تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 29-10-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
لبنانيون وعرب في خدمة العدوّ: هيّا بنا نلاقي جيش الاحتلال
ابراهيم الأمين
لا يمكن أن تخفى وقائع الحرب على أحد. غبار التّفّه من السياسيين والإعلاميين يمكن أن يحجب الرؤية لبعض الوقت. لكننا نعيش في عالم محكوم بقوة العسكر والأمن والاستخبارات التقنية. وبالتالي، من غير المجدي أن يراهن شركاء العدو في الداخل على أنهم غير مرئيين، أو أن الناس لا يعرفون أفعالهم وما يخططون له، وما توّرطوا فيه من مشاريع ستقود البلاد من جديد الى أتون حرب أهلية. وهي حرب تريدها إسرائيل تتمةً لحرب الإبادة التي تشنّها اليوم. وفي كل يوم يفشل فيه العدو في كسر إرادة المقاومة، يزيد رهانه على حلفائه في المنطقة وداخل لبنان.
العدو يعرف أن ما أنجزه حتى الآن لا يكفي لفرض شروطه. لكنه يعرف أكثر أن ما هو مطلوب منه في لبنان لا يتعلق حصراً بأهدافه، بل بما هو مطلوب من قبل أميركا وحلفائها من العرب. وهو إذ يتعامل بجدية مع المصالح الأميركية ومصالح حلفائها العرب في لبنان، لا يظهر اهتماماً نوعياً أو رهاناً جدياً على أدوار لقوى لبنانية، سبق أن جرّبها في محطات كثيرة على مدى خمسة عقود من دون نتيجة. لكنه مضطرّ إلى الأخذ بالسردية الأميركية – العربية التي تحتاج الى هذه القوى المحلية.
ورغم كل الضربات القاسية التي وجّهها العدو الى المقاومة، فإن تعثّر عمليته البرية على طول الحدود جاء مخالفاً لتوقعات قوات الاحتلال وحساباتها. ويبدو أن صمود المقاومين شكّل صدمة للجانبين الأميركي والعربي، وقلقاً متزايداً لدى حلفائهم اللبنانيين، والخشية من أن يكون حزب الله قادراً على الصمود بما يحول دون إخضاع لبنان.
عام 2006، لم تنتظر المقاومة وقف إطلاق النار للتثبّت من خلفيات الحرب وأبعادها. لكنّ الحرب القائمة اليوم لا تتطلّب الكثير من البحث لمعرفة خلفياتها وأبعادها. ويتّضح ذلك من خلال استعجال أميركا وحلفائها من العرب واللبنانيين حصد النتائج داخل لبنان. والجديد هو أن هذ الفريق يبدو مضطرّاً إلى القيام بالدور المناط به، ما كشف الكثير مما كان في خانة المستور، مع العلم أن «صغارهم» يكثرون من الثرثرة، ويتصرفون مع فائض من الثقة بالنفس، وبقدرة العدوّ على التخلص من حزب الله كخطوة ضرورية لإعادة ترتيب النظام السياسي في لبنان بصورة تتناسب مع زمن التطبيع الشامل مع العدو.
واللافت أن الجهات اللبنانية التي تبدي استعدادها للقيام بدور في هذه الحرب، تسعى كذلك الى إعادة النظر في صيغة الحكم التي قامت تحت اسم «الطائف» باعتباره نتاج تسوية سورية – سعودية – أميركية في القرن الماضي. ويطمح هذا الفريق الى فرض صيغة حكم جديدة تناسبه.
ومشكلة هؤلاء أنهم يفكرون مثل إسرائيل، لجهة الاعتقاد بأن ما لا يتحقق بالقوة يتحقق بالمزيد من القوة، ما يدفع بهم نحو مغامرات ولو أدت إلى حرب أهلية تدمّر البلاد تمهيداً لتقسيمها بإشراف خارجي.
الحرب القائمة دلّتنا على أخطاء كثيرة في تقديرنا لمرامي العدو، مثل الاعتقاد بأن الغرب وإسرائيل، وحتى العرب، ليسوا أصحاب مصلحة في انهيار لبنان. اليوم، في ظل ما يعتقدون أنه «انهيار حزب الله»، بات الأعداء يفضلون انهياراً شاملاً في لبنان، وإدخاله في حروب أهلية متنقلة، لا تبقي منطقة ومجموعة بعيدة عن النار والدمار.
إسرائيل تحمّل هوكشتين شروطها المستحيلة: حصار مقابل وقف إطلاق النار!
لم تتناقل وسائل الإعلام العبرية وصول المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين إلى إسرائيل، رغم إشارتها سابقاً إلى أن الزيارة مقررة الإثنين، إلى أن أعلنت القناة 12 العبرية أن هوكشتين «يزور الشرق الأوسط اليوم»، مشيرة إلى أن «إسرائيل تسعى للتوصل إلى صفقة شاملة في لبنان تقوم على إلغاء توسيع العملية البرية، مقابل دعم الولايات المتحدة حظراً بحرياً وبرياً وجوياً على لبنان يمنع إعادة التأهيل العسكري لحزب الله وتسليحه». وفيما كشفت القناة أن «صفقة لبنان تهدف الى وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، يتم من خلالها مناقشة تفاصيل الاتفاق كاملاً»، قالت إن «إسرائيل تنوي التمسك بهذا الشرط لكي تكون لديها قدرة وحرية على الردّ على أيّ خرق والهجوم عليه من أي مكان، سواء من الأرض أو البحر أو الجو». وأضافت أن «هدنة الشهرين فرصة للاتفاق على تفاصيل التسوية الكاملة وآليات التنفيذ والقرارات المطلوبة على المستوى الدولي للتوصل إلى اتفاق. كذلك، فإن الاتفاق الجديد سيكون أكثر فعالية من القرار السابق 1701 الذي جرى انتهاكه بعد وقت قصير من صدوره».
