يوم الجمعة الماضي، شنّ الإحتلال الإسرائيلي عدواناً على الضاحية الجنوبية لبيروت. استهدف مبنى سكنياً في شارع “الجاموس”، وأوقعت عشرات الشهداء، وما زالت عمليات الإنقاذ متواصلة وإجراء فحوص الحمض النووي.
اعتداء سافر على هذه المنطقة السكنية سرعان ما برّره الإحتلال وادعى أنه استهدف قادة من المقاومين وتحديداً من فرقة “الرضوان”، الذين كانوا “ينوون” تكرار سيناريو 7 أكتوبر في اقتحام “الجليل”.
هذه السردية قدمها الإحتلال الى الإسرائيليين، وتكررت بدورها على المنصات العربية التي لم تعر أهمية لدماء المدنيين اللبنانيين، واستخدمت في تغطيتها الخبرية صيغة تجهيل الفاعل، اي “اسرائيل” وتوصيف ما حدث بإطلاق عليه مصطلحات لا تعبّر عن حجم الدمار والخسائر البشرية الهائلة.
هكذا، كررت مصطلحات :”هجمات الضاحية الجنوبية” (سكاي نيوز)، و”ضربة بيروت” (العربية)، لمحاولة التخفيف من حدة هذه الجريمة وتجهيل مرتكبها، إضافة الى تبريرها عبر إعادة نشر ما يقوله الإسرائيلي.
بداية نفنّد التغطية الخبرية للعدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت. وسنعرّج على صحيفة “الشرق الأوسط” التي عنونت في 20 الجاري :”اسرائيل تنفذ ضربة في ضاحية بيروت الجنوبية وتؤكد مقتل قائد قوة الرضوان”.
في المضمون، نقل حرفي للرواية الإسرائيلية، بأن ما حصل يدخل ضمن “التصفية التي تهدف الى حماية مواطني اسرائيل”. نقلت الصحيفة عن جيش الإحتلال وصفه بأن “الضربة محددة الهدف في بيروت”، و”بتوجيه استخباري لهيئة الإستخبارات العسكرية”.
تجاهلت الصحيفة تماماً الجريمة التي ارتكبت بحق المدنيين، ووجودهم أصلاً. وانهت المقالة بالتشكيك بأن “اسرائيل” هي من قامت بهذه الجريمة عبر القول بأن “هذه الضربة الثالثة المنسوبة لإسرائيل” والتي تستهدف الضاحية!.
وبرّرت جريمة اغتيال القائد الجهادي ابراهيم عقيل بالقول بأنه “مطلوب لدى واشنطن” بوصفه “الرجل العسكري الثاني في حزب الله بعد فؤاد شكر”.
الجريمة المروّعة التي هزّت الضاحية الجنوبية، سرعان ما لاقت تبريرها على المنصات العربية. شبكة “سكاي نيوز” الإماراتية، نشرت في 20 الجاري على موقعها الإلكتروني مقالة بعنوان :”ضربة بيروت..اسرائيل تتحدث عن خطة لتكرار 7 أكتوبر بالشمال”.
عدا عن توصيف ما حصل ب”ضربة بيروت”، فإن الشبكة الإماراتية راحت تنقل تصريحات اسرائيلية تبرّر الجريمة على رأسها ما قاله رئيس الأركان هرتسي هاليفي من أن ” قادة حزب الله اللبناني الذين استهدفتهم إسرائيل في الغارة الجوية على الضاحية الجنوبية لبيروت كانوا يخططون لتكرار هجوم “السابع من أكتوبر” على الحدود الشمالية” لسنوات.
وتهديده بأن الإحتلال “سيصل الى كل من يهدد أمن مواطني اسرائيل”.الى جانب نقل حرفياً الرواية الإسرائيلية بأن الإحتلال قام باغتيال القادة المقاومين لمنعهم من تحقيق تنفيذ “خطة اقتحام الجليل”، و”قتل مواطنين مدنيين بشكل مشابه لما نفذته حماس في 7 أكتوبر”.
بعد العدوان الدامي على الضاحية، سوّق الإعلام الغربي تحديداً لنظرية التفوق الإسرائيلي مقابل إضعاف المقاومة. مضامين نقلتها المنصات العربية وتلك الناطقة بالعربية. على سبيل المثال، نقلت شبكة “الحرة” الأميركية، في 22 الجاري،مضامين صحيفة “نيويورك تايمز”، التي عنونت بأن “الهجمات على حزب الله تغيّر موازين القوى في القتال طويل الأمد”.
مقالة تستند الى تصريحات باحثين عرب وأجانب، الذين قالوا بأن “الردع المتبادل لم يعد قائماً وأن فرص التحول الى حرب كبرى أصبحت اكبر”. واضافت بأن “التطورات الأخيرة أفسحت أمام مرحلة جديدة من التفوق الأحادي من جانب اسرائيل”.
وأضافت للصحيفة أن “الواجهة التي كان حزب الله يقدمها للعالم باعتباره منظمة لا يمكن اختراقها تحطمت، فيما أظهرت إسرائيل ببراعة تفوقها في مواجهته”. ولفتت الى ان ” إسرائيل عبّرت عن عدم قدرتها على “التعايش” مع التهديد الذي عاشته لـ 18 عاماً ماضية، وأنه لا يمكن الإبقاء على وجود “قوة هائلة على الحدود الشمالية”.
من هي “قوة الرضوان؟”
سؤال طرح باطراد على المنصات العربية بعد العدوان الغاشم على الضاحية الجنوبية واستهداف الإحتلال الى جانب المدنيين والأطفال عناصر وقادة من هذه القوة. شبكة “الجزيرة” أضاءت على قوات “النخبة” في المقاومة ضمن تقرير معنون :”قوة الرضوان ..لماذا يأخذ استهداف قادتها هذا البعد الخطير وتعتبره اسرائيل هدفاً كبيراً؟” بث في 21 الجاري.
المصدر: المنار