أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن “الجيش والاجهزة الامنية كافة أساس هذا الوطن ورمز الطمأنينة والاستقرار والقدوة تجاه المواطنين، وان الشعب يقف وراءها، والى جانبها قيادة سياسية تمنحها الحصانة والدعم اللازمين”.
ولفت الى أن “شهداء الجيش هم الذين ثبتوا بشهادتهم حق الوطن في السيادة والاستقلال والحرية، رافضين القبول بشروط تجعل اي تفاهم صك استسلام”، مشيرا الى أن “القوة فرضت علينا الاحتلال ومقاومتنا ثبتت حقنا في السيادة والاستقلال”. وقال ان “الامن يساهم في ازدهار الاقتصاد والسياحة وتوظيف الاموال، خصوصا أن بلدنا يشهد اليوم “هجمة” ايجابية من الدول العربية والاجنبية والمؤسسات الدولية التي ستساعد لبنان بعدما أدركت مدى تحسن الاوضاع فيه”.
واعتبر عون أن “كل مؤسسة رسمية تحصن نفسها من خلال احترامها للقيم والامانة والقوانين”، داعيا موظفي القصر الجمهوري الى أن يكونوا قدوة لجميع اللبنانيين.
مواقف رئيس الجمهورية جاءت خلال تلقيه قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا تهاني القيادات الامنية والعاملين في القصر الجمهوري والاعلاميين المعتمدين فيه وقيادة وضباط لواء الحرس الجمهوري لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة.
وفد قيادة الجيش
وفي هذا الاطار استقبل رئيس الجمهورية قائد الجيش العماد جان قهوجي على رأس وفد من كبار ضباط القيادة، حيث ألقى العماد قهوجي كلمة هنأ فيها الرئيس عون بالاعياد في السنة الاولى لتوليه رئاسة الجمهورية. وقال: “لقد دخلت البلاد مرحلة جديدة تلمس فيها اللبنانيون بشائر الامل والانفراج على مختلف الصعد، تماما كما حظيت المؤسسة العسكرية بظهير قوي يسهر على تعزيز قدراتها، ويشد من أزرها في تنفيذ المهمات الدقيقة وتخطي الظروف الصعبة”.
وأضاف: “كيف لا، وقد كان لهذه المؤسسة شرف قيادتكم لها في اصعب المراحل التي مر بها الوطن، فعرفتم عن كثب مكانتها الوطنية ومعاني رسالتها النبيلة، في مقابل ما عرف عنكم من تقدير ووفاء وتضحية وتفان للسمو بدورها وجعلها خشبة خلاص الوطن عند كل مفترق خطير”.
وقال قهوجي: “ان الثقة المحلية والدولية العارمة التي رافقت انطلاقة عهدكم، وما تبذلونه على المستوى الشخصي من جهود حثيثة لجمع الشمل وترتيب البيت الداخلي، وترسيخ الوحدة الوطنية، الى جانب خياراتكم الواضحة التي تقضي بضرورة الشروع في ورشة الاصلاح السياسي والاداري، لوضع البلاد سريعا على سكة الامان والازدهار، انما تواكبها مؤسستنا بمزيد من السهر والجهوزية والاستعداد للتضحية في سبيل لبنان، سواء في مواجهة العدو الإسرائيلي على الحدود الجنوبية، أم في مواجهة الارهاب وخلاياه التخريبية على الحدود الشرقية وفي اي منطقة اخرى. وكن على يقين فخامة الرئيس، أن الجيش الذي يمثل الذراع العسكرية للسلطة الشرعية، لن يتهاون على الإطلاق مع أي إخلال بالأمن او تطاول على مؤسسات الدولة، او تعرض لحريات المواطنين وكراماتهم”.
وعاهد قائد الجيش رئيس الجمهورية بأن “يبقى الجيش كما عهدتموه، مؤسسة من كل الوطن ولكل أبنائه، راسخا في ثوابته الوطنية والعسكرية، منزها عن كل أشكال التحريض السياسي والفئوي، مستمدا من رعايتكم وتوجيهاتكم الحكيمة، القوة والعزم على مواصلة طريق الشرف والتضحية والوفاء”.
ورد عون مرحبا بقائد الجيش والوفد المرافق، مستذكرا شهداء الجيش الذين ثبتوا بشهادتهم حق الوطن بالسيادة والاستقلال والحرية، رافضين القبول بشروط تجعل أي تفاهم صك استسلام.
