قوات الفجر، هي جناح عسكري سري تابع للجماعة الإسلامية في لبنان، تأسست في العام 1982 عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
ساهمت في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في صيدا واقليم الخروب المتاخم وبعض المناطق الحدودية الجنوبية، ولها تاريخ من العمليات ضد الجيش الإسرائيلي، امتد من الطلقات الأولى عام 1982 بعد سقوط صيدا بيد الاحتلال وحتى منتصف نيسان عام 1985.
إذ تخلصت عاصمة الجنوب من الاحتلال وعملائه ولها مشاركات مع المقاومة الاسلامية عام 2000 في تحرير منطقتي العرقوب والجيب الساحلي الجنوبي المتاخم للحدود من الناقورة إلى مروحين.
كما قاتلت في نفس الجيب الساحلي إلى جانب المقاومة الاسلامية في حرب تموز 2006، ثم عادت لتشارك في جبهة المساندة اللبنانية بعد 10 أيام من عملية طوفان الاقصى 2023 في نفس المحاور التي شاركت في تحريرها عام 2000.
التأسيس والنشأة
تأسست قوات الفجر في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حزيران/يونيو 1982، كرد فعل شبابي صيداوي على احتلال العدو لعاصمة الجنوب بهدف الدفاع عن المناطق الإسلامية في الجنوب اللبناني، خاصة مدينة صيدا، والمشاركة في تحرير البلاد.
في تاريخ 11-6-1982 وبعد سقوط مدينة صيدا وبقاء بعض الجيوب في مخيم عين الحلوة والأطراف الشرقية للمدينة، التي بقيت تتصدى للعدو وجعلته يتأخر في سيطرته الكاملة على المدينة حتى 18-6-1982، قررت بعض المجموعات الإسلامية تأسيس إطار مقاوم للدفاع ولمقاومة العدو في صيدا والجوار بمبادرة من المسؤول العسكري للجماعة الإسلامية في ذلك الوقت الشهيد القائد جمال حبال، ومن الحاج عبد الله الترياقي الذي قاد قوات الفجر بعد استشهاد الشهيد جمال لمدة 19 عاماً.
وبدفع من علماء صيدا ومباركة وتبني من الأمين العام السابق للجماعة الاسلامية الراحل الدكتور فتحي يكن؛ تم الاتفاق في البداية على العمل بدون إعلان وباستقلالية تامّة عن الجماعة الإسلامية حتى لا يتم ملاحقة جسم وكادر الجماعة، التي تحولت إلى ما يشبه الظهير والداعم السري للإطار الجديد الذي بدأ عملياته في 22 حزيران 1982، ونفّذ أول عملياته الكبيرة ضد مقر الحاكم العسكري الصهيوني لصيدا في 27-7-1982 بمشاركة كل المجموعات التي انضمت إلى “قوات الفجر” ومنها “اللجان الاسلامية”، التي عملت بعد أسابيع تحت راية حزب الله المقاومة الإسلامية.
كما استمر العديد من كوادرها بالعمل في مجال الدعم والتسليح ضمن تشكيلات “قوات الفجر” بعد وصول حرس الثورة الإسلامية إلى لبنان في الأسابيع الأولى من تموز عام 1982.
وللتنويه، فإن العملية الكبيرة الأولى لقوات الفجر كانت واحدة من 10 عمليات نفّذت على الطريق الساحلي بين أواخر تموز وأواخر أيلول 1982 لغرض خداع وتشتيت العدو عن عملية كانت تحضر لاستهداف مقر الحاكم العسكري الصهيوني في صور والتي نفذت في 11-11-1982.
المؤسس الشيخ الدكتور فتحي يكن (1933-2009)
كان الشيخ فتحي يكن منصب الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان خلال فترة تأسيس “قوات الفجر”. وكان له دور رئيسي في تأسيس “قوات الفجر”، وفي توفير الدعم المالي والعسكري.
وعندما تعرضت “قوات الفجر” لنكسة عام 1984 بعد اكتشاف جزء من هيكلها من قبل استخبارات العدو، انتقل الشيخ يكن ليقيم لفترة طويلة في بيروت لنقل غرفة العمليات والفرع الاداري لقوات الفجر إلى بيروت والضاحية واستفادت قوات الفجر من هذا النزوح المؤقت الذي لم يتعد الـ 5 أشهر لتأهيل كادرها على أنشطة المقاومة (تقنيات تصنيع وتفجير – الاستطلاع والرصد – مهارات التسديد والقنص – التحقيق مع العملاء – عمليات الاتصال والتشفير اليدوي – نقل الاسلحة – حرب عصابات المدن …) وقدّر لهذه التأهيلات أن تنقل العمل المقاوم الذي كانت تقوده “قوات الفجر” في صيدا وأقليم الخروب وفي مناطق البقاع الغربي إلى مستوى أعلى.
