تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 9-2-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
ارتقاء إسرائيلي باستهداف مقاومين في قلب النبطية: المقاومة تقصف المراكز القيادية للعدوّ
شهد يوم أمس الخميس تصعيداً ملحوظاً لوتيرة الأعمال العسكرية من قبل العدو الذي وسّع دائرة استهدافاته جغرافياً ليصل إلى النبطية، كأبعد نقطة في العمق بعيداً عن الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.
في المقابل، صعّدت المقاومة من عملياتها ضد مواقع وثكنات وتجمّعات جنود العدو. وهي أرادت بذلك حرمان العدو من الاستفادة من أي فرصة لمحاولة تكريس أمر واقع ميداني لناحية تقييد حركتها أو رسم هوامش وسقوف لها. واستهدف حزب الله أمس، ثكنة برانيت، ومقر قيادة اللواء الشرقي 769 التابع لفرقة الجليل 91 في ثكنة كريات شمونة.
وعلى الأثر أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية إصابة ضابط وجنديين، وصفت إصابة الضابط بالخطيرة. كما استهدف حزب الله مربض الزاعورة في الجولان وموقع بركة ريشة بصاروخَي “بركان”.
ثم قصفت المقاومة ثكنة “معاليه غولان” القريبة من أمكنة التزلج في الجولان المحتل بصاروخَي “فلق”. واستهدف سلاح المدفعية في المقاومة موقع الرادار في مزارع شبعا المحتلة. ورداً على الاعتداءات الإسرائيلية على القرى والمنازل المدنية، استهدف حزب الله مبنى في مستعمرة المطلة يتموضع فيه جنود العدو.
وواكبت وسائل الإعلام العبرية التطورات على الجبهة الشمالية، وتحدّثت عن سقوط صاروخ على مبنى في كريات شمونة، حيث طُلب ممن بقي فيها من المستوطنين الدخول إلى الملاجئ. فيما شوهدت أعمدة الدخان ترتفع من ثكنة برانيت بعد قصفها بصاروخ “بركان”، وهو ما أظهرته الصور التي بثّها الإعلام الحربي في المقاومة ليل أمس. كما أُغلقت الطرق المحيطة بمقر فرقة الجليل في الثكنة. وتحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية عن نشوب حريق وحصول أضرار في كريات شمونة نتيجة قصف حزب الله، كما تضرر عدد من المنازل في المطلة، وأصيب منزل في مستوطنة شتولا بالجليل الغربي بصاروخ مضاد للدروع. ودوّت صفارات الإنذار في زرعيت، شوميرا، وعرب العرامشة بالجليل الغربي، وفي “سنير” عند مدخل حرمون، وفي عدد من مستوطنات أصبع الجليل خشية تسلّل طائرات مُسيّرة.
ردّت المقاومة على اعتداء النبطية باستهداف قاعدة «ميرون» الجوية
في المقابل، كثّف العدو الإسرائيلي اعتداءاته في جنوب لبنان، وتعرّضت بلدة كفركلا لرشقات رشاشة وقصف مدفعي وغارات جوية متتالية. فيما استهدف العدو بالقصف المدفعي أطراف الضهيرة والجبين وطيرحرفا ومنطقة العبارة قرب الطريق المؤدية إلى بلدة العديسة الحمامص والخيام وعيتا الشعب ودير ميماس والحمامص وجنوبي مدينة الخيام التي تعرّضت أيضاً لعدد من الغارات الجوية المعادية. كما تعرّضت أطراف بلدتَي راشيا الفخار والهبارية لقصف مدفعي إسرائيلي.
هجوم النبطية
وشهدت أجواء مدينة النبطية تحليقاً متواصلاً للمُسيّرات الإسرائيلية من نوع هيرمز 900 و450. ولاحقاً، نفّذت إحداها هجوماً صاروخياً على سيارة بالقرب من تمثال حسن كامل الصباح، عند المدخل الشمالي للمدينة، ما أدّى إلى إصابة شخصين كانا في داخلها وآخر صودف مروره في المكان، وتمّ نقلهم جميعاً إلى مستشفى مجاور، حيث أُفيد بأن أحد المصابين حالته خطرة، وتمّ إدخاله إلى غرفة العمليات على الفور.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن ما حصل في النبطية كان عبارة عن “عملية اغتيال” استهدفت أحد قادة المقاومة، وتولّت بعض وسائل الإعلام العبرية والعربية نشر أسماء ومعلومات عن الشخصية المستهدفة. وقالت إذاعة جيش الاحتلال إن “هذا الاغتيال ردّ على إصابة ضابط في الجيش الإسرائيلي بجروح خطرة صباح اليوم (أمس) في كريات شمونة”.
ولم يصدر عن الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية أي بيانات نعي لشهداء. لكنّ حزب الله قام بعد وقت قليل من العدوان على النبطية، باستهداف قاعدة ”ميرون” الجوية الإسرائيلية بصواريخ “فلق” وأصابها إصابة مباشرة، وذلك رداً على الاعتداءات الصهيونية على القرى والمدنيين وآخرها ما حصل في مدينة النبطية.
أميركا تفتح باب المفاوضات غير المباشرة: المقاومة عند موقفها وعين العدو على رفح
غزة | القاهرة | بدأ، أمس، فعلياً، أول أيّام المفاوضات الجدّية بين حركة «حماس» والعدو الإسرائيلي، بشكل غير مباشر، بحضور الوسطاء المصريين والقطريين في القاهرة. وبعد وصول وفد من الحركة، برئاسة نائب رئيسها في قطاع غزة، خليل الحيّة، إلى القاهرة، يُتوقّع وصول وفد إسرائيلي معنيّ بالتفاوض إلى العاصمة المصرية، خلال وقت قريب، بعد حسم المستوى السياسي موقف «تل أبيب» من ردّ «حماس» على «اتفاقية الإطار»، التي انبثقت عن اجتماع باريس، والذي كان الإسرائيليون جزءاً منه. وعلى خط مواز، طلب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، من وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، تأجيل طرح الجزائر مشروع قرار وقف إطلاق النار في غزة في «مجلس الأمن الدولي». وبحسب مصادر دبلوماسية عربية، فإن «بلينكن يسعى إلى الوصول إلى وقف إطلاق نار ضمن صفقة، قبل طرح مشروع القرار الجزائري على التصويت، لذلك، هو يطلب مهلة أيام قليلة للتقدّم بالمفاوضات على طريق الوصول إلى اتفاق». وبحسب هذه المصادر، فإن «الأميركيين يتجنّبون تعطيل مشروع قرار جديد يطالب بوقف الحرب، خصوصاً في ظلّ قرار محكمة العدل الدولية الأخير، والذي سيُؤخذ في الاعتبار في أي مناقشة في مجلس الأمن».وبحسب مصادر قيادية في حركة «حماس»، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «وفد الحركة الذي يرأسه الحيّة، وصل إلى القاهرة أمس، وهو يحمل موقفاً إيجابياً للتوصّل إلى اتفاق يؤدّي إلى وقف الحرب بشكل كامل، فيما يُتوقّع أن تتكثف المفاوضات بعد وصول الوفد الإسرائيلي الذي يحمل ردّ الكيان». وأبلغ المصريّون وفد الحركة بأنهم في صدد الحصول على ردّ من قبل الحكومة الإسرائيلية، فيما أبلغت «حماس»، المصريين، بأن «حديث أطراف داخل دولة الاحتلال، وخاصة بنيامين نتنياهو، عن ممارسة ضغط عسكري تجاه قطاع غزة لدفع الحركة إلى خفض سقفها والقبول بصفقة تبادل أسرى دون وقف الحرب، لن يتم القبول به». وكان العدو جرّب، خلال الأشهر الأربعة الماضية، الضغط عسكرياً بكل قوة لدفع «حماس» إلى القبول بالإفراج عن الأسرى، «وفشل في تحقيق أي من أهدافه، بل وفشلت قواته العسكرية في استعادة أي أسير على قيد الحياة، والحركة مستعدّة للصمود لأشهر طويلة، وأكثر مما يتخيّل الاحتلال، وهي لن تتنازل عن موقفها الذي تم تقديمه ضمن المسوّدة الأولى للردّ على مقترح اتفاق الإطار»، بحسب المصادر نفسها. وتشير هذه الأخيرة أيضاً إلى أن «المفاوضات قد تستمرّ لعدة أيام وصولاً إلى أسبوعين في القاهرة، قبل بدء تنفيذ الاتفاق بشكل فعلي، وهذا الأمر مرتبط بدرجة أساسية بالردّ الإسرائيلي ووصول وفد العدو»، فيما تؤكد مصادر مصرية أن «مفاوضات مكّوكية غير مباشرة ستنطلق بين وفد حماس ووفد دولة الاحتلال، في حال كان ردّ الحكومة الإسرائيلية المُنتظر، إيجابياً».
