عام على الطوفان.. عامٌ على خنق العنق الاقتصادي لـ “اسرائيل” – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

عام على الطوفان.. عامٌ على خنق العنق الاقتصادي لـ “اسرائيل”

الاقتصاد الاسرائيلي
زينب حمود

عام على أم الحروب كما أطلق عليها بعض المراقبين. هي ليست كسابقاتها من الهمجية الاسرائيلية بل هي الاشرس والاكثر فتكاً بالانسانية. لم يوفر العدو خلال سنة من عدوانه، التي تنتهي أيامها اليوم اي من أدواته, فوضع كل اوراقه ضد جبهات المقاومة في محاولة لتعزيز وجوده في المنطقة, وابرزها قنابل متطورة فتاكة بالليزر تعتمد على تكنولوجيا استشعار متقدمة و ذكاء اصطناعي.

كل تلك الاوراق المستخدمة من تكنولوجيا وذكاء وخرق للموازنات وطائرات F35 وقنابل للتحصينات وغيرها كانت على حساب اقتصادها الذي كانت تسعى إلى تطويره قبل “الطوفان”.

الأذن الصّماء لحكومة نتياهو

أدار نتياهو وحكومته “الاذن الصماء” لكل الاصوات التي تعالت داخل الكيان والتي حذرته من الاستمرار في هذا النوع من الحروب. أهم تلك التحذيرات ما قدمه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي, الذي تحدث عن 3 سيناريوهات متوقعة وكيف ستؤثر هذه السيناريوهات على الاقتصاد الاسرائيلي.

السيناريوهات وهي معروفة بطبيعة الحال:
• استمرار الوضع الحالي وكان يقصد بها الحرب ضد غزة التي ما زالت مستمرة
• التصعيد على الجبهة الشمالية
• الاتفاق على أساس الصفقة المقترحة ووقف القتال في غزة

تقرير مصور | ميناء إيلات مُقفل منذ ٧ أوكتوبر

كان قد قدم المعهد دراسته معتمداً على أربعة متغيرات اقتصادية رئيسية هي: النمو الاقتصادي وعجز الميزانية؛ ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي؛ وعلاوة المخاطرة و قدرة إسرائيل على سداد ديونها.

المتغيرات هذه تصور الكيان في الخارج على انه غير مستقر اقتصاديًا متورط في حرب لا نهاية لها، مما سيقلل من جاذبية الأصول الإسرائيلية الخطرة. واذا أخذنا فقط سيناريو الحرب في الشمال ومن خلال الدراسة المُقدمة تشير أنه من من الصعب التنبوء بكيفية تطور حملة مكثفة ضد حزب الله في لبنان وما إذا كان يمكن احتواؤها لمدة شهر واحد وساحة واحدة فقط.

وبحسب الدراسة سيرتفع العجز بشكل كبير إلى حوالي 15٪ لتمويل الحرب ودعم الاحتياجات اليومية، بما في ذلك إمدادات الطعام والشراب والنقل والملاجئ. نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ حوالي 80٪ -85٪. هذه النسبة كانت آخرمرة وصلت اليها اسرائيل عام 2003 خلال الانتفاضة الثانية. ومن المتوقع أن ترتفع علاوة المخاطر خلال شهر من الحرب إلى 2.5٪، مما يجعل جمع التبرعات أكثر صعوبة.

تقرير مصور | الخوف والهلع داخل متاجر العدو

خنق العنق الاقتصادي

الا أن هذه التحذيرات لم يأبه اليها نتياهو وحكومته واعتبرت الصحف العبرية أن “اسرائيل” تتقارب من اقتصاد التهديدات والتحديات وهي لم تعد الاقوى في الحي. بالاضافة الى انها يجب ان تدير اقتصاداً مليئاً بالتهديدات والتحديات كل يوم.

وفي مراجعة للارقام كنا قد تحدثنا عنها خلال قراءات عديدة لاقتصاد العدو تشير تلك الارقام الى الخناق الذي يتعرض له الاقتصاد من قبل جبهات المقاومة. منها ما نشره موقع “واينت” االعبري لنتائج استطلاع حول وضع شركات التكنولوجيا:

– 49 % من شركات “الهايتك” قامت بإلغاء استثماراتها
– 43 % فقط إنهم لم يتلقوا أي دعم حكومي، في حين يفكر 40 % في نقل العمليات خارج الاراضي المحتلة ، إما جزئيا أو كليا”
– حوالي 70 % أعربوا عن مستويات متفاوتة من القلق بشأن قدرتها على رفع رأس المال في العام المقبل
– الشركات الواقعة في شمال إسرائيل تواجه تحديات خاصة: هناك 60 شركة تكنولوجية شمالية 41 % نقلت أنشطتها إلى منطقة الوسط من الاراضي المحتلة و20 بالمئة تعلم بالفعل أنها لن تعود إلى الشمال”

التصنيفات ضربة لاقتصاد العدو

بالاضافة الى قطاع التكنولوجيا يشكل التصنيف الائتماني عقبة أساسية أمام مستقبل الاقتصاد حيث سارعت شركات التصنيف العالمية بتخفيض تصنيف اسرائيل وفي آخر تحديث للتخفيض لجأت كل من وكالة موديز التصنيف الائتماني ووكالة فيتش وستاندرد آند بورز في تخفيض التصنيف بمقدار درجتين في دفعة واحدة، وأبقت الوكالات على توقعاتها السلبية للتصنيف بسبب “المخا طر الجيوسياسية” جراء تفاقم الصراع والتنبؤ بحرب طويلة الأمد هذا التخفيض اعتبرته أوساط صحفية عبرية بأنه “ضربة اقتصادية” لإسرائيل.

