تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 15-12-2016 العديد من الملفات، وركزت في افتتاحياتها على مسالة تشكيل الحكومة في لبنان.
السفير
بري يحذّر.. والحريري «يتأرجح».. وإشكاليتان درزية وقوّاتية
«الحكومة الثلاثينيّة» تتعثّر بوزراء الدولة!
مرة أخرى، تتعثر ولادة الحكومة في اللحظات الأخيرة، وتتسلل شياطين التفاصيل الى الحقائب الجوّالة وعدد الوزراء المتأرجح بين 24 و30، حتى أصبح اللبنانيون ينامون مساءً على حكومة ويستيقظون صباحا على أخرى، وكأنهم أمام حقل تجارب. وفيما كان مقررا أن يحمل اللقاء بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري تباشير التأليف، خرج الرئيس المكلف من قصر بعبدا أمس ليبلغ الصحافيين أن التشكيلة الوزارية لا تزال تحتاج الى مزيد من المشاورات، بينما كان كل من الوزير جبران باسيل ونادر الحريري يتابعان من كواليس القصر الجمهوري الاتصالات والمشاورات.
ويبدو أن صيغة الـ30 وزيرا، التي ارتفعت أسهمها أمس الاول، واجهت صعوبات تتصل برفض بعض القوى التمثل بوزراء دولة، وفق القاعدة التي حملها معه الحريري الى عون، وقوامها 24 وزيرا مع حقائب +6 وزراء دولة، منطلقا في هذا الفرز من حجة أن إعادة فتح ملف توزيع الحقائب سيخلط الأمور مجددا.
ومن بين أبرز المعترضين الرئيس نبيه بري الذي يرفض أن يحصل على وزير دولة ثان، يضاف الى ذاك المدرج ضمن حصته في تشكيلة الـ24 التي اعترضتها إشكالية درزية مستجدة استدعت زيارة مروان حمادة ووائل ابو فاعور الى بيت الوسط بإسناد من تغريدة صباحية للنائب وليد جنبلاط، لم تخل من الرسائل المتعددة الاتجاهات. كما أن الفيتو القواتي على منح يعقوب الصراف حقيبة «الدفاع» ساهم في فرملة اندفاعة التشكيل، علما أن «القوات اللبنانية» تفترض أن تنازلها عن حقيبة سيادية تم على أساس أن يجري اختيار اسم وزير الدفاع بالتوافق معها.
والحريري من جهته ليس متحمسا كثيراً للصيغة الموسعة وإن يكن يتفادى المجاهرة برفضها، فيما تعارضها «القوات»، خلافا لرأي الرئيس نبيه بري و«حزب الله» اللذين يدفعان في اتجاه توسيع الحكومة لتضم المستبعدين من «جزيرة الـ24 « وهم بشكل أساسي طلال ارسلان وأسعد حردان و «حزب الكتائب».
ويكمن فتور الحريري حيال خيار «التشكيلة الفضفاضة» في خشيته من أن يصبح محاطا في مجلس الوزراء بطلائع ثلث ضامن غير معلن، تشمل ممثلي «أمل» و«حزب الله» و«القومي» و«المردة» و«الديموقراطي اللبناني»، فيما مشروع الـ24 يسمح له بالتخفف من «الحمولة الزائدة» لفريق 8 آذار. لكن مشكلة الحريري مع هذه التركيبة أنها لا تتسع لـ«الكتائب» الذي كان قد وعده بتمثيله.
أما عون و«التيار الحر»، وإن كانا أقل تحسسا حيال الحكومة الثلاثينية، إلا أنهما يفضلان تجنبها إذا استطاعا ذلك، تفاديا للمساس بتوازن الأعداد والحقائب الذي أرسته معادلة الـ24، الى جانب أن إضافة الوزراء الستة الجدد لن تقدم ولن تؤخر كثيرا في حصة كل منهما.
ولعل الجهة الأشد اعتراضا على خيار التوسعة هي «القوات» التي تشعر بأن الهدف من ذلك «إغراق» الحكومة بمسيحيين من خصومها (أسعد حردان.. الكتائب.. وربما سليم جريصاتي، الى جانب يوسف فنيانوس ويعقوب الصراف..) الامر الذي من شأنه أن يفضي الى تكوين تكتل وزاري مسيحي وازن معارض لها. كما أن الحريري يتحسس من توزير جريصاتي ربطا بدوره المضاد للاتجاه الذي تسلكه المحكمة الدولية.
وأبلغت مصادر مواكبة لمخاض التأليف «السفير» أن لكل من صيغتي الـ24 و30 وزيرا، سلبياتها وإيجابياتها، لافتة الانتباه الى أن تشكيلة الـ24 شبه جاهزة، لكن نقطة ضعفها تتمثل في عدم اتساعها لـ «الكتائب» و«القومي» وارسلان، وسط إصرار من «أمل» و«حزب الله» على تمثيل حليفيهما، كما أن «تيار المردة» يفضل وجود «الكتائب» في الحكومة برغم الخلاف السياسي بينهما، منعا لطغيان ثنائية «التيار الحر»- «القوات اللبنانية» على التمثيل المسيحي.
وأشارت المصادر الى أن التركيبة الموسعة تسمح بضم الجميع إلا أن من
انها أن تعيد خلط الاوراق والتوازنات التي سيحتاج ترتيبها من جديد الى وقت إضافي، فيما هناك حاجة ملحة الى الاسراع في التشكيل، على وقع المهل الزمنية الداهمة، خصوصا بالنسبة الى قانون الانتخاب. ولفتت المصادر الانتباه الى أن اقتراح زيادة العدد دفعت البعض تلقائيا الى فتح الباب أمام مطالب جديدة، لأن من كانت حصته في حكومة الـ24 حقيبتين ستصبح حصته في حكومة الـ30 ثلاثة وزراء، الأمر الذي يعني العودة الى نقطة الصفر في مسألة توزيع الحصص وتحديد الاحجام. وأوضحت المصادر أن بري أبلغ الحريري أنه مصرّ على أن تكون الحكومة ثلاثينية حتى تكتسب هوية الوحدة الوطنية، وأنه يرفض تغطية معادلة الـ24 الى حد الامتناع عن المشاركة فيها.
وكان الحريري قد ترأس أمس، في «بيت الوسط»، الاجتماع الأول للمكتب السياسي الجديد في «تيار المستقبل». وأكد المكتب السياسي مواكبة جهود الحريري لتذليل الصعوبات التي لا تزال تعترض ولادة حكومة الوفاق الوطني التي ينتظرها كل اللبنانيين، للعمل على أولوياتهم، وتزخيم انطلاقة العهد الجديد.