وفي الوقت عينه، يُنظر في الكيان إلى تصريحات رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، المرتفعة اللهجة، على أنها جزء من عملية التفاوض. وقال مراسل الشؤون السياسية في صحيفة «هآرتس»، يونتان ليس، أمس، إن «نتنياهو لم يغلق الباب أمام صفقة على الرغم من تصريحاته». وأكّد أن «نتنياهو لم يعلن عن وقف المحادثات، أو أن إسرائيل تتخلّى عن المقترح
واكتفى بالقول إن إسرائيل لم تلتزم بذلك»، بينما اعتبرت مصادر سياسية تحدثت إلى الصحيفة نفسها، أن «تصريحات نتنياهو ضدّ الصفقة قد تساهم في تحضير الأرضية لمفاوضات في الأيام والأسابيع القريبة».
واعتبر مسؤول إسرائيلي، لم تسمّه «هآرتس»، أن «حماس صاغت ورقة لا يمكن لإسرائيل قبولها، ولكنها قد تحمل مؤشرات إلى أن الحركة مستعدّة لإدارة مفاوضات وربما أيضاً مفاوضات جدية لاحقاً».
وبحسب مصدر سياسي آخر، فإن «تصريحات نتنياهو بشأن عمليات الجيش الإسرائيلي المرتقبة في رفح ومخيمات أخرى للاجئين، من شأنها أن تزيد الضغط على الحركة على أمل تليين موقفها». لكنّ المصدر ذاته أشار أيضاً إلى أن هذه «مغامرة خطيرة».
بدورهم، يميل الأميركيون أيضاً إلى الاعتقاد بأن ردّ «حماس» يفتح المجال للتفاوض والوصول إلى نقاط وسطية. وهذا ما عبّر عنه منسّق الاتصالات الاستراتيجية في «البيت الأبيض»، جون كيربي، أمس، عندما قال إن «أجزاء من ردّ حماس كانت إيجابية للغاية، وأخرى نعتقد أنها تحتاج إلى مزيد من العمل»، مضيفاً: «متفائلون بشأن التوصّل إلى اتفاق».
أما في قضية رفح، فقال كيربي إن «مليون فلسطيني موجودون في رفح، والجيش الإسرائيلي مسؤول عن حماية المدنيين هناك»، رغم «(أننا) لا نرى أي مؤشرات على اعتزام إسرائيل تنفيذ عملية واسعة النطاق في رفح»، متابعاً أن «أي عملية عسكرية في ظل الظروف الحالية في رفح ستكون بمثابة كارثة على المدنيين هناك».
شهدت المحادثات بين المسؤولين المصريين ونظرائهم الإسرائيليين «سجالات حادّة» حول قضية رفح
وفي السياق نفسه، شهدت المحادثات بين المسؤولين المصريين ونظرائهم الإسرائيليين في القاهرة، «سجالات حادّة» حول قضية رفح، قبل أن يغادر الوفد الإسرائيلي، حاملاً التأكيد المصري على «رفض أي خطوة من شأنها المساس بمدينة رفح، وضرورة وقف الهجمات التي تُنفّذ على المدينة الحدودية»، بحسب مصادر مصرية مطّلعة تحدثت إلى «الأخبار».
كما أبلغت القيادة المصرية، الإسرائيليين، بأنها «ستتخذ قراراً فورياً بتعليق العمل باتفاقية السلام في حال تنفيذ المخطط الإسرائيلي باقتحام رفح بشكل منفرد في ظل الوضع الإنساني الحالي».
وكان نقل مسؤولون إسرائيليون في لجان الاتصال الأمني بين الكيان ومصر، رغبتهم في «التوصّل إلى موافقة مصرية على بعض التحركات»، وهو أمر «رفضته مصر حتى الآن»، بحسب المعلومات. لكنّ المصادر الفلسطينية، لا تنفي إمكانية أن يتوصّل الجانبان، المصري والإسرائيلي، إلى «تفاهم» حول شكل ومدى العملية العسكرية الإسرائيلية المفترضة في رفح.
إلى ذلك، شهدت المنطقة الحدودية بين قطاع غزة ومصر استنفاراً للجيش المصري، بعد قصف الجيش الإسرائيلي عدة نقاط على طول الشريط الحدودي خلال اليومين الأخيرين، توازياً مع زيادة وتيرة التصريحات الإسرائيلية حول وجود قرار ببدء عملية عسكرية في مدينة رفح. وشوهدت حوّامات مصريّة فوق الشريط، فيما سُجل انتشار قوات تأمين على الأرض لسدّ أي ضرر يصيبه، مع استمرار تعلية السور العازل.
وفي موازاة حراك القاهرة، وصل مساء أمس، إلى الرياض، وزراء خارجية عرب للمشاركة في «اجتماع وزاري تشاوري بشأن غزة».
النازحون السوريون في البقاع: قنبلة موقوتة «فات أوان» تفكيكها
في الإحصاءات الرسمية، لا يتجاوز عدد النازحين السوريين في البقاع 420 ألفاً. غير أن الإحصاءات الأمنية تؤكد أن العدد أصبح يقارب مليونين، وأن هناك نحو 120 ألف وحدة سكنية مستأجرة أو مملوكة من سوريين، في وقت يُسجل ارتفاع مطّرد في معدلات الجرائم والسرقات في مجتمعات النازحين. هذا العدد كافٍ وحده لأن يكون خبراً أساسياً. وفي وقت تنشغل القوى السياسية بكل ما هو ثانوي، تحوّل النازحون السوريون في البقاع، في الأشهر الأخيرة، إلى قنبلة موقوتة على كلّ المستويات، تكمن خطورتها، باعتراف أجهزة أمنية رسمية، بأنه “فات أوان تفكيكها” بعدما أصبحت متجذّرة في هذه المنطقة من شمالها إلى جنوبها، اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً، وبعدما أصبحت بلدات بأكملها بحكم “الساقطة” في أيدي النازحين.لماذا البقاع، وليس جبل لبنان (حيث تتهاون القوى السياسية أمام ارتفاع مخاطر النزوح السوري في المتن وبعبدا وكسروان وجبيل) أو الشمال أو الجنوب؟
يشكل البقاع المنطقة الأكثر تماساً مع سوريا. أصبح الشمال أقل تأثراً بعد موجات النزوح الأولى التي شملت معارضين وفارّين من الحرب في المناطق المحاذية للبنان، فيما بقي البقاع البوابة المفتوحة لدخول السوريين من كلّ الاتجاهات، بحسب معلومات أمنية، من موالين وعائلات نصفها يعمل مع النظام السوري (موظفون وأمنيون)، ونصفها الآخر مسجل على لوائح المفوضية العليا للاجئين، ومن معارضين استفادوا من جمعيات الدعم الأممية واللبنانية، المسيحية والإسلامية على السواء، ومن شبكات التهريب، ومن منظمات دولية تعمل من دون حسيب أو رقيب.
والبقاع هو نقطة التقاء سورية – لبنانية، بين منطقة مفتوحة خلال الحرب على مشاركة حزب الله في الحرب، وبين بلدات، ولا سيما في البقاع الأوسط، أصبحت ملجأ لمن هربوا من الحرب على مدى سنوات طويلة. كما أنه المنطقة الأكثر تنوعاً من بيئات وطوائف مختلفة، كل منها تعاملت مع النزوح السوري وفق حساباتها وتأثيراتها.
