شكل استهدافُ كتيبةِ المدرعات في قاعدة راوية، رسالة نارية متدقمة من المقاومةِ الاسلامية في التوقيت والمكان.
وفي استهداف نوعي متزامن مع تصاعد التهديدات الصهيونية ضد لبنان، اتت عملية انقضاض المقاومة الاسلامية بالمسيرات على مقر كتائب المدرعات التابع لجيش العدو في راوية البعيدة عن الحدود اللبنانية خمس عشر كيلومترا، محققة اصابات مباشرة اعترف منها العدو بنحو عشرين اصابة بين جنوده وضباطه.
هي رسالةٌ نارية يفهمها العدو جيدًا، بعد سلسلة رسائل خارقة للتوقعات الصهيونية والتي كرستها المقاومة على مدى الاسابيع الماضية.
ومن اول فصول الهدهد، الى آخر فصل سيكتب في هذه المعركة، تتقدم المقاومة الاسلامية بخطواتها المدروسة بشكل واضح في وجه التصعيد الصهيوني وتهديداته الخلبية.
ويتفاقمُ الاقرارُ الصهيونيُ بالعجزِ امامَ سلاحِ المسيرات التابعِ لحزب الله القادرِ على المناورةِ في الداخلِ المحتلِّ بنجاحٍ قبلَ الانقضاضِ على اهدافِه.
حيث يواصل حزب الله تعزيز صور ردعه الاستراتيجي لكيان العدو عند الجبهة الشماليّة، ويلحق بصفوف جيش العدو خسائر لا يمكن التكتم عليها بالكامل كحال الهجوم المسير على قاعدة راوية في الجولان السوري المحتل.
وقال هدار غيتسيس، مراسل القناة 12 من الشمال “خمس طائرات مسيرة اطلقها حزب الله نحو الشمال وقد حاولت المنظومات الاعتراضية الاسرائيلية اسقاطها من دون ان تنجح في ذلك، ونجحه احداها بمهاجمة هدف شمال الجولان ما ادى الى سقوط اصابات ، كما اُطلقت ثلاثة صواريخ ثقيلة نحو اهداف في الجليل وقد احدثت اضرارا”.
ارتقاء عمليات حزب الل كمًّا ونوعًا، واعتماد الطائرات المسيرات في العمليات النوعية يثبت للعدو وتحديدا قيادة المنطقة الشمالية مستوى متقدما من السيطرة والتفوق المتصاعد.
وقال يارون ابراهام، مراسل سياسي للقناة 12 الصهيونية، “مسؤول في القيادة الشمالية شرح الوضع التكتيكي والاستراتيجي مقابل لبنان وقال إن انجازاتنا ليست استراتيجية بل تدفع الطرف الاخر إلى تغيير طبيعة عمله، وتوجد عند الجبهة أعداد مقلصة من عناصر حزب الله وهذا العدد المقلص قادر على تشغيل المنظومة الصاروخية للحزب بكاملها وهذا الكلام يدل ان المشكلة الاستراتيجية عند الحدود موجودة وستبقى مقابل حزب الله”.
وقال غاي فارون، مراسل للقناة 12 الصهيونية في الشمال “لا يوجد حتى الان لدى المؤسسة الامنية الاسرائيلية الرد الوافي والناجح ضد المسيرات التي يطلقها حزب الله وهذا ما حصل عندما اطلقت اليوم طائرات مسيرة عدة من لبنان نحو شمال الجولان. حزب الله ينجح على المستوى الاستراتيجي في ضرب اسرائيل والاحتفاظ بالقدرة على شن الكثير من الهجمات ساعة يشاء”.
وتتوالى تهديدات المسؤولين الصهاينة، تزامنًا مع تصاعد عمليات حزب الله وتطورها، ما يشكل تغيّرًا جوهريًّا في بعديه العملياتي والسياسي، ويكشف عن حجم تصميم المقاومة الذي حفر عميقًا، وأدخل اليأس إلى قلوب مختلف مستويات القرار في كيان الاحتلال ومستوطنيه.
وبالتزامن مع هذه الأحداث، عقد اجتماع عاصف بين نتنياهو ووزرائه، حيث علا الصراخ والتوبيخ بسببِ الجبهةِ الشمالية، والأغلبيةُ تؤيدُ التسويةَ لا الحرب.
وأشعلت الجبهة الشمالية والوضع في غزة إجتماع رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو مع وزراء ائتلافه. موقع قناة كان الصهيونية نشر محضر الإجتماع العاصف.
بدايته كانت حين عرض وزير الحرب يوآف غالانت موقفه خلال لقائه المسؤولين الاميركيين أثناء زيارته واشنطن مؤخّرا، حيث قال “أبلغت الأميركيين أنّ إسرائيل ليست معنية بحرب على الجبهة الشمالية ، والتسوية التي من شأنها إبعاد حزب الله عن الحدود مقبولة”.
اعترض عليه وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، وقال “كيف من دون حرب؟ كيف سننهي الحدث بتسوية؟ ألم نتعلم درسا من 20 عاما من التسويات ؟”
هنا، تدخّل وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر وأيّد فكرة التسوية، وقال “يجب التوصل إلى تسوية ، حتى لو كان هناك انتصار إسرائيلي في الحرب”.
وأصرّ بن غفير على رأيه وقال، “نحن ننتصر، فلن يكون هناك من نبرم تسوية معه”.
تدخّل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وموقفه كان لافتا إذ أيّد مبدأ الاتفاق، وأكّد “الاساس هو عودة السكان الى الشمال”، فرد بن غفير: “الصفقة مع حزب الله ستكرر 7 أوكتوبر . نحن لا نعقد صفقة مع نازيين”.
النقاش الحامي زاد حدّة حين هاجم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش رئيس أركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هليفي قائلا: لا تريدني أن أقول من نام هنا في السادس من أوكتوبر؟!
عبارة أثارت غضب هاليفي، فوقف يصرخ، ووبخ وزير المالية وطالبه بالتراجع عن كلامه. كما أن غالانت رد عليه أيضا: لن أسمح للوزراء بمهاجمة الجيش الإسرائيلي . لم يحصل شيء كهذا في تاريخ الدولة. وكرر كلامه هذا مخاطبا نتنياهو . فما كان من الاخير الا أن تحدّث ضد سموتريش فاعتذر ولكن بعد حوالي ساعة.
وفي محصلة هذا الاجتماع العاصف، خلص موقع قناة كان ان الجميع الآن في الكابينيت يعتقدون، باستثناء بن غفير، وسموتريتش، أنه يمكن في النهاية تجنب الحرب والتوصل إلى ترتيبات على الحدود الشمالية.
المصدر: المنار