«التيار» – «المردة»
وفي انتظار طرد شياطين التفاصيل من جسم الحكومة، فُتحت أمس كوة في جدار الازمة بين «التيار الحر» و «المردة»، تمثلت في زيارة وفد برتقالي للنائب سليمان فرنجية في بنشعي، ضم النواب آلان عون وزياد اسود ووليد خوري، بحضور يوسف سعادة وطوني فرنجية، إنما من دون أن يعني هذا اللقاء أن ملف الخلاف طوي. وقالت مصادر المجتمعين لـ «السفير» إن كلاً من فرنجية ووفد «التيار» أفاض في شرح مآخذه على سلوك الطرف الآخر خلال المرحلة السابقة وما رافقها من تجاذب رئاسي حادّ، وجرى التشديد على ضرورة تهدئة النبرة السياسية والخطاب الاعلامي، تمهيدا للانتقال الى مرحلة متقدمة من المعالجة.
وأكد النائب عون لـ «السفير» وجوب الخروج من الماضي وسلبياته والتطلع الى المستقبل، مشيرا الى أنه جرى البحث في ما يمكن فعله لإصلاح العلاقة بين «التيار» و «المردة». وأمل أن تكون الزيارة لبنشعي قد فتحت طريقا أمام تسوية الخلاف وتداعياته.
النهار
“ثلاثينية” تعيد التأليف إلى مربع التشابك
لم تكن “القفزة” المباغتة من تركيبة الـ24 وزيراً التي انجزها تقريباً الرئيس المكلف سعد الحريري الى التركيبة الثلاثينية مجرد ترجمة لرغبات في توسيع التمثيل السياسي وضم جميع القوى الحزبية الى جنة الحكومة العتيدة التي لا يفترض ان تعمر الى ما بعد الربيع المقبل. وحتى لو أمكن تجاوز العقبات والارباكات الاضافية الطارئة التي أملاها انتقال المشاورات الجارية من التركيبة الاولى الى الثانية بسرعة، فان ذلك لن يحجب اتجاهاً سياسياً واضحاً الى احلال توازنات يراد لها ان تشكل “ثلثاً ضامناً” أو معطلاً ضمنياً مهما أسبغ من تبريرات على فلسفة توسيع التمثيل التي يتعامل معها الرئيس المكلف بمرونة واحتواء لئلا تتعرض عملية التأليف لما يتجاوز التأخير الذي يكاد يشارف الخطوط الحمر لسريان مهل قانون الانتخاب النافذ اذا تجاوز مطلع السنة الجديدة.
وأبلغت مصادر متابعة لتشكيل الحكومة “النهار” ان صيغة الـ30 وزيراً التي صارت هي الاساس في التعامل مع مستجدات التأليف، فرضت معطى جديدا ينطلق من المعادلة الاتية:”التوسيع يقضي بإعادة التوزيع”. وقالت هذه المصادر إن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليس راضياً عن الطريقة التي يتم فيها إخراج الامور وهو في إطار صلاحياته الدستورية يعبّر عن موقفه هذا. واوضحت ان ما تبقى من هذا الاسبوع مع الاسبوع المقبل سيكون مكرساً لمحاولة تركيب قواعد التأليف على أساس الصيغة الثلاثينية,وهي قد تكون الفرصة الاخيرة لإنجاز تشكيل الحكومة قبل الاعياد بدءاً من نهاية الاسبوع المقبل, وإلا فإن التشكيل سيذهب الى اوائل السنة الجديدة مما يدخل البلاد في منعطف غير واضح المعالم. ومع ان أوساطاً محسوبة على العهد تحدثت ليلاً عن امكان ولادة الحكومة بتركيبتها الثلاثينية اليوم بعد اخفاق المحاولة المتقدمة لولادتها أمس، برزت تحفظات سياسية واسعة لدى جهات معنية اخرى عن تحديد أي موعد جديد قبل جلاء الملابسات التي برزت أمس والتي واكبها طرح اسماء بعض المستوزرين التي تثير الجدل نظراً الى ارتباطهم بحقب سابقة.
واللافت في هذا السياق ان كل المعطيات من عين التينة الى الضاحية الى “بيت الوسط” كانت تشير الى ان ولادة الحكومة ستحصل امس وانه حتى في حال عدم توسيعها الى ثلاثين فان ذلك لن يشكل عقبة امام ولادتها.
وفي” بيت الوسط” وضع الرئيس الحريري اللمسات الأخيرة على تشكيلة من ٢٤ وزيراً وترك لرئيس الجمهورية ان يوسعها معه الى ثلاثين بعدما وزع الحصص مع الاسماء وعالج النقطة الاخيرة مع وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي ضم النائب مروان حمادة والوزير وائل بو فاعور بعدم ممانعتهما في المبادلة بين العدل والتربية. وكانت كل المعطيات في “بيت الوسط” تؤكد ان ولادة الحكومة ستحصل امس سواء ارتأى رئيس الجمهورية ان تكون من 24 وزيراً او من 30.
ولكن قبل وصول الحريري الى قصر بعبدا بعد الظهر، سبقته مؤشرات سلبية لعدم التوصل الى اتفاق على حكومة الثلاثين. وعلم ان الرئيس العماد عون رفض صيغة الثلاثين على رغم انفتاح الحريري عليها. واشارت معلومات الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أوفد معاونه علي حسن خليل الى الحريري طالباً توسيع الحكومة الى ٣٠ وحصول الطائفة الشيعية على خمس حقائب بدلاً من أربع هي، الى المال، الزراعة والاقتصاد لـ”أمل” والصناعة والشباب والرياضة لـ”حزب الله ” بالاضافة الى وزير دولة. وكانت المعطيات تشير الى ان الحريري لم يعارض فكرة الثلاثين على ان يكون توسيع الحكومة بزيادة وزراء دولة بما لا يثير مشكلة، لكن زيادة الحقائب هي المشكلة وتعيد عملية التأليف الى المربع الاول.