الوجود السوري في المناطق السنية، ولا سيما في البقاع الأوسط وبعض البقاع الغربي، هو الأكثر حضوراً وأهمية ودلالة، وقد تحوّل على مدى السنوات الأخيرة إلى عبء على البيئات اللبنانية الحاضنة اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً. رغم ذلك، تحول الاستفادة المالية منه دون رفع الصوت ضد النازحين.
من قب الياس إلى برالياس ومجدل عنجر وغزة وغيرها، يتحكم النازحون بالاقتصاد وبالسوق التجاري والصناعي، إلى جانب القطاع الزراعي، حيث تعمد مجموعات العاملين على فرض الأجور واليوميات، ورفع الأسعار دفعة واحدة على “غروبات” المياومين على “واتس آب”، ما يضطر أصحاب الأراضي للرضوخ، فيما تخفق كل المراجعات لدى وزارة الزراعة والقوى السياسية المؤثّرة الغائبة عن السمع.
أضف إلى ذلك التحكم بقطاع الألبسة المستعملة والصناعات الخفيفة والتجارات على أنواعها، ولم يفلت أي من القطاعات سوى قطاع سلاح الصيد الذي يحتاج إلى رخصة والصيرفة، رغم أن الأخيرة تتم أحياناً بغطاء لبناني.
في المناطق “الشيعية”، لا يتمتع الوجود السوري بالنفوذ ذاته، رغم أن بعض العاملين في هذه المناطق في السرقات والتهريب يلجأون إلى العناصر السوريين. لكنّ نفوذ العشائر والعائلات، وتلقائيا وجود حزب الله وحركة أمل، يجعلان من النزوح أكثر انضباطاً ولو شهد مناوشات وصدامات.
في المناطق المسيحية نوعان من النزوح. في القاع، مثلاً، التي رفضت إقامة مخيمات نازحين على أراضيها، يظل الاتكاء على الجيش ونسبياً على بلدات الجوار الشيعي، عاملاً مساعداً في لجم إيقاع النزوح، بخلاف بلدات أخرى تعاني من تأثيراتهم المباشرة في التحكّم بالأرض وبالمصالح.
أما النوع الآخر فيكاد يرزح تحت الضغط الأمني والاجتماعي للنازحين، كما هو عليه الأمر في بلدات البقاع الأوسط والغربي، تعاني من المشكلة نفسها البلدات الدرزية التي يلجأ نوابها إلى حل قضايا النزوح مع قيادات محلية، بعد غياب مرجعية سنية كان يؤمّنها تيار المستقبل.
القراءة الأمنية لواقع النزوح في البقاع سوداوية، تبدأ بالعدد وتنتهي بأنه فات أوان الحلول الجذرية، وما يفترض أن يحصل هو لجم التصعيد حتى لا يتضاعف عدد النازحين ومشكلاتهم، وتحديداً الأمنية.
في غمرة حرب غزة، وانشغال لبنان باحتمالات وقوع حرب فيه، تسرّب خبر عن بعض الجمعيات الإنسانية العاملة مع النازحين السوريين في البقاع، بأن إسرائيل لن تقصف مخيمات النازحين، وفي حال تمكّنت من القضاء على حزب الله، فإنها ستساعد في تحويل المخيمات المؤقتة إلى مخيمات دائمة على شكل أبنية.
هذا الخبر أثار ريبة أمنية من الهدف من الترويج له، ولا سيما أنه انتشر بشكل واسع ولاقى استحساناً في هذه التجمّعات. علماً أن المعاينة الجغرافية لتوزّع مخيمات النازحين في نقاط استراتيجية معروفة منذ زمن الحروب المتتالية، تطرح أسئلة عن قدرة هذه المخيمات على قطع طريق البقاع ــ بيروت والجنوب في دقائق.
هذا التوزّع مقلق بقدر القلق من كل ما يثير المخاوف أمنياً من عمليات إرهابية وخلايا نائمة ومن تنظيم عمليات السلب والقتل وإطلاق النار والتضارب بالعصي. وهذا الأخير يعني احتمال الانتقال إلى مرحلة القتل واستخدام السكاكين والبنادق والمسدّسات.
ويبقى الإرهاب النائم أكثر ما يقلق الأجهزة الأمنية، بعد إطلاق عناصر إرهابيين من السجون، وترهّل القضاء وغياب المتابعة الدقيقة لعناصر يدخلون لبنان في صورة غير شرعية بالمئات يومياً.
والعنصر الأكثر إقلاقاً يكمن في عصابات السرقة والقتل المنظّمة. وأبرز مشكلة هنا هي عدم وجود إحصاء دقيق للنازحين، والشكوك المحيطة بالأرقام والمعلومات التي تقدّمها المفوضية العليا للنازحين، علماً أنها تملك إحصاءات ومعلومات وبصمات متطورة لا تملكها الأجهزة الأمنية. بذلك، يصبح المتورّطون الذين تشغّلهم عصابات معروفة وغير معروفة، مجهولين لدى الأجهزة، في كل المناطق خارج البقاع، وبما أن لا داتا لدى الأجهزة الأمنية عنهم يصبحون مجرد أشباح لا قدرة على ضبطهم.
في ظل كل ذلك يُسجل غياب القوى السياسية، بكل انتماءاتها، وعجزها عن مواكبة الخطر المتنامي. ففقدان المرجعية السياسية وتأثيرات القوى المحلية على الأرض، وصعود فكرة دعم السوريين من دون أي تمييز، كل ذلك جعل النواب السُّنة على قدر من الانكفاء.
والنواب الشيعة لديهم حساباتهم الحزبية في التعامل مع الأمر الواقع لجهة القدرة على ضبط أوضاع القرى التي تدين بالولاء لهم. أما النواب المسيحيون، فقلة منهم تدرك حقيقة ما يجري على الأرض، لكنّ هؤلاء مكبّلون بقرارات كتلهم الحزبية، ومنهم من هو غير معنيّ إلا بتصفية الحسابات الداخلية بين تيارين مسيحييْن.
حجم الأموال التي تُدفع في البقاع قياساً إلى عدد المخيمات والنازحين يثير مخاوف عن الغايات الحقيقية من ورائها
في ظل هذا العجز، تصبح للمفوضية العليا للاجئين والمنظمات الإنسانية الكلمة الفصل في ما يجري. وهي تعرف رخاوة اللبنانيين وحسّهم التجاري، فتستفيد من هذه الثغرة ومن الوضع الاقتصادي لتستخدم أموالها في تغطية كماليات النزوح في شكل يتعدّى اليوميات الضرورية.
وإذا كان ذلك يتم في كل المناطق، إلا أنه في البقاع وقياساً إلى عدد المخيمات وعدد النازحين يصبح الوضع أكثر خطورة لجهة حجم الأموال التي تُدفع والغايات الحقيقية من ورائها.
فهناك تفاصيل تتعلق برشوات رؤساء بلديات بمشاريع مائية وكهربائية وإعمارية لتحسين عيش النازحين، وحين تتأزّم بعض التفاصيل وتنكشف السمسرات تُحل المجالس البلدية، لكنّ التنفيعات تبقى قائمة، وكذلك الهدر المتمادي في أموال المنظمات لصالح السوريين، فيما وزارة الداخلية المسؤولة عن البلديات بدورها تغضّ النظر عن تلك التي تستفيد من النزوح السوري في معظم المناطق.
العمولات التي تُدفع لمشروع قيمته عشرة آلاف دولار تكاد تكون عشرة أضعاف هذه القيمة يستفيد منها لبنانيون عبر المنظمات وبتغطية من المفوضية.