وأضاف: “حتى المعارك الخاسرة تكون أحيانا مربحة. فالقوة فرضت علينا الاحتلال ومقاومتنا ثبتت حقنا في السيادة والاستقلال. وانتم رمز هذه السيادة وهذا الاستقلال. إن تكريس هذا الاستقلال هو من نشاطاتنا السنوية، لذلك يتم الاحتفال به سنويا حيث يستعرض الجيش قواه لأنه هو الرمز والاساس والقدوة تجاه المواطنين . ويجب على المواطن ان يشعر دائما أنكم لستم قوة قمعية، بل قوة حماية له ولأولاده. فالعسكري هو لحماية المواطن اللبناني. ومن المؤكد أنه يقمع الشغب وليس الشعب. وأتمنى أن تواكبكم هذه الافكار بشكل دائم، لأن وراءكم شعبا والى جانبكم قيادة سياسية تمنحكم الحصانة والدعم اللازمين”.
وفد الأمن الداخلي
واستقبل عون وفدا من قيادة قوى الامن الداخلي برئاسة المدير العام اللواء ابراهيم بصبوص الذي قدم باسم الوفد التهاني لرئيس الجمهورية لمناسبة الاعياد، مشيرا في كلمته الى ان قوى الامن تطورت بسرعة في السنة المنصرمة خصوصا على مستوى العديد والتجهيزات والتدريب، وهي لا تزال بحاجة الى المزيد، مؤكدا على محاربة الفساد وتحقيق الشرطة المجتمعية ووضع خطة استراتيجية، والابقاء على ضباط وعناصر قوى الامن الداخلي على مسافة واحدة من الجميع.
وعرض إنجازات قوى الامن في المشاركة في حفظ الامن وضبط الجرائم، وخصوصا ما تحققه شعبة المعلومات بالتكامل مع الجيش والقوى الامنية الاخرى من عمليات استباقية لجهة توقيف وتفكيك العديد من الخلايا الارهابية، اضافة الى توقيف انتحاريين كانوا يستعدون للقيام بعمليات ضد الجيش والمراكز الدينية، وتوقيف عناصر العصابتين الذين سلبوا مصرفين في المكلس وكفرشيما، وغيرها. ووضع اللواء بصبوص قوى الامن الداخلي بتصرف الرئيس عون لمواصلة الانجازات التي تحوز على ثقة المواطنين، متمنيا على رئيس الجمهورية خصوصا ايلاء موضوع اكتظاظ السجون العناية اللازمة.
ورد عون بكلمة اشار فيها الى أن “قوى الامن هي رمز الطمأنينة والاستقرار في الوطن، خصوصا في الظرف الذي نعيشه”، مشيرا الى “الكثير من الامور التي تتطلب تحسينا وفقا للميزانيات المتوافرة، ونحن سنوفرها في سبيل تحسين قوى الأمن تقنيا”.
وأضاف: “إن موضوع الأمن أمر أساسي، فإذا لم يتوافر الأمن ليس هناك من سياحة ولا توظيف أموال. وفي موضوع مكافحة الجريمة إنجازاتكم جيدة، ونحن نتطلع الى التنسيق بين مختلف الاجهزة، حتى لو كان هناك نوع من التنافس، فالتنافس يحض على التوصل الى أفضل النتائج. بذلك تنصب جهودكم جميعا في تأمين الاستقرار”.
وفد الأمن العام
ثم استقبل عون وفد المديرية العامة للامن العام برئاسة اللواء عباس ابراهيم الذي القى كلمة نقل فيها تهاني ضباط ورتباء وعناصر الامن العام بالاعياد، وقال: “ليست مغالاة القول ان سعادتنا بالاعياد لا يوازيها إلا تبوؤكم سدة الرئاسة الاولى لمعالجة ما تراكم في الفترة الماضية، ولدعم المؤسسات الامنية بما يمكنها من انجاز مهماتها لحفظ الوطن من اي خطر، وما اكثرها، وانتم خير العارفين بالتهديدات التي تحيط بنا من الارهابين الاسرائيلي والتكفيري. الاول يخرق سيادتنا جوا وبرا وبحرا فضلا عن مواصلته زرع شبكات التجسس والعمالة ومنظومات التجسس والتصوير عدا التهديد اليومي، اما الثاني فلا يقل شراسة ولؤما لجهة محاولته احداث فتن طائفية ومذهبية، وبث سموم فكرية باسم الله والدين منه براء، يتسلل بأشكال مختلفة لتدمير نسيجنا الوطني، وإحداث شرخ بين اللبنانيين.
