في موازاة غياب تصريحات رسميّة مباشرة من القيادة الصهيونية ، بشأن طريقة وتوقيت الرد على الهجوم الإيراني على الكيان الصهيوني، ليل السبت – الأحد، تشير معظم التسريبات والتعليقات والتحليلات العبرية إلى وجود أغلبية داخل “كابينت الحرب” المُناط به مهمة تحديد ماهية الرد ، على أنه يتعيّن على الكيان الرّد على الهجوم الإيراني، وأن النقاش يدور حول طبيعة الرد، توقيته وشدّته.
قصف إسرائيل بهذا الشكل الصاخب والكثيف، يمثّل حدثا استراتيجيا لا يمكن تجاوزه، وذلك بالنظر إلى الدلالات والمعاني والتبعات الاستراتيجية وحتى الوجودية بالنسبة لإسرائيل. وتجدر الإشارة الى أن الفريق الحكومي الذي يمثل اليمين المتطرّف يُطالب برد إسرائيلي مباشر وقوي على الأراضي الإيرانية، ولا يقتصر هذا الفريق على التيار “الصهيوني الديني” في الحكومة بل يتعدّاه إلى وزراء من حزب الليكود.
من جهة ثانية ينقل معلّقون أن المؤسّسة الأمنية والعسكرية تؤيّد ردًّا مباشرا على الأراضي الإيرانية، على اعتبار انه يجب ردع إيران، حتى لا ينهار جدار الردع الإسرائيلي كليّا، وتؤدّي كل تصفية في سوريا أو لبنان، إلى قصف إيراني على إسرائيل. وذكرت تقارير أن “القيادة العسكرية والاستخبارية أوصت بتنفيذ ردٍّ ضد إيران”.
وفيما استشف معلّقون من تعقيب نتنياهو المقتضب والمتفاخِر على التصدي الإسرائيلي للهجوم الإيراني: “اعترضنا، صددنا، معا ننتصر”، ميلا نحو تغليب معيار “النتيجة” الذي يخدم أكثر في الاحتواء، وهذا الامر انسحب على تعقيب وزير الأمن غالانت .
مؤيدو الاحتواء
يبني مؤيّدو الاحتواء مقاربتهم بشأن معضلة الرد الإسرائيلي عبر التأكيد على أن “فشل” الهجوم الإيراني، و”نجاح” الاعتراض الإسرائيلي والدولي، يمنحان إسرائيل هامشا ومرونة في عدم تبنّي مقاربة متسرّعة بشأن الرد على الهجوم الإيراني، وبالتالي الحفاظ على سُلّم الأولويات الإسرائيلي، لا سيما في ظلّ الظروف التي تمرّ بها إسرائيل، من حرب على جبهتَين، ومفاوضات تبادل أسرى معقدة وقاسية. وتجدر الإشارة إلى أن سياسة الاحتواء لا تعني بالضرورة عدم الردّ بالمطلق، بل تبنّي مقاربة هادئة أكثر، تقوم على النقاط الآتية:
– الرد الإسرائيلي سيدخل الكيان الصهيوني في لعبة الردود المتبادلة التي قد تنتهي بحرب كبرى.
– يتعيّن على الكيان أن يأخذ بعين الاعتبار الرغبة الأميركية في عدم جر المنطقة الى حرب.
– على الحكومة أن تتجاهل مجموعة المحرّضين المتطرفين الذين يحثون كل مرة على زيادة المراهنة على حرب إقليمية.
– توقيت رد صاخب وقوي على إيران غير مناسب حاليا في ظل الحرب في غزة والمواجهة مع حزب الله.
– الاحتواء يعزّز العلاقات المتضررة مع الولايات المتحدة، وربما يساعد في إقامة تحالف مع الدول المعتدلة، وفي المقام الأول المملكة العربية السعودية.
– الرد الإسرائيلي المباشر قد يُبقي إسرائيل وحدها في مواجهة محور إيران.
– هجوم على إيران من دون دعم حلفاء إسرائيل، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، سيكون غير مسؤول ومتسيّب.
معارضو الاحتواء
يقدّم معارضو احتواء الهجوم الإيراني المباشر والكثيف على إسرائيل معيار أن ايران قصدت بشكل واضح إيذاء الكيان الصهيوني ، و”محو قاعدتين عسكريّتين”. وتتمحور مقاربة هؤلاء -على نحو أساس- حول عامل الردع الإسرائيلي، الذي يشكّل المس به -بنظرهم- أمرا وجوديا في هذا المحيط الشرق أوسطي الكاره والمُعادي، ويطرح أصحاب هذه المقاربة عددا من النقاط التي تدعم وجهة نظرهم. وتجدر الإشارة الى أن هؤلاء يطالبون بردّ إسرائيلي مباشر وعلني، يستهدف مواقع أو/ وشخصيات مركزية في إيران، من منطلق استغلال الفرصة و”الشرعية” التي وفّرها الهجوم الإيراني، لتصفية الحساب الطويل والمعقّد مع إيران، حتى أن بعضهم طالب بتدمير المشروع النووي الإيراني. ويطرح هؤلاء جملة من النقاط التي تؤيّد صحة مقاربتهم:
– احتواء الهجوم الدراماتيكي الإيراني سيفسَّر في الشرق الأوسط باعتباره ضعفاً.
– عدم الرد الإسرائيلي المباشر يضرّ بالردع الإسرائيلي.
– ثمّة من دعا الى مُهاجمة البرنامج النووي الإيراني.
– لا يمكن لدولة إسرائيل أن تبني نظريتها الأمنية على الدفاع وحده.
في موازاة النقاش والانقسام الإسرائيلي حول معضلة الرد، ومعاييره، برز حديث حول خيارات هذا الردّ وتوقيته الأفضل، وذكرت عدة تقارير أن هذه الخيارات لا تزال موضع نقاش في أروقة صنع القرار الإسرائيلي، وأشار معلقون إلى أن هذا الأمر يتمحور حول وجهتي نظر: الأولى ردّ مباشر وسريع في إيران على قاعدة العين بالعين والسن بالسن. الثانية، عدم التسرّع واختيار الزمان والمكان المناسبين لإسرائيل: في سوريا أو عملية للموساد من دون بصمة، مع الحفاظ على عنصر المفاجأة.
المصدر: موقع المنار