تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 13-2-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
هل تهدّد تل أبيب بعملية رفح لتحصل لها واشنطن على الثمن في المفاوضات؟/ مصر تهدّد بتعليق كامب ديفيد… والمقاومة: المفاوضات وحياة الأسرى في خطر/ فضيحة في التحقيقات حول الأونروا: الاحتلال لم يقدّم أي دليل على الاتهامات
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية “بينما يرتفع صخب الحديث عن اقتراب موعد بدء جيش الاحتلال لعملية اقتحام مدينة رفح، باعتبارها التتمة الضرورية التي يتوقف عليها حصاد المراحل السابقة من حربه على غزة، وفقاً لوصف رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو الذي قال إن من يدعو لعدم القيام بعملية رفح إنما يدعو لحرمان “إسرائيل” من فرصة النصر، لا تبدو الصورة المحيطة لصالح ترجيح احتمال العملية. وبالرغم من نفي وزير الخارجية المصري سامح شكري للتهديد بتعليق اتفاقيات السلام الموقعة قبل أكثر من أربعة عقود بين مصر و”إسرائيل”، أكدت وكالة أنباء أسوشيتد برس وصحيفتا وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز ما تمّ نشره السبت لجهة أن القاهرة حذرت من إمكانية تعليق معاهدة السلام، إذا أرسلت “إسرائيل” قوات إلى رفح الفلسطينية، المتاخمة للحدود المصرية، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن وول ستريت جورنال التحذير ذاته. ومن جهة مقابلة أكدت مصادر قريبة من قوى المقاومة أن مستقبل التفاوض حول وثيقة باريس وحياة الأسرى الإسرائيليين سيكونان أولى ضحايا عملية رفح.
لم تستبعد مصادر دبلوماسية متابعة أن يكون التهديد بعملية رفح محاولة منسقة بين واشنطن وتل أبيب عشية مفاوضات القاهرة، لرفع السقف التفاوضيّ لصالح كيان الاحتلال، لوضع وقف العملية كثمن مقابل لمطالب إسرائيلية تفاوضية، بما يشبه وضع وقف الحرب على غزة كثمن مقابل لطلب التطبيع السعوديّ مع “اسرائيل”، كما ورد في صيغة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن التي قدمت لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
على ضفة أخرى، كشفت مصادر أممية وأوروبية عن فضيحة أظهرتها التحقيقات الأممية التي شارك فيها الاتحاد الأوروبي، حيث لم تظهر أي أدلة تشير إلى تورط أي من موظفي الأونروا في عملية طوفان الأقصى ضمن قوات القسام أو بالتعاون معها، بل إن المحققين بقوا أياماً ينتظرون أن تقدم لهم مخابرات جيش الاحتلال نسخاً عن تحقيقات مزعومة قالت إنها أجرتها وكشفت هذا التورط، لكنها لم تحصل على شيء سوى المزاعم التي قال قادة أمنيون في الكيان للمحققين الأمميين والأوروبيين إنها استنتاجات تتصل بسهولة استيلاء قوات القسام على مواقع إسرائيلية يعتقد أنهم استخدموا تسهيلات معينة لدخولها، قد تكون تسهيلات ممنوحة لموظفي الأونروا. وتساءلت المصادر عن درجة الانحدار الأخلاقي في مستوى اتخاذ القرار السياسي في الدول الغربية، بحيث إن خمس دول غربية كبيرة قررت تجميد تمويل الأونروا لمجرد صدور هذه المزاعم الإسرائيلية دون أي تحقيق.
وفيما يتجه الوضع في غزة الى مزيد من التصعيد مع توسيع العدوان الإسرائيلي نحو رفح، حافظت الجبهة الجنوبية على سخونتها مع تكثيف الاحتلال عملياته الأمنية بملاحقة القيادات والمسؤولين في حزب الله بحثاً عن إنجازات ميدانية لتعويض هزيمته العسكرية في الجبهة الغزاوية والجنوبية، في مقابل رفع المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن والعراق عملياتها العسكرية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي والقواعد الأميركية في العراق وسورية، في ظل تنسيق عالي المستوى بين قيادات محور المقاومة لا سيما خلال الأسبوع الماضي لمواجهة المرحلة الجديدة من الحرب في رفح وعلى صعيد المفاوضات الدائرة في باريس، وفق ما علمت «البناء».
