مهن جديدة يعرضها الذكاء الاصطناعي على البشر – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

مهن جديدة يعرضها الذكاء الاصطناعي على البشر

الثابت أن للبشر دوراً أساساً وحاسماً في وجود وتطور الذكاء الاصطناعي التوليدي ونماذجه، وفي حين لا يمكن حصر إسهامات العنصر البشري في هذه العلاقة فإنها تتجلى بوضوح في مراحل مهمة يمكن وصفها بحلقة تغذية مستمرة، تبدأ بإدخال البيانات والتدريب وتتبعها سلسلة لا نهائية من الاختبار والتقييم والتصحيح والمراقبة الدائمة.

ومن هنا سيتمخض عن ولادة الذكاء الاصطناعي، وطوال مسيرة حياته، تأثيرات كبيرة في شكل العمل وطريقة القيام به، كما سينتج منه مروحة واسعة من مهن ومسميات وظيفية جديدة ربما لم نسمع بجلها من قبل، وبعيداً من المخاوف والتركيز القلق على استبدال العاملين البشر بالذكاء الاصطناعي، أوردت مجلة “فوربس” الأميركية قائمة بالوظائف الناشئة التي يتطلبها الذكاء الاصطناعي لإدارة وتطوير نماذجه وتطبيقاته:

مهندس الأوامر

نظراً لمحاكاته ميزة البشر الأساس في القدرة على التعلم والتكيف، فإن أول الأدوار التي سيتطلبها الذكاء الاصطناعي التوليدي هي اختصاص مهندس الأوامر (AI Prompt Engineer) الذي يتمثل عمله في توجيه النموذج من خلال تحديد وتخصيص المدخلات وتحسينها لتوليد مخرجات محددة والوصول إلى النتيجة المرجوة، وهذا بدوره يمنحه الفضل الأكبر في تحسين المخرجات والوصول للمطلوب منها، فهو يقوم بشكل متواصل بمراقبة أداء النماذج وتحليل مخرجاتها بغرض التعديل على الأوامر وتحسينها وصياغتها بطريقة واضحة وصحيحة لا تقبل الالتباس، آخذاً في الاعتبار جملة من النواتج غير المرغوبة للذكاء الاصطناعي، مثل التحيز وانتهاك الخصوصية.

ونظراً إلى خصوصيتها تحتاج هذه المهمة إلى كوكبة من المعارف التي لا تقتصر على الاختصاص العلمي وامتلاك البراعة اللغوية وحسن اختيار الكلمات المفتاحية والتركيبات اللغوية الواضحة، بل تتعداها لتشمل مهارات التواصل والابتكار والتفكير النقدي والتوصل إلى حلول فعالة للمشكلات الطارئة، فالتوجيه باستخدام الأوامر هو لغة التواصل بيننا وبين تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن خلال التوجيهات النصية البشرية تحدث الاستجابة.

التصميم التوليدي

والتصميم التوليدي هو عملية تصميم ومحاكاة وتوليد الأشكال الصناعية والهندسية باستخدام النمذجة الرقمية والخوارزميات والحسابات الرياضية، ويجمع هذا المسار بين دقة التكنولوجيا والإمكانات اللامحدودة للإبداع البشري ليشكل الخط الواصل بين الذكاء الاصطناعي والتصميم، وتكمن أهميته في دور رائد في توسيع آفاق تصوراتنا وتشكيل مستقبل التصميم ككل.

ومن المرجح أن يصبح هذا الدور رائجاً ومطلوباً بشكل متزايد في عالم التصميم والابتكار مع تزايد الطلب على توظيف التقنيات المتقدمة بغرض ابتكار المنتجات، ليحتضن صناعات تبدأ بالهندسة المعمارية وتصل حتى تصميم وتطوير المنتجات، وليسهم في تطوير حلول أكثر ذكاء واستدامة وجاذبية من الناحية الجمالية، نظراً إلى قوة أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنشاء تشكيلات تصميمية لا محدودة.

يذكر أن قيمته في سوق التصميم العالمي قدرت بحسب أبحاث السوق بنحو 2.11 مليار دولار أميركي عام 2022، ومن المتوقع أن يظهر معدل نمو سنوي مركب بنسبة 20 في المئة بين عامي 2022 و2030.