ورأت مصادر ديبلوماسية أن ما سرّبته القناة «يعني نسفاً للجهود التي تدّعي الولايات المتحدة أنها تقوم بها للضغط في اتجاه وقف إطلاق النار»، مؤكدة أنه «يستحيل أن يقبل لبنان بذلك، لأنه يعني فرض حصار على لبنان للقبول بوقف إطلاق النار، وهذا جنون». ولفتت المصادر إلى أن هذا الكلام يعني أن «هوكشتين قد لا يزور لبنان»، مشيرة ألى أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري أبلغَه في زيارته الأخيرة أنه في حال لم يكن هناك تطورات جدية تؤكد وجود نية إسرائيلية لوقف إطلاق النار فلا داعي لمجيئه إلى بيروت».
ويمكن فهم ما سرّبته القناة الإسرائيلية على كونه مؤشراً على اتجاهين: إما أن العدو الإسرائيلي يرفع سقف شروطه إلى الحدّ الأقصى، بعدما استعاد حزب الله زمام المبادرة في الميدان، ما يسمح له بفرض شروطه الأخرى المتعلقة بآليات تنفيذ القرار 1701، محاولاً الالتفاف على الضغط الأميركي حتى تاريخ الانتخابات ليعرف مع أيّ إدارة سيتعامل، وإما أن إسرائيل ليست في وارد وقف الحرب نهائياً؛ أقله في المدى المنظور، وخصوصاً أنها ترى أنها لم تحقق كل ما تريده. وعبّر عن هذا الاتجاه مكتب نتنياهو الذي أكد أن «لا تراجع عن القتال في لبنان قبل ضمان خروج حزب الله من الجنوب»، مشيراً إلى أن «التقارير عن اتفاق مع أميركا لمنع توسيع القتال في لبنان محض خيال». وأشار نتنياهو إلى أنَّ «إسرائيل قوية وستكون أقوى من ذي قبل (…) إسرائيل تعرضت لضربة قاسية لكنها لم تركع، والرد سيكون بحرب تغيّر وجه الشرق الأوسط».
شروط إسرائيل تؤكد أنها ليست في وارد وقف الحرب في المدى المنظور
ونقل زوار عين التينة عن الرئيس بري قوله إن «التسريبات تذكّرنا بما شهدناه على مدار عام من مراوغة إسرائيلية في المفاوضات مع غزة حين كانَ نتنياهو يسارع إلى إفشالها كلما شعر بإمكانية التوصل إلى اتفاق». وكشفت المصادر أن «ما سرّبته القناة العبرية صحيح في جزء منه، وقد اقترحه هوكشتين وخصوصاً في ما يتعلق بهدنة مدتها 60 يوماً، لأنه كانَ مقتنعاً بأن لا جدوى لأي مفاوضات تحت النار». وهو كان يسوّق بأن القبول بالهدنة «يمكن أن يكون ورقة للضغط على بري للموافقة على البنود التي طرحها الموفد الأميركي كآلية لتنفيذ القرار 1701، وهي أصلاً في غالبيتها مرفوضة».
وأضاف زوار رئيس المجلس أنه يرى أن «الشرط الإسرائيلي المسرّب هو أول ردّ سلبي على طرح هوكشتين وهو غير واقعي، فليست إسرائيل في موقع قوة يتيح لها فرض الشروط ما دامت المعركة مستمرة ووضع المقاومة في الميدان جيد جداً».
في غضون ذلك، واصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الموجود في بريطانيا، اتصالاته الديبلوماسية، والتقى وزير الدفاع البريطاني جون هيلي في مقر السفارة اللبنانية في لندن. وشدد رئيس الحكومة على «أولوية الوقف الفوري لإطلاق النار والعمل مع الجهات الدولية للتوصل الى حل ديبلوماسي لتطبيق القرار 1701 كاملاً»، ونوّه «بأهمية دور اليونيفل لحفظ الاستقرار في الجنوب، داعياً «بريطانيا الى دعم جهود اليونيفل وتعاونها مع الجيش». وفيما شدد الوزير البريطاني على أن «المساعي الديبلوماسية قائمة لوقف إطلاق النار»، أشارت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة إلى أنه «لا بد من اتفاق لوقف النار في لبنان يعيد سكان شمال إسرائيل إلى مساكنهم»، بينما قال مندوب فرنسا »إننا نعمل على وقف النار على طول الخط الأزرق وتطبيق كامل للـ 1701».
60 شهيداً في غارات العدو على البقاع
أكثر من 60 شهيداً وعشرات الجرحى غالبيتهم من الأطفال والنساء، سقطوا أمس في مجازر ارتكبها العدو الاسرائيلي في بلدات بعلبك – الهرمل.
عشرات الغارات شنها طيران العدو على القرى والبلدات في واحد من أعنف أيام القصف منذ بدء العدوان الاسرائيلي على لبنان، بدأ صباحاً بغارة على منزل في بلدة شمسطار ما ادى الى استشهاد الشاب علي سماحة وجرح طفلين.
وأغار طيران العدو على بلدة الحلانية ما أدى إلى سقوط شهيدين وسبعة جرحى، وبلدة طاريا (شهيدة وجريح).
بعدها فرض الطيران الحربي الاسرائيلي حزاما ناريا واسعا على امتداد المنطقة بدأها بغارات عنيفة على حي العسيرة في مدينة بعلبك ما أدى إلى سقوط ستة شهداء وعلى بلدات طاريا (أربعة شهداء) و حدث بعلبك (شهيدان) وبلدة الرام الجوبانية (سبعة شهداء) وبوداي (ستة شهداء) والحفير (عشرة شهداء) والعلاق (16 شهيداً) وبريتال (شهيدان و12 جريحاً) ويونين (شهيدان) و سرعين وقصرنبا، إضافة إلى غارات على معبرين حدوديين بين القاع والهرمل.
زحتى التاسعة والنصف من مساء أمس، بلغ عدد الشهداء في البقاع منذ بدء العدوان 488 شهيداً، وعدد الجرحى 1040، في أكثر من 1008 غارات.