وفي سياق ذلك، التقى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” في فلسطين زياد نخالة، حيث جرى استعراض المستجدّات في قطاع غزة والضفة الغربية ميدانيًّا وشعبيًّا وسياسيًّا، و”أوضاع جبهات الدّعم والمساندة الّتي يُقدّمها محور المقاومة في السّاحات المختلفة”. وأوضح “حزب الله” في بيان، أنّ “التّداول تمّ بالاحتمالات القائمة والتّطوّرات المتوقّعة، سواءٌ على مستوى الميدان أو الاتصالات السّياسيّة”، مشيرًا إلى أنّ “الجانبين أكّدا ضرورة الثّبات ومواصلة العمل بقوّة، لتحقيق النّصر الموعود إن شاء الله”.
وأشارت مصادر مطلعة على الوضع الميداني والسياسي لـ”البناء” الى أن “حكومة الحرب في “إسرائيل” فشلت في اتخاذ قرار موحّد حول توسيع الحرب على لبنان بسبب عجز الجيش الإسرائيلي عن خوض جبهة ثانية مع لبنان والتي ستكون أصعب بكثير من جبهة غزة، وكذلك غياب الضوء الأخضر الأميركي، لذلك قرّرت بموافقة أميركية التوجه نحو الجبهة الأضعف أي رفح لمحاولة تسجيل إنجازات تعوّض ما فقدته في غزة وجنوب لبنان من خسائر عسكرية وأمنية ومعنوية، وبالتالي تحسين شروطها التفاوضية في مفاوضات باريس”. ولفتت المصادر الى أن “توسيع العدوان الإسرائيلي باتجاه رفح سيؤدي الى ارتكاب مجازر هائلة وكارثة إنسانية ما يعني أن التصعيد على مستوى المنطقة برمّتها ودخول مصر بقوة على خط الحرب، فيما سيدفع محور المقاومة لتصعيد عملياته في مختلف الساحات ضد “إسرائيل” والمصالح والقواعد الأميركية في المنطقة ومن ضمنها قاعدة التنف التي تمّ استهدافها منذ أسبوعين”. واستبعدت المصادر توسيع “إسرائيل” عدوانها على لبنان لأسباب عدة، لكنها ستصعد العمليات الأمنية والاغتيالات في لبنان وسورية وغزة والعراق”.
وفيما يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر اليوم باحتفال للحزب في يوم الجريح بالضاحية الجنوبية، شدّد رئيس الهيئة الشرعية في “حزب الله” الشيخ محمد يزيك على أن “الحل يبدأ وينتهي في جهات المساندة لغزة، التي ستبقى ما دامت الحرب على غزة، ونحن على يقين بأننا سننتظر وستثمر التضحية والدماء عزة وكرامة وحصانة لمجتمعنا”. ورأى أن “أميركا لا تريد وقف الحرب، لأنها الشريكة بها، وقد أعطت ما بإمكانها لهذا العدو ليُبيد ويقتل لعله يحقق ما تريده أميركا، التي زرعت هذا المولود من أجل أمنها وسطوتها في المنطقة”.
ولفت الى أن “أميركا تخاف أن يسقط هذا الكيان فيولون منهزمين، وسيأتي اليوم الذي تخرج فيه أميركا من غرب آسيا، كما قال الإمام الخامنئي ويسقط هذا الكيان، بيت العنكبوت”.
وأشار الى أن “من بركات الثورة الإسلامية في إيران والإمام الخامنئي أنك ترى محوراً للمقاومة من لبنان والعراق ولبنان يهبّ لمناصرة ومساندة أهلنا في فلسطين وغزة”، مضيفاً أن “إيران تقف بكل وضوح وجرأة لتدعم المقاومة في فلسطين بالسلاح والمال لرفع المظلومية عن هذا الشعب، وهي لن تهاب أميركا والغرب”.
وكانت المقاومة في لبنان واصلت عملياتها ضد مواقع العدو الصهيوني على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، مستهدفة تحصينات المواقع وأجهزتها التجسسيّة وتجمّعات قوات العدو، واستهداف موقع الرادار وثكنتي برانيت وزرعيت ومبنيين في مستعمرتي “يرؤون” و”افيفيم”. كما قصفت موقع زبدين وانتشارًا لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع بركة ريشا، والتجهيزات التجسسية في موقع الرادار بصاروخ موجّه وأصابته مباشرة.
