بعد اكثر من سنة على بدء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة ومن ثم العدوان على لبنان (الذي توسع تقريبا منذ منتصف شهر أيلول/سبتمبر 2024)، تطرح تساؤلات شبه يوميه في الداخل الاسرائيلي وبمختلف الساحات والاوساط السياسية والاعلامية في المنطقة والعالم، ماذا حقق العدو الصهيوني وماذا حقق رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو من كل ذلك؟
هل استطاع نتانياهو تحقيق الأهداف التي من أجلها اندفع بعدوانه على غزة؟ هل تمكّن من تحرير الرهائن الصهاينة في غزة؟ وهل بإمكانه القضاء على المقاومة سواء في غزة او لبنان؟ وهل بإمكانه تأمين الحماية المزعومة لكيانه من الشعب الفلسطيني صاحب الأرض التي احتلت منذ العام 1948؟ وهل بإمكان نتانياهو منع المقاومة من الدفاع عن لبنان وردع العدو ومواجهته في كل مرة يفكر ويحاول الاعتداء عليه وقتل شعبه والدخول الى أراضيه؟ هل بإمكان “العدو الحالم” تحقيق مكاسب سياسية له في الداخل اللبناني او الفلسطيني على صعيد الرئاسات والحكومات وغيرها من المؤسسات؟
الحقيقة ان كل هذه التساؤلات البديهية والطبيعية هي تساؤلات مشروعة اليوم في ظل الفشل الاسرائيلي من دخول جيش العدو الى لبنان وإخفاق حربه البرية عليه، وفي ظل عدم قدرته على وقف ضربات المقاومة في غزة بعد اكثر من سنة من الحرب الشعواء على القطاع المحاصر بكل الاشكال وبأبشع الصور مع استمرار القتل والتنكيل بالمدنيين، ومع ذلك لم تقف العمليات النوعية وإطلاق الصواريخ وزرع العبوات والالتحامات وقنص الجنود المعتدين وغيرها من أشكال العمليات التي تدهش العالم ويتم تصويرها وعرضها على وسائل الاعلام بما يظهر فشل “إسرائيل” بالقضاء ليس على روح المقاومة وإنما على فصائلها وتشكيلاتها في القطاع.
كما ان العدوان الاسرائيلي على القطاع فشل بتحرير الرهائن الذي زعم نتانياهو انه شن الحرب من أجل تحريرهم بينما حتى الساعة لم يتمكن من استعادة إلا عدة أسرى فقط، باستثناء من أطلقتهم المقاومة الفلسطينية لأسباب إنسانية مقابل تحرير اسرى فلسطينيين، بالاضافة الى ان العدو فشل بفصل جبهة لبنان عن جبهة غزة وعجز عن إعادة المستوطنين الصهاينة الى شمال الكيان.
وبالسياق، أشارت غرفة عمليات المقاومة الاسلامية في ملخص ميداني نشرته مساء يوم 28-10-2024 الى ان “حصيلة خسائر العدو الاسرائيلي بلغت منذ بدء ما أسماه العدوّ المناورة البريّة في جنوب، ما يزيد عن 90 قتيلا وأكثر من 750 جريحًا من ضباط وجنود جيش العدو، بالإضافة إلى تدمير 38 دبابة ميركافا، و4 جرّافات عسكريّة وآلية هامر وآلية مُدرّعة وناقلة جند، وإسقاط 3 مسيّرات من طراز (هرمز 450) وواحدة من طراز (هرمز 900)”.
ولفتت الى ان “هذه الحصيلة لا تتضمن خسائر العدوّ الإسرائيلي في القواعد والمواقع والثكنات العسكريّة والمستوطنات والمدن المُحتلة”، وهذه الخسائر الاخيرة يتكتم عليها العدو بشكل كبير ومع ذلك برزت خلال الفترة الاخيرة الانباء عن تزايد اعداد القتلى والجرحى في مستشفيات حيفا وصفد جراء المعارك على الجبهة الشمالية مع حزب الله.
وبعد كل ذلك يواصل نتانياهو المكابرة ورفع السقوف ويتحدث بلغة توحي انه “واثق وقادر” على تحقيق ما يريد، فهو خرج قبل أيام ليدعي انه “سيحرّر لبنان من حزب الله”، وانه سيعيد رسم المشهد في المنطقة، كما بدأ الصهاينة يعيدون الحديث عن خريطة ما يسمى “إسرائيل الكبرى” بما تضمنته من احتلال دول او أجزاء من عدة دول عربية محيطة بفلسطين، من لبنان الى سوريا والعراق مرورا بالأردن، وأيضا مع كقضم مساحات من السعودية ومصر، وما يطرحه الصهاينة على هذا الصعيد يوحي ان العدو في وضع يمكّنه من فرض ما يريد في المنطقة.
لكن الحديث الاسرائيلي يبدو فيه الكثير من الانفصام عن الواقع، فجيش العدو العاجز عن التقدم لاحتلال القرى الحدودية اللبنانية مع فلسطين المحتلة او تثبيت السيطرة على تلة واحدة فيها، كيف سيتمكن من احتلال لبنان والانتقال لاحتلال بقية الاراضي العربية؟ فعلى العدو ومن يدعمه ويحرضه ان يدرك ان الوضع في العام 2024 مختلفا تماما عما كانت عليه الاحوال في الاعوام 1982 او 1978 او 1948.
وبالتالي يجب فهم حقيقة ما يجري اليوم.. صحيح ان هذا العدو استطاع اغتيال قادة كبار في المقاومة الاسلامية في لبنان وفلسطين، وأيضا استطاع تدمير مساحات واسعة وأبنية سكنية في قطاع غزة وكذلك في القرى الحدودية اللبنانية مع فلسطين، كما استطاع تهجير المدنيين وقتلهم، لكن ماذا بعد؟ هل هذه الأمور كافية لتحقيق الأهداف الاسرائيلية المعلنة؟ هل هذه الجرائم تمكّن العدو من حسم المعركة في لبنان وفلسطين؟ هل تمكّنه من حماية المستوطنين؟
كل ذلك، يوضحه كلام وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت في حديث له يوم 27-10-2024 حيث قال “لا يمكن تحقيق جميع أهداف الحرب من خلال العمليّات العسكريّة وحدها، للقيام بواجبنا الأخلاقي بإعادة أسرانا إلى منازلهم، سيتعيّن علينا تقديم تنازلات مؤلمة”.
المصدر: موقع المنار