إيران تدرس خياراتها: إجماع على الرد… وخلاف على طبيعته
طهران | طرحت تصريحات المرشد الأعلى الإيراني، علي الخامنئي، تعقيباً على الهجوم الإسرائيلي الذي نُفّذ فجر السبت على إيران، نقاشاً في الأوساط السياسية والإعلامية الإيرانية حول فحواها، وخصوصاً لجهة أفضل السبل للردّ في ظلّ الظروف الراهنة. وأكد الخامنئي، أول من أمس، أنه لا ينبغي «تضخيم» الهجوم الإسرائيلي على بلاده، ولا «التهوين والتقليل من شأنه»، مشدداً على «ضرورة إرباك الحسابات الخاطئة للكيان الصهيوني حيال إيران». وقال: «إنهم يسيئون التقدير في شأن إيران؛ لأنهم لا يعرفون إيران وشبابها وشعبها، ولم يستطيعوا بعد فهم قوّة الشعب الإيراني وقدراته وابتكاره وإرادته بشكل صحيح، إذ يتوجّب علينا إفهامهم ذلك». وفوّض المرشد الأعلى، المسؤولين الإيرانيين مسؤولية اتّخاذ القرار في شأن كيفية الردّ على الهجوم الإسرائيلي، من دون أن يشير إليه بشكل مباشر، قائلاً: «يتعيّن على مسؤولينا أن يحدّدوا كيفية العمل بشكل صحيح والقيام بما يخدم البلاد والشعب.
وتعليقاً على تلك التصريحات، قال المختصّ في الشأن الدفاعي والأمني، مهدي بختياري، في حوار مع صحيفة «فرهيختكان» الأصولية، إن «السبيل لإيقاف إسرائيل عند حدّها، هو الردّ عليها. لكن كيف يجب أن يأتي الردّ، فهذا يتطلب بطبيعة الحال، تقدير قدراتنا وإمكانية تنفيذ الخطط المختلفة، ومن ثم اتخاذ القرار في شأن ذلك. لكن مبدئياً، لا يجب التردّد إزاء الردّ. إن الكرة الآن في الملعب الإيراني. وكانت إيران قد اعتمدت، قبل هذا، الصبر الاستراتيجي، لكنها باتت الآن مضطرّة للرد عليهم، وقد ارتبك المسار السابق». وأضاف أن «الردّ على إسرائيل يجب أن يُنفّذ من أجل أن نمسك نحن بزمام الطرف الثاني. ومن أجل تفادي اندلاع حرب، لا بدّ من الردّ عليهم دائماً. وعندما نتحدّث عن قوة الردع، فذلك يعني أنك يجب أن تمتلك القوّة لكي لا يجرؤ الطرف الآخر على بدء الحرب معك. “.
من جهته، تطرّق الكاتب حسن بهشتي بور، في صحيفة «إيران» الحكومية، إلى «ضرورة بناء التحالفات في مواجهة مغامرات تل أبيب»، لافتاً إلى أنه «في أعقاب العدوان العسكري الإسرائيلي، فإن المواجهة التي تبديها إيران تكتسي أهمية على مستويَين: الأول، يتبدّى في التوجّه العسكري المتبادل، والذي يوضع بلا ريب، على جدول الأعمال في ظلّ تقييم دقيق وشامل وبأدنى سوء تقدير؛ والثاني، والذي تتمّ متابعته على المستوى الديبلوماسي، سيتركّز على الجهود لبناء إجماع إقليمي ودولي، تعويلاً على الأبعاد الديبلوماسية والحقوقية. والنتيجة الملموسة لهكذا توجّه، ستكون مبنية على المبدأ المهمّ المتمثل في أن تضع الحرب في غزة ولبنان أوزارها، والمساعدة على إقرار وقف إطلاق النار تأسيساً على مطالب تيار المقاومة، الأمر الذي يمكن أن يفضي إلى زعزعة الحالة السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو”.
«الردّ على إسرائيل يجب أن يُنفّذ من أجل أن نمسك نحن بزمام الطرف الثاني»
بدوره، أشار الديبلوماسي السابق، عبد الرضا فرجي، في صحيفة «اعتماد»، إلى أهمية وقف إطلاق النار في غزة ولبنان بالنسبة إلى إيران، مبيّناً أن الأخيرة «تأخذ على الأرجح اعتبارات في الحسبان في إطار درس ردّها على الهجمات المحدودة الأخيرة للكيان الإسرائيلي، من بينها وضع نهاية للمذابح الرهيبة التي ترتكبها إسرائيل في غزة. لذلك، فإن أولوية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الظرف الحالي، تتمثّل في إرساء وقف إطلاق النار بشكل مؤثّر». وأضاف فرجي: «إجمالاً، يستبعد في هذه الظروف أن تقوم إيران، وعلى خلفية عدم رغبتها في اشتداد التصعيد، بالردّ بشكل لافت، وخصوصاً أن الهجمات كانت محدودة مقارنة بالحرب النفسية التي مارسها هذا الكيان على مدى الأسابيع الأخيرة… الهجوم كان أضعف بكثير من عملية الوعد الصادق -2 الإيرانية. وعليه، يمكن القول إجمالاً إن إمكانية عودة الاستقرار إلى المنطقة قد تعزّزت. لكن ذلك لا يعني نهاية جميع التوترات. ومع ذلك، فإن المنتظر هو مزيد من الاستقرار، مقارنة بالأشهر والأسابيع الأخيرة”.
وفي السياق نفسه، تطرّق الأكاديمي والناشط السياسي الإصلاحي، غلام علي رجائي، في حوار مع صحيفة «هم ميهن»، إلى أهمية «الديبلوماسية» لخفض التصعيد، قائلاً إن «استمرار هذا التراشق المكوكي، لا يخدمنا ولا يخدم المنطقة. لقد انتُهِكت السيادة الإيرانية عدة مرّات إلى الآن، ويتعيّن علينا الحفاظ على تفوّقنا في المنطقة. بوسعنا التصدّي لإسرائيل بطرق أخرى، وألّا ندخل في تهديد عسكري. قامت أميركا، قبل أيام، بنشر سرب من الطائرات في المنطقة ومنظومة ثاد المضادة للصواريخ في إسرائيل، كما انتشرت قواتها هناك لنفس الغرض. في الحقيقة، إننا في مواجهة مع أميركا بشكل ما. هل نملك في الوقت الراهن، القدرة على مواجهة أميركا من الناحية العسكرية والتسليحية؟ يجب التصدّي لأميركا بأساليب أخرى. لا ننسى أن القوّة الديبلوماسية تُظهر نفسها في هذه الفرص». وأضاف: «يتوجّب علينا إيجاد الردع من خلال تعزيز قدراتنا. لننظر إلى قضية الاختراقات في الداخل، وكأنّنا لا نأخذ هذه القضية على محمل الجدّ. إن الضربات التي تلقّيناها بسبب الاختراقات الاستخبارية والمندسّين، أكبر من الضربات التي لحقت بعدة مواقع صاروخية ودفاعية لنا. لقد خسرنا أشخاصاً لا نستطيع إيجاد بديل لهم بهذه السهولة. يجب أن نولي أهمية لهذه المسألة”.