ونعى حزب الله الشهيدين محمد باقر حسان وعلي أحمد مهنّا، وشيّعت حركة أمل الشهيد حسن علي فروخ في بلدة عنقون، وأكد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قبيسي خلال إلقائه كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري أن “الوطن لا تُحمى سيادته ويُصان ترابه وتُحمى وحدته الا بالتضحيات وبحفظ عناوين قوته المتمثلة بالوحدة الوطنية وبالمقاومة”، لافتا الى أن “”إسرائيل” لا تفهم ولا ترتدع بالقوانين الدولية”.
في المقابل واصل العدو الاسرائيلي اعتداءاته على الجنوب، وأعلن الدفاع المدني اللبناني عن سقوط 4 شهداء جراء قصف إسرائيلي على منزل في مارون الراس. واستهدفت مسيّرة إسرائيليّة سيارة بالقرب من مستشفى بنت جبيل الحكومي في غارة أدّت الى وقوع إصابات.
وشنّ جيش الاحتلال غارة على بلدة طيرحرفا استهدفت منزلاً في وسط البلدة ما ادى الى اصابة شخصين بجروح إصابتهم خطرة، فيما تمكن عناصر جمعية “الإسعاف الصحي” من إجلاء ثلاثة مواطنين كانوا محتجزين في منزلهم جراء القصف الى منطقة آمنة. وتسببت الغارة أيضاً بأضرار في عدد من المنازل، وعملت فرق الإنقاذ في الدفاع المدني على رفع الأنقاض وسط تحليق مكثف للطيران المعادي في الأجواء. وكانت الأحراج في منطقة اللبونة في شرق الناقورة تعرّضت لقصف مدفعي متقطع. واستهدف الطيران الإسرائيلي بلدة الجبين. وعلى الفور توجهت سيارات الإسعاف الى المنطقة. وتعرضت الخيام فوق منطقة الشاليهات لقصف مدفعي وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على البلدة. كما أغار على دفعتين على تلة العويضة بين كفركلا وعديسة قضاء مرجعيون، ولجهة الطيبة. وقصفت المدفعية الإسرائيلية اطراف بلدة الضهيرة.
على الصعيد الدبلوماسي، أكد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب بعد لقائه كلاً من سفيري فرنسا هيرفيه ماغرو واسبانيا خيسوس سانتوس اغوادو ان “استقرار الوضع في الجنوب هو الأولوية للبنان، والتطبيق الشامل والمتوازن للقرار 1701، ما يوقف الخروقات ويؤدي الى انسحاب “إسرائيل” الى الحدود المعترف بها دولياً، بما فيها مزارع شبعا هو المدخل لتحقيق الأمان”.
في غضون ذلك، انشغلت الساحة السياسية بعودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان عشية إحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري غداً في 14 شباط.
وفي أول نشاط له زار الحريري رئيسَ حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي وأقيمت للحريري فور وصوله مراسم الاستقبال الرسمية، ثم عقد الرئيسان اجتماعاً في مكتب رئيس الحكومة.
ورحّب رئيس الحكومة بالرئيس الحريري، وتمنى “أن تكون ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في الرابع عشر من شباط مناسبة جامعة تؤكد وحدة اللبنانيين في وجه الأخطار المحدقة بلبنان”. بعد ذلك أولم الرئيس ميقاتي تكريماً للرئيس الحريري في مشاركة الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة.
ولوحظ خلال الاجتماع بين ميقاتي والحريري تغيير في ديكور مكتب رئيس الحكومة والكرسي الذي جلس عليها الحريري، بما أوحى بأن الحريري ليس ضيفاً عادياً بل برتبة “رئيس حكومة”. وقال ميقاتي خلال اللقاء وفق ما علمت “البناء” بأن الحريري ليس زائراً بل من أهل البيت.
كما علمت “البناء” أن الحريري سيتوجّه غداً الى ضريح والده في وسط بيروت ويقرأ الفاتحة ويضع إكليلاً من الزهر، ويرافقه الرئيس ميقاتي ومفتي الجمهورية عبداللطيف دريان. كما سيزور الرئيس بري في عين التينة قبل ظهر اليوم وفق معلومات “البناء”.