إلا أن الرئيس الحريري الذي لم يحمل بيده شيئاً الى قصر بعبداً، انصرف مكتفياً بالقول: “الحكومة تحتاج الى مزيد من التشاور”، فيما نقل سياسيون عن الرئيس بري قوله قبل وصول الحريري الى بعبدا: “اذا كان يحمل تشكيلة الـ ٢٤ فأنا لست معنياً بها”. أما “القوات اللبنانية”، فقد ابتعدت امس عن السمع ونأت بنفسها عن مخاض الساعات الاخيرة وهي التي توقعت مصادرها “ان توضع في اللحظة الاخيرة عقبة امام ولادة الحكومة من الفريق الآخر الذي لا يريد اعطاء حكومة، وكلما حلت عقدة أوجد اخرى”. ولم تقتصر الشكوك على “القوات” بل ان جهات سياسية اخرى لفتت الى ان توسيع التركيبة الحكومية واكبه طرح اسماء جديدة مثل يعقوب الصراف لوزارة الدفاع الذي تردد انه أثار اشكالات.
“المستقبل”
ورأس الحريري مساء الاجتماع الاول للمكتب السياسي لـ”تيار المستقبل ” بعد مؤتمره العام الثاني. وبعد مداخلات وللأعضاء استمرت ساعتين وشملت شؤونا تنظيمية وسياسية، خلص المكتب السياسي إلى “أن ما تشهده حلب على يد نظام الأسد والنظامين الإيراني والروسي هو نكبة توازي بفظاعتها هول النكبة التي شهدتها فلسطين المحتلة على يد العدو الإسرائيلي”. واستنكر بشدة “وقوف العالم بأسره في موقع المتفرج على المأساة السورية المستمرة منذ سنوات، وضمنها جريمة العصر بحق حلب وأهلها اليوم، بما يشكل وصمة عار تلطخ جبين الأمم المتحدة وكل الدول التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان”.
ثم تطرق المكتب السياسي إلى تطورات تشكيل الحكومة العتيدة، وأكد “مواكبة جهود الرئيس الحريري لتذليل الصعوبات التي ما زالت تعترض ولادة حكومة الوفاق الوطني التي ينتظرها كل اللبنانيين، للعمل على أولوياتهم، وتزخيم انطلاقة العهد الجديد”.
الاخبار
تطوّرات تدمر تثير قلقاً أمنياً لبنانياً
الخلاف على توسيع الحكومة وبعض الأسماء يؤخّر تشكيلها
انعكست سيطرة تنظيم «داعش» على مدينة تدمر السورية قلقاً أمنياً لبنانياً في ظلّ نيات التنظيم القديمة بالحصول على منفذ بحري من البادية إلى المتوسّط عبر الشّمال اللبناني. أمّا حكوميّاً، فقد خاب أمل المتفائلين بتشكيل الحكومة أمس في ظلّ استمرار النقاش حول رفع التشكيلة الحكومية إلى 30 وزيراً، والاعتراضات على بعض الأسماء المطروحة.
فيما تنشغِل غالبية القوى السياسية في البلاد بالموضوع الحكومي والبحث عن قانون جديد للانتخابات، يحضر لدى المراجع العسكرية الهمّ الأمني من جديد، بعد احتلال تنظيم «داعش» الإرهابي لمدينة تدمر.
إذ تتكرّر منذ عام 2014 محاولات التنظيم الإرهابي للاقتراب من مدينة حمص، ومن ثم الحدود اللبنانية ـــ السورية، وصولاً إلى وادي خالد وعكّار. وكان سبق لقائد الجيش جان قهوجي، أن أطلق تحذيرات، وكرّرها رئيس الحكومة البريطاني ديفيد كاميرون، من وصول «داعش» إلى شواطئ البحر المتوسط، عبر وصل عرسال بعكار ومدينة طرابلس للحصول على منفذ بحري من البادية. وقد عاد هذا الهمّ، في ظلّ قراءة لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية المعنية بأن مخطّط الوصول إلى شمال لبنان عاد ليراود قادة التنظيم كجزء من التعويض عن سقوط مدينة الموصل مستقبلاً. غير أن الخطر في عام 2014 كان داهماً، أما حالياً، فرغم خسارة مدينة تدمر، يبدو القادة العسكريون مطمئنين، نظراً إلى وجود قرار سوري باستعادة تدمر، مدعوماً بقرار روسي واضح للمساهمة بتحريرها، فضلاً عن وجود قوات حزب الله في القلمون وحمص، وقوات للحزب السوري القومي الاجتماعي في صدد وبلدة القريتين ومحيطهما. ومع ذلك، لا تلغي هذه المعطيات وجود حذر كبير عند قيادة الجيش.
حكومياً، وفيما تصاعدت المؤشرات في اليومين الماضيين إلى قرب ولادة الحكومة (كانت متوقعة بين أمس واليوم)، أوحى تصريح الرئيس المكلف سعد الحريري عقب زيارته الرئيس ميشال عون في بعبدا أمس، أن الأمور لم تنضج بعد، وأنها «لا تزال بحاجة إلى مزيد من المشاورات».
وبعد حل العقدة الأساسية المتعلقة بحقيبة تيار المردة، عاد الحديث أمس عن أن هناك من يريد تأخير ولادة الحكومة لتجنّب كأس قانون الانتخابات، وقطع الطريق أمام اعتماد النسبية الكاملة، والعودة إلى قانون الستين. آخر المعلومات عن أجواء الحكومة، أشارت إلى «وجود ضغط من قبل الرئيس نبيه برّي وحزب الله لتشكيل حكومة من 30 وزيراً». ونقلت مصادر مقربة من برّي حرص رئيس المجلس «ليس على تمثّل كل من طلال أرسلان والحزب القومي وسنّة الثامن من آذار فحسب، بل هو حريص أيضاً على مشاركة حزب الكتائب». ولفتت المصادر إلى أنه «خلال المفاوضات أظهر الرئيس عون انفتاحه على هذه الصيغة، خصوصاً أنه بعد تكليف الحريري اتُّفق على حكومة وحدة وطنية من 30 وزيراً».
غير أن الحريري شعر بأن هذه الصيغة ستُسهم في توسيع دور فريق 8 آذار في الحكومة، في مقابل خسارته وزيراً سنياً من حصّته، فعاد إلى خيار حكومة الـ 24 وزيراً. ونقلت أوساطه أنه «خلال زيارته الأخيرة لعين التينة، عبّر الحريري عن شعوره بأن الحكومة ستتأخر». وبعد زيارة الوزير علي حسن خليل لمنزل الحريري في وادي أبو جميل، أبدى الأخير انفتاحه على البحث في توسيع الحكومة. غير أنه تراجع مجدداً خلال زيارته لقصر بعبدا، وعاد للحديث عن تشكيلة من 24 وزيراً. وبعد نقاش مع الرئيس عون، أكد الأخير «تفضيله حكومة من 30 وزيراً لأنها تسمح بتمثيل جميع القوى». علماً أن الحكومة الثلاثينية تلقى رفضاً أيضاً من القوات اللبنانية التي تسعى إلى قطع الطريق على مشاركة الكتائب في الحكومة.
