اكتسبت مفاوضات اتفاق وقف اطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى زخما جديدا في الأيام الأخيرة، في ظل تقارير اسرائيلية عن تباينات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفريق التفاوض والأجهزة الأمنية الصهيونية.
تردد في الساعات الأخيرة على الإعلام العبري أن مداولات “دراماتيكية وعاصفة” حدثت في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية حول المفاوضات، وتحديدا فيما يتعلق بكيفية حل الخلاف حول محور فيلادلفيا ومعبر رفح والسماح بعودة سكان غزة بحرية إلى شمالي القطاع، عبر “محور نتساريم”.
وذكرت هيئة البث العام الإسرائيلية “كان 11” مساء الإثنين أن نتنياهو يصر على عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا (عند الحدود مع مصر) والإبقاء على قوات الجيش الإسرائيلي منتشرة في المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، ومنع سكان غزة من العودة إلى الشمال.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤول مطلع على التفاصيل قوله إن “المداولات لدى نتنياهو كانت معمقة وجدية وتطرقت إلى التفاصيل الأمنية”، وأن جميع الأجهزة الأمنية تعتبر أن المقترح المطروح يشكل “فرصة لن تتكرر”.
بحسب “كان”، حذر فريق التفاوض لنتنياهو أن مسألتي التمسك بعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا وفرض قيود على عودة السكان إلى شمال القطاع، قد تعرضا المفاوضات إلى الفشل، خصوصاً وأن حركة حماس تعتبرهما نقطتان مركزيتان بالنسبة لها.
وترى المقاومة الفلسطينية بحسب المعطيات الميدانية، أن وجود قوات الاحتلال في محور نتساريم، يجعل منها أهدافاً سهلة في المراحل المقبلة من الحرب، وهي بالتالي قد أعدت عدتها لتلك المرحلة، لناحية التجهيز والتدريب وحتى الخطط العسكرية.
كتائب القسام تنشر مشاهد من قصف مجاهديها لقوات الاحتلال المتموضعة في محور “نتساريم” بقذائف الهاون وصواريخ “رجوم”.#طوفان_الأقصى pic.twitter.com/em9FcLOEXw
— رضوان الأخرس (@rdooan) July 12, 2024
ضمانات الوسطاء
في هذا السياق، كشف مصدر مطلع على المفاوضات لموقع المنار أن الانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا هو أحد الضمانات التي قدمها الوسطاء لحماس لقبول الاتفاق. وذكر المصدر ثلاث ضمانات أخرى قدمها الوسطاء لحماس. أولها استمرار المفاوضات في المرحلة الأولى للصفقة لحين الاتفاق على المرحلة الثانية.
كما تضمنت النقاط الأخرى تحسين شروط تبادل الأسرى، وتحسين شروط الإغاثة خصوصا فيما يتعلق بكمية المساعدات وطرق توزيعها ودخولها إلى شمال القطاع.
بالعودة إلى النقطة الخلافية الأخرى بين نتنياهو وفريق التفاوض الإسرائيلي، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية اليوم الثلاثاء أن مصر وكيان الاحتلال ناقشا بشكل خاص انسحابًا محتملًا للقوات الإسرائيلية من حدود غزة مع مصر كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار. الصحيفة الأميركية نقلت هذه النقاشات مسؤولين إسرائيليين ودبلوماسي غربي كبير. وعلقت نيويورك تايمز بالقول أن استعداد كيان الاحتلال للقيام بذلك “يمكن أن يزيل إحدى العقبات الرئيسية أمام الهدنة مع حماس.”
اليوم التالي للحرب
وتؤكد المقاومة الفلسطينية وفريقها التفاوضي الذي تترأسه حماس، على جملة من القضايا الأساسية، ومن بينها رؤيتها حول “اليوم التالي” للحرب، وهي أيضاً نقطة خلافية أخرى داخل كيان الاحتلال، وبين تل أبيب وواشنطن.
وفي وقت لم يحسم قادة الاحتلال هذه المسألة، فقد وضعت المقاومة ثلاثة سيناريوهات لتلك المرحلة، لخصتها مصادر موقع المنار بالتالي:
السيناريو الأول، بحسب المصادر، يتضمن انفتاح حماس على تشكيل حكومة وفاق وطني وليس وحدة وطنية يصار بعدها إلى إجراء انتخابات في كل من الضفة الغربية وغزة. في حين أن السيناريو الثاني الذي وضعته المقاومة الفلسطينية ينص على إنشاء إدارة مؤقتة تمثلها الفصائل الفلسطينية الموجودة في غزة.
ورسمت المقاومة الفلسطينية سيناريو ثالثا لليوم التالي للعدوان وهو، بحسب المصادر، تشكيل إدارة موسعة من اللجان والبلديات الحالية في القطاع.
مارد محور المقاومة
ويضاف إلى ترتيبات اليوم التالي للحرب في غزة، حسابات تأخذها الإدارة الأمريكية بجدية، وهي أن محور المقاومة بات أمراً واقعاً فرضته المعركة الحالية على مستوى المنطقة، وفي وضع خططها لهذا التهديد المتعاظم.
وتقول المصادر إن أحد أهم الخلافات بين الإدارة الامريكية ونتنياهو، هي أن هذا العدوان أيقظ مارداً عسكريا وبشرياً في المنطقة، يمتد على بقعة جغرافية من البحر الأحمر إلى حدود ايران، مرورا بالبحر المتوسط ومنطقة الخليج، تلك المنطقة الحيوية بالنسبة إلى صناع القرار الأمريكيين.
وبالتالي تخشى الإدارة الأمريكية من تأثيرات نتائج تلك المعركة على قاعدتها العسكرية في المنطقة (الكيان الإسرائيلي)، ولا تريد لنهاية هذه الحرب، أن تكون انتصاراً لمحور المقاومة الممتد من طهران إلى اليمن، مع ما يعنيه هذا، من تضعضع البنية الأمنية التي تأسس عليها هذا الكيان، ويؤثر على الخطط المرسومة بالسيطرة على كامل فلسطين التاريخية، والتطبيع على الدول العربية وتصفية القضية الفلسطينية.
المصدر: المنار