وأشارت أوساط في تيار المستقبل لـ”البناء” الى أن عودة الرئيس الحريري الى بيروت طبيعية مع حلول ذكرى استشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، كما كل عام، وليست مرتبطة بالضرورة بهدف سياسي. ولفتت الأوساط إلى أن الحريري سيبقى لبعض الوقت في لبنان ليكون مع أهله ومحبيه من جميع اللبنانيين، لكن الخطوة المقبلة هي ملك الحريري أكان البقاء في لبنان أم ممارسة أي نشاط سياسي. لكن الأوساط تشير الى أن الحريري سيغادر بعد أيام ولا موعد محدد لعودته الى لبنان. وأوضحت أن عودة الحريري الى الحياة السياسية لم تُحسم، وإن كان هناك مؤشرات ومعطيات على الصعيد الإقليمي والدولي تدفع بهذا الاتجاه، لا سيما بعد لقاء مستشاره جورج شعبان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في موسكو والحديث الذي دار في الملف الرئاسي، إذ أن المعادلة السياسية وكذلك الرئاسية مجمّدة منذ 17 تشرين 2019 حتى الآن، وقد تحرك عودة الحريري المياه الراكدة في هذه الملفات، لكن لا يمكن حسم الأمر بانتظار اكتمال المؤشرات ونضوج الظروف الإقليمية والدولية.
كما لفتت المصادر المستقبلية لـ”البناء” الى أن الأحداث الداخلية واللعبة النيابية والاستحقاقات السياسية أثبتت بأن لا أحد يستطيع تجاوز الحريري ولا تيار المستقبل الذي لا يزال يملك التمثيل الأكبر في الساحة السنية، ولم يستطع أحد ملء الفراغ الذي خلفه غياب الحريري، ولا خلق مرجعية سياسية سنية في ظل تشتت وتوزع القوى السنية النيابية بين قوى وتيارات متعددة، ما يصعب التوصل الى تسوية سياسية في الملف الرئاسي.
على صعيد آخر، اجتمع الرئيس ميقاتي مع وزير المالية يوسف الخليل وتمّ البحث في الأوضاع المالية والاقتصادية ومتابعة البحث الذي جرى في مجلس الوزراء بشأن العاملين في القطاع العام. كما اجتمع الرئيس ميقاتي مع حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري.
ليس بعيداً، وبعد توزيع مشروع القانون المتعلق بمعالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها على الوزراء، أفيد أن الرئيس ميقاتي بصدد الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء وعلى جدول أعمالها بند وحيد وهو مشروع القانون المذكور وقد تُعقد ما بين ٢٢ او ٢٣ من الشهر الحالي.
ولفتت مصادر مطلعة على الوضع المالي لـ”البناء” الى غياب الاهتمام الحكومي والنيابي بالملف المصرفي وبأموال المودعين في ظل تلكؤ الحكومة والمصرف المركزي والمجلس النيابي في الضغط على المصارف ليس لتطبيق تعاميم مصرف لبنان لا سيما المتعلق بدفع 150 دولاراً للمودعين فحسب، بل للإقرار بحقوق المودعين في استعادة ودائعهم والمباشرة بوضع خطة متكاملة لإعادة تكوين الودائع واعادة الأموال الى المودعين تدريجياً وبشكل عادل. ولفتت المصادر الى أن معظم كبار المصرفيين والسياسيين هربوا أموالهم الى الخارج قبل 17 تشرين 2019 وبعده وطيلة السنوات التالية، ولا زال تهريب الأموال سارياً حتى الآن، حيث حول أحد كبار الموظفين في الدولة حوالي 800 ألف دولار الى فرنسا منذ أشهر قليلة لشراء شقة في باريس من دون أي رفض من المصرف فيما ترفض المصارف طلبات الكثير من المودعين تحويل مبالغ مالية صغيرة الى الخارج لأسباب تجارية أو صحية أو اجتماعية. وتساءلت المصادر عن سبب رفض الحكومة إعداد مشروع قانون واضح للكابيتال كونترول طيلة ولاية الحكومة الحالية وإحالته الى المجلس النيابي، علماً أنه وإن أقر الكابيتال كونترول فإنه سيطبق فقط على صغار المودعين بعدما هرب النافذون من السياسيين وكبار الموظفين أموالهم الى الخارج، والنتيجة الوحيدة لهذا القانون ستكون وقف تدفق رؤوس الأموال الخارجية الى لبنان”.