مصادر سياسية اعتبرت أن «هذه الصيغة على الرغم من إيجابيتها، فإنها تفتح الباب أمام عقد جديدة، خصوصاً أنها ستعيد البحث في توزيع الحقائب والأسماء من جديد، ما يعيدنا إلى المربع الأول»، مشيرة إلى أن «عون والحريري فوجئا ببعض الأسماء التي طرحها كل منهما». وكشفت المصادر عن «اعتراض قواتي ـــ مستقبلي على تولّي الوزير السابق يعقوب الصراف حقيبة الدفاع»، بحجّة أن «القوات تفضّل وزيراً تستطيع التفاهم معه» وأن «مشكلة الحريري مع الصّراف تعود إلى أيام والده الرئيس رفيق الحريري حين كان الصّراف محافظاً لبيروت»، فيما يرفض الوزير طلال أرسلان تسلم وزارة البيئة.
وبينما ذكرت قناة «أو. تي. في» ليلاً أن النائب وليد جنبلاط «وافق على أن تكون التربية من حصّته، وتراجع عن مطلبه بوزارة العدل»، علمت «الأخبار» أن جنبلاط مُصر على أن تكون وزارة العدل من حصّته، لأنه، بحسب مصادر الحزب الاشتراكي، «يعتبر أن هذه الوزارة تحمل صبغة سيادية، وتسمح للدروز بأن يكونوا ممثلين بحقيبة شبه سيادية». غير أن مصادر سياسية أشارت إلى أن «تمسّك جنبلاط بهذه الوزارة له اعتبارات أخرى تتعلق بقضية بهيج أبو حمزة». مصادر نيابية في التيار الوطني الحرّ قالت لـ «الأخبار» إن «رئيس الجمهورية يريد العدل، لكنّه لا يمانع التنازل عنها إذا بقيت العقدة الوحيدة لتسهيل عملية التأليف».
وفي سياق مسار البحث في التوصل إلى قانون انتخاب جديد الذي أطلقه التيار الوطني الحر، زار وفد ضم النواب آلان عون وزياد أسود ووليد خوري، الوزير سليمان فرنجية والنائب وليد جنبلاط والحزب القومي والطاشناق. مصادر التيار أكدت أن نتائج الجولة الأولى أظهرت وجود «معارضة كبيرة للنسبية الكاملة من قبل الحريري، ومعارضة بدرجة أقل من قبل جنبلاط». وفيما أكد عون بعد لقائه فرنجية أن «التيار والمردة متفاهمان على النسبية الكاملة، وأن اللقاء تخلله كلام عن الشوائب التي تطاول العلاقة حالياً بين الطرفين»، لفتت مصادر اللقاء إلى أن «الحديث مع رئيس تيار المردة كان منفتحاً وإيجابياً»، معتبرة أنه «لقاء أول تأسيسي من شأنه أن يفتح ثغرة مهمة لعودة العلاقات بين بنشعي والرئيس عون». أما في ما يتعلّق بالزيارة إلى جنبلاط، فلفتت مصادر اللقاء إلى أن «الأخير عرض هواجسه، وتحدث عن المقاعد المسيحية في الشوف وعاليه، وكذلك المقاعد الدرزية». وقالت المصادر إن الحديث تركّز على أن «خسارة جنبلاط لأي مقعد في أي منطقة لا يمكن تعويضه في منطقة أخرى». وفيما لم يبد جنبلاط اعتراضاً كاملاً على النسبية «طلب من الوفد أن يكون هناك حرص على أحجام القوى الأساسية وحفظ تمثيل القوى الصغيرة». ويبقى الأهم بحسب مصادر الطرفين أن «اللقاء يفتح باباً على إمكانية تحالف انتخابي جدّي بينهما في جبل لبنان، بما يثبّت مصالحة الجبل». وفي اللقاء مع الحزب القومي «لم يجرِ التطرق إلى موضوع الحكومة، وكان هناك تفاهم ممتاز على النسبية الكاملة».
البناء
الدولة السورية تقلب شروط التفاوض… وروسيا وإيران وحزب الله يدعمون
تفاهم معدّل يطبّق اليوم وينتهي الأحد لأحياء حلب الشرقية والفوعة وكفريا
عودة لحكومة الـ30: أرسلان ومراد وحردان… وعين القوات تضيق بالكتائب
نجحت الدولة السورية بفرض رؤيتها التفاوضية لحلّ يتيح خروج الآلاف من المسلحين الذين يقعون تحت الحصار في ما تبقى من الأحياء الشرقية من حلب، فبعد التشاور مع الحلفاء في روسيا وإيران وحزب الله رسم سقف تفاوضي جديد يتضمّن إضافة إجلاء مصير الأسرى والمفقودين والشهداء، وتأمين خروج آمن للمحاصَرين في بلدتي الفوعة وكفريا، وتمسّك المفاوض الروسي بحرارة الحليف بالمطالب الجديدة، معلناً أنّ الدولة السورية هي المعني الأول بالحلّ، ولا حلّ بدون رضاها، وأنّ مواصلة خيار الحسم العسكري سيلقى كلّ الدعم الروسي ما لم تقبل شروط الحلّ الجديدة، ولم تكد الهجمات العسكرية تتواصل ويقدّم الروس الدعم الناري لمواكبتها، حتى بدأ صراخ المفاوضين الأتراك ومن ورائهم استنجاد المسلحين طلباً للحلّ، فقبلت خلال أقلّ من أربع وعشرين ساعة الشروط السورية وولدت صيغة الحلّ وفقاً لها، على أن يبدأ التطبيق صباح اليوم وينتهي يوم الأحد على أبعد تقدير، خصوصاً بالنسبة لخروج المحاصَرين في الفوعة وكفريا، مع ضمان تشكيل لجنة مختصة تركية روسية لمتابعة مصير الأسرى وجثامين الشهداء ولوائح المفقودين.
