بعد تلقّي كمالا هاريس دعما واسعا في معسكرها للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية، تعقد لقاء مع الناخبين في ولاية ويسكنسن الحاسمة في إطار السباق إلى البيت الأبيض في مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
وأعلنت هاريس وهي نائبة الرئيس الأميركي ترشحها محلّ الرئيس جو بايدن في السباق إثر انسحابه المفاجئ، وتواجه تحديات كبيرة إذ لم يبق أمامها سوى أربعة أشهر لإقناع الناخبين الأميركيين بالتصويت لها.
وخلال أول فعالية لها في حملتها الانتخابية مساء الإثنين في ديلاوير عبّرت هاريس (59 عاما) عن أفكارها كمرشحة. وقارنت هاريس ترامب البالغ 78 عاما بشخص “محتال”، مشددة وسط تصفيق أنصار للحزب الديموقراطي، على “أننا سنفوز” في الانتخابات.
كذلك، وعدت هاريس بجعل الحق بالإجهاض في صلب حملتها الانتخابية في إطار سعيها للوصول إلى البيت الأبيض.
وقالت في أول خطاب لها في إطار حملتها الانتخابية، “سنناضل من أجل حق (المرأة) في التحكم بجسدها، مع العلم أنه إذا سنحت الفرصة لترامب فسوف يقر حظرا على الإجهاض في كل ولاية” أميركية.
وستعرض هاريس خلال أول لقاء رسمي لها مع الناخبين في إطار حملتها والذي سيعقد في مدينة ميلووكي الثلاثاء، مواضيع كثيرة لجس نبض الناخبين ونفاعلهم معها.
ولم يأت اختيار ميلووكي في ولاية ويسكنسن المطلة على بحيرة ميشيغان، بالصدفة. فهذه المدينة الواقعة في منطقة البحيرات العظمى استضافت مؤتمر الحزب الجمهوري الأسبوع الماضي الذي تم خلاله اختيار دونالد ترامب رسميا مرشحا لحزبه في الانتخابات.
وأبرز هذا المؤتمر الذي استمر أربعة أيام سيطرة الرئيس السابق المطلقة على الجمهوريين. واستُقبل الملياردير الذي نجا مؤخرا من محاولة اغتيال استقبال الأبطال في المؤتمر واختير مرشحا رسميا وسط تأييد كبير.
إلى ذلك تشكل ولاية ويسكنسن إحدى الولايات الخمس أو الست التي ستحسم نتيجة الانتخابات الرئاسية في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر.
وتقدَّم دونالد ترامب في السباق في هذه الولاية في مواجهة جو بايدن، لكن ما زال من المبكر جدا القول ما إذا كان سيحافظ على تقدمه أمام كامالا هاريس، في حال اختيرت بالفعل مرشحة الحزب الديموقراطي. وسيحسم قرار ترشيح هاريس رسميا خلال مؤتمر الحزب الديموقراطي في منتصف آب/أغسطس في شيكاغو.
وحصلت نائبة الرئيس على دعم مجموعة من حكام الولايات، كان يُنظر إلى بعضهم على أنهم منافسون محتملون وغيرهم من الشخصيات الرفيعة المستوى في الحزب مثل نانسي بيلوسي وهيلاري كلينتون.
لكن لم يعرب الرئيس السابق باراك أوباما، وزعيما الديموقراطيين في الكونغرس حكيم جيفريز وتشاك شومر عن دعمهم الصريح لها بعد.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد انسحابه من السباق الرئاسي لعام 2024 في خطوة مفاجئة وحض الديموقراطيين الاثنين على دعم ترشيح نائبته كامالا هاريس “لهزيمة ترامب”. وقال بايدن الاثنين في اتصال مع فريق حملته الانتخابية “أريد أن أقول للفريق، ادعموها. إنها الأفضل”. ويعود الرئيس إلى البيت الأبيض الثلاثاء بعدما عزل نفسه في منزله في ديلاوير بسبب إصابته بكوفيد.
ورأى بيل لاينر، الناشط الديموقراطي الذي التقته وكالة فرانس برس في بنسلفانيا أن ترشيح هاريس بديهي. وقال “يجب أن يكون (المرشح) كامالا هاريس”. وأضاف “لأنه إذا لم نختر كامالا هاريس، فسنخسر الانتخابات”.