الاخبار:
نسخة ثانية من «اجتماع باريس» اليوم | أميركا تواصل المراوغة: الحرب باقية
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار “لا تكفّ واشنطن عن المراوغة وممارسة الألاعيب، حتى يكاد يمكن القول إن السِّمة التي لازمت الأداء الدبلوماسي الأميركي طوال هذه الحرب، هي الخداع، وإن بشكل فاقع ومفضوح. وخلال الأسبوعين الماضيين، لم تترك الخارجية الأميركية، وموفدو الرئيس جو بايدن الخاصّون، جهة أو دولة في المنطقة والعالم، إلا أبلغوها بأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة اقتربت من نهايتها، وأن الولايات المتحدة ترعى مفاوضات شاقّة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وستصل إلى نتائج إيجابية خلال وقت قصير. وقبل ذلك، عمدت واشنطن إلى اتخاذ كامل الإجراءات العسكرية والسياسية، الترهيبية والترغيبية، لمنع انفلاش الحرب في المنطقة، وسعت بلا كلل من أجل الحيلولة دون تفعيل جبهات المساندة، في لبنان واليمن والعراق. وإذ فشلت في وأد هذه الجبهات، فهي استمرت في التعامل معها بحذر، باعثةً برسائل في كل الاتجاهات، مفادها أنها تريد إنهاء الحرب، وهي تمارس ضغوطاً على إسرائيل في هذا الاتجاه. إلا أن الحقيقة هي أن واشنطن تريد إدارة الحرب بطريقة تحقّق لها ولتل أبيب إنجازاً سياسياً حقيقياً، وإنجازات أمنية غير بسيطة، وتحدّ من الضرر الذي أصاب الأمن القومي الأميركي والإسرائيلي.وبعد أن أعلنت الولايات المتحدة، خلال الأيام الماضية، رفضها الكامل لعملية عسكرية إسرائيلية في رفح جنوبي قطاع غزة، عادت لـ«تقبل» بتلك العملية، وإن بـ«شروط» تتعلّق بتقليص عدد الضحايا من المدنيين. والظاهر أن الولايات المتحدة لا ترى في مقتل عشرات المدنيين، فجر أمس، خلال عملية «محدودة» في رفح، ما يدفعها إلى التشدّد في شروطها المزعومة، إذ قال منسّق الشؤون الاستراتيجية في «البيت الأبيض»، جون كيربي، إنه «لا يمكنه تأكيد مقتل مدنيين في رفح»، بحسب تصريحاته مساء أمس، مضيفاً أن حكومته «لا تدعم وقفاً عاماً لإطلاق النار في غزة في الوقت الحالي»، معرباً عن «سعادتنا لنجاح الجيش الإسرائيلي في إطلاق سراح إسرائيليين في رفح». ورغم أن بايدن، بحسب ما تُظهره التقارير والتسريبات الإعلامية، ضاق ذرعاً برئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلا أنه لم يتّخذ بعد قراراً بممارسة ضغوط جدّية على إسرائيل لدفعها إلى تغيير موقفها وأدائها. ونقلت شبكة «إن بي سي» الأميركية، عن مصادر مطّلعة، قولها إن «بايدن وصف نتنياهو بأنه العائق الرئيسي أمام محاولات إقناع إسرائيل بوقف إطلاق النار»، واعتبر أن «التعامل معه أصبح مستحيلاً». ويرى بايدن أن «نتنياهو يريد استمرار الحرب حتى يتمكّن من البقاء في السلطة»، لكنه «لا يزال يعتقد أن نهجه المتمثّل في دعم إسرائيل بشكل لا لُبس فيه هو النهج الصحيح».
وعلى الطريقة الأميركية نفسها، تدفع واشنطن إلى تحقيق اختراق في المفاوضات خلال الأيام القليلة المقبلة، وبشكل خاص خلال الاجتماع الذي سيُعقد اليوم في القاهرة، وسيجمع إلى جانب رئيس الاستخبارات الأميركية، رئيسَي «الموساد» و«الشاباك» ومسؤولين إسرائيليين آخرين في ملف الأسرى، إضافة إلى رئيس الوزراء القطري ورئيس الاستخبارات المصرية. وهذا الفريق، هو نفسه الذي توصّل إلى ما عُرف بـ«اتفاق الإطار» التفاوضي في باريس قبل أسابيع. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس»، عن مسؤول أميركي رفيع، قوله إن «إمكانية التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار هيمنت على مكالمة بايدن ونتنياهو الأخيرة»، وإن «اتفاق الإطار جاهز إلى حد كبير للتوصّل إلى صفقة تبادل ووقف القتال، لكن هناك فجوات».