لبنانياً، أكدت مصادر مطلعة على الشأن الحكومي ومساراته لـ «البناء» أنّ التعقيد الذي حال دون ضمان تمثيل واسع يلبّي مفهوم حكومة الوحدة الوطنية في صيغة الأربعة وعشرين وزيراً، خصوصاً مع التمسك بحصص الكتل الكبرى في الطوائف الرئيسية، فتح الباب للتساؤل لماذا لا نضيف المقاعد اللازمة من دون إخضاعها لحسابات التقاسم، ويرتاح تمثيل الكتل الرئيسية مسيحياً وإسلامياً، فيكون لإضافة مقعد سني، الوزير السابق عبد الرحيم مراد، وآخر شيعي لحصة رئيس الجمهورية، مقابل إضافة مقعد ماروني، النائب السابق غطاس خوري، لحصة رئيس الحكومة، ومقعد أرثوذكسي لتمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي بالوزير السابق النائب أسعد حردان، كما كان طلب الحزب أساساً، ومقعد كاثوليكي لتمثيل حزب الكتائب، ومقعد درزي لتمثيل الوزير السابق النائب طلال أرسلان، وأكدت المصادر أنّ هذه الصيغة قطعت أكثر من نصف الطريق، فحسمت كلّ المقاعد التمثيلية وفقاً لطلبات أصحابها، بما فيها طلبات رئيسَي الجمهورية والحكومة، وبقيت العقدة عند الرفض القواتي لتمثيل حزب الكتائب، وإذا حلت تبقى عقدة منح الوزير الكتائبي حقيبة من حصة القوات مشكلة أكبر مقابل إصرار الكتائب على حقيبة أسوة بتيار المردة، لكن المصادر واثقة بأنّ ما تمّ التفاهم عليه بين المعنيين، خصوصاً رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سيتيح مع التفهّم للضرورات من الأطراف، حسم الأمر قريباً وربما قبل نهاية عطلة الأسبوع.
لا دخان أبيض في بعبدا
لم يخرج «الدخان الحكومي الأبيض» من بعبدا التي زارها أمس، الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الذي قدّم صيغتين للتركيبة الوزارية لم تلقَ أي منها موافقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي طلب المزيد من التشاور. بينما أوحت أجواء المطلعين على المشاورات الحكومية أن لا حكومة قبل أسبوع، بعد عودة صيغة الثلاثين وزيراً الى الواجهة لتمثيل أشمل للقوى السياسية كترجمة لحكومة الوحدة الوطنية التي اتفق الرؤساء الثلاثة على اعتمادها. إلا أن زيادة عدد الوزراء ستواجهه إشكالية أخرى هي إعادة ترتيب التوازنات السياسية وتوزيع جديد للحقائب قد يحتاج مهلة إضافية ربما تجتاز بداية عطلة الأعياد. فهل تولد الحكومة في العام المقبل؟ وإذ خرج الحريري من قصر بعبدا خالي الوفاض، أكد بعد لقائه الرئيس عون أن «الحكومة بحاجة الى مزيد من المشاورات». ورداً على سؤال عما إذا كان يحمل معه ملفاً أو اثنين إلى قصر بعبدا قال: «ولا أيّ ملف».
ونفى مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا اجتماعه بالرئيس المكلف وأكد ان المفاوض الوحيد في الشأن الحكومي هو رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وأكد المكتب الإعلامي للحريري بدوره أن «أي لقاء من هذا النوع لم يُعقد لا في بيت الوسط ولا خارجه، وأن الخبر المزعوم هو بالتالي مختلق ولا أساس له من الصحة». واستبعدت أوساط قيادية مستقبلية لـ»البناء» أن تحمل الأعياد مفاجأة للبنانيين بولادة الحكومة في ظل التصاريح النارية لرئيس المردة النائب سليمان فرنجية باتجاه بعبدا. الأمر الذي زاد من تصلب رئيس الجمهورية وإن حلّت عقدة حقيبة فرنجية، لكن تصريح فرنجية قد أوحى بأنه تمكن من الحصول على حقيبة الأشغال رغماً عن الرئيس عون الأمر الذي سيترك انعكاسات سلبية على تشكيل الحكومة أو لاحقاً في مجلس الوزراء بين عون والوزير الذي سيمثل المردة»، موضحة أن «الكرة باتت في ملعب رئيس الجمهورية»، مشيرة الى أن «الحريري مصرّ على صيغة الـ24 وزيراً».
وعلمت «البناء» أن «الحريري قدّم إلى رئيس الجمهورية تشكيلتين شبه نهائيتين للحكومية تتضمّن لائحة بالحقائب والأسماء، الأولى من 24 وزيراً والثانية 30 وزيراً وأطلعه على مطالب كافة الأطراف، لكن عون طلب من الحريري الوقت لدراستها والمزيد من التشاور ولم يعط موافقة على أي منها». ولم يتلقّ حزب الكتائب حتى الآن، بحسب ما علمت «البناء» من الرئيس المكلف أي عرض لحقيبة بانتظار حسم الصيغة النهائية للحكومة. ورجحت مصادر نيابية في الكتائب توسيع الحكومة الى ثلاثينية لاستيعاب المطالب كافة، مشددة على أن «حكومة الوحدة الوطنية تفترض تمثيل الكتائب بحجب حجم كتلتها في المجلس النيابي وهذا حق لها من دون منة من أحد، محذرة من محاولات دؤوبة من بعض الأطراف لإقصاء الكتائب ووضع «فيتو» على مشاركتها في الحكومة».
بري: لا مبرّر للتأخير
وكرر رئيس المجلس النيابي نبيه بري في لقاء الأربعاء النيابي القول إنه لم يعد من مبرر لتأخير تشكيل وإصدار مراسيم الحكومة بعد أن جرى تجاوز العقد في توزيع الحقائب. وأضاف لقد وفينا بوعدنا وقدّمنا كل التسهيلات والمؤازرة لتأليف الحكومة، متوقعاً أن لا يأخذ البيان الحكومي وقتاً طويلاً.
جنبلاط: القناعة كنز لا يفنى
وأشارت قناة «أو تي في» الى أن «رئيس الجمهورية لا يمانع في توسيع الحكومة الى 30 وزيراً شرط عدم المسّ بالتوزيع الموضوع على أساس 24 وزيراً»، وأكدت أن مطالب رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط انتهت الى الاكتفاء بحقيبة التربية التي كانت من حصة رئيس الجمهورية بدلاً من وزارة العدل التي ستصبح من حصة الرئيس. وغرّد جنبلاط عبر حسابه على «تويتر» قائلاً «أفضل طريقة لاصطياد الوزارة العودة الى الصيغة القديمة مع حصة وازنة للمردة والقوات». أضاف «لكن مع التذكير بأن اللقاء الديموقراطي ليس حبة سردين ولا حوتاً كالبعض. الصيغة القديمة مناسبة مع بعض التعديل، كفانا لفاً ودوراناً حول العدد، وفق حسابات المنطاد ففي دائرة الثلاثين تستكمل الحلقة، حلقة الممانعة والممانعة المضادة». واعتبر أن «العدلية تتطلب زنوداً خاصة تراعي مثلاً المواصلات غير الشرعية والتهريب الموضوعي. لذا لا نرغب بالمسّ بالامن القومي الخاص ولا الاقتصاد الموازي، القناعة كنز لا يفنى». وختم «عذراً على إنهاء الحديث فقد أتت إشارة التسلق».
باسيل: الحكومة قبل الأعياد
وتوقع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، في حديث تلفزيوني «ولادة الحكومة قبل الاعياد»، موضحاً أننا «نحاول التوفيق بين أنها حكومة انتخابات لكن عليها مسؤوليات»، مؤكداً أن «بعض الأمور لا تزال تحتاج إلى بعض العمل»، قائلاً: «لا يوجد عائق جدي أمام تشكيل الحكومة وهي ليست عند رئيسَي الجمهورية والحكومة المكلف». وأكد أن الرئيس عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لا يعارضان تمثيل الحزب «السوري القومي الاجتماعي» في الحكومة العتيدة، معتبراً أن تمثيل جميع القوى السياسية ممكن في حكومة من 24 وزيراً، موضحاً أن المشكلة مع تيار «المردة» كانت بالمطالبة بحقيبة لا تتناسب مع حجمه، مضيفاً: «قلنا إذا أراد أحد أن يمنحه حقيبة من حصته لا مشكلة لدينا»، مشدداً على أن «ما يحصل طبيعي جداً ولم تنضج الأمور بعد لكنها لن تأخذ أشهراً». وأوضح باسيل أن الرئيس بشار الأسد هو الرئيس الشرعي لسورية باعتراف الأمم المتحدة والعلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسورية لا تزال قائمة»، لافتاً إلى أنه «عندما يكون هناك حاجة يحصل التواصل مع وزير الخارجية السورية وليد المعلم»، معتبراً أن موضوع النازحين السوريين يجب أن يكون من خلال التنسيق مع الحكومة السورية، مشيراً إلى أن «استقرار سورية يزيد من استقرار لبنان». وأوضح باسيل أن المحطة الأولى لرئيس الجمهورية ستكون السعودية، مشيراً إلى أن حزب الله لديه ثقة كبيرة برئيس الجمهورية. وهو يعرف أن الجوهر لا يمس، والتيار الوطني الحر حليف لـحزب الله على رأس السطح.
وعن إمكان زيارة رئيس الجمهورية إلى سورية في حال وجهت له الدعوة، أوضح أن عون والرئيس بشار الأسد يعرفان ما هي المصلحة اللبنانية والسورية، مشيراً إلى أننا «نتفق مع الإيرانيين على أن الحل السلمي هو الأفضل في المنطقة».
لقاء فرنجية ـ «التيار»
وفي غضون ذلك، واصل «التيار الوطني الحر» جولاته على القيادات والمرجعيات السياسية في محاولة للتوصل إلى تفاهم على صيغة جديدة، والتقى وفد من الوطني الحر برئاسة النائب ابراهيم كنعان عضوَي كتلة نواب الحزب السوري القومي الاجتماعي النائبين أسعد حردان ود. مروان فارس. وأكد حردان بعد اللقاء، أن الإصلاح يبدأ بإيجاد قانون انتخابي يساوي بين المواطنين، لذا فنحن نأخذ هذا الأمر بكلّ جدية ومسؤولية، ونعتبر هذا الأمر نقطة مركزية وأساسية يجب التمسك بها، بوصفها بداية الإصلاح السياسي في لبنان. وتابع حردان: إنّ موقفنا واضح، نحن لسنا مع التمديد، ولا مع الانتخابات على قاعدة قانون الستين، بل نحن مع إصلاح سياسي في لبنان يبدأ بقانون انتخاب قائم على النسبية والدائرة الواحدة في لبنان. ونأمل أن يؤسّس القانون الجديد واقعاً ديمقراطياً حقيقياً ليس بالكلام فقط، بل واقعاً ينتج فريقاً حاكماً وفريقاً معارضاً وليس فريقاً مقصياً. ففي واقعنا اليوم ليس هناك فريق معارض، إنما فريق مقصيّ عن أيّ نشاط سياسي أو مسؤولية وطنية، لذلك نحن نعتبر أنّ قانون النسبية قادر على خلق معادلة جديدة في لبنان تنقل البلد إلى واقع يقوم على الحكم والمعارضة، وهذا لا يتمّ إلا بقانون انتخاب حديث. وأمل لهذه المبادرة أن تستكمل، وأمل أن نصل إلى إمكانية التوافق على قانون انتخاب جديد.
واجتمع وفد آخر من الوطني الحر بالنائب سليمان فرنجية في بنشعي. وبعد اللقاء شدّد النائب ألان عون على «أن صفحة رئاسة الجمهورية طويت»، جازماً «بأن لا نيّة لدى «التيار الوطني الحر» في إلغاء أحد». وزار وفدان آخران قيادة حزب الطاشناق والنائب جنبلاط في كليمنصو. وعلمت «البناء» أن «الرئيس بري ينتظر انتهاء جولة التيار الوطني الحر على القوى السياسية وجوجلة ما يتوصلون إليه على أن يلتقي الوفد لإطلاعه على نتائج جولته ليبنى على الشيء مقتضاه بما يتعلق بقانون الانتخاب».
«دي أن آي» يكشف حقيقة الجثث خلال أيام
على صعيد آخر أثار الفيديو الذي نشرته بعض وسائل الإعلام ويظهر جثث ثمانية عسكريين تمّ رميهم في منطقة قارة السورية جدلاً واسعاً، ما دفع الأمن العام للطلب من أهالي العسكريين المخطوفين إجراء فحوص الحمض النووي للتأكد من احتمال أن تكون عائدة الى العسكريين اللبنانيين المخطوفين. وعلمت «البناء» أن «الأمن العام طلب من أهالي العسكريين إجراء فحوص الحمض النووي، الأمر الذي لاقى تجاوباً لدى الأهالي على أن تصدر النتائج خلال أيام قليلة»، كما علمت أن لا أدلة واضحة حتى الآن تثبت أن الجثث تعود للعسكريين المخطوفين، كما أن المكان التي وجدت فيها الجثث لم يثبت أنه في قارة السورية أو في منطقة أخرى خارج لبنان وسورية». واستنكر حسين يوسف والد العسكري المخطوف محمد يوسف عرض بعض وسائل الإعلام هذه المشاهد بهذه الطريقة واللعب بأعصاب عوائل العسكريين. وأكد لـ»البناء» ثقة الأهالي بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يتابع الملف وعدم استغلاله ويحرص على جلاء الحقيقة». وأكد يوسف أن لا «معلومات حتى الساعة تكشف هوية الجثث وحاولنا الاتصال بالجهات الأمنية فلم يتم إبلاغنا بأي شيء»، وأشار الى أن التواصل مقطوع مع تنظيم داعش منذ عامين ولا مفاوض جديد غير الذي تحدّث عنه اللواء ابراهيم.
وشككت مصادر عسكرية بالفيديو الذي عرض على شاشات التلفزة، موضحة لـ»البناء» أن «وجود الجثث بالزي العسكري لا يعني أنها تعود للجيش اللبناني بل كل التنظيمات التي تقاتل في تلك المنطقة ترتدي الزي العسكري. وكان على الأجهزة المختصة أن تأخذ الحمض النووي لأهالي العسكريين منذ سنة كاحتياط الأمر الذي يسرّع كشف الحقيقة»، ولفتت الى أن «المنطقة التي عثر فيها على الجثث قد حررت منذ أكثر من عام وتخضع حالياً الى سيطرة الجيش السوري ما يدل على أن وجود الجثث يعود الى العام الماضي وليس الآن»، كما تساءلت المصادر: كيف استطاع صيادون مدنيون الوصول الى تلك المنطقة الجردية غير الآمنة نسبياً التي تقع في المقلب الآخر لجرود عرسال؟ ما يعزز الشك بأن يكون أمر ما مدبراً، وأوضحت أن التحاليل المخبرية تظهر وقت وفاة الأشخاص الثمانية مع ترجيح احتمالين إما أو تعود الجثث للعسكريين اللبنانيين وإما لعناصر في داعش أو النصرة قتلوا خلال المعارك بين التنظيمين؟
وتمنى مسؤول العلاقات العامة في لجنة العسكريين المخطوفين الشيخ عمر حيدر، في بيان «من كل غيور على العسكريين المخطوفين عدم تحليل أو توقع أي شيء قبل نتائج الحمض النووي والتخفيف من النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، فالأهالي والأمهات يكفيهم ما يمرّون به في هذه الساعات الصعبة».
اللواء
رياح حلب تلفح الحكومة: معركة أحجام في الثلاثين
جنبلاط يطالب بالتربية و«القوات» ترفض الصرّاف .. والبعث يطالب بحقيبة
شد حبال أم رياح الشمال السوري عادت تضغط على تأليف الحكومة؟ وهل أن الأمور عادت إلى المربع الأوّل؟ ومن هي الجهة التي لا تريد إصدار المراسيم؟ ولماذا تصل المراسيم إلى لحظة إصدارها ثم تعود القهقرى إلى الوراء؟
جملة أسئلة مفتوحة على أسئلة إضافية، شغلت الأوساط الرسمية والسياسية، مع التأكيد أن العقد قيد الحلحلة، وأن إمكانية ولادة الحكومة «قبل الأعياد، وعلى الرغم من انها ستكون انتقالية هي متوقعة»، على حد تعبير رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، الذي على الرغم من مشاركته الحثيثة في محاولات توليد الحكومة، إلا انه في مكان ما، نحى منحى اخر في اقتراح فصل قانون الانتخاب عن تأليف الحكومة، ربما لأنه يعي اكثر من سواه أن ولادة الحكومة، وإن كانت ولادة قيصرية، ولادة صعبة.
ومن التعليقات الأولى على الأجواء التي تمخض عنها لقاء الساعة وعشر دقائق، وهو الخامس من نوعه بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في بعبدا، يستفاد أن الحكومة عالقة بين شباك الاوزان والأحجام والثلث المعطل الضمني، وذيول انتخابات الرئاسة، وكيفية التمثيل المسيحي في حكومة تصريف الأعمال، فضلاً عن تقاسم السلطة عبر الحكومة بين فريقي 14 و8 آذار وبينهما الرئيس عون وتياره، فماذا في التفاصيل؟
الرئيس الحريري أوجز الموقف بعد مغادرته القصر الجمهوري رافضاً تحديد موعد لاعلان الحكومة، ومكتفياً بالقول: «ان الأمور لا تزال بحاجة إلى المزيد من المشاورات». وفي معلومات «اللواء» انه في إطار هذه المشاورات، التقى وزير المال علي حسن خليل مع مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري للتباحث بما آلت إليه الاتصالات حول الحكومة، كما التقى نادر الحريري الوزير باسيل في محاولة لاحتواء ذيول شد الحبال الحاصل.
الولادة المتعثرة
وإذا كان اليوم السياسي الذي كان من المتوقع أن يكون يوم ولادة الحكومة، بدأ مع تغريدة النائب وليد جنبلاط الذي أوفد النائب مروان حمادة والوزير وائل أبو فاعور إلى «بيت الوسط»، قبل صعود الرئيس الحريري إلى بعبدا، واللذان لمسا أن الرئيس المكلف متفائل بولادة الحكومة. ووصف نائب تغريدة جنبلاط بأنها «شد حبال» يعبر عن وضعية التنازع على الحقائب. وجاء في التغريدة أن «العدلية تتطلب زنوداً خاصة تراعي مثلاً المواصلات غير الشرعية والتهريب الموضوعي، لذا لا نرغب بالمس بالأمن القومي الخاص ولا الاقتصاد الموازي». وعلمت «اللواء» أن حمادة وأبو فاعور نقلا رغبة جنبلاط بأن تسند إلى اللقاء الديمقراطي حقيبة التربية بدل العدلية.
وفي الروايات أن اقتراح اسم الوزير الارثوذكسي السابق يعقوب الصرّاف لتولي حقيبة الدفاع سمم الأجواء، ذلك أن الاتفاق بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» كان يقضي بأن يختار الطرفان اسماً واحداً لهذه الحقيبة، على غرار تجربة الوزير مروان شربل في الداخلية. وفي المعلومات أن «القوات اللبنانية» تعترض على الصراف، كذلك الرئيس المكلف، في حين كشف أحد الوزراء انه في حدود معلوماته أن الإدارة الأميركية لا يمكنها أن تتعامل مع وزير دفاع من نوع الصرّاف على ارتباط قوي، سواء بالرئيس الأسبق اميل لحود أو حليفه «حزب الله».
ومن المستجدات على الصعيد الحكومي، مطالبة رئيس الكتائب سامي الجميل بحقيبة يتولاها هو شخصياً، تردّد انه يفضل أن تكون وزارة الصناعة التي كان على رأسها شقيقه الشهيد بيار، والتي لا تزال وفق التوزيعة الحالية من حصة «حزب الله». وتضيف إحدى الروايات أن «حزب الله» وحركة «امل» يطمحان إلى وزارة من 30 وزيراً ليتسنى لهما تمثيل حلفائهما في 8 آذار، من «القومي» إلى الأمير طلال أرسلان وسنة 8 آذار. وكشف مصدر متابع أن كتلة «البعث» النيابية ستطالب بدءاً من اليوم بأن تتمثل في الحكومة بوزير.
ومن الصعوبات المستجدة انه طرح على الرئيس نبيه برّي ان يكون اثنان من الوزراء الشيعة وزراء دولة، وهو الأمر الذي لم يرضى به، كما ان الرئيس برّي يرفض ان يتمثل الحزب القومي بوزير شيعي.
صيغة الـ30
ونفت مصادر معنية بتأليف الحكومة ان تكون العملية قد تعقدت بمعنى العقد، لكنها اشارت إلى ان صيغة الـ30 وزيراً هي التي عطّلت الولادة، باعتبار انها تحتاج الي إعادة تكييف الواقع مع الإمكانات، في ضوء مطالبة جميع القوى التي يفترض ان تتمثل في هذه الصيغة بحقائب بدلاً من وزراء دولة، بحسب ما كان مأمولاً لدى السير بهذه الصيغة. وقالت ان هذه المطالب تنسحب على جميع هذه القوى بمن فيهم المير طلال أرسلان والحزب القومي وحزب الكتائب الذي أعلن صراحة انه يرفض ان يتمثل بوزير دولة.
وكشفت بأن الصيغة الجديدة تحتاج إلى إعادة توزيع الحقائب بعدما خربطت التوازن الذي وفرته صيغة الـ24 التي ما يزال الرئيس المكلف يتحمس لها، لكنه أعاد طرح المسألة على الرئيس عون بناءً على إلحاح الرئيس برّي الذي يريد ان يتمثل الجميع. ونفت المصادر ان تكون المشكلة في الأسماء، حسب ما تردّد بل في توزيع الحقائب والحصص وإعادة بناء توازن جديد بين جميع مكونات الحكومة. ولفتت المصادر السياسية من جانبها إلى ان هذه المطالبات توزعت بين إضافة وزراء من طوائف معينة وخلط الحقائب، الأمر الذي فرّمل الاندفاعة نحو إعلان تشكيل حكومة كانت على قاب قوسين من الإعلان، مؤكدة ان الرئيس عون لم يرفض أي صيغة، لكنه ركز على ضرورة اجراء المزيد من المشاورات. وكشفت ان الرئيس المكلف رفع إلى رئيس الجمهورية أمس صيغة من 24 وزيراً، عُمِل عليها بعد مساعٍ حثيثة بذلت، مرفقة بمطالب الأطراف التي استجدت ومنها تحديداً مطلب الرئيس برّي ان تكون الحكومة من 30 وزيراً. وأوضحت انه رغم انه لم تسجل ممانعة في موضوع زيادة الووزراء، إذا كانت الحكومة ثلاثية، لكنها لاحظت ان مطالبة بإعادة توزيع الحقائب الوزارية، تستدعي إعادة البحث في التوازنات، وازاء ذلك كان الاتفاق بين الرئيسين عون والحريري على الافساح في المجال امام المزيد من المشاورات، ما قد يؤخر ولادة الحكومة لساعات أو أيام، من دون القول ان الأمور عادت إلى نقطة الصفر، خاصة وأن هناك من المعنيين من يريد المس بما تمّ الاتفاق عليه في توزيع الحقائب.
اما الرئيس بري الذي «يستعجل» التشكيل «الذي كان يجب ان يتم منذ الثالثة من بعد ظهر امس الاول،على حد تعبيره، فقد كرر في لقاء الأربعاء النيابي القول «انه لم يعد من مبرر لتأخير التشكيل وإصدار مراسيم الحكومة بعد ان جرى تجاوز العقد في توزيع الحقائب»، لافتاً الى «اننا وفينا بوعدنا وقدمنا كل التسهيلات والمؤازرة لتأليف الحكومة»، متوقعاً «الا يأخذ البيان الحكومي وقتاً طويلاً»، غامزاً من قناة «التيار الوطني الحر» بتأكيده «ان اكثر شيئ ننسجم حوله معه هو قانون الإنتخابات النيابية، بل ان هناك تطابقاً في الرأي بيننا حول صيغ عديدة تعتمد النسبية».
كسر جليد بين التيار و«المردة»
وبالنسبة إلى قانون الانتخاب، واصل «التيار الوطني الحر» جولاته على القيادات والمرجعيات السياسية في محاولة للتوصل إلى تفاهم على صيغة جديدة، يفتتح به العهد العوني سجل «إنجازاته». وفي محطة طال انتظارها، زار وفد يضم النواب آلان عون، وليد الخوري وزياد اسود رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية في بنشعي، في حضور نجله طوني فرنجية والوزيرالسابق يوسف سعادة، في اول لقاء بين الطرفين منذ اجتماعي فرنجية مع الرئيس ميشال عون في الرابية في 9 كانون الأول 2015، ومع وزير الخارجية جبران باسيل في البترون العام الماضي ايضا. وبعد اللقاء اكد عون ان «التيار الوطني الحر» و»المردة» يلتقيان على قانون النسبية، مشيراً الى قواسم مشتركة كثيرة بيننا وبين «المردة». وشدد على «ان صفحة رئاسة الجمهورية طويت»، جازماً «بأن لا نيّة لدى «التيار الوطني الحر» في إلغاء احد». وزار وفد اخر من التكتل ضم النواب ابراهيم كنعان وغسان مخيبر وناجي غاريوس ونعمة الله ابي نصر كتلة الحزب «السوري القومي الاجتماعي»، وقيادة حزب «الطاشناق»، والنائب جنبلاط مساءً في كليمنصو.
وفي السياق، أعلن الوزير باسيل في مقابلة مع تلفزيون «الميادين» ان أوّل دولة سيزورها الرئيس عون هي السعودية لأن العلاقة بين البلدين بحاجة إلى تطبيع، مشيراً إلى ان الرئيس عون لا يحتاج إلى اذن أو ضوء أخضر من أحد عندما يُقرّر زيارة أي بلد، موضحاً ان رئيس الجمهورية هو حليف كل اللبنانيين، وأن «التيار الوطني الحر» هو حليف «حزب الله» على رأس السطح.
المصدر: صحف