فيما لا سلطة رقابية على هذه المنظمات بحسب مصادر أمنية، إذ تعمل كلها عشوائياً ومن دون أي محاسبة، بعضها يصل من خارج لبنان ويبدأ العمل من دون أي ضوابط أو رقابة، لتتحوّل هذه المنظمات إلى عنصر مساعد في إقناع المفوضية والجهات المانحة بعدم وقف الدعم، ولا سيما لدى الدول الأوروبية التي يحكمها هاجس وحيد هو عدم السماح بهجرة النازحين من لبنان إليها.
يشكل البقاع مساحة جغرافية مناسبة لانتشار النازحين السوريين أكثر مما يحتمله بكل موزاييكه وخليطه الاجتماعي والطائفي والسياسي
يتفاوت المسح الشامل في مخيمات النازحين اجتماعياً وأمنياً واقتصادياً. النمو السكاني المطّرد، والذي يثير إعجاب نواب تغييريين وناشطات وناشطي حقوق الإنسان، لبنانيين وسوريين، يشمل آفات اجتماعية وأخلاقية، وارتفاع عدد الزيجات في البيت الواحد كما عدد الولادات غير المسجّلة كتلك التي يحاول مخاتير تسجيلها لبنانياً أو في خانة جنسية قيد الدرس تمهيداً لتسجيلها لاحقاً على سجلّات لبنانية.
النمو المطّرد لا يُعرف إحصائياً بقدر ما يُعرف من حجم المساعدات العينية كالمواد الغذائية وخزّانات المياه التي تقدّمها جمعيات الإغاثة إلى المخيمات والتي تشكل أحياناً أضعاف الحاجة إليها استناداً إلى الإحصاءات الرسمية.
بخلاف تصوير الإعلام الغربي والناشطين اللبنانيين لوضع المخيمات السورية، وأموال الكاش التي يتقاضاها العاملون في المنظمات الإنسانية التي تجعلهم يغضّون النظر عن كل المشاهدات التي يعرفونها حق المعرفة، وضع النازحين السوريين في نظر الأمن اللبناني، باختصار، قنبلة موقوتة، لا يُعرف وقت انفجارها ومن الصعب التكهّن بأن حلها قريب، ما دام القرار الحكومي غير واضح.
رئيس للأركان بمعيّة أربع مخالفات وطامة كبرى
سُدّد الشقّ المكمّل للفاتورة السياسية بتمديد ولاية قائد الجيش. صار الى تعيين رئيس للاركان بكمّ جديد من السوابق ليست الا مخالفات. بيد ان الاصل في ما حدث ان الكلمة للسياسة لا للدستور ولا للقوانين
ليس تعيين رئيس للاركان هو اللواء حسان عودة المهم الذي خرجت به امس جلسة مجلس الوزراء فحسب. بل ايضاً اربع مخالفات دستورية وقانونية في رزمة واحدة. يوازن ما فعله المجلس مجتمعاً بنصاب ثلثيْه اهمية ما ادلى به الرئيس نجيب ميقاتي في مستهل الجلسة، توطئة لموافقة الوزراء على تعيين عودة.
في ما قاله ميقاتي ان الوضع الداخلي بات لا يُحتمل، خصوصاً تأثير عدم وجود رئيس للاركان على المؤسسة العسكرية والحاجة الى ملء شغور المنصب. قال ان قائد الجيش العماد جوزف عون تحدث معه، واخطره انه لا يستطيع مغادرة البلاد في غياب مَن ينوب عنه في صلاحياته، في اشارة الى فراغ منصب رئيس الاركان.
تحدّث القائد الممدد له انه مدعو الى حضور معرض عسكري مهم في ابوظبي دُعي اليه من الدولة هناك، ومن الواجب مشاركته فيه. اضف انه مقيّد في حركته حيال الخارج. لا يملك ان يسافر لعدم وجود مَن يحلّ محله.
ثم اكمل ميقاتي انه صار الى درس الخيارات القانونية المتاحة، مُقرّاً بأن التعيين قد يشوبه عيب قانوني ومخالفة، وهو جاهز للامتثال الى القانون حيال اي مراجعة ابطال مرسوم التعيين. بيد انه لا يسعه ترك البلاد والجيش بلا رئيس للاركان. من بعده تحدث الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية، عارضاً الدراسة القانونية التي سيبنى عليها قرار مجلس الوزراء تعيين رئيس للاركان بالاستناد الى الظروف الاستثنائية.
قال ميقاتي ايضاً مفتتحاً الخوض في الموضوع، انه يتحدّث بصفته نائب رئيس المجلس الاعلى للدفاع قبل ان يسأل الوزراء الحاضرين هل من مأخذ لأي منهم. لم يُجب احد او يعترض. انتهى المطاف بتعيين العميد عودة رئيساً للاركان وترفيعه الى لواء.
سبق قرار البارحة محادثة لايام خلت بين رئيس حكومة تصريف الاعمال ورئيس مجلس شورى الدولة فادي الياس. قال الاول انه في صدد التفكير في تعيين الاعضاء الثلاثة الشاغرة مناصبهم في المجلس العسكري (رئيس الاركان والمدير العام للادارة والمفتش العام).
رد الثاني ان ليس في وسع المجلس تحمّل تعيين ثلاثة خلافاً للقانون، كون مراسيم تعيينهم يُلزم اقترانها بتوقيع وزير الدفاع موريس سليم الممتنع عن التوقيع، ما يربك المجلس. ما قاله ايضاً انه يفضّل الاكتفاء بتعيين رئيس للاركان وحده نظراً الى اهمية الموقع لدى القائد، كي ينوب عنه دون سائر الاسميْن الآخريْن.
قال الياس كذلك ان في وسعه تغطية تعيين رئيس الاركان ـ عالماً انه مخالفة ـ بذريعة الظروف الاستثنائية. نصح اخيراً بتعيين وحيد. ذلك ما حصل.
اما المخالفات الاربع فتكمن في الآتي:
1 ـ الخلط غير المبرر بين المجلس الاعلى للدفاع ومجلس الوزراء، او محاولة استحضار المجلس الاعلى الى مجلس الوزراء، وكلٌ منهما مؤسسة مستقلة عن الاخرى. ليست الصفة التي يحملها رئيس الجمهورية كرئيس للمجلس الاعلى للدفاع ولا رئيس الحكومة كنائب له، يصير الى التجول والتنقل بها او تُحمل من مكان الى آخر. ما ان يكتمل عقد المجلس الاعلى يبدأ دوره المرتبط بانعقاده. يرعى المجلس الاعلى للدفاع قانون الدفاع 102/83 في المادة السابعة فيه. بحسب المادة التاسعة وحده رئيس الجمهورية صاحب الدعوة الى انعقاده، او بناء على طلب ثلثيْ اعضائه الاصليين، وهم الى الرئيسين سبعة وزراء. للمجلس الاعلى اتخاذ توصيات ترفع الى مجلس الوزراء الذي يحوّلها قرارات. لدى شغور رئاسة الجمهورية تنتقل صلاحيات رئيس المجلس الاعلى للدفاع الى مجلس الوزراء مجتمعاً الذي يصبح عندئذ صاحب اختصاص توجيه الدعوة. لكل من المؤسستين آلية عمل واجراءات منفصلة عن الاخرى.
مع ذلك بدا مثيراً للانتباه ربط رئيس الحكومة دور المجلس الاعلى بمجلس الوزراء واستحضاره في خلال انعقاد مجلس الوزراء. لم يأتِ على ذكر انه نائب رئيس المجلس الاعلى الا لأن مراجعة مكية اوردت مرتين في الصفحتين 27 و34 ان رئيس الحكومة هو “نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة”. واقع الامر اولاً ان القائد الاعلى واحدٌ في المادة 49 في الدستور هو رئيس الجمهورية، الا ان الجيش يأتمر بمجلس الوزراء. ولأن نائب رئيس المجلس الاعلى ثانياً ينشأ حضوره في جلسة الانعقاد لا في كل اوان. بناء على الصفحتين هاتين، ناط رئيس الحكومة بنفسه بالصفة المضفاة هذه “واجب الحفاظ على المؤسسة العسكرية واستقرارها وضمان استمرارها وتماسكها”.