من جهة أخرى، وفي مباحثات مع المصريين حول الصفقة، طلب الأخيرون من وفد حركة «حماس» العودة إلى القاهرة، «لأنه سيكون هنالك جديد بعد الاجتماع الأميركي – المصري – القطري – الإسرائيلي»، بحسب مصادر مطّلعة تحدثت إلى «الأخبار». وبحسب المصادر، فإن «الحركة ردّت بإيجابية، وقالت إنها سترسل وفداً». وبحسب معلومات متداولة، فإن «الوفد الإسرائيلي المفاوض وصل مساء أمس إلى القاهرة»، كما وصل مندوبون عن رئيس الاستخبارات الأميركية، وليام بيرنز، تمهيداً لاجتماع اليوم. وفي السياق نفسه، قال القيادي في حركة «حماس»، أسامة حمدان، إنه «خلال لقاء وفد الحركة في القاهرة، تمّت مناقشة ردّنا على مقترحات باريس»، لكن «ما عرضه الاحتلال من معادلات لتبادل الأسرى يؤكّد أنه غير جاد»، في إشارة إلى عدم قبول العدو إلا بإطلاق 3 أسرى فلسطينيين، مقابل كل أسير إسرائيلي في المرحلة الأولى من الصفقة. وأضاف حمدان أن «الحركة اطّلعت أمس على ردّ الاحتلال بشأن مقترح باريس»، واصفاً إياه بأنه «تراجع عن مقترح باريس، ويضع عقبات لا تساعد في إبرام اتفاق».
وبخصوص العملية العسكرية في رفح، «أبلغ المصريّون حركة «حماس»، رفضهم التامّ والقاطع لأي عملية عسكرية برية للجيش الإسرائيلي في رفح»، مضيفين «أنهم لن يسمحوا مهما كان الثمن بأن يتوجّه اللاجئون إلى الأراضي المصرية»، بحسب المصادر المطّلعة نفسها. لكن، تقرّ هذه المصادر بأن «المصريّين اقترحوا على الإسرائيليين توجيه الناس إلى المنطقة الوسطى في غزة، وخاصة دير البلح وإعلانها منطقة آمنة»، ما يُظهر تناقضاً وتخبّطاً في الموقف المصري. وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مصادر مطّلعة أن «تل أبيب تقترح إنشاء مخيمات جنوب غرب غزة كجزء من خطة لإجلاء سكان رفح قبل اجتياح الجيش للمنطقة». وأضافت الصحيفة أن «المقترح الذي قدّمته إسرائيل إلى مصر، يتضمّن إنشاء 15 مخيماً يضمّ كل منها 25 ألف خيمة، تكون مصر مسؤولة عن إقامتها، إلى جانب مستشفيات ميدانية بتمويل من أميركا ودول أخرى»”.
الحريري في بيروت زائراً صامتاً: لا عفو سعودياً بعد
وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار ” كما كانَ مُنتظراً، وصلَ رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري مساء الأحد إلى بيروت لإحياء الذكرى التاسعة عشرة لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، في زيارة تستمر نحو أسبوع. توقيت الزيارة، جعل التمنيات تطغى عليها، في وقت تمرّ المنطقة منذ عملية «طوفان الأقصى» بتحوّلات كبيرة يراهن عليها جمهور الحريري علّها تعيده مجدّداً إلى الحياة السياسية.خرقَ وصول «الشيخ» الرتابة السياسية التي تعيشها البلاد منذ 7 أكتوبر الماضي، وحرّك كلّ من يمنّي النفس بعودته من المنتمين أو المتعاطفين وحتى «المنقلبين». أغرب ما في الصورة التي رافقته، حالة الابتهاج به وكأنه «العائد المُحرّر» مرة ثانية من الرياض التي احتجزته وأجبرته على الاستقالة عام 2017. لم يكن «تغييب» الحريري اختباراً لقاعدته السّنية، فحسب، بل أيضاً الوطنية التي جرّبت حال «اللازعامة» على مستوى الطائفة، وجعلت حتى خصوم الرجل يرحّبون بعودته ويطالبون بها، تعبيراً عن الحاجة إلى وجوده كشريك في الحكم، منادين ضمناً بمنحه عفواً سياسياً من المملكة العربية السعودية لكسر قرار الاعتكاف واستئناف عمله، باعتباره الممثّل الشرعي شبه الوحيد للطائفة السّنية والمدخل الوحيد لإعادة التوازن.