كامالا هاريس في موقع قوي لخلافة بايدن في السباق الرئاسي
وأصبحت كامالا هاريس في موقع قوي لضمان تسمية الحزب الديموقراطي لها لخوض الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر في مواجهة دونالد ترامب، مع تلقّيها دعما من شخصيات في حزبها إثر الانسحاب المفاجئ للرئيس جو بايدن.
وأفادت وسائل إعلام أميركيّة بأنّ غالبيّة المندوبين الديموقراطيّين، البالغ عددهم نحو 4000 شخص والمُكلّفين اختيار مرشّح الحزب رسميا، قد أعلنوا بالفعل نيّتهم دعم هاريس. وقالت نائبة الرئيس الأميركي في بيان “أتطلّع إلى أن أتمكّن قريبا من قبول هذا التعيين رسميا”.
وحضّ بايدن أنصاره الاثنين على دعم ترشيح نائبته لخوض السباق الرئاسي، معتبرا أن انسحابه من المنافسة كان “القرار الصائب”.
وقال بايدن في اتصال مع فريق حملته الانتخابية “أريد أن أقول للفريق، ادعموها. إنها الأفضل”. وأضاف تعليقا على قراره الانسحاب “أعلم أن أخبار الأمس كانت مفاجئة ويصعب عليكم سماعها، لكنه كان القرار الصائب”.
وتعهد بايدن مواصلة العمل على إنهاء الحرب في غزة خلال الأشهر الأخيرة من ولايته، بعد تراجعه عن السعي لولاية ثانية. وقال “سأعمل بشكل وثيق جدا مع الإسرائيليين والفلسطينيين لمحاولة التوصل إلى طريقة لإنهاء الحرب في غزة وتحقيق السلام في الشرق الأوسط وإعادة كل الرهائن إلى وطنهم”.
وتلتقي هاريس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو “هذا الأسبوع” في واشنطن، حسبما أعلن مكتبها.
وقال مكتب هاريس إن هذا اللقاء سيكون “منفصلا” عن اللقاء بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي. وغادر نتانياهو الاثنين إلى واشنطن، حيث من المقرر أن يلقي خطابا أمام الكونغرس في خضم الحرب في قطاع غزة.
ويُغادر بايدن الثلاثاء منزله الذي كان معزولا فيه بسبب إصابته بفيروس كورونا، على أن يعود إلى البيت الأبيض بعد الظهر، وذلك للمرة الأولى منذ أن أعلن انسحابه من السباق الرئاسي، وفقا لجدول أعماله الرسمي.
وكان بايدن منذ الأربعاء في منزله في ريهوبوث، على ساحل المحيط الأطلسي، معزولا بسبب إصابته. ومن هناك كتب رسالة إلى الشعب الأميركي الأحد الماضي أعلن فيها انسحابه من السباق الرئاسي.
قبل زيارتها الأولى لمقر الحملة في ويلمنغتون بولاية ديلاوير الاثنين، ترأست هاريس (59 عاما) احتفالا في البيت الأبيض أشادت فيه ببايدن الذي قالت إنه ترك إرثا “لا مثيل له”.
وقد دعم عدد متزايد من الزعماء الديموقراطيين هاريس، ما أدى إلى زخم قد يسرع تكريسها مرشحة عن الحزب الديموقراطي رغم بعض الدعوات لانتخابات تمهيدية مفتوحة.
وأيد بايدن (81 عاما) هاريس – وهي أول نائبة رئيس سوداء وجنوب آسيوية في تاريخ الولايات المتحدة – بعد انسحابه من السباق الأحد في ذروة أزمة أثارها أداء كارثي في مناظرة مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
وأعلنت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، الشخصية البارزة في الحزب الديموقراطي، دعمها ترشيح هاريس.
وقالت بيلوسي على منصة إكس “بفخر كبير وتفاؤل غير محدود بمستقبل بلادنا، أؤيد نائبة الرئيس كامالا هاريس للترشح لرئاسة الولايات المتحدة. ولدي ثقة كاملة بأنها ستقودنا إلى النصر في تشرين الثاني/نوفمبر”.
وجاء التأييد أيضا من الرئيس السابق بيل كلينتون ومجموعة من المشرعين، لكن الرئيس الأسبق باراك أوباما أحجم عن ذلك حتى الآن.