2 ـ مخالفة المادة 66 في الدستور التي توكل الى الوزراء ادارة مصالح الدولة وتنيط بهم تطبيق الانظمة والقوانين في كل ما يعود الى ادارته. لا يملك مجلس الوزراء الاستيلاء على صلاحية عهد فيها الدستور الى الوزير توازي تلك المعهود فيها الى رئيس مجلس الوزراء، على انها تمثل المغزى الحقيقي في اصلاحات اتفاق الطائف وهو التمثيل السياسي للوزير. ثمة خياران للوزير المُخل بوظيفته: اقالته بحسب المادة 65 بتطلبها ثلثيْ مجلس الوزراء او اتهامه من مجلس النواب عملاً بالمادة 70 بهذا الاخلال ومحاكمته تالياً امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
3 ـ مخالفة المادة 54 في الدستور القائلة باقتران توقيع الوزير المختص او الوزراء المختصين مع توقيعيْ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في القرارات المتخذة. في قرار اصدره مجلس شورى الدولة رقمه 74 في 16 تشرين الثاني 1995 برئاسة رئيسه القاضي جوزف شاوول في مراجعة اللواء منير مرعي ضد الدولة ـ مجلس الوزراء ووزارة الدفاع، اورد الآتي:
“… وبما انه بالاضافة الى ما ذكر لو كان صدور المرسوم المذكور لا يحتاج الا الى توقيع رئيس مجلس الوزراء، لما كان الدستور قد لحظ بصراحة في المادة 54 ضرورة ان يحمل توقيع الوزير المختص او تواقيع الوزراء المختصين. اي انه يجب ان يقترن المرسوم بتوقيع كل وزير يكون لوزارته علاقة مباشرة بالاحكام القانونية والتنظيمية التي يتضمنها الدستور.
وبما ان توقيع المرسوم من الوزير المختص هو الطريقة الدستورية التي بموجبها يتولى الوزير وفق احكام المادة 64 قبل التعديل ـ والمادة 66 فقرتها الثالثة بعد التعديل ـ ادارة مصالح الدولة وتطبيق الانظمة والقوانين في ما يتعلق بالامور العائدة الى ادارته، وبما خص به عندما يكون من الواجب اصدار مرسوم لاجل ذلك.
وبما ان توقيع الوزير المختص المرسوم ليس امراً شكلياً لازماً فحسب، بل هو من المقومات الجوهرية لتكوين المرسوم الصادر لتعلقه بالصلاحية. وعلى هذا فإن خلو مرسوم من توقيع الوزير المختص يجعل من هذا المرسوم عملاً ادارياً باطلاً لصدوره عن سلطة غير صالحة”.
4 ـ مخالفة المادة 21 في قانون الدفاع التي تضع اقتراح تسمية رئيس للاركان في اختصاص وزير الدفاع بعد استطلاع رأي قائد الجيش. ما حصل اخيراً ان صار الى تجاهل حق الاقتراح المنوط بالقانون بالوزير، واكتفي باستطلاع القائد رأيه غير الملزم في نهاية المطاف ما دام القرار يصدر عن مجلس الوزراء. على ان الصيغة القانونية للقرار ذاك يُعبَّر عنها دستورياً بمرسوم يحمل توقيع الوزير المختص. ذلك ما لم يحدث البارحة.
المفارقة ان الاختصاص المعطى للوزير لتعيين رئيس الاركان، هو نفسه المعطى له لتعيين قائد الجيش في المادة 19، واقترانه الملزم باقتراحه اولاً وبتوقيع مرسوم التعيين ثانياً. ما لم يفعله مجلس الوزراء لتعيين قائد جديد للجيش كان سيقترح اسمه الوزير، اقدم على نقيضه بتعيينه رئيساً للاركان بلا توقيع الوزير.
تقاطَعَ حزب الله مع جنبلاط، وجنبلاط مع فرنجيه، فذللت عقبة اولى على طريق العقبة الثانية
لعلّ ابسط ما يسهل تفسيره في ما حدث امس، ان قفزت السياسة فوق الدستور مرة اضافية. سهولة ما حدث انبثق من تقاطعات لا من مصادفات: تقاطع حزب الله مع صاحب المطلب الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تعبيراً عن تقدير لموقفه من حرب غزة، تقاطع جنبلاط مع مرشح الثنائي الشيعي للرئاسة الاولى رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه على تذليل عقبة رئيس الاركان على طريق تذليل عقبة اكبر، كان ارسل الزعيم الدرزي الى الزعيم الزغرتاوي اشارتها الاولى بعدم ممانعته انتخابه.
اما الطامة الكبرى في ما وقع في السرايا، فالاستنجاد بموظف هو الامين العام لمجلس الوزراء كي يُفتي في سبل اخراج تعيين اقرّ رئيس الحكومة سلفاً في الجلسة ان فيه مخالفة، واقرّ ضمناً بطرحه من خارج جدول الاعمال انه بند سياسي اولاً واخيراً.
للمرة الاولى في تاريخ الامانة العامة لمجلس الوزراء منذ الاربعينات مع اول امين عام هو الرئيس ناظم عكاري الى آخرهم فؤاد فليفل مروراً بامينين تاريخيين هما عمر مسيكة وهشام الشعار، لم يقل اي منهم يوماً انه مجتهد دستوري كي يقود مجلس الوزراء الى فتاوى في نصوص لا تحتاج في الاصل الى اجتهاد. للامين العام لمجلس الوزراء صلاحيات ادارية محددة ليست سوى: حضور جلسات مجلس الوزراء وينوب عنه عند غيابه المدير العام لرئاسة الجمهورية او الموظف الاعلى رتبة في امانة السر، السهر على تنفيذ قررات مجلس الوزراء.
ربما ليس لمجلس شورى الدولة التدخل في ابداء رأي نظراً الى انه يُسأل في المراسيم التنظيمية. مع ذلك اغفلت الحكومة المستقيلة مشورة المرجعية ذات الاختصاص وهي هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل، الى هيئة الاستشارات العليا المكلفة من مجلس الوزراء. وجدت اهل البيت اقرب مَن يقدّم الطبق المسموم.
اللواء:
إسرئيل تستعرض قوتها في الجوّ.. وحزب الله يردُّ على عملية النبطية
مجلس الوزراء يعين رئيساً للأركان.. والزيادات على الرواتب ومعاشات التقاعد غداً
يمكن القول أن الأسبوع الأول من شباط شهد تطورات نوعية في المواجهة في الجنوب بين اسرائيل وحزب الله، كان ابرزها يوم امس، سواء على مستوى استهدافات المقاومة لمواقع الاحتلال الاسرائيلي وجنوده او لجهة الاصابات والاعترافات الاسرائيلية بخسائر في صفوف جيش العدو، كإصابة ضابط كبير بجروح خطيرة مع جنديين اخرين، حسب مصدر اسرائيلي، أو على مستوى توسيع الجيش الاسرائيلي اعتداءاته لتشمل ملاحقة الآمنين في المنازل او الآمنين داخل سياراتهم، كما حصل في مدينة النبطية مساء امس، عندما اغارت مسيَّرة على سيارة مدنية، فأصيب من كان في داخلها، واحدهما بحالة حرجة.
ويأتي التصعيد الجنوبي على وقع مفاوضات بالغة الصعوبة في ما خصَّ هدنة «صفقة التبادل» في غزة، مواكبة بضربات نوعية لكتائب القسام وسرايا القدس ضد جنود الاحتلال ودباباته ومسيَّراته وجرافاته وسائر أجهزة الحرب المتطورة والمستخدمة في حرب الابادة ضد الشعب الفلسطيني، وحقه في الطعام والشراب والأمن والاستقرار والحرية.
وعلى وقع هذا التصعيد، والكباش الاقليمي (ممثلا بالمحور الايراني) والدولي (ممثلا بالتحالف الأميركي- الغربي) حول من يصرخ أولاً، يصل الى بيروت اليوم، وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان، لاجراء مشاورات مع كبار المسؤولين حول المستجدات، وقفا لما صرَّح به السفير الايراني في بيروت مجبتى أماني.