في غضون ذلك، استمرت الاستعدادات والتحضيرات على الصعيد الشعبي في الشارع السّني، فجابت المسيرات السيّارة شوارع العاصمة منذ مساء الأحد، رافعة أعلام تيار «المستقبل» تحت شعار «تعوا ننزل ليرجع»، وانتشرت الصور واللافتات الداعية إلى حشد جماهيري يواكب زيارته الضريح في ذكرى 14 شباط، وناقشت بعض الأفكار إمكانية إقامة اعتصامات أمام منزله في وادي أبو جميل لمنعه من المغادرة!
في المحصّلة، أين وكيف سيصرف الحريري كل هذا التأييد وهذا التعاطف؟ حتى الآن، اختار الرجل التزام الصمت، حتى بشأن برنامجه الذي فضّل أن يتركه «مبهماً». وهو بدأه، من السراي الحكومي أمس، حيث أقيمت له مراسم الاستقبال الرسمية والتقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أولَم على شرفه بحضور الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية. أما في بيت الوسط، فالتقى الحريري شخصيات من تيار المستقبل، على رأسها الأمين العام للتيار أحمد الحريري، وعلمت «الأخبار» أن محطة الحريري الثانية ستكون في دار الفتوى للقاء مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان كما سيزور رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما لم يُحدد أي موعد بعد مع النائب السابق وليد جنبلاط الذي يزور عادة الحريري في ذكرى 14 شباط، وتفيد المعلومات بأن هناك أخذاً ورداً في هذا الشأن. أما بالنسبة إلى اللقاءات الأخرى، فأكّدت مصادر معراب لـ«الأخبار» أن «وفداً قواتياً سيزور الرئيس الحريري في منزله، على أن يتحدد في الساعات المقبلة موعد الزيارة»، أما بالنسبة إلى «التيار الوطني الحر» فتجيب مصادره عن سؤال حول زيارة قد يقوم بها وفد عوني للقاء الحريري بالقول: «غير معروف بعد»، لكن من المتوقّع أن يبادر نواب في التيار إلى زيارته بشكل منفرد.
باستثناء لقائه الرسمي مع ميقاتي، لم يشهد يوم الرئيس الحريري أمس أي لقاءات سياسية، فهو اكتفى بالاجتماع مع أفراد من العائلة وعدد قليل من الكوادر المستقبلية والصحافيين «الأصحاب». ورفض الحريري إعطاء أي تصريح سياسي، قائلاً للصحافيين الذين جالسوه في بيت الوسط إنه سيتحدث إليهم «الأربعاء بعد زيارة الضريح»، علماً أنه لن تكون له كلمة سياسية في المناسبة. وعلمت «الأخبار» أن «جدول أعمال الحريري يتضمّن لقاءات دبلوماسية مع سفراء عرب وأجانب طلبوا اللقاء به».
الثابت الوحيد في هذه المرحلة هو الـ «نيولوك» الذي أطلّ به الحريري. أما ما عدا ذلك، فبقي قابلاً للتفسيرات غير المؤكّدة. هل هو عائد حقاً أم لا؟ هل توافرت الظروف لعودته أم لا تزال صعبة؟ هل هناك تقاطع دولي مع الرغبة الداخلية بذلك؟
تقول مصادر مطّلعة إن «الدولاب لم يبرم برمته بعد، وإن الكلام السياسي المرافق لزيارة الحريري مبالغ فيه»، كاشفة أن «الحريري أبلغ فريقه بأنه سيغادر ولن يبقى في البلد»، رغمَ إصرار «جماعته» على التسويق لفكرة أن «دولاً خارجية تتفاوض معه للعودة لكنّه يشترط أن تكون هناك خارطة طريق»!
وأضافت المصادر أن «الأفق السياسي للأزمة اللبنانية لا يزال مغلقاً، ولا مكان محجوزاً للحريري حتى الآن، طالما لم تغيّر المملكة العربية السعودية رأيها»، معتبرة أن «الزيارة ستؤكد فقط أن غيابه عن المشهد لم يؤثّر على شعبيته وهي بمثابة جس نبض لمدى التجاوب معه في حال سمحت الظروف بالعودة الكبرى». كما اعتبرت أن تيار المستقبل يستغلّ هذه الزيارة والظروف المحيطة بها لتجديد المبايعة التي قد «تفرض حجز موقع له في أي تسويات آتية إلى المنطقة»”.
المصدر: الصحف اللبنانية