على إثر إسقاط طائرة هيرمز 450 الإسرائيلية في جنوب لبنان، كان واضحاً حالة الارباك التي سادت الأوساط الإعلامية، لعدم توفُّر المعلومات والمعطيات الأولية.

بدايةً، تساءل المُعلّقون والمُراسلون في وسائل الإعلام عن أسباب إطلاق صفّارات الإنذار في “مرج بن عامر”- منطقة العفولة البعيدة عن الحدود مع لبنان، وعن أسباب توسعة حزب الله المعركة إلى هذا الحدّ، ولاحقاً خبر إسقاط الطائرة، وسبب تأخُّر الجيش في إصدار بيان بهذا الشأن، ثم ما لبث المراسلون أن بدؤوا بالتعليق بأنّ حزب الله هو من أسقط الطائرة.

بدأ الأمر قرابة الساعة (8:45) من يوم الإثنين مع أنباء عن صفّارات إنذار في “هعماكيم” قرب العفولة، والإفادة عن انطلاق صاروخ اعتراضي على هدف مجهول، ثمّ استهلت وسائل الإعلام الإسرائيلية بنقل خبر إسقاط الطائرة من دون طيار بالقول إنّ “صاروخ جو- أرض أُطلِق من لبنان حاول اعتراض طائرة من دون طيّار من نوع “زيك”، ولم تتمّ إصابة الطائرة. والصاروخ جرى اعتراضه فوق الأراضي اللبنانية وصفّارات الانذار انطلقت بعد انطلاق الصاروخ الاعتراضي من منظومة “مقلاع داوود”، وقد سقط بقايا من الصاروخ الاعتراضي في “كفار تفور” في الشمال.

بعدها تناقلت وسائل إعلام خبر إسقاط طائرة من بدون طيّار في سماء لبنان بواسطة صاروخ دفاع جوّي. وعلّقت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنّه لغاية الآن (10:30) لم يصدر بيان رسمي عن الجيش الإسرائيلي بشأن عملية الاعتراض.

ووفقاً لموقع “ماكام نيوز” على التلغرام فإنّه “في إسرائيل يغيّرون الصيغة: إطلاق صاروخ اعتراضي باتجاه طائرة بدون طيّار إسرائيلية من نوع زيك بسبب تشخيص خاطئ، ولم تُصب الطائرة”.

بعدها اعترف المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي بأنّ مقاتلي تشكيل الدفاع الجوّي اعترضوا صباح اليوم بواسطة منظومة “مقلاع داوود” صاروخ “أرض – جو” أُطلق نحو طائرة مأهولة عن بعد، تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، كانت تعمل في سماء لبنان. وأضاف أنّ صفّارات إنذار التحذير أُطلقت نتيجة إطلاق صواريخ وقذائف في منطقة “ألون تفور” في أعقاب إطلاق الصاروخ الاعتراضي، ولا إصابات. وأكمل المتحدّث قائلاً: “بعد وقت قصير أُطلق صاروخ آخر نحو الطائرة وأصابها. نتيجة لذلك سقطت الطائرة في الأراضي اللبنانية”.