اللواء:
الاحتلال يتوغل بتدمير مدن الجنوب والبقاع.. ومفاوضات وقف النار لم تتوقف
دعم بريطاني للحل الدبلوماسي.. وإجماع نيابي على اعتبار النزوح قضية وطنية
مع ارتفاع نيران وغبار التدمير، على أرض مدن الجنوب، الصامدة، من بنت جبيل الى النبطية وصور والقرى والبلدات الكبرى على امتداد الشريط الفاصل بين لبنان واسرائيل، والبقاع، الى بعلبك والهرمل وبلداتها الكبرى وقراها، وقدرة المقاومة المستمرة على تسديد ضربات موجعة لجيش الاحتلال الاسرائيلي والمستعمرات الحدودية، وصولاً الى حيفا وصفد وعكا وغيرها..
وتسابقت القنوات الاسرائيلية على الاعلان ان العملية البرية في جنوب لبنان تقترب من تحقيق اهدافها، وكشفت القناة 12 ان المفاوضات مع لبنان يتولاها وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلية مع مستشار الامن القومي الاميركي، وتحدثت عن مدة لوقف النار لا تتجاوز الـ60 يوماً، يتم خلالها البحث في مسار اتفاق نهائي ودائم لوقف النار.
وقالت القناة نفسها ان اسرائيل تسعى الى صفقة مع لبنان مقابل اجراءات لمنع اعادة تسلح حزب لله.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن الأجهزة الأمنية الاسرائيلية: «أن العملية البرية تقترب من تحقيق هدفها، وهو إزالة تهديد الصواريخ المضادة للدروع في جنوب لبنان». ما يعني تراجع المطالب الاسرائيلية من إبعاد قوات المقاومة الى شمالي نهر الليطاني الى ابعاد خطر الصواريخ المضادة للدبابات التي تستخدم من مسافات قريبة نسبياً.
ولاحقاً، اعلنت القناة 12 الاسرائيلية مساء إن «إسرائيل تقترح عدم توسيع عمليتها البرية في لبنان، شريطة فرض حصار بري وجوي ومائي بدعم أميركي لمنع حزب لله من إعادة بناء قدراته». ونقلت عن مصادر أمنية: أن «العملية البرية في جنوب لبنان تقترب من تحقيق هدفها وهو إزالة تهديد الصواريخ المضادة للدروع»
وتابعت: «إسرائيل والولايات المتحدة تجريان محادثات لإنشاء صفقة شاملة من شأنها أن تؤدي إلى تسوية على الجبهة الشمالية، حيث تقترح إسرائيل إلغاء توسيع العملية البرية في لبنان مقابل دعم دعم الولايات المتحدة فرض حظر على لبنان من شأنه أن يؤدي إلى منع إعادة تأهيل قدرات حزب لله».
بالتوازي استمر الكلام الاميركي والبريطاني والفرنسي عن استمرار الجهود والمساعي لتحقيق وقف اطلاق النار في غزة وتوازيا في لبنان، وتمخضت لاتصالات عن اقتراح مصري لهدنة قصيرة في غزة. فيما ابدت مصادر دبلوماسية تتابع اللقاءات الدولية من نيويورك لـ«اللواء» تشاؤمها بالتوصل الى وقف شامل نهائي لوقف اطلاق النار «نظراً لان اي طرف لن يبيع موقفاً جدياً وجذرياً لإدارة اميركية راحلة بإنتظار تبلور نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية وتشكيل ادارة جديدة».
ولم يصدر حتى مساء امس ما يشير الى اجتماع الموفد الاميركي آموس هوكشتاين مع اي مسؤول اسرائيلي برغم المعلومات عن وصوله امس الاول الى الاراضي المحتلة. للاطلاع من مسؤولي الكيان على موقفهم من الصيغة التي سبق واتفق بشأنها مع رئيسي الحكومة نجيب ميقاتي والبرلمان نبيه برّي لوقف الحرب فورا قبل اي بحث آخر. ويترقب لبنان نتائج هذه الزيارة التي من شأنها أن تحدد ما اذا كان هناك وقفٌ لإطلاق النار، أو أن الحل رُحل إلى ما بعد الانتخابات الأميركية. فيما استمر الحديث عن احتمال التصلفي مفاوضات الدوحة لهدنة مؤقتة قد تنعكس على لبنان، وترددت في هذا الصدد معلومات مفادها ان الموفد القطري المستشار الاميري جاسم بن فهد آل ثاني (ابو فهد) سيزور بيروت الخميس المقبل. ولم يتم تأكيد الخبر من اي مصدر.
قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن ارتفاع الأصوات الداعية للوصول إلى اتفاق توقف إطلاق النار يقابله استمرار الأعمال العسكرية في لبنان في ظل سيناريو مجهول في الفترة المقبلة، ومن هنا تتعدد الراوبات بشأن هذا السيناريو المقبل على البلاد.
إلى ذلك، أشارت إلى أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يطلع الحكومة فور الدعوة لانعقادها على حراكه الديبلوماسي كما ستكون له لقاءات ابرزها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، في الوقت نفسه بدت المحاولات الجارية للوصول إلى هدنة غير واضحة النتائج، وان كانت المفاوضات لم تتوقف.
ميقاتي وستارمر
وفي اطار الاتصالات، إستقبل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مساء أمس في مقر رئاسة الحكومة.
شارك في الاجتماع سفير لبنان لدى بريطانيا رامي مرتضى والمستشار زياد ميقاتي.
في خلال الاجتماع قدّم رئيس الحكومة البريطانية «تعازيه الى الرئيس ميقاتي بسقوط المدنيين ضحايا العنف في لبنان».