ويأتي التصعيد الواسع، الذي تجاوز جنوب الليطاني الى شماله، بما لا يقل عن 40 كلم باستهداف سيارة في النبطية، مع جولة لوفد فرنسي أمني – دبلوماسي قوامه المدير العام للشؤون السياسية في الخارجية الفرنسية فريدرك موندوليني، والمدير العام للعلاقات الدولية في وزارة الدفاع أليس ريفو، ونائب مدير شمال افريقية والشرق الاوسط في الخارجية إيمانويل سوكتر، رالسفير الفرنسي هيرفيه غامرو، وذلك لمتابعة ما جرى خلال زيارة وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه.
وجال الوفد على وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، والرئيس نبيه بري، بعدما شمل جولته بزيارة السراي الكبير، واللقاء مع الرئيس ميقاتي، وكرر لبنان تمسكه بتطبيق القرار 1701، شرط التزام اسرائيل به وسائر مندرجاته.
والأخطر، ما نُقل عن قائد جيش الاحتلال من ان عشرات الطائرات المعادية تنشط في سماء الجنوب، وعند الحاجة ستتحول الى مئات.
واشارت مصادر ديبلوماسية الى ان مسار الاتصالات الجارية بين المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين والمسؤولين اللبنانيين، بخصوص الطروحات والافكار الإسرائيلية التي تسلمها في زيارته الاخيرة، لانهاء الاشتباكات المسلحة والتوتر المتصاعد على الحدود اللبنانية الجنوبية ،بين حزب الله والقوات الإسرائيلية، والتوصل إلى تفاهم يؤدي إلى تثبيت الامن والاستقرار، ويساهم في عودة سكان المستوطنات الإسرائيليين إلى منازلهم، عبر الاقنية الديبلوماسية في بيروت، لتبادل وجهات النظر والتعديلات المطلوبة عليها، لنقلها الى الجانب الاسرائيلي، ما يعني ان مسودة التفاهم المطروحة للنقاش لم تصل إلى نهاياتها، وماتزال في طور التفاوض عليها، ما يتطلب مزيدا من الوقت والتشاور وتذليل العقد والصعوبات التي ماتزال موجوده.
واعربت المصادر عن اعتقادها بتشدد إسرائيلي في المطالب والشروط المطروحة ،لاسيما مايتعلق بالمسافة التي ينسحب اليها عناصر حزب الله ومناطق التمركز الجديدة، وأماكن تمركز الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، وتوقيت تنفيذ التفاهم المقترح، وعدم ربطه بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، وهو ما يتعارض مع تشدد الحزب بضرورة إنهاء هذه الحرب قبل تنفيذ اي اتفاق يتم التوصل اليه في هذه المفاوضات، وهذا ما ادى الى عدم زيارة اوكشتاين لبنان بعد زيارته لإسرائيل، واستعيض عنها بنقل الموقف الاسرائيلي من الاقتراحات المطروحة بواسطة الاقنية الديبلوماسية.
واستبعدت المصادر ان يزور هوكشتاين لبنان قبل انضاج اطار التفاهم المقترح لإنهاء التصعيد العسكري في الجنوب، وهذا يعني انتظار التوصل إلى هدنة او وقف لاطلاق النار في غزة، لاستكمال الجهود والمساعي المبذولة لإحلال السلام على الحدود الجنوبية اللبنانية.
مجلس الوزراء غداً للرواتب
وسط ذلك، تمكن مجلس الوزراء من جمع وزرائه، متسللا، بين الاسلاك او تنكرا لاكتمال النصاب، حيث عقد المجلس جلسته في السراي الكبير برئاسة الرئيس ميقاتي وحضور الوزراء غير المقاطعين، فعيَّن من خارج جدول الاعمال رئيساً للاركان هو العميد حسان عودة، بعد ترقيته الى رتبة لواء، من دون تعيين العضوين الشيعي والارثوذكسي ليكتمل عدد اعضاء المجلس العسكري.
في مستهل الجلسة، تم التصديق على قانون موازنة العام 2024، لما لها من اهمية لتسيير امور الدولة، وفور نشرها ستكون موضع تنفيذ.
واستغرب الرئيس ميقاتي تحرك العسكريين المتقاعدين، معتبرا ان موضوع زيادة بدل الانتاجية للقطاع العام وللعسكريين والمتقاعدين، والبند لم يكن مطروحا على الجلسة.
ولذا، يعقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية غدا للبحث في الزيادة التي يجب ان تعطى للقطاع العام ليستمر، مشيرا الى اننا محكومون بسقف معين للانفاق لا نستطيع تجاوزه، ووزعت مشاريع الزيادة على الوزراء لرئيسها قبل جلسة يوم غد.
والعسكريون المتقاعدون، مترسوا منذ الصباح قبالة السراي الكبير وسدوا المداخل المؤدية الى السرايا الحكومية، مطالبين بالعدالة الاجتماعية، معتبرين ان بعض الوزراء يوقعون على ذبحهم.
ويعتزم العسكريون المتقاعدون استئناف المواجهة الميدانية مع الحكومة يوم السبت المقبل، وسط طروحات، لم تخرج إلى العلن حتى اللحظة، تقضي بالتواصل مع تجمعات المتقاعدين المدنيين وموظفي القطاع العام، لحشد جهودهم بالمواجهة مع الحكومة، لاسيما أن الأخيرة نكثت بوعدها أيضاً تجاه موظفي القطاع العام المستمرين حتى اللحظة بإضرابهم.
ودعا المجلس التنسيقي لمتقاعدي القطاع العام الى المشاركة في الاعتصام الذي دعا اليه غدا السبت في 10 شباط، قبل ساعة من انعقاد جلسة مجلس الوزراء.
ضجة باسيل
وكشف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في اول ردة فعل له على تعيين رئيس للاركان ان تياره يعتزم تقديم طعن امام مجلس الشورى، لان مرسوم التعيين، لم يأتِ بناء على اقتراح الوزير المعني، اي وزير الدفاع موريس سليم (المحسوب على التيار)، والذي يقاطع جلسات مجلس الوزراء.
واعتبر باسيل ان تعيين رئيس الاركان هو بمثابة قتل وطن ودستور 7 شباط.
خرق خطير لقواعد الاشتباك
ميدانياً، نفذت مسيَّرة اسرائيلية قرابة الرابعة والربع من بعد ظهر امس عدوانا جويا حيث شنت غارة على سيارة مدنية من نوع رانج هيونداي لونه اسود عند تمثال الصباح على مدخل النبطية الشرقي واطلقت باتجاهها صاروخا موجها مما ادى الى اشتعال النيران فيها.
وسرعان ما رد حزب الله على استهداف سيارة في النبطية، بضربات متتالية على قاعدة ميرون الجوية بصواريخ «فلق».
وكانت المقاومة استهدفت قيادة اللواء الشرقي التابع لفرق الجليل في كريات شمونة الى معالي غولاني وثكنة برانيت، كما استهدف جنوداً للاحتلال في مستعمرة المطلة.
البناء:
واشنطن وتل أبيب تسابقان الوقت قبل الاتفاق بعمليات اغتيال من بنك الأهداف
الرياض والقاهرة والدوحة وأبوظبي وعمان لتنسيق المشاركة في آليات الاتفاق
الوفد الفرنسي في بيروت لسيناريو اليوم التالي لاتفاق غزة… وتعيين رئيس أركان
كتب المحرّر السياسيّ
اتفاق غزة يبدو وقد صار أمراً محسوماً يحتاج إلى الوقت لبلورة خطواته النهائية، والوقت المفترض وفقاً لمصدر متابع لمسار التفاوض بين أسبوعين وستة أسابيع، يتوقع أن تشهد مزيداً من التصعيد والضغوط في إطار التجاذب المتبادل لتحصين المكاسب على ضفتي الحرب، وضفاف الحروب الرديفة في جبهات لبنان والعراق والبحر الأحمر.