وبوصفكم الحارس الأمين على الدستور والقائد الاعلى للقوات المسلحة، العين الساهرة على حماية لبنان واللبنانيين، يهمنا ان نؤكد امامكم اننا لم نوفر إمكانا او وسيلة إلا استخدمناها لنكون أمناء على أمن الوطن وحماية اللبنانيين، ومنع كل محاولات اقتناص الظروف للنيل من الاستقرار الداخلي أو السلم الأهلي”.
وأضاف: “إن المديرية العامة للامن العام، وإن كان ينقصها العديد والعتاد لاضطلاعها بكل ما ناطته بها القوانين من مهمات، الا انها، بفضل تمسكها بالنهج المؤسساتي، صارت أكثر قوة ومناعة، وعلى جهوز كامل لدرء الأخطار المعروفة، واكتساب كل المهارات الأمنية والخبرات الإدارية لتلبية نداء الواجب، وتأمين الخدمة للمواطن من دون منة من احد، وللمقيم على ارض لبنان استنادا الى القوانين والانظمة المرعية”.
ورحب عون باللواء ابراهيم والضباط مهنئا بالاعياد، ولافتا الى تنوع وظائف الامن العام الامنية والادارية، وقال: “آمل أن تواظبوا على القيام بهذه المهام وتساهموا في ترسيخ الامن والاستقرار في لبنان، لأن ذلك يعتبر اكبر رأسمال لنا. فالامن يساهم في ازدهار الاقتصاد والسياحة وتوظيف الاموال، خصوصا أن بلدنا يشهد اليوم “هجمة” ايجابية من قبل الدول العربية والاجنبية والمؤسسات الدولية التي ستساعد لبنان بعدما ادركت مدى تحسن الاوضاع فيه”.
وبعدما أكد عون العمل على إعادة ترسيخ العيش المشترك وتخفيف الصراعات، قال: “لا تخافوا على الوحدة الوطنية. فالمختلفون في ما بينهم مدركون ان هذه الوحدة هي التي تصون الجميع مهما كانوا على خلاف. لقد اديتم مهماتكم على اكمل وجه ونأمل ان نتمكن من زيادة امكاناتكم خصوصا في هذه الظروف القاسية حيث يجب أن يكون التنسيق كاملا مع الاجهزة الامنية الاخرى”.
وفد أمن الدولة
واستقبل رئيس الجمهورية وفد المديرية العامة لأمن الدولة برئاسة اللواء جورج قرعة الذي القى كلمة عرض فيها للمعطيات الايجابية التي تحققت منذ انتخاب رئيس الجمهورية “حيث شعر المواطن بدفء الايمان بقيام دولة القانون والمؤسسات”.
وعرض قرعة “معاناة مؤسسة أمن الدولة خلال السنوات الماضية”، مقدرا “وقوف الرئيس عون الى جانب المؤسسة والعاملين فيها الذين يأملون في إنصافهم وتركهم يقومون بواجبهم وتنفيذ المهام الملقاة على عاتق أمن الدولة وفق القانون وتأمين الوسائل والامكانات لها كما باقي المؤسسات ومحاسبتهم لاحقا عن كل تقصير”.
ورد عون مرحبا، وقال: “لقد كنتم كمؤسسة ضحية الحرمان المتأتي من الفساد في البلد. ولكن دوركم في محاربة هذا الفساد مهم جدا، وبما ان هذه المهمة تحتاج الى وسائل لتكون الحرب فاعلة، فنحن سنؤمنها لكم لتقوموا بهذه المهمة الحساسة، واملي كبير في ان تنهضوا مجددا بهذه المؤسسة، وانا اقف الى جانبكم، وسأكون الغطاء السياسي لكم وادعوكم الى عدم الخوف من احد. قوموا بواجبكم بضمير حي، لان الهدف ليس الاقتصاص من احد زورا، ولا التساهل بحق الفاسدين لأنه تساهل بحق الاخرين ونكون قد ساهمنا في عدم ايصال حقوق الناس اليهم”.
المديرية العام للجمارك
واستقبل عون وفد المديرية العامة للجمارك برئاسة المدير العام شفيق مرعي الذي القى كلمة اعتبر فيها ان وجود العماد عون في اعلى مراتب المسؤولية “يشكل فرصة تاريخية للبنان نظرا لما تمتلكون من حكمة وصلابة وموضوعية وسعة صدر ونهج تضعون فيه مصلحة لبنان فوق كل المصالح”.