وقال: «نريد ان نرى وقفا للعنف واطلاق النار من كل الاطراف وتطبيقا كاملا للقرار الاممي الرقم 1701».
ونوّه بالعلاقة البناءة بين الجيش البريطاني والجيش اللبناني، مبدياً «استعداد بريطانيا لدعم لبنان في هذه المرحلة على الصعد كافة».
أما الرئيس ميقاتي «فشكر بريطانيا على موقفها الداعم لوقف اطلاق النار والحل الديبلوماسي». كما شكر بريطانيا على دعم لبنان لا سيما الجيش.
الكتل النيابية: النزوح قضية وطنية
نيابياً، خرج ممثلو كل الكتل النيابية، الذين اجتمعوا في قاعة المكتبة العامة لمجلس النواب لمناقشة موضوع النزوح، وحضر النائب امين شري مع نواب آخرين (عن كتلة الوفاء للمقاومة) الاجتماع، الذي نسق الدعوة اليه اللقاء الديمقراطي وكتلة الاعتدال الوطني وبالتنسيق مع الرئيس نبيه بري، بهدف تشكيل شبكة أمان تحمي لبنان وتبعد عنه الفتن الداخلية، من زاوية ان النزوح الذي نشأ نتيجة العدوان الاسرائيلي هو قضية وطنية تعني الجميع وتفترض مقاربتها وفق قواعد واصول التضامن الوطني.
وطالبت الكتل الحكومة اللبنانية مضاعفة جهودها والقيام بكل ما يلزم لايجاد اماكن الإيواء وتأمين المستلزمات الضرورية لاقامة ومعيشة النازحين ودعوة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الى تحمّل مسؤولياتها القانونية والاخلاقية والانسانية في هذا المجال وشكر الدول والمنظمات التي قامت بتقديم مساعدات مشكورة حتى اللحظة والتي للاسف لم تصل الى ايفاء الحاجات المطلوبة.
– دعوة الاجهزة الامنية والعسكرية والبلدية للقيام بكامل واجباتها للحفاظ على امن النازحين اللبنانيين والمقيمين وتطبيق القوانين بحزم وايلائها الاولوية المطلوبة ومنع أي وجود مسلح سواء من المجتمع النازح او المقيم والابتعاد عن مظاهر الامن الذاتي.
– خضوع جميع المواطنين سواسيةً، من مقيمين ونازحين، للقانون وقواعد الانتظام العام واحترام الملكيات الخاصة وعدم الاعتداء عليها او استعمالها بغير موافقة اصحابها…
الوضع الميداني
ميدانياً، يمعن جيش الاحتلال الاسرائيلي في تدمير معالم الهوية والحياة في المدن الجنوبية، من بنت جبيل الى صور والنبطية، مرورا بالبلدات الكبرى والقرى الممتدة من القطاع الغربي الى القطاع الشرقي.
فعند الرابعة فجراً، أغار الطيران الاسرائيلي على مبنى لآل مسلماني في حي الرمل في صور قرب مطعم «الجواد»، واعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان، أعلن أن الغارة، أدت في حصيلة أولية إلى استشهاد ستة أشخاص وإصابة عشرة آخرين بجروح.
ولاحقا نعت مؤسسة كهرباء لبنان «العاملين فيها حسن وخليل مسلماني الأب وابنه اللذين كانا مثالاً للتفاني والإخلاص في المؤسسة، حيث عملا معاً في معمل صور واللذين استشهدا إثر قصف العدو الإسرائيلي على منطقة صور».
واغار مجدداً قرابة الواحدة بعد الظهر على شقة سكنية في مبنى بشارع فرن بحر بمدينة صور.
وفي البقاع، استهدفت غارة إسرائيلية أطراف بلدة شمسطار في محلة «ضهر الصوان» لجهة بلدة طاريا في قضاء بعلبك. وأسفرت عن تدمير المنزل واستشهاد صاحبه علي سماحة وإصابة ثلاثة أطفال بجروح. وبعد الظهر شن العدوغارة على بلدة الحلانية بين شركة الموسوي ومستشفى رياق ادت الى سقوط اربعةجرحى.
وتلاحقت غارات العدو بين سرعين والسفري، وعلى قصرنبا والمنطقة بين العسيرة و بعلبك وبين تمنين التحتا والفوقا. وبعد الظهر نفذ العدو الاسرائيلي مجزرة في غارة على بلدة بريتال البقاعية، ما أدى لارتقاء شهيدين و 10 جرحى في حصيلة اولية.كما ارتقى مساءً 6 شهداء من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة بوداي قرب بعلبك، واصيب 4 مواطنين في غارة على منزل في يونين. وتم استهداف بلدة الرام بغارة معادية ايضاً ادت الى استشهاد 7 مواطنين..
وشنت مساء غارة إسرائيلية على محيط معبر القاع الحدودي بين لبنان وسوريا.
وفي بعلبك الهرمل، شن جيش الاحتلال اكثر من 70 غارة ادت الى سقوط اكثر من 40 شهيداً.
ولم توقف الطائرات الحربية الاسرائيلية قصفها، فبعد الساعة السابعة قصفت اطراف المجيدية والخيام وقبرين وحارة وبنت جبيل وياطر وغيرها.
كما قصفت المدفعية سهل الماري ووادي الخنسا عند اطراف بلدة الماري.
وأحصت وزارة الصحة سقوط 16 شهيداً لمجزرة بلدة العلاق.
واصلت المقاومة منذ فجر امس، استهداف تجمعات قوات الاحتلال عند قرى الحد الامامي وخلفها، فقصفت تجمعاته بين مستعمرتي المنارة ومرغليوت مرتين، و عند بوابة فاطمة في كفركلا اربع مرات متتالية.وتجمعًا لجنود العدو الإسرائيلي في منطقة العمرا غرب الوزاني مرتين. وتجمعًا لقوات العدو الإسرائيلي في مستعمرة مرغليوت.
وفي إطار سلسلة عمليات خيبر وردًا على الاعتداءات والمجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني وبنداء «لبيك يا نصر لله»، استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية صباح امس الباكر، « شركة يوديفات» للصناعات العسكرية جنوب شرق عكا بمسيرة انقضاضية أصابة هدفها بدقة.