وقالت المصادر إن الجانب الأميركي الإسرائيلي لم يعد قادراً على المضي بحرب فاشلة لا جدوى من مواصلتها، وقد صارت خسائرها أكبر من عائداتها المتوقعة، طالما أنها لن تنتهي باجتثاث المقاومة او بتحرير الأسرى دون تفاوض، وطالما أن حماس سوف تكون القوة الممسكة بالأرض في غزة عندما تنتهي الحرب ولو استمرت بعد لشهور إضافية، والتفاوض معها سوف يكون أمراً إلزامياً لتحرير الأسرى، لذلك فإن الضغوط الأمنية والعسكرية والحديث عن عملية اجتياح لرفح، هي حروب نفسيّة لتعديل موازين التفاوض وتخفيض سقف المطالب.
بينما على جبهات العراق ولبنان واليمن فإن العمليات الأمنية خصوصاً هي استنفاد لبنوك الأهداف، طالما أن خطر الانزلاق الى الحرب الكبرى لم يعد قائماً.
في هذا السياق، وضعت مصادر عسكرية الغارات على اليمن في إطار استهدافات يأمل الأميركيون أن تصيب البنى التحتية الصاروخية لأنصار الله.
بينما وضعت المصادر عمليات الاغتيال التي نفذها الأميركي في العراق وتلك التي نفذها الإسرائيليون في لبنان في إطار استنفاد بنوك الأهداف التي تصيب بنية المقاومة البشرية بالأذى، ويمكن لآثارها أن تكون أبعد من هذه الحرب، على خلفية الاطمئنان إلى أن خاتمة الحرب تقترب.
في سياق الاستعداد لمرحلة اتفاق غزة، ينعقد في الرياض اجتماع يضمّ وزراء خارجية مصر وقطر والأردن والإمارات والسعودية لتنسيق الأدوار والمسؤوليات في إطار آليات تنفيذ الاتفاق، التي قال مصدر دبلوماسي إنها تتوزّع على محاور، سياسية ومالية وأمنية.
وفي المحور المالي ستحمل السعودية وقطر والإمارات مسؤولية الإغاثة وتمويل الإيواء الفوري والمساعدات الإنسانية ومن ثم خطة إعادة الاعمار، مقابل محور سياسي يجب أن يسير بالتزامن مع عملية إعادة الإعمار خلال ثلاث سنوات، ينتهي بالإعمار وقيام الدولة الفلسطينية، وتتخلله مساعي توحيد القوى الفلسطينية وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية بعد تشكيل حكومة تكنوقراط توافقيّة تدير المرحلة الانتقالية؛ أما المحور الأمنيّ الذي سوف تتولاه مصر والأردن بدعم سعودي إماراتي قطري، فيقوم على تسلم المنطقة الأمنية التي تنتشر فيها قوات الاحتلال على أطراف غزة، وتكون شريكاً بصيغة إدارة المعابر.
لبنان ليس بعيداً عن مسار ما بعد حرب غزة، حيث قال مصدر متابع لزيارة الوفد الفرنسي الأمني والدبلوماسي الى بيروت، أن الحديث يدور على اليوم التالي لبدء تطبيق اتفاق غزة، بعدما اقتنع الوسطاء وخصوصاً الجانب الفرنسي باستحالة البحث بترتيبات على الحدود اللبنانية قبل وقف الحرب على غزة.
وقال المصدر إن مناقشات الوفد الفرنسي حول القرار 1701 تتم تحت عنوان التطبيق النسبي للقرار باعتبار أن التطبيق الكامل دونه عقبات إسرائيلية وأخرى لبنانية.
ووضعت المصادر تعيين رئيس أركان جديد للجيش اللبناني في إطار استكمال العدة اللازمة لمرحلة ما بعد اتفاق غزة والمنتظر أن يولد خلال أسابيع.
وسجلت الجبهة الجنوبية ارتفاعاً في وتيرة التصعيد الإسرائيلي وتجاوزاً جديداً لقواعد الاشتباك باستهداف مدينة النبطية للمرة الأولى منذ 8 تشرين الأول الماضي ومنذ عدوان تموز 2006، أراد العدو الإسرائيلي من خلالها وفق مصادر سياسية ومطلعة على الوضع الحدودي لـ»البناء» توجيه رسالة لحزب الله بأن جيش الاحتلال على جهوزيّة لتوسيع الحرب ضد لبنان إذا لم تنجح الجهود الدبلوماسية، لا سيما أن استهداف النبطية جاء بعد إبلاغ الحكومة اللبنانية الموقف الرسمي للمبعوثين الدوليين لا سيما الأوروبيين الذين زاروا لبنان مؤخراً برفض تطبيق القرار 1701 من جانب واحد ورفض المطالب والعروض الإسرائيلية في الملف الحدودي.
كما ربطت المصادر التصعيد الإسرائيلي بتأجيل الموفد الأميركي أموس هوكشتاين زيارته التي كانت متوقعة الى لبنان بعد زيارته «إسرائيل»، ما يشي بأن المفاوضات بين لبنان و»إسرائيل» لا تزال معقدة لا سيما أن حزب الله رفض البحث بأي مقترحات قبل توقف العدوان على غزة.
كما جاء التصعيد الإسرائيلي بالتزامن مع تصعيد أميركي في العراق باغتيال قياديين في المقاومة العراقية، ما يخفي توجهاً أميركياً – إسرائيلياً بالتصعيد المتعمّد غداة تسليم حركة حماس باسم المقاومة الفلسطينية الردّ على ورقة الإطار في مفاوضات باريس.
ويهدف هذا التصعيد إلى الضغط على محور المقاومة وتحسين ظروف التفاوض لتحقيق مكاسب أكبر لـ»إسرائيل» ودفع حركة حماس إلى التنازل عن مطالبها وملاحظاتها على ورقة باريس التي قال عنها الرئيس الأميركي جو بايدن بأنها مبالغ فيها.
وكان جيش الإحتلال الاسرائيلي شنّ غارة جويّة من مسيّرة، استهدفت سيارة في مدينة النبطية قرب تمثال حسن كامل الصباح، في جنوب لبنان، ما أدّى الى استشهاد شخص وجرح آخرين.
في المقابل ردّ حزب الله على الاعتداءات الصهيونية على القرى والمدنيين وآخرها العدوان على مدينة النبطية باستهداف قاعدة ميرون الجوية بصواريخ «فلق» و»ثكنة برانيت بالأسلحة الصاروخيّة وأصابها إصابةً مباشرة»، و«مقر قيادة اللواء الشرقي 769 التابع لفرقة الجليل 91 في ثكنة كريات شمونة بالأسلحة المناسبة، وموقع الرادار في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة وتم تحقيق إصابات مباشرة».
ونشر الإعلام الحربي في «حزب الله»، مشاهد من «عملية استهداف المقاومة الإسلامية ثكنة بيرانيت عند الحدود اللبنانية الفلسطينية».
وأعلنت إذاعة جيش الاحتلال عن «إصابة ضابط وجنديين في استهداف حزب الله قاعدة عسكرية في كريات شمونة». وزعم «أننا قصفنا بالمدفعية مصادر قذائف أطلقت من لبنان باتجاه المطلة وجبل الشيخ وكريات شمونة».
وواصل المسؤولون الإسرائيليون التعويض عن فشلهم الميداني في غزة وتآكل هيبة الردع لجيش الاحتلال، بإطلاق المواقف الإعلامية الاستعراضية لرفع معنويات جيشهم ومستوطني الكيان المنهارة.
وزعم قائد سلاح الجوّ الإسرائيلي تومر بار، خلال «مؤتمر الشّؤون العملياتيّة لسلاح الجو»، أنّ «حزب الله سيستمرّ في دفع الثّمن، من خلال فقدان منظوماته متباهياً بأنّ «عشرات الطّائرات تحلّق حاليًّا في سماء جنوب لبنان، وبمجرّد ورود الأمر ستصبح مئات الطّائرات الّتي تنفّذ المهام خلال دقائق معدودة من لحظة استنفارها».