المُعلّقون والمُراسلون، لاسيّما العسكريون منهم، لم ينتظروا اعتراف الجيش رسمياً، بل سارعوا إلى تناول الحدث نقلاً عن تقارير عربية. وفيما وصف البعض الحدث بأنّه خطير للغاية، وتجاوزٌ للخطوط الحمر، ويفتح الساحة الشمالية على كل الاحتمالات، أجرى البعض الآخر قراءة أولية في دلالاته ومآلاته:
­    علّق أمير بوحبوط (المراسل العسكري في موقع واللا) على موقع تلغرام- صفحة أخبار قبل الجميع- بالقول إنّه “في الجيش الإسرائيلي ليسوا متأكّدين ممّا حصل قبل وقت قصير على الحدود الشمالية. ما الذي أُطلق؟ على ماذا أُطلق؟ هل جرى الاعتراض أو لم يُعترض. جزء من التوتّر الأمني مقلق”. ثم يُنشر تعليق لـ بوحبوط على صفحة إذاعة الجيش يقول فيه “لو أنّهم قبل عدّة سنوات أطلقوا صاروخاً باتجاه طائرة من دون طيار تابعة لسلاح الجو- حتى ولو لم تُصب- لكان ذلك أمراً دراماتيكياً جرّ هجمات على لبنان. ما حصل هذا الصباح هو أنّ حزب الله أطلق صاروخاً وأصاب طائرة بدون طيّار، مأهولة عن بعد، تابعة لسلاح الجو، وأنا أتحدّث عن طائرة كبيرة. اليوم هم أصابوا طائرة بدون طيار، هل تعرفون ما هي المرحلة المقبلة: إصابة طائرة مأهولة (حربية). إذا تحلّى المستوى السياسي بالجرأة وأعطى الأمر لسلاح الجو، لبنان لن يبقى على حاله. ما حصل هذا الصباح هو مسّ بتفوُّق سلاح الجو. أقدِّر أنّ ردّنا سيكون قاسياً”.
­    نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ حزب الله أعلن أنّه من أسقط الطائرة بدون طيار وهي من نوع هيرمِز 450 بواسطة صاروخ أرض- جو.
­    أفاد نوعام أمير، على منصّة X – صفحة المراسل العسكري في موقع ماكور ريشون- أنّ “حزب الله اعترض طائرة بدون طيّار تابعة لسلاح الجو من بعيد وهي مسلّحة فوق سماء لبنان”. ثمّ يُعلّق قائلاً: “هذه ليست غزة، لدى (السيّد) نصر الله قدرات وهذا يُعدّ تحدّياً”.
­    قال المراسل العسكري في القناة 14، هيلل بيتون روزن، إنّ “إسقاط طائرة زيك على يد حزب الله في الأراضي اللبنانية هي حادثة خطيرة جداً. يمكن التقدير أنّهم في إسرائيل سيبذلون ما بوسعهم لتدميرها حتى لا تكون في أيدي معادية للدراسة، وبالطبع البطارية التي اعترضتها. المطلوب ردّ قاسٍ جداً أبعد من ذلك”.
­    قال مراسل شؤون عسكرية في إذاعة الجيش، دورون كادوش: “أوّل طائرة بدون طيار تابعة للجيش الإسرائيلي تُصاب في الحرب وتسقط في أرض العدو”.
­    أفاد المراسل العسكري في موقع واللا، أمير بوحبوط، مرّة أُخرى، أنّ “ما حصل اليوم هو تجاوز للخط الأحمر من قبل حزب الله وعلى الجيش الإسرائيلي أن يردّ بقوّة من حيث المدى والنيران. أمّا إذا ما سمحنا لهذا الأمر أن يمرّ كما لو أنّه هدف آخر حاول حزب الله إصابته فنحن سنتدهور إلى منطقة خطرة تصبح فيها طائرات سلاح الجو في خطر. لقد استخدموا صاروخ أرض- جو، وهو صاروخ موجّه وإحصائي، أي أنّهم يعرفون على ماذا يوجّهون الصاروخ وما الذين يريدون إصابته”.

تجدر الإشارة إلى أنّ موضوع إصابة الطائرة بدون طيار الإسرائيلية في سماء لبنان وسقوطها حاز على اهتمام الجمهور الإسرائيلي على منصّات وسائل التواصل الاجتماعي (x، تلغرام، فيسبوك) وبات الموضوع رقم واحد “ترند” في التداول.

وركّز النقاش حول مصداقية الناطق الرسمي بعد كلامه الأوّلي وبيان حزب الله الذي أعلن مسؤوليته عن إسقاط الطائرة بدون طيار ومقاطع الفيديو والصور التي انتشرت من لبنان. كما برز نقاش بشأن خطر الحرب في ظلّ امتلاك حزب الله لهذا النوع من الأسلحة. ودعا كثيرون من المشاركين في النقاش على منصة x إلى توجيه ضربة لحزب الله بهدف تجنُّب تكرار ما حصل في 7 تشرين الأوّل على يد حماس.

المصدر: موقع المنار