وبعد انذار المقاومة لسكان مستعمرة كريات شمونة ليل امس بإخلائها، استهدفتها صباحاً بصلية صاروخية.
وتحدثت وسائل اعلام اسرائيلية عن اطلاق حزب لله ما يزيد عن 140 صاروخاً باتجاه المستعمرات الشمالية.
وتحدثت عن سقوط 7 جنود وضباط بين قتيل وجريح، فيما اشار الجيش الاسرائيلي الي ازالة جدار دفاعي عند الحدود مع لبنان.
البناء:
بيرنز يؤرشف في الدوحة المبادرات السابقة لإنتاج مبادرة جديدة في الوقت الضائع
نتنياهو يعيش كابوس الهزيمة: لن نُهزم رغم تلقينا ضربات قاسية… لكننا لن نركع
المقاومة تنقل ضرباتها المؤلمة من الفرقة 36 إلى الفرقة 98 ومعارك سهل الخيام
كتب المحرّر السياسيّ
أحاط الغموض بالزيارة المفترضة للمبعوث الأميركي أموس هوكشتاين إلى بيروت، بسبب عدم وجود مناخ مناسب في ظل طروحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، يجعل العودة إلى بيروت ذات جدوى، بعدما بات أكيداً لهوكشتاين أن البحث بتعديل القرار 1701 مرفوض في بيروت بصورة قطعية لا تقبل التعديل، خصوصاً ان هذا الرفض كان الأسبوع الماضي في ظل وضع عسكري ميداني في الجنوب اقل رجحاناً لحساب المقاومة كما هو الحال اليوم، فكيف يُقبل اليوم ما كان مرفوضاً قبل أسبوع، وجاء قصف مدينة صورة بطريقة وحشية تدميرية ليعكر الأجواء على الزيارة، حيث التدمير رسالة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو يتعامل على قاعدة أن الرسالة وصلت، وتحمل نيات الكيان، فماذا يفيد تلقي الرسائل التي تتضمن كلاماً منمقاً بعدما وصلت الرسالة الحقيقية، لكن مصادر متابعة لم تستبعد أن يصل هوكشتاين إلى بيروت لاستعراض نتائج مباحثاته مع حكومة الاحتلال، خصوصاً أن الرئيس بري أكد مراراً أنه ينظر بإيجابية لمهمة هوكشتاين، ويشير إلى التوافق بينهما على القرار 1701 دون زيادة ولا نقصان، وعلى أولوية وقف إطلاق النار، ولا يحمّل هوكشتاين تبعات ما تفعله حكومة الاحتلال وما يقوله رئيسها.
ما أضعف زخم مهمة هوكشتاين إضافة لما حملته وسائل إعلام الكيان عن طلبات بحصول الاحتلال على امتيازات أمنية على حساب السيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً، بما يعني إلغاء مرجعية القرار 1701، هو أيضاً المعلومات الواردة من الدوحة حول عدم وجود فرص حقيقية للتقدم في المسار التفاوضي حول غزة، حيث يقوم مدير المخابرات الأميركية وليام بيرنز بأرشفة المبادرات السابقة ومحاولة استخراج بنود مبادرة جديدة، بما يبدو أنه وقت ضائع حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية بعد أسبوع، الثلاثاء المقبل في الخامس من تشرين الثاني، بينما نتنياهو يملأ الوقت الضائع بالعنتريات والخطابات التعبوية لجمهور المتطرفين، دون أن يستطيع إخفاء كابوس الهزيمة الذي بدأ يلاحقه في ضوء الخسائر المتراكمة خصوصاً على جبهة جنوب لبنان، والعجز عن تسويق نظرية النجاح في استهداف إيران، وكان لافتاً قول نتنياهو، لن نُهزم، ولقد تلقينا ضربات قاسية، وإن سقطنا سوف يسقط العالم، لكننا لن نركع.
في الميدان واصلت المقاومة ملاحم إنجازاتها على جبهة الحدود، مؤكدة أن الاحتلال فشل في فرض سيطرته على أي من قرى الحافة الأمامية، وأن توغل الاحتلال لا يزال دون مستوى أي سيطرة على أي قرية، علماً ان هذه التوغلات تلقى ما يناسب من نيران المقاومة على مدار الساعة وتقع الإصابات الموجعة في صفوف قوات الاحتلال، وآخر معارك ليل أمس كانت تلك التي استمرّت لما بعد منتصف الليل في سهل الخيام، حيث خسرت الفرقة 98 التي تضم ألوية المظليين والكوماندوز، عدداً من آلياتها، وأصيب العديد من ضباطها وجنودها، بعدما كان نصيب الفرقة 36 التي ينتمي إليها لواء جولاني أبرز ما حمله الأسبوع الماضي.
فيما تسجّل المقاومة مزيداً من الإنجازات العسكرية وإمساكها بمفاصل الميدان على طول الجبهة الجنوبية مقابل تسجيل المزيد من الخسائر البشرية والمادية في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، تتجه الأنظار إلى المباحثات التي يُجريها مبعوث الرئيس الأميركي الى المنطقة أموس هوكشتاين في تل أبيب وما إذا كان سينتقل بعدها إلى بيروت لاستكمال التفاوض مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حول التوصّل الى اتفاق لوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، بالتوازي مع مفاوضات في الدوحة بين وفدي حركة حماس و»إسرائيل» يقودها مدير المخابرات الأميركية وليم بيرنز حول عقد صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.
ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن زيارة هوكشتاين الى لبنان باتت مرتبطة بأمرين: نتيجة زيارته الى «إسرائيل» ومدى مرونة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيمين نتنياهو حول وقف الحرب على لبنان، والثاني حصيلة المفاوضات في الدوحة، لأن التوصل الى اتفاق في غزة يسهل التهدئة والاتفاق في لبنان، بسبب الارتباط الوثيق بين الجبهتين والذي لم يُحسم حتى الآن، حيث إن موضوع فصل الجبهتين وفق المصادر لم ولن يناقش بشكل جدي قبل وقف العدوان على لبنان. نافية الحديث عن موافقة حزب الله على فصل الجبهتين وإبلاغ رئيس مجلس النواب نبيه بري قطر موافقة الحزب على هذا الأمر.
وفي سياق ذلك، أشار النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» أمين شري، إلى أنه «ليس لنا أي تعليق على أي مبادرة ما لم يكن هناك وقف للعدوان، ونحن لم يصلنا أي شيء بشأن مبادرات للاتفاق وأولويتنا وقف العدوان». ولفت شري، في حديث لـ «الجزيرة»، الى أن «العدو يريد أن يضغط على المقاومة بالنيل من المواطنين».
وأشارت أوساط دبلوماسية غربية لـ«البناء» الى محاولات أميركية جدية للتوصل الى هدنة ولو مؤقتة على جبهتي غزة وجنوب لبنان قبل موعد الانتخابات الأميركية، لكن لا مؤشرات حاسمة على نجاح جولة التفاوض التي تواجه تعقيدات متعدّدة، خصوصاً أن الإدارة الأميركية الحالية لم تعد تملك الأدوات الضاغطة على «إسرائيل» لدفعها لوقف الحرب، كما أن نتنياهو يستغل هذا الفراغ في البيت الأبيض لإطالة أمد الحرب لتحقيق أهدافه وينتظر الرئيس الأميركي الجديد ويراهن على استمرار دعمه في الحرب أو عقد اتفاق يقدّم له ضمانات شخصية وأمنية تتعلق بجبهتي غزة وجنوب لبنان.
وأشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى أن «إسرائيل» والولايات المتحدة تجريان محادثات لإنشاء «صفقة شاملة» من شأنها أن تؤدي إلى تسوية على الجبهة الشمالية، حيث تقترح «إسرائيل» إلغاء توسيع العملية البرية في لبنان مقابل دعم الولايات المتحدة فرض حظر على لبنان من شأنه أن يؤدي إلى منع إعادة تأهيل قدرات حزب الله. واشارت إلى أن صفقة لبنان تهدف لوقف إطلاق النار 60 يوماً يتم خلالها التوصل لتفاصيل اتفاق كامل.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية بأن مفاوضات لبنان يقودها وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي ومستشار الأمن القومي الأميركي. فيما أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينتظر معرفة مَن سيخلف الرئيس الأميركي جو بايدن قبل الالتزام بمسار دبلوماسي بشأن الحرب. ولفتت الى أن «إسرائيل» هي التي باتت تتخذ القرارات، إن لم يكن هي التي تتحكّم بزمام الأمور في الشرق الأوسط، أما الولايات المتحدة، فدورها بات أقلّ.
دبلوماسياً، اجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع وزير الدفاع البريطاني جون هيلي في دار السفارة اللبنانية في لندن، بحضور سفير لبنان في المملكة المتحدة رامي مرتضى ومستشار رئيس الحكومة زياد ميقاتي.
وخلال الاجتماع شدّد رئيس الحكومة «على أولوية الوقف الفوري لإطلاق النار والعمل مع الجهات الدوليّة للتوصل الى حل دبلوماسي لتطبيق القرار 1701 كاملاً». وشكر «بريطانيا على الدعم المستمرّ للجيش وتعزيز خبراته». ونوّه «بأهميّة دور اليونيفيل لحفظ الاستقرار في الجنوب» ودعا بريطانيا «إلى دعم جهود اليونيفيل وتعاونها مع الجيش».
بدوره، شدد الوزير البريطاني على «أن المساعي الدبلوماسية قائمة لوقف إطلاق النار». وقال: «نحن نقوم بالتعاون مع الولايات المتحدة وفرنسا وايطاليا والمانيا بدعم الجيش عبر تطوير التقنيات العسكرية وفي المجالات كافة».
في غضون ذلك، واصل حزب الله عملياته النوعية البرية والجوية ملحقاً خسائر فادحة في جيش العدو وفي مواقعه ومصانعه وتحشداته العسكرية ومستوطناته ومنشآته الصناعية والحيوية في الشمال، ما يرفع كلفة الحرب على «إسرائيل»، وفق ما يشير خبراء في الشؤون العسكرية والسياسية لـ«البناء» ويضع حكومة نتنياهو أمام مأزق كبير، وخيارين اثنين: إما الاستمرار بالحرب بالوتيرة نفسها وتحمّل أكلاف إضافيّة على كامل مفاصل الكيان الإسرائيلي في ظل رفع حزب الله وتيرة عملياته النوعية بشكل غير مسبوق وإلى حد قد لا تستطيع «إسرائيل» تحمّله، أو التراجع والموافقة على حل دبلوماسي يُقرّ بالعجز عن تحقيق أهداف الحرب ودفع الأثمان السياسية في الداخل وعلى المستوى الاستراتيجي.
وأقرّ القائد السابق في تشكيل السلاح الجوي «الإسرائيلي» العميد احتياط إيلان بيتون بأنّ حزب الله ما يزال يمتلك قوته الأساسية، وما يزال يمتلك أيضًا قدرات صاروخيّة.
وفي تصريح لقناة «آي نيوز» «الإسرائيلية»، قال بيتون محذرًا: «الحزب لا يستطيع تهديد سكان الشمال (شمال فلسطين المحتلة) فحسب، بل يمكنه تهديد «إسرائيل» كلها أيضًا». وأشار بيتون إلى أن حزب الله يريد استنزاف «إسرائيل» لمدة طويلة عبر روتين متغيّر، لافتًا إلى أن: «صفارات الإنذار في الشمال هي روتين الصباح المتوتّر، وهذا يُدار بكثير من الذكاء من حزب الله، فهم يغيّرون الوتيرة والأماكن وعدد الصواريخ».
في السياق نفسه، أكّد اللواء احتياط في «جيش» الاحتلال «الإسرائيلي» إسرائيل زيف، أمس الأحد، أنّ: «حزب الله تعافى وعاد إلى وضعه الطبيعي، على الرغم من الضربات التي تلقّاها»، فيما أشار العقيد احتياط في الجيش «الإسرائيلي» جاك نيريا إلى أنّ: «المقاتلين في لبنان يسمحون للجيش «الإسرائيلي» بالتقدّم تمهيدًا لمهاجمته وإيقاعه في كمائن».