وعرض مرعي للصعوبات التي تواجهها المديرية العامة للجمارك ومواكبتها رغم ذلك للتطورات الجمركية العالمية وتحقيق الانجازات وضبط المخالفات وإحباط الكثير من محاولات التهريب لبضائع مختلفة في طليعتها انواع عدة من المخدرات.
ورد عون معتبرا أن “المحافظة على سمعة اي مؤسسة تحتاج الى جهد اساسي ومستمر، وأن كل مؤسسة تحصن نفسها من خلال احترامها للقيم والامانة والقوانين، وهذا مطلوب من الجمارك كما من سائر المؤسسات الرسمية الاخرى”.
العاملون والاعلاميون في القصر
واستقبل عون واللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون، موظفي القصر الجمهوري والاعلاميين المعتمدين فيه وضباط لواء الحرس الجمهوري. والقى المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير كلمة قال فيها “نحتفل بالاعياد المجيدة هذا العام في حضور فخامتكم والسيدة الاولى. لقد غمرنا الحزن خلال العامين والنصف الاخيرين، واحسسنا بفراغ والم كبيرين. لقد اعتدنا خلال هذه الفترة ان نعيد في غياب رئيس جمهورية لبنان الذي هو رأس المؤسسات الدستورية، ومن خلاله ينتظم العمل في المؤسسات كلها.
ونتمنى لكم في هذه المناسبة ميلادا مجيدا وسنة سعيدة، وأمدكم الله بالصحة والعافية، ونحن الى جانبكم في كل العناوين التي طرحتموها في عهدكم وفي مقدمها مكافحة الفساد”.
وألقى رئيس مكتب الاعلام في الرئاسة رفيق شلالا كلمة قال فيها “لقد اردتم ان نكون مؤتمنين على حقيقة الكلمة الصادرة عنكم، وهي مسؤولية فيها من النبل ما في الكلمة من وقع.
وأردتم ان نكون الصورة المعبرة عنكم، وهي رسالة فيها من الالتزام ما في الصورة من حضور. ومنذ تسلمكم سلطاتكم الدستورية، اردتم ان نكون عائلتكم. وها نحن، مع التهنئة، نعاهدكم العمل الدؤوب، الهادف والجدي، كي نكون ونبقى على قدر الرسالة التي حملتمونا اياها. بذلك يكون العيد عهدا جديدا، لاعوام ستة، فيها يصان الوطن وابناؤه، وتتوطد وحدتنا الوطنية وهي قوتنا، وتتجدد مؤسساتنا في البذل والعطاء، ويكون افتخار كل واحد منا انه يعمل تحت امرتكم وفي عهدتكم، على اسم لبنان”.
وخاطب شلالا السيدة الاولى قائلا”انت الى جانب فخامة الرئيس، نداء المحبة، التي من اجلها ستتطلع اليك قلوب اللبنانيين. التزامنا امام فخامة الرئيس، نكرره امامك، معاهدين اياك العمل، كي يكون لك في كل قلب نبض خاص، يفيض تقديرا لما ستقومين به، حيث الزرع كثير والحصاد فيه أكثر وفرة”.
ورد عون بكلمة قال فيها: “أعتبركم من أهل البيت، ولقاؤنا اليوم هو لقاء أهل البيت. أتمنى أن تعود هذه الأعياد عليكم وعلى عائلاتكم باليمن والبركات كما وعلى لبنان بالسلام والازدهار.
أعزائي، سبق أن عشنا في ملجأ هذا القصر لمدة سنتين، وكنا حفنة من الرجال والسيدات نقاتل ونجاهد في سبيل لبنان، حاربنا فسقط منا شهداء من أجل هذا الوطن، واليوم نعود إليه لنبنيه وإياكم.
آمل أن تكونوا قدوة لجميع اللبنانيين سواء لناحية العمل أو لناحية الأمن، لأن الناس يراقبون القصر الجمهوري – بيت الشعب – وأي خطأ يصدر عنكم يتحول كبيرا، فيما قد يتم التقليل من أي عمل جيد تنجزونه، لأن الطبيعة البشرية تميل إلى تعميم السلبيات أكثر من الإيجابيات. لذلك، آمل أن تكونوا دقيقين في عملكم، وتكونوا قدوة في السلوك.
لن أطيل الكلام، ولكن أماني تعبر عما يجول في خاطري ووجداني من عواطف تجاهكم، وأرجو أن نتمكن معا من إعطاء الثمار الجيدة في عملنا من أجل وطننا لبنان ومن أجل أولادنا وأحفادنا”.