وخلال تلك المرحلة وقبيل سنة من إشهار حزب الله وضعت البنية الأولى لخطة تحرير صيدا وشهدت تصاعدًا هائلًا في حجم العمليات المشتركة بين “قوات الفجر” والمقاومة الاسلامية.
تعززت العمليات لاحقاً بين عامي 1985 و1990 بفتح معسكرات تدريب مستقلة ومشتركة لأفراد المقاومة الإسلامية وقوات الفجر في منطقة شرق صيدا ضمن معسكرات وثكنات كانت تشرف عليها “قوات الفجر”.
عام 1992، أسس الدكتور فتحي يكن “جبهة العمل الإسلامي” التي غطت وتبنت “قوات الفجر” كجناح عسكري لها. بعدما حاولت الدولة اللبنانية التعامل معها كميليشيا.
وقام الدكتور فتحي من خلال علاقاته العامة في لبنان وسوريا بتأمين الغطاء اللازم لقوات الفجر كحركة مقاومة، وساهم في ذلك حزب الله بعدما بدأت أجهزة الدولة تعتقل المقاومين من قوات الفجر في بيروت وصيدا وطرابلس على أنهم مخالفين لقرار نزع سلاح الميليشيات. وكان من أهم أسباب تأسيس الدكتور فتحي لجبهة العمل الاسلامي هو حفظ إرث قوات الفجر والمحافظة على مجاهديها.
وشاركت قوات الفجر في التصدي للعدو إلى جنب المقاومة لعدواني تموز 1993 ونيسان 1996. كما ساهمت في عملية التحرير عام 2000، بأن أخذت جميع القرى التي يقنطها المسلمون من الطائفة السنية في الشريط المحتل على عاتقها ونجحت بذلك في وأد الفتنة التي كانت تعمل لها بقايا الاحتلال. وقدر للراحل الدكتور فتحي أن يشهد انتصار المقاومة في لبنان على العدو في حرب تموز 2006، ومساهمة قوات الفجر الفعالة فيه.
القيادة الميدانية المؤسسة للعمل المقاوم
جمال الحبال (1958-1983): المؤسس والشهيد. يُعتبر جمال الحبال العقل المدبر والقوة الدافعة وراء تأسيس “قوات الفجر”. تميّز بشخصية قيادية فذّة وكاريزما جذبت الشباب المُلتزمين إلى العمل المقاوم.
كان مُتحمّساً لفكرة الجهاد والتضحية في سبيل الله والوطن، ولم يتوانى عن مُواجهة الاحتلال الإسرائيلي. وقاد العديد من العمليات الناجحة ضد الجيش الإسرائيلي في صيدا ومحيطها، واعتمد على أسلوب حرب العصابات والهجمات المُفاجئة.
وفي 27 كانون الأول/ديسمبر 1983، اشتبك مع وحدة من لواء غولاني الإسرائيلي في صيدا، ما أدى إلى استشهاده مع اثنين من رفاقه، بعد معركة عنيفة أسفرت عن مقتل ضابط إسرائيلي برتبة رائد ورقيب وإصابة 7 جنود.
يُعتبر الحبال شخصية قيادية مُؤثرة في تاريخ المقاومة الإسلامية في لبنان، خاصة في مدينة صيدا.
عبد الله الترياقي: القائد الجديد والتحوّل
كان الترياقي من أبرز الشخصيات في “قوات الفجر” خلال فترة قيادة جمال الحبال. ترك استشهاد الحبال فراغاً كبيراً في قيادة “قوات الفجر” لم يسده إلا خلفه الحاج عبد الله الترياقي الذي قاد “قوات الفجر” 19 عاماً حتى العام 2001 أدار فيها معركة تحرير صيدا في آذار العام 1985.
يُعتبر الترياقي رمزاً للتغيير للتحوّل الذي طرأ على مدرسة ” قوات الفجر” الجهادية وتطوير عملها وتكتيكاتها ولاحقاً انجازاتها. وفي ظل قيادته عام 1990 أصبحت قوات الفجر مستقلة بالكامل بسبب قيام الدولة اللبنانية بجمع سلاح الميليشيات والابقاء على سلاح المقاومة ومنها قوات الفجر التي تم اخفاء ارتباطها بالجماعة بالتوافق لأسباب لم يعلنها الطرفان.
