تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 6-2-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
أميركا لإسرائيل: هكذا نخرج من المأزق
غالانت ومتاهة لبنان
ابراهيم الأمين
كثيرون أصابهم الملل جراء الاستماع الى يؤاف غالانت. يعاني الرجل من عقدة غزة. عندما كان قائداً للجيش، اتّهم المستوى السياسي بمنعه من سحق حماس. لكنه اليوم، يجلس في مقعد القرار.
وكل ما يقدر عليه، هو التنقل بين المواقع العسكرية، والتقاط الصور مع الجنود، قبل أن يشغل الراديو المزروع في رأسه، مكرراً الأغنية نفسها، كما يفعل في جلسات الحكومة. الجنرال الخائب ربما لا يعرف أنّ أحداً لا يقدّره في الجهة المقابلة.
يكفي أن تنظر الى طريقة تعامل بنيامين نتنياهو معه. أو كيف يتجنّبه وزراء مجلس الحرب. لكنه يخرج علينا، ليصبّ جام غضبه وكأنه يعيش في كوكب آخر. يتصرف مثل ضابط صف، يلتزم البيان المكتوب له، حتى ولو كان يعرف أنّ أحداً من الجنود لا يستمع إليه.المشكلة، أنه كثير الكلام، ويهدّد طوال الوقت، ولا يترك أحداً من غلاظته. يهدّد رئيس حكومته، ورئيس أركان جيشه، ثم يهدد الوزراء الذين «هبطوا بالمظلّة الأميركية» على الحكومة، ويهدد الفلسطينيين في غزة والضفة والشتات، ويهدد لبنان وحزب الله، ويهدد أنصار الله في اليمن والمقاومة في العراق والسلطة في إيران. وفوق كل ذلك، لديه لازمة «الأسبوع الإضافي». قال إنه يحتاج الى أسبوع أو اثنين، لإنهاء العمل في شمال غزة، ثم طلب أسبوعاً إضافياً لتنظيف وسط القطاع، قبل أن يطلب أسبوعاً جديداً للوصول الى مركز القيادة في خان يونس، ثم سيخرج علينا بعد أسبوع، ليطلب أسبوعاً جديداً حتى ينجز العملية في رفح، وهناك سيطلب المزيد من الأسابيع.
أما على جبهتنا، فإن غالانت ليس لديه سوى الحديث عن الحرب المدمرة التي ستصيب لبنان إن لم تتوقف المقاومة عن قصف جنوده على الحدود. ويمكن لأي متدرب أن يجمع للرجل أكثر من عشرين تصريحاً عن لبنان، يكرر فيها العبارات نفسها: إذا لم يتصرف العالم ويكبح حزب الله، فسوف تقوم إسرائيل بالمهمة. وها هو اليوم، يضيف على ذلك قائلاً: حسناً، من قال إنه في حال توقف القتال في غزة، فإن القتال سيتوقف في لبنان؟
السؤال على أهميته ليس مطروحاً للإجابة إلا على طاولة المستوطنين من سكان مستعمرات الجليل الخالية. سبق لهؤلاء أن اجتمعوا مراراً بغالانت وبأركان جيشه. سمعوا الكثير من الوعود، وفي نهاية كل لقاء يقال لهم: سوف نمنح الديبلوماسية بعض الوقت، ولكن الزمن يضيق، وسنقوم بدورنا متى حان الوقت.
ومتى يحين الوقت؟
الآن، يواجه غالانت أحجية رسمها له قادة المستوطنين، لتظهر على شكل لعبة السلّم والأفعى. وفي كل مرة يرفعهم الى أعلى بتصريحات نارية، يأتي من خارج القاعة صوت صاروخ قادم من صوب لبنان ليعيد إنزالهم وهو معهم الى تحت.
بعيداً عن الإعلام، يتولى ضباط جيش الاحتلال المنتشرون في الشمال إفهام المستوطنين بأن الحلّ ليس قريباً، وأن عليهم الاستعداد لبقاء وقت أطول بعيداً عن منازلهم. لكنْ هناك من يقول لهم بأن الهدنة القريبة مع غزة ستسمح لهم بالعودة الى منازلهم. ومن يقول لهم ذلك، ليس غالانت، ولا ضباط جيشه، بل المقاومة في لبنان، التي تقول بأن وقف الحرب في غزة يعني وقف العمليات في الشمال. وعندها يمكن لهؤلاء العودة الى منازلهم.
لكن مهلاً، غالانت يقول بأن وقف إطلاق النار في غزة مؤقّت. وإن جيشه سوف يستأنف الحرب. فماذا على المستوطنين أن يفهموا: يعلن عن الهدنة في غزة، فيتوقف حزب الله عن قصفهم، فيعودون الى منازلهم، يزيلون الركام، وينظفون أوساخ الجنود داخل المنازل وفي باحات المستوطنات. ثم يدرسون كيفية إعادة الإعمار، وفي غمرة انشغالهم في إنعاش أعمالهم، يسمعون أن الهدنة انتهت، ويبدأ رنين الهواتف حيث تطلب الجبهة الداخلية منهم ضرورة مغادرة المكان فوراً!
في هذه الحالة، يبدو أن المستوطنين، الذين يواجهون معضلة كبيرة في التعامل مع حكومتهم، أقرب الى قرار إحالة غالانت وجنرالاته الى لعبة جديدة، اسمها المتاهة اللبنانية.
وقمح!
مخطّط القرن العشرين للعراق ومخطّط القرن الواحد والعشرين للسعودية
لم يعد خافياً ما يخطّطه الصديقان الحميمان المرشد بنيامين نتنياهو والمريد المدعو جو بايدن لمستقبل كلٍّ من إسرائيل والولايات المتحدة في مشرقنا، بل ولمستقبل مشرقنا ذاته بأسره، فقد أصبح ما يخطّطانه واضحاً وضوح الشمس في ضحاها. تصبو خطّة الصديقين الكبرى Master Plan إلى خلق تغيير جيوستراتيجي مصيري في موقع المشرق العربي في الباحة الدولية، بحيث يغدو جزءاً أبديّاً لا يتجزأ من المنظومة الأمنية الغربية برئاسة الولايات المتحدة، بما فيها الحلف الأطلسي المتنامي في أعقاب الحرب الأوكرانية، وذلك في وجه الدول العالمية الكبرى غير الموالية للغرب وعلى رأسها الصين وروسيا.
ويُحاكي هذا المخطط مