أوقفت السلطات الأمريكية 93 شخصا بتهمة التعدي على الأملاك خلال تظاهرة في حرم جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجليس، نظمت في خضم تحركات طلابية مؤيدة لقطاع غزة في الولايات المتحدة، وفق ما أعلنت الشرطة.
تعيد الاحتجاجات الطلابية واسعة النطاق التي تجتاح العديد من الجامعات الأميركية تنديدا بالعدوان على غزة، إلى الأذهان موجة المظاهرات العارمة التي شهدتها الولايات المتحدة، خلال أواخر ستينيات القرن الماضي وما تلتها من سنوات، بسبب الحرب الأمريكية في فيتنام.
وأفادت شرطة لوس أنجليس في منشور على منصة إكس “لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات. وستستمر دوريات الشرطة في المنطقة” الخميس. من جهتها، قالت جامعة جنوب كاليفورنيا عبر إكس حوالى منتصف الليل إن الاحتجاج انتهى وسيظل الحرم الجامعي “مغلقا حتى إشعار آخر”.
وأضافت الجامعة “يجوز للطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين والأشخاص الذين لديهم أعمال في الحرم الجامعي الدخول ببطاقة الهوية”.
شهدت التظاهرة المؤيدة للفلسطينيين في جامعة جنوب كاليفورنيا مواجهة بين سلطات إنفاذ القانون والطلاب الذين يتظاهرون تضامنا مع الفلسطينيين وضد العدوان الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة على قطاع غزة.
وبدأت موجة الاحتجاجات في جامعة كولومبيا في نيويورك، حيث أوقف العشرات الأسبوع الماضي بعد أن استدعت سلطات الجامعة الشرطة لفض اعتصام اتهمه طلاب يهود بأنه يشكل ترهيبا ومعاداة للسامية.
ونفى متظاهرون، ومن بينهم عدد من الطلاب اليهود، معاداة السامية. وقالت الكابتن كيلي مونيز للصحافيين إن عناصر من شرطة لوس أنجليس توجهوا إلى حرم جامعة جنوب كاليفورنيا بعد ظهر الأربعاء.
وأضافت مونيز أن الشرطة “ساعدت الجامعة في تنفيذ اعتقالات للتعدي على ممتلكاتها” بعدما رفض متظاهرون المغادرة.
تصاعد التوتر بين الطلاب والشرطة في جامعات أميركية وسط تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين
انتشرت التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين التي تهز عددا من الجامعات عبر الولايات المتحدة إلى المزيد من الكليات الأربعاء حاملة رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون على التلويح بنشر الحرس الوطني.
وهدد جونسون خلال زيارة إلى جامعة كولومبيا في منطقة مانهاتن بنيويورك، من حيث انطلقت الحركة الاحتجاجية، بأنه “إذا لم يتم احتواء (التظاهرات) بسرعة، وإذا لم يتم وقف هذه التهديدات والتخويف، هناك وقت ملائم للحرس الوطني”.
وتحرك تصريحات جونسون ذكريات أليمة تعود إلى العام 1970 حين قُتل طلاب عزّل برصاص عناصر من الحرس الوطني خلال احتجاجات ضد حرب فيتنام.
وجرت تظاهرات الأربعاء في جامعة جنوب كاليفورنيا وفي تكساس مع حصول مواجهة بين الطلاب وشرطيين مجهزين بأدوات مكافحة الشغب، أدت إلى اعتقال أكثر من عشرين شخصا.
وانطلقت الحركة الاحتجاجية في جامعة كولومبيا في نيويورك حيث جرى اعتقال عشرات الأشخاص الأسبوع الماضي بعدما استدعت إدارة الجامعة الشرطة بوجه المتظاهرين فيما ندد طلاب يهود بترهيب ومعاداة للسامية.
وقال جونسون للصحافيين في جامعة كولومبيا إنه سيطلب من الرئيس الأميركي جو بايدن “التحرك” محذرا بأن التظاهرات “تجعل الطلاب اليهود هدفا في الولايات المتحدة” التي تضم حوالى ستة ملايين يهودي، أكبر مجموعة من اليهود في العالم بعد الكيان الصهيوني.
غير أن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار صرحت أن بايدن يؤيد حرية التعبير. وقالت للصحافيين إن “الرئيس يؤمن بأهمية حرية التعبير والنقاش وعدم التمييز في حرم الجامعات”.
ويعرب الطلاب المحتجون عن تضامنهم مع الفلسطينيين في قطاع غزة ويدعون جامعة كولومبيا وجامعات أخرى إلى قطع علاقاتها مع شركات على ارتباط بإسرائيل، منددين بالتحالف العسكري والدبلوماسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة وتل أبيب.
وأوقف 120 شخصا لفترة وجيزة ليل الإثنين الثلاثاء أمام جامعة نيويورك في قلب مانهاتن، فيما أوقف حوالى خمسين متظاهرا في يال بولاية كونيتيكت. وأقيمت خيم احتجاج أيضا الأربعاء في جامعة هارفارد، أقدم الجامعات الأميركية، بضاحية بوسطن.
وفي الطرف الآخر من البلاد، شهدت جامعة تكساس في أوستن تواجه مئات الطلاب المؤيدين للفلسطينيين مع قوات من الشرطة مجهزة بمعدات مكافحة الشغب.
وهتف المتظاهرون “ليسقط الاحتلال” ورفع بعضهم أعلاما فلسطينية ووضعوا كوفيات فيما التف طلاب آخرون بأعلام الكيان بحماية الشرطة.
وأعلنت الشرطة توقيف أكثر من عشرين شخصا فيما دعا حاكم الولاية غريغ أبوت إلى إنزال عقوبات سريعة وكتب على مواقع التواصل الاجتماعي “هؤلاء المحتجون مكانهم في السجن”. وأضاف “يجب طرد الطلاب الذين ينضمون إلى احتجاجات تحمل كراهية ومعاداة للسامية في أي كلية أو جامعة عامة في تكساس”.
كذلك انتشرت الشرطة في لوس أنجليس بعدما بدأ طلاب حركة “احتلال” على ما أطلقوا عليها لحرم جامعة جنوب كاليفورنيا. وهتف الطلاب “فلسطين حرة حرة” ورددوا “من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة”.
وجرت احتجاجات طلابية في عدد من الجامعات الأخرى ولا سيما معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وجامعة ميشيغن وجامعة كاليفورنيا في بركلي (UC Berkeley) وجامعة يال وجامعة براون.
وأوقف أكثر من 130 شخصا خلال تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين مساء الإثنين في جامعة نيويورك، فيما أفيد عن اعتقال تسعة أشخاص في مخيّم أقيم في جامعة مينيسوتا.
وذكرت شبكة إن بي سي أن مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) ينسق مع الجامعات حول تهديدات معادية للسامية وأعمال عنف محتملة على ارتباط بالاحتجاجات الجارية.
وفيما يلي تفاصيل عن أسباب الاحتجاجات بشأن الحرب في غزة
ما الذي يطالب به المتظاهرون ضد العدوان على غزة؟
أصدر الطلاب في الجامعات التي اندلعت فيها الاحتجاجات دعوات لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وإنهاء المساعدات العسكرية الأميركية للكيان الإسرائيلي، وسحب استثمارات الجامعات من شركات توريد الأسلحة وغيرها من الشركات المستفيدة من الحرب، والعفو عن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين تعرضوا لإجراءات تأديبية أو الطرد بسبب الاحتجاج.
من هم المتظاهرون؟
اجتذبت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين طلابا وأعضاء هيئة التدريس من خلفيات مختلفة تشمل الديانتين الإسلامية واليهودية. ومن المجموعات المنظمة للاحتجاجات “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” و”الصوت اليهودي من أجل السلام”.
وشهدت المخيمات أيضا إقامة صلوات بين الأديان وعروض موسيقية، فضلا عن مجموعة متنوعة من برامج التدريس.
وأنكر المنظمون مسؤوليتهم عن العنف ضد المتظاهرين المؤيدين للصهيونية أو تأييدهم له، غير أن بعض الطلاب اليهود قالوا إنهم يشعرون بعدم الأمان في الحرم الجامعي وبالقلق من الهتافات التي يقولون إنها معادية للسامية.
من هي رئيسة جامعة كولومبيا التي أثارت الجدل؟
تثير رئيس جامعة كولومبيا الأميركية نعمت شفيق المصرية الأصل، الجدل منذ أيام بعد أن طلبت تدخّل الشرطة لتفريق جموع المحتجين المؤيدين للفلسطينيين داخل الحرم الجامعة، مما أدى إلى توقيف أكثر من مئة طالب.
ماذا كان رد الجامعة والسلطات؟
اتخذ القائمون على إدارة الجامعات وسلطات إنفاذ القانون إجراءات صارمة ضد الاحتجاجات. وأوقفت جامعة كولومبيا وكلية بارنارد التابعة لها عشرات الطلاب المشاركين في الاحتجاجات.
وأُلقي القبض على أكثر من 100 متظاهر في كولومبيا، حيث استدعت رئيسة الجامعة، مينوش شفيق، شرطة نيويورك لإخلاء المخيم بعد يوم من إدلائها بشهادتها أمام لجنة بمجلس النواب. وقالت إن المخيم انتهك القواعد المناهضة للاحتجاجات غير المصرح بها.
واعتقلت شرطة ييل أكثر من 60 متظاهرا، الاثنين، بعد أن منحتهم “عدة فرص للمغادرة وتجنب الاعتقال”، بحسب الجامعة.
وقالت إدارة شرطة نيويورك، إن الضباط اعتقلوا 120 شخصا في جامعة نيويورك في وقت متأخر من يوم الاثنين. وقال مسؤولو الجامعة إنهم طلبوا تدخل الشرطة، لأن المتظاهرين لم يتفرقوا وكانوا “يؤثرون على سلامة وأمن مجتمعنا”.
ما هو التأثير على الحياة العادية في الحرم الجامعي؟
بعد عقد جميع الفصول الدراسية افتراضيا، الاثنين، أعلنت جامعة كولومبيا أنها ستعتمد نظام دراسة هجينا يجمع بين الحضور الشخصي والافتراضي لبقية الفصل الدراسي. وقالت شفيق، في بيان إنها لن تسمح لأي مجموعة بتعطيل حفل التخرج.
وألغت جامعة ولاية كاليفورنيا للفنون التطبيقية في هومبولت الحضور الشخصي حتى الأربعاء، بعد أن تحصن طلاب في مبنى إداري، وطالبوا الجامعة بالكشف عن جميع العلاقات مع إسرائيل وقطع العلاقات مع جامعاتها.
وقالت جامعة ميشيغان إنها ستسمح بحرية التعبير والاحتجاج السلمي في احتفالات التخرج، في أوائل مايو، لكنها ستوقف “التعطيل الكبير” للدراسة.
كيف يستجيب القادة السياسيون؟
قال الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، الذي انتقده المتظاهرون لتزويده الكيان بالتمويل والأسلحة، للصحفيين، الاثنين، إنه يستنكر “الاحتجاجات المعادية للسامية” و”أولئك الذين لا يفهمون ما يحدث مع الفلسطينيين”.
ووصف الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشح الجمهوري لانتخابات عام 2024، الاحتجاج في الحُرم الجامعية بأنه “فوضوي”.
المصدر: أ ف ب