان حزب الله طالما قَبِلَ بالغوص في مناقشة جدوى سلاحه ضمن استراتيجية وطنية للدفاع عن لبنان، وسبق للقائد الشهيد السيد حسن نصر الله(قده) ان كرر ذلك في اكثر من مناسبة وبقبول الدخول في حوار وطني حول ذلك، إلا ان هناك من كان يتنصل من المشاركة في حوارات ونقاشات جدّية حول هذا الملف، بينما لا يتردد بالذهاب الى الاعلام او التواصل مع الخارج للتحريض على المقاومة ولو في زمن الحرب، ولعل البعض يعتقد انه بذلك يحقق بعض المكاسب السياسية في الداخل، لكنه في الواقع هو يقدم خدمات مجانية للعدو الذي لا يوفّر أحدا في هذا البلد، لكن سرعان ما سيدرك هؤلاء ان هذا العدو ومن خلفه الإدارة الاميركية لن يقيموا اي اعتبار لاي طرف لبناني عندما يبحثون عن سبيل لوقف الحرب المكلفة للصهاينة في لبنان وجنوبه.
لكن للأسف ان فريقا لبنانيا لم يتعلم من أخطائه طوال 40 سنة خاصة بخصوص الرهان على واشنطن والعدو وضمنا على أي طرف خارجي ضد أفرقاء الداخل، وانه رهان خاسر ومكلف لهم أولا وللوطن ثانيا، فمن سيراهن على العدو كيف يمكن له ان يبني وطنا وكيف له ان يطوّر دولة ومؤسسات، وكيف له ان يقيم شراكة مع أخ له قدم أقدس ما يملك في سبيل الدفاع عن كل لبنان واللبنانيين بدون استثناء.. وبالتالي ومن هنا نطلق دعوة صريحة وصادقة للجميع ان يعيدوا حساباتهم ويراهنوا على لبنان وشعبه ومقاومته وجيشه ويؤمنوا ان الوحدة الوطنية هي أحد أهم أوجه المواجهة والتحرير والانتصار والبناء واعادة الانطلاق بدورة الحياة الطبيعية وحماية السيادة من كل الاختراقات.
المصدر: موقع المنار