تقرير مصور | لا خطط إقتصادية واضحة

وفي مراجعة أيضاً لأراء رؤساء أحزاب المعارضة الذين رأوا أن انخفاض التصنيف الائتماني هو مؤشر على فشل الحكومة في إدارة التداعيات المالية للحرب بين إسرائيل وحماس، وأكدوا على الفشل في خفض تمويل الائتلاف، والحاجة إلى القيام بذلك الآن.

وقال زعيم المعارضة يائير لابيد إنه “يجب إغلاق 12 وزارة غير ضرورية على الفور، ويجب إلغاء صناديق الائتلاف، ويجب تعزيز محركات النمو بدلاً من دعم أولئك الذين لا يعملون، ويجب تمرير ميزانية متوازنة ومسؤولة تلبي احتياجات السوق وليس الاحتياجات السياسية”.

وقال رئيس حزب الوحدة الوطنية بيني غانتس إنه “عندما قلنا لرئيس الوزراء ووزير المالية إنه يجب إجراء تصحيح كبير في الميزانية، لم يكونا مستعدين حتى لإغلاق الوزارات الحكومية غير الضرورية ووقف أموال الائتلاف”، مضيفًا أن انخفاض التصنيفات هو نتيجة لإعطاء الأولوية للمصالح السياسية على المصالح الوطنية.

كما دعت منظمة المجتمع المدني “حركة جودة الحكم في إسرائيل” إلى إسقاط “الفشل الذريع للحكومة في إدارة الاقتصاد”، وطالبت بتقديم ميزانية لعام 2025 واقتراح خطة اقتصادية طويلة الأجل.

محاضرون في جامعة “بن غوريون” كان لهم رأي وقال الدكتور ديفيد لاغزيئيل، إنه في حين أن الحرب والوضع الجيوسياسي لهما تأثير طبيعي كبير على تصنيف إسرائيل، فإن تصرفات الحكومة وتقاعسها يؤثران أيضًا على هذا التصنيف.

أيضاً كبار الاقتصاديين حذروا من التعامل مع اقتصاد الحرب حيث أشار منتدى كبار الاقتصاديين (المجموعة تتألف من عشرات الاساتذة الجامعيين شغلوا مناصب في الحكومة , المصارف). مختصر كلامهم أنه يتعين على الإسرائيليين أن يستيقظوا ويطالبوا في أقرب وقت ممكن بتغيير جذري في عمل الحكومة.

تقرير مصور | خسائر في القطاع الزراعي نتيجة ضربات المقاومة

السم الذي سيقتل صاحبه

تتعاظم تكلفة الحرب على اسرائيل, تتعاظم بالشكل الذي يوصفه المثل “بالسم الذي قتل صاحبه”. فبالاضافة الى ما ذكرناه من تداعيات على هذا الكيان هناك أيضا القطاع السياحي وهروب الاموال والتضخم وتكلفة اللاجئين المستوطنين الذي هربوا من المناطق المحتلة التي تتعرض للنار مباشرة والتي قاربت 4 مليار دولار هذا غير منح الاقامة والاعالات والتعويضات (وزارة مالية العدو).

لا ينتهي الحديث عن تدهور الامور المالية والاقتصادية لاسرائيل التي سعت قبل 7 أوكتوبر للتخلص من كابوس عسكرتها والذهاب الى أن تأخذ دوراً مسالماً في منطقة الشرق الاوسط عبر فكرة التطبيع بأهداف تنموية سياحية واقتصادية بإمتياز.

تقرير مصور | قطاع التكنولوجيا يبحث عن الأمان خارج الاراضي المحتلة

هذا العدو الذي اعتاد على الكذب والغدر والخيانة برهن خلال هذا العام لمستوطنيه قبل أن يبرهن للعالم أنه لا يستطيع أن يلعب هذا الدور ولا أن يجلب لهم السلام والامن وأنه عاجز على المضي بمستقبل جاذب في منطقة الشرق الاوسط. وكل التحذيرات التي قُدمت لنتياهو اصبحت الى الوراء واليوم هو والمنطقة وأحلامه الاقتصادية في قلب المعركة ليزيد بذلك حجم التهديدات التي ستأتيه من الجمهورية الاسلامية والمقاومة اليمنية ومحاولاته البائسة عند الحدود اللبنانية.

أختم بما ذكره الكاتب شير هيفر وهو دكتور الاقتصاد السياسي وهو عضو منظمة “الصوت اليهودي للسلام العادل في الشرق الاوسط” بمقال له تحت عنوان نهاية الاقتصاد الاسرائيلي بأن شيئاً واحداً دُمر لاسرائيل في هذه الحرب وهو مستقبلها. ويقول على الرغم من الصدمة والإفقار والحداد التي أحدثتها “اسرائيل” لشعب غزة إلا أنهم سوف يعيدون البناء والتعافي في نهاية المطاف، مهما طال الوقت. أما اسرائيل فقد دمرت شيء واحد: مستقبل البلاد.

  • تنفيذ: علي كجك

المصدر: موقع المنار