الأمر نفسه أقرّت به وسائل إعلام «إسرائيلية» بأنّ: «الواقع صعب في الشمال، و»إسرائيل» تجبي أثمانًا باهظة جدًا».
وكشف بحثٌ أجراه معهد «واتسون» للشؤون الدولية والعامة في جامعة «براون» الأميركية أن التمويل الأميركي للمجهود الحربي لـ«إسرائيل» يشكّل نحو 70% من مُجمل نفقات الحرب، وبلغ أكثر من 22 مليار و700 مليون دولار.
وبحسب البحث، فإن ذلك يشمل المساعدات العسكرية الأميركية التي أرسلتها واشنطن لـ «إسرائيل» منذ بدء الحرب على قطاع غزة ولبنان وحتى نهاية الشهر الفائت، وكلفة العمليّات العسكرية التي نفّذها الجيش الأميركي، بينها إرسال حاملات الطائرات إلى المنطقة ونشر منظومات دفاع جوي في «إسرائيل».
ونشر موقع «كالكاليست الإسرائيلي» تفاصيل البحث، فذكر أن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من 22 مليار دولار على المساعدات العسكرية للاحتلال من الأسلحة والمعدّات إلى نشر حاملات الطائرات.
وكانت المقاومة أعلنت في سلسلة بيانات استهداف تجمع لقوات العدو الإسرائيلي عند بوابة فاطمة، ومستعمرة كريات شمونة بصلية صاروخية وتجمع لجنود العدو الإسرائيلي في منطقة العمرا غرب الوزاني بصلية صاروخية. كما أعلن «حزب الله» عن استهداف شركة يوديفات للصناعات العسكرية جنوب شرق عكا بمسيّرة انقضاضية.
كما استهدف الحزب على دفعتين تجمعًا لجنود العدو الإسرائيلي بين مستعمرتي المنارة ومرغليوت بصليتين صاروخيتين. من جانبه، اعلن الجيش الإسرائيلي عن إصابة 7 ضباط وجنود في معارك جنوب لبنان خلال الساعات الـ24 الماضية.
كما قصف الحزب موقع رأس الناقورة البحري بمسيرتين انقضاضيتين أصابتا أهدافهما بدقة، وقاعدة ميرون للمراقبة الجوية بصلية صاروخية، ومستعمرات نهاريا وشومرا ومرغليوت، كما استهدف بصلية صاروخية نوعية قاعدة «ستيلا ماريس» البحرية شمال غرب حيفا».
في المقابل واصل العدو الصهيونيّ عدوانه الوحشي على القرى والبلدات اللبنانية مستهدفًا بشكل خاص المباني السكنية والمنازل والمراكز التجارية موقعًا المزيد من الشهداء والجرحى وتسبب بدمار هائل وأضرار جسيمة في المناطق المستهدفة.
وشنّ طيران العدو الصهيونيّ سلسلة غارات جوية على عدد كبير من القرى والبلدات الجنوبيّة لا سيما في قضاءي صور وبنت جبيل وطاولت أيضًا مدينة النبطية والعديد من بلداتها.
وشكلت الغارات الجوية الصهيونية أحزمة نارية واسعة حاصرت العديد من القرى والبلدات وخصوصًا القرى الحدودية والقريبة من الحدود مع فلسطين المحتلة.
واستهدفت الغارات الجوية الصهيونية بلدات: دير ميماس، أرنون، يحمر – الشقيف، أطراف قلعة الشقيف لجهة الخردلي، وأطراف كفرتبنيت، حي الرمل بمدينة صور، المعلية، زبقين، مجدل زون، المنصوري، عين بعال، العباسية، معركة، بيوت السياد، باتوليه، شمع، بيت ليف، برج قلاويه، أطراف الحلوسية ودير قانون النهر، البرغلية وبافليه.
وشملت الاعتداءات الجوية الصهيونية أيضًا: كفر جوز، اللويزة، أطراف العيشية، كفرحونة، عربصاليم، الناقورة، ومدينة الخيام. وتعرّضت بعض هذه البلدات لغارات متكررة، أو أكثر من غارة.
وتسببت هذه الاعتداءات بارتقاء عدد من الشهداء جميعهم من المدنيين وبينهم أطفال، وألحقت دمارًا كبيرًا في الأبنية السكنية والمنازل. وأفادت مصادر محلية بأن الغارة على بلدة بيوت السيّاد في قضاء صور استهدفت مسجد البلدة وأدت إلى تدميره.
وشنّ طيران العدو الصهيوني الحربي غارة جوية على بلدة شمسطار في بعلبك أدّت إلى تدمير منزل مأهول على ساكنيه واستشهاد صاحب المنزل و3 من أطفاله. كما أغار الطيران الحربي الصهيوني بعد الظهر على بلدة الحلانية البقاعية.
وترافقت الغارات الجوية مع قصف مدفعي على القرى والبلدات الحدودية أو القريبة من الحدود مع فلسطين المحتلة، وتركز بشكل خاص على بلدات شبعا، والضهيرة والناقورة.
وبدأ طيران العدو الصهيوني منذ الأمس تدميرًا ممنهجًا في مدينة صور بسلسلة غارات متتالية استهدفت المباني السكنية في قلب المدينة ما أدّى إلى انهيار عدد كبير من المباني.
وأقدمت قوات العدو الصهيوني على نسف مربعات سكنية في بلدات: يارين ومروحين والضهيرة وأم التوت. ونفذ طيران العدو الصهيوني حزامًا ناريًا واسعًا عبر سلسلة من الغارات الجوية شمل عددًا كبيرًا من قرى قضاءي صور وبنت جبيل في الجنوب.
كما نفّذ طيران العدو حزامًا ناريًا آخر على بلدة الناقورة ومحيطها عبر سلسلة غارات جوية ترافقت مع قصف مدفعي عنيف ومركز.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة في بيان أن الغارة الجوية التي شنها العدو الصهيوني على مبنى في حي الرمل في مدينة صور أدّت إلى ارتقاء 7 شهداء ووقوع 17 جريحًا.
ومساء أمس شنّ العدو سلسلة غارات في البقاع أدّت الى استشهاد عدد من الأشخاص.
وأفيد عن مجزرة ذهب ضحيتها 35 شهيداً من آل شمص في وداي الحفير.
المصدر: صحف