على الصعيد الدبلوماسي، يصل وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت اليوم وفق ما أعلن السفير الايراني مجتبى أماني عبر منصة «اكس».
وعقب مغادرة وزير الخارجية الفرنسي لبنان، حط وفد فرنسيّ ضم المدير العام للشؤون السياسية في وزارة الخارجية فريدريك موندوليني، المدير العام للعلاقات الدولية والاستراتيجية في وزارة الدفاع أليس ريفو، نائب مدير شمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية ايمانويل سوكه والسفير الفرنسي هيرفيه ماغرو.
واستهلّ جولته بلقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا. وأشار السفير ماغرو الى ان «الزيارة هي متابعة لتلك التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، وطرحنا خلالها أفكارنا بشأن الوضع في جنوب لبنان».
كما استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة الوفد الفرنسي، بحضور مستشاره محمود بري حيث تناول البحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة في ضوء مواصلة «إسرائيل» عدوانها على لبنان وقطاع غزة. وأكد الرئيس بري للوفد الالتزام بتطبيق كامل للقرار 1701 كما شدد على ضرورة تعزيز الجيش اللبناني عديداً وعدة والتعاون مع قوات اليونيفل.
والتقى موندوليني والوفد المرافق وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب في الوزارة. وأشار بوحبيب الى ترحيب لبنان بالمتابعة الفرنسية للأوضاع في الجنوب، ورغبة فرنسا بالمساعدة على إيجاد حلول تعيد الهدوء والاستقرار الى المناطق الحدودية، مشدداً على المقاربة الشاملة وغير المجتزأة لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي ١٧٠١، بما يحصن السلم والأمن الإقليميين.
في غضون ذلك، شهدت السراي الحكومية جلسة خاطفة لمجلس الوزراء تمّ خلالها تمرير تعيين اللواء حسان عوده رئيساً للأركان بعد ترقيته من رتبة عميد إلى لواء من دون تعيين العضوين الشيعي والأرثوذكسي، وذلك من خارج جدول الأعمال.
واللافت أن التعيين جاء بطريقة التهريب وفق ما قال أكثر من مصدر وزاري، ومن خارج جدول الأعمال ومن دون الإعلان عن الآلية القانونية والدستورية المعتمدة. إلا أن أوساط السرايا أوضحت لـ»البناء» أن الفتوى القانونية والدستورية اعتمدت على أنه بسبب غياب وزير الدفاع الوطني عن الجلسة وعدم تقديمه أسماء لمجلس الوزراء لمنصب رئيس الأركان، يمكن لمجلس الوزراء الحلول مكان الوزير وإجراء هذا التعيين للحفاظ على استمرارية المرفق العام وعمل المؤسسة العسكرية لاستكمال ما قام به مجلس النواب بالتمديد لقائد الجيش الحالي وذلك لإبعاد شبح الفراغ عن المؤسسة العسكرية وتحصينها.
وأشارت مصادر وزارية لـ»البناء» الى أن الرئيس ميقاتي وخلال مناقشة مجلس الوزراء لملف رواتب القطاع العام وخاصة العسكريين المتقاعدين، أبلغ الوزراء بأنه تمّ تعيين عودة رئيساً للأركان من دون أي شرح إضافي، وحتى لم يعرض الأمر على التصويت، وعندما تمّت مراجعته من أكثر وزير عن الآلية القانونية، رفض الاستجابة وتابع الكلام في موضوع آخر. كما اعترض أحد الوزراء وطرح عليه أسماء أخرى تستحق تعيينها بهذا المنصب لكن ميقاتي رفض أيضاً.
وسُئل وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم عن التعيين، فاكتفى بالقول: «مخالفة دستورية وقانونية جديدة ارتكبها رئيس الحكومة تضاف الى سلسلة مخالفات وتجاوزات ترتكب منذ بدء الشغور الرئاسي، وسيُبنى على هذه المخالفة ما يقتضى لحماية المؤسسة العسكرية من التجاوزات التي تستهدفها في وقت يُفترض أن تبقى بعيدة عن المحاصصة والمحسوبيات وتسديد الفواتير السياسية».
ونفى الوزير سليم أن يكون اقترح أي أسماء للتعيينات العسكرية انسجاماً مع رغبة عارمة رسمية وسياسية وروحية بعدم إجراء أي تعيين في الوظائف الشاغرة في غياب رئيس الحمهورية، وقال : المؤسف أن رئيس الحكومة كان في طليعة الرافضين للتعيينات في ظل الشغور الرئاسي».
وعلمت «البناء» أن الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية تلى قرار التعيين. حيث انتقلت الأوضاع الصاخبة خارج السراي الى داخل القاعة حيث استعان بعض الوزراء بملالات الجيش والقوى الأمنية للدخول الى السرايا بسبب قطع الطرقات المحيطة بالسراي من قبل العسكريين المتقاعدين. كما حاول وزير المهجرين طرح ملف النازحين السوريين على النقاش، إلا أن ميقاتي أعلن رفع الجلسة ووعد الوزراء بعقد جلسة السبت المقبل لمناقشة ملف العسكريين المتقاعدين والنازحين السوريين.
وكان محيط السراي الحكومي شهد توتراً بسبب التحرّك الذي نظّمه العسكريون المتقاعدون مطالبين بإنصافهم، تزامناً مع جلسة لمجلس الوزراء. وأعلن ميقاتي عن عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء السبت المقبل ستخصص للبحث في أوضاع العسكريين المتقاعدين وموظفي القطاع العام، مضيفاً «نحن حريصون على حقوق كافة المواطنين». كما تمّ التصديق خلال الجلسة على نشر موازنة العام 2024 وستكون فوراً موضع تنفيذ.
وشنّ رئيس «التّيّار الوطني الحر» النّائب جبران باسيل، هجوماً عنيفاً على ميقاتي، وأشار إلى أنّ «8 شباط 2024، هو اليوم الّذي نَحرت فيه حكومة مستقيلة دستور الطائف.
مَن اقترح على الحكومة المستقيلة تعيين موظّف فئة أولى من دون الوزير المعني، هو قد اغتصب صلاحيّةً دستوريّةً تعود لوزير الدّفاع وفقًا للمادّة 66 من الدستور، وهذا جرم جنائي معاقَب عليه بالاعتقال لمدّة لا تقلّ عن سبع سنوات؛ وفقًا للمادّة 306 من قانون العقوبات».
وشدّد في بيان، على أنّه «كذلك مسؤول عن أفعاله الجنائيّة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرّؤساء والوزراء، وفقًا للمادّتَين 70 و71 من الدّستور. لنرى إذا كان هناك 26 نائبًا، على الأقل، وخاصّةً من الّذين يطالبون بالتّغيير وبدولة القانون، مستعدّين لتقديم طلب اتهام بحقّه؛ بموجب عريضة تقدّم للمجلس النيابي وفقًا للقانون 1990/13».
وأكّد باسيل أنّ «من البديهي أيضًا أن يقدَّم طعنٌ أمام مجلس شورى الدولة بهكذا قرار، وبهكذا مرسوم صادر دون توقيع الوزير المعني. ومن الطّبيعي أن يُقبل الطّعن ويتمّ وقف تنفيذ القرار فورًا وإلغاؤه، وإلّا ما معنى أن يكون هناك دستور وقانون وشورى دولة؟».
لفت إلى أنّ «رئيس الحكومة الّذي قدّم الاقتراح قد ذبح الطّائف، والوزراء المشاركون أعلنوا وفاته اليوم، وكلّ من غطّى هذه العمليّة بالقبول المبطّن أو بالسّكوت هو شريك في الجريمة». وخاطب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، قائلًا: «السّطو على صلاحيّات الرّئيس، هو كالسّطو على المال العام، وهذا حرام»، ومعتبرًا أنّ «الجريمة ليست فقط قتل إنسان بالسّلاح، الجريمة الأكبر هي قتل وطن بالدستور. 8 شباط 2024، أنتم قتلتم دستور الطّائف».
المصدر: صحف