واحتشد المانحون أيضا، حيث ضخوا مبلغا قياسيا قدره 81 مليون دولار في حملة هاريس خلال 24 ساعة بعد تنحي بايدن.
وقالت الحملة إن ذلك أعلى مبلغ ليوم واحد في تاريخ الرئاسة – وأنه من بين 888 ألف متبرع على مستوى القاعدة، قدم حوالى 60 بالمئة مساهمتهم الأولى في عام 2024.
وفي لحظة رمزية لافتة للنظر، استضافت هاريس حفلا للرياضيين الجامعيين في البيت الأبيض الاثنين بينما ظل بايدن في عزلة بسبب كوفيد في منزله الشاطئي في ديلاوير. وقالت هاريس في تصريحاتها الموجزة في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، مع هطول أمطار خفيفة، إن “إرث الإنجازات التي تركها جو بايدن على مدى السنوات الثلاث الماضية لا مثيل له في التاريخ الحديث”.
وبدا أن بعض استعاراتها الرياضية تشير إلى السباق السياسي الذي ينتظرها، إذ تحدثت عن الانتصار و”قيمة الالتزام والمثابرة”.
وتجري هاريس رحلة أولى إلى مقر الحملة في ويلمنغتون بولاية ديلاوير، في وقت لاحق الاثنين – على مسافة ليست بعيدة من ريهوبوث بيتش، حيث يعالج بايدن من إصابته بكوفيد منذ الأسبوع الماضي.
وقال طبيب الرئيس في بيان الاثنين إن أعراض بايدن “اختفت تماما تقريبا”، رغم أن البيت الأبيض لم يعلن بعد أي أحداث في جدول أعماله هذا الأسبوع.
ودعم عدد من كبار الديموقراطيين الآخرين هاريس. وكتبت غريتشين ويتمر حاكمة ولاية ميشيغن “دعونا نرفع التحدي”.
لكن لا يزال يتعين عليها الفوز بدعم بعض الشخصيات الرئيسة إذا أرادت حسم الترشيح في الوقت المناسب للمؤتمر الوطني الديموقراطي الذي يبدأ في 19 آب/أغسطس، رغم أن الحسم قد يأتي في وقت أبكر مع بدء الاقتراع عن بعد في الأول من آب/أغسطس.
تهديد للديموقراطية
وأدى انسحاب بايدن إلى قلب سباق 2024 رأسا على عقب، ما حوّل النزال الطويل بين رجلين مسنين إلى واحد من أكثر السباقات حماسة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث. وقد هزت هذه الخطوة الحزب الديموقراطي المحبط الذي يمكن لهاريس توحيده، ويمكن أن يمنح أميركا أول رئيسة لها.
أثر القرار أيضا في الجمهوريين بشدة، فقد اضطر الرئيس السابق ترامب البالغ 78 عاما – وهو الآن أكبر مرشح رئاسي في تاريخ الولايات المتحدة – إلى إعادة صياغة استراتيجية بُنيَت حول مهاجمة بايدن بسبب عمره وضعفه الجسدي.
دخول هاريس معترك الانتخابات لا يجعل فقط قضية العمر سلاحا ضد ترامب، بل يضع أيضا الرئيس السابق – وهو مجرم مُدان – في مواجهة امرأة ومدعية عامة سابقة. ونشر ترامب سلسلة منشورات مليئة بالذم على وسائل التواصل الاجتماعي بعد استقالة بايدن، سخر فيها من عمر الرئيس وقال إنه وهاريس يشكلان “تهديدا للديموقراطية”.
وردد المرشح إلى منصب نائب الرئيس جاي دي فانس الانتقادات نفسها في تجمع حاشد في أوهايو الاثنين، قائلا لمؤيديه إن هاريس تتمتع بالزخم لأن “نخبة الديموقراطيين دخلوا غرفة مليئة بالدخان وقرروا رمي جو بايدن في البحر”. وأضاف فانس “ليست هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور. هذا تهديد للديموقراطية”.
ولا تزال التحديات التي تواجه هاريس شاقة، مع أقل من أربعة أشهر حتى يوم الانتخابات. وعانت نائبة الرئيس منذ فترة طويلة معدلات تأييد ضعيفة، وهي متقاربة إلى حد كبير مع ترامب في استطلاعات الرأي التي وضعتهما في مواجهة مباشرة.
المصدر: أ ف ب