بعد التأكيد على ثوابتها التفاوضية، رمت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة الكرة في ملعب العدو. رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أعلن أن “الفرصة متاحة للتوصل إلى اتفاق متعدد المراحل، إذا تخلت حكومة الاحتلال عن تعنتها”، لافتاً إلى أن “الميدان والمفاوضات خطان متوازيان، وأن الحركة تركز بالمفاوضات على عظمة الصمود وعبقرية المقاومة”. وفي هذا إشارة إلى معادلة بسيطة مفادها أن من لم يحقق أهدافه في الميدان لن يستطيع فرضها في السياسة، خصوصاً أن الطرف الثاني أي المقاومة لا تزال حاضرة بقوة رغم آلة القتل المستمرة.
هذا الكلام مفاده أن لا تبادل أو اتفاق دون إعلان واضح ورسمي عن وقف دائم لاطلاق النار، لأن المقاومة تعي جيداً أن العدو يهدف من خلال الهدنة المؤقتة ولو كانت هدنة طويلة (أكثر من مئة يوم) إلى استعادة الأسرى ومن ثم استكمال حربه على القطاع. أمّا الولايات المتحدة فهي بحاجة لهذه الهدنة لإحداث خرق في الواقع الإنساني الصعب الذي بات محرج لها عالمياً، مع نوايا مخبأة تدركها المقاومة جيداً وهي تتمثل بشكل أساسي بفرض أمر واقع داخل القطاع بغض النظرعن فشل جيش الاحتلال بتحقيق انجازات عسكرية حقيقية عدا القتل والتدمير.
المنطق يقول هنا، وكما جاء على لسان هنية وغيره من قادة المقاومة، إنه ورغم وجود المرونة الحذرة في التفاوض، إلا أن واقع المقاومة الميداني يتيح لها فرض شروطها وليس تقديم تنازلات كبرى للعدو تفتح المجال أمام تصفيتها ووضع القطاع تحت أنظمة وصاية واحتلال كالتي حملها مدير المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز “من خلال تشكيل قوة عسكرية وأمنية من دول عربية وإسلامية مقبولة من جميع الأطراف”، حسبما ذكرت مصادر إعلامية. ولهذا فإن معركة المقاومة وأهلها مستمرة.
تطورات العدوان
وفي اليوم الـ 160 للعدوان على القطاع، أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة أن عدد الشهداء ارتفع إلى 31 ألفا و341، إضافة إلى 73 ألفا و134 مصاباً منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأفادت الوزارة بأن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 7 مجازر في القطاع راح ضحيتها 69 شهيدا و110 مصابين خلال الـ24 ساعة الماضية. وقالت الصحة إنّ “عددًا من الضحايا لا يزالون تحت الركام، وفي الطرقات، يمنع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم”. وأشارت وزارة الصحة، في التقرير الإحصائي اليومي إلى ارتفاع حصيلة شهداء سوء التغذية والجفاف في قطاع غزة لـ 27 شهيدا؛ غالبيتهم أطفال ومسنون.
وفي التفاصيل، أدان المكتب الإعلامي الحكومي بغزة “جريمة الاحتلال باغتيال رئيس لجنة الطوارئ في رفح ونائب مسؤول عمليات الشرطة”.
وقال المكتب في بيان إن استهداف جيش الاحتلال للكوادر الخدماتية والشرطية “عمل إجرامي يهدف لإحداث الفوضى”. هذا وارتفع عدد الشهداء إثر قصف إسرائيلي لمركز مساعدات في مخيم النصيرات إلى ثمانية. وتمّ انتشال جثامين 10 شهداء آخرين من مدينة حمد، شمال مدينة خان يونس، بعد انسحاب قوات الاحتلال منها. وفي وقت سابق اليوم الخميس، انتشلت الفرق الطبية والأهالي جثامين 5 شهداء من مدينة حمد.
وفي وقت سابق، استشهد 7 مدنيين، وأصيب آخرون جراء قصف الاحتلال منزلاً لعائلة العطار في مخيم البريج وسط القطاع، فيما قصفت مدفعية الاحتلال شرق رفح.
واصيب عدد من المواطنين في قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة أبو سيف في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. وشنت طائرات الاحتلال عدة غارات على الشيخ ناصر وأحياء شرقي خانيونس، في حين قصفت مدفعية بيت حانون.
كما أصيب ثلاثة مواطنين جراء استهداف طائرات الاحتلال منزلا لعائلة الطبايبي في منطقة السكة شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة.
ومع ساعات الفجر الأولى ليوم الخميس، استهدف قصف مدفعي إسرائيلي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
ومن جديد اقترفت قوات الاحتلال مجزرة على دوار الكويت جنوب غزة ضد منتظري المساعدات أسفرت عن 6 شهداء و60 إصابة في حصيلة غير نهائية.
هذا وشنّ الاحتلال غارة على شارع يافا قرب جباليا شمالي قطاع غزة، ما أدى لاندلاع حريق في المكان، كما شن طيران الاحتلال غارة على محيط المستشفى المعمداني في غزة. وقصف جيش الاحتلال أرضاً زراعية في محيط بوابة صلاح الدين على الحدود المصرية الفلسطينية في رفح جنوب القطاع.
إلى ذلك، استشهدت طفلة إثر استهداف الاحتلال منزل عائلة عكاشة في منطقة القصاصيب بمخيم جباليا شمال القطاع. واصيب عدد من الفلسطينيين جراء إطلاق نار وقصف مدفعي للعدو قرب محطة أبو جبة ودوار الكويت جنوبي مدينة غزة.
في ظل عجزه عن تحقيق انجاز ميداني… نتنياهو يواصل التلويح بورقة التوغل في رفح
نقلت “معاريف” الاسرائيلية عن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله إن هناك ضغوطاً دولية لمنع التحرك في رفح، قائلاً إنه يرفض تلك الضغوط، وأنه سيذهب إلى هناك “للقضاء على حماس”، حسب زعمه، إذ إن كلامه في وقت لا تزال فيه المقاومة موجودة وتواجه الاحتلال في مختلف أرجاء القطاع.
البرلمان الأوروبي يدين تعطيل العدو وصول المساعدات الإنسانية لغزة
وصدّق البرلمان الأوروبي على قرار يدين بشدة تعطيل “إسرائيل” وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وندد القرار بمهاجمة العدو قوافل الإغاثة الإنسانية في غزة، داعيًا إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار.
هذا وقال مفوض إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي يانيز لينارتشيتش إن هناك مناطق في قطاع غزة تشهد مجاعة بالفعل.
وأضاف لينارتشيتش أن إسقاط المساعدات جوا أو تدشين ممر بحري لن يغني عن فتح طرق برية لإيصال المساعدات إلى غزة. كما حث المفوض الأوروبي العدو على فتح المزيد من الطرق لوصول المساعدات إلى غزة.
سامح شكري: رؤيتنا لوضع غزة تقوم على وقف النار وتوفير المساعدات
من جهته، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن رؤية بلاده للوضع في غزة تقوم على ضرورة وقف إطلاق النار وتوفير المساعدات بكميات كافية. وأضاف شكري خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس “إننا متفقون على منع استمرار الوضع العسكري والإنساني الذي يعيشه قطاع غزة وعدم توسع الصراع في المنطقة”.
المصدر: موقع المنار