أبرز المحطات التاريخية
– العمليات ضد الاحتلال (1982-1985): نفذت قوات الفجر العديد من العمليات ضد الجيش الإسرائيلي وميليشيات سعد حداد في صيدا ومحيطها، اعتمدت بشكلٍ رئيسي على تكتيك حرب العصابات والهجمات المُفاجئة.
– مواجهة لواء غولاني (1983): اشتبكت قوات الفجر بقيادة جمال الحبال مع وحدة من لواء غولاني في صيدا، أسفرت عن مقتل ضابط إسرائيلي برتبة رائد وإصابة 7 جنود، واستشهاد الحبال وإثنين من رفاقه.
– تحرير صيدا (1985): ساهمت قوات الفجر بقيادة الحاج عبد الله الترياقي خليفة الشهيد حبال في تحرير صيدا من الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب القوى الوطنية اللبنانية.
– العملية البحرية قرب رأس الناقورة (1990): نفذت قوات الفجر مجموعة الشهيد جمال حبال ليلة السبت 23-6-1990 عملية استشهادية بحرية، ضد زورقي دورية صهيونيين من نوع ديفورا بين البياضة والناقورة أثناء إبحار الاستشهاديين لتنفيذ عملية استشهادية في نهاريا بفلسطين المحتلة أسفرت عن استشهاد إثنين من عناصرها هما الاستشهادي عبد الرحمن جميل مسلماني (لبناني من صيدا) والاستشهادي فهد أحمد معروف (فلسطيني من مخيم الرشيدية) وباتوا حتى اليوم مفقودي الاثر.
– حرب تموز 2006: شاركت قوات الفجر في التصدي للعدوان الإسرائيلي على لبنان. في قرى الزلوطية أم التوت مروحين الضهيرة يارين على الساحل وفي كفر حمام الهبارية شبعا في قطاع العرقوب.
– عملية طوفان الأقصى: في 17-10-2023 أعلنت “قوات الفجر” عن انخراطها في عمليات اسناد غزة بعد إطلاق مجاهديها لصلية صواريخ على مواقع إسرائيلية في الأراضي المُحتلة، ردًّا على العدوان على غزة واستهداف القرى اللبنانية الحدودية.
وتنفذ مجموعات من قوات الفجر وكتائب القسام فرع لبنان فضلاً عن الرمايات الصاروخية المتكررة. عمليات مشتركة في القطاعين الشرقي والغربي منها عمليات تسلل وضرب دوريات ومواقع اسرائيلية ومنها عمليات استطلاع ورصد يتخللها دخول وخروج إلى فلسطين المحتلة وتقوم طائرات العدو التجسسية المسلحة باستهداف كادر قوات الفجر منذ شهر 11-2023، حيث قدمت الفجر حتى اليوم عددًا مهمًا من الشهداء منهم:
– 7 في العمل الصحي في شبعا.
– 7 شهداء باغتيالات مستهدفة في المنطقة الشرقية على الطريق الممتدة من الصويري وحتى مزارع شبعا.
– 5 على الطريق الساحلي من شمال صيدا وحتى جنوب صور.
المواقف السياسية
العلاقة مع حزب الله: يُشير نشاط “قوات الفجر” في جنوب لبنان إلى وجود تنسيق ميداني وتعاون مع “حزب الله” على خطوط التماس مع جيش الاحتلال. وصرّحت قيادة “قوات الفجر” بوجود تواصل وتنسيق مع حزب الله على مستوى المعلومات وتحديد الأهداف.
وحدة الساحات: يُعتبر نشاط “قوات الفجر” إلى جانب “حزب الله” جزءًا من مشروع “وحدة الساحات” الذي تتبناه “حماس” و “حزب الله” لمواجهة “إسرائيل”.
العداء لإسرائيل: تُصنّف “قوات الفجر” ضمن قوى المقاومة اللبنانية المعادية لإسرائيل، وتُشدد على حق الشعب اللبناني في مقاومة الاحتلال وتحرير الأراضي المحتلة.
الدعم لحماس: أعلنت “قوات الفجر” عن دعمها الكامل لحركة “حماس” في “عملية طوفان الأقصى”، وشاركت في إطلاق الصواريخ على مواقع إسرائيلية من جنوب لبنان.
المصدر: مركز يوفيد