مصمم الشخصيات

ومع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي فمن المنطقي أن تحتاج إلى بناء وتصميم شخصية فريدة تميزها في سوق المنافسة، وهنا يبرز تخصص رابع هو مصمم شخصيات الذكاء الاصطناعي (Generative Design Specialist) الذي تتمثل مهمته في إنشاء تفاعلات تجريبية بين البشر والآلات، والمساعدة في جعل المنتج التفاعلي القائم على الذكاء الاصطناعي جذاباً وسهل الاستخدام، وقد يتضمن هذا العمل في جزء منه بناء مراجع ثقافية ذات صلة أو صفات وتفاصيل شخصية، لذا غالباً ما تعتمد متطلبات هذا المجال على مهارات الكتابة أو الصحافة والاهتمام بالتقنيات الناشئة، ومن الأمثلة على ذلك شخصيات المساعدين الرقميين لـ”آبل” و”أمازون” و”غوغل” و”مايكروسوفت” وغيرها.

مسؤول الأخلاقيات

ويمكن للقارئ أين يدرك مدى أهمية الأدوار  السابقة إذا ما علمنا أن التحدي الأساس الذي يواجهنا للاستفادة من قوة الذكاء الاصطناعي، كآلة وأداة، ليس الحصول على الإجابات وحسب، بل الأمر برمته يتعلق بطرح الأسئلة الصحيحة، فالنتائج هي انعكاس دقيق جداً للمدخلات، إضافة إلى الأهمية المتزايدة التي سيحظى بها في بيئة شركات تتصارع على اعتبارات تتعلق بخصوصية البيانات وحقوق الطبع والنشر وقابلية تفسير الذكاء الاصطناعي وتحيزه.

برزت الحاجة إلى مسار وظيفي  وهو مسؤول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي (AI Ethics Officer)، كضمان تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي واستخدامها بشكل أخلاقي مسؤول من الناحية الاجتماعية وبعيد من التحيز، وتتمثل مسؤوليته الرئيسة في تحسين النهج الهندسي للذكاء الاصطناعي من خلال إضافة وجهات نظر أخلاقية واجتماعية وسياسية لتصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي وتطويرها ونشرها، إضافة إلى تقديم المشورة في شأن ممارسات الذكاء الاصطناعي الأخلاقية والحماية من العواقب غير المقصودة لسوء تصرفه، وضمان المساءلة عن القرارات والإجراءات المتعلقة به.

ويتطلب هذا الاختصاص مجموعة من الخبرات والمهارات أولها المعرفة التقنية بالقدرات التكنولوجية وقيودها ومفاهيمها، والمعرفة بالقوانين واللوائح التنظيمية الحالية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وعلاقتها بالتصورات العامة والأعراف الاجتماعية والأخلاق، والمعرفة الصناعية والفهم لواقع الأعمال وتأثير أخلاقيات الذكاء الاصطناعي عليها، إضافة إلى مهارات الاتصال المتضمنة الاستماع الفعال والتعاطف الشخصي والقدرة على التعبير بوضوح.

مهندس الأمان

أخيراً في ظل المشهد السيبراني الآخذ في التعقيد سيبرز التخصص السادس وهو أمن الذكاء الاصطناعي (AI Security Specialist) كمطلب لا غنى عنه في المؤسسات، بغرض الدفاع عن أنظمتها في وجه الهجمات والبرامج الضارة والاستخدام الخبيث للتكنولوجيا، وتسخير الذكاء الاصطناعي لكشف الثغرات الأمنية وسدها أو للتخفيف من التهديدات والاختراقات المحتملة واحتوائها وتقويض تأثيراتها في حال حدوثها، وهنا يجادل مؤسس شركة Precize Inc المتخصصة في الأمن السحابي والذكاء الاصطناعي فيشواس مانرال بأن “الذكاء الاصطناعي مثل أية أداة أخرى يمكن أن تسبب فوضى عارمة، وفي زيادة هجمات التصيد الاحتيالي وتطوير برامج وفيروسات ضارة جديدة إذا ما وقعت في أيدي جهات خبيثة، لذا سيكون مهندس أمان الذكاء الاصطناعي عضواً جديداً مهماً في كل مؤسسة لحمايتها ضد حالات الاستخدام الضار للذكاء الاصطناعي”.

والأكيد أن هناك وظائف واختصاصات أخرى تتعلق بنواحي أخرى مثل تطوير الحلول والصيانة ومراجعة المحتوى وتعليم وتدريب النماذج وغيرها، كما ستبرز مع الوقت الحاجة إلى وظائف وتخصصات أخرى جديدة لمواكبة تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي وتوجيهه وتحسينه.

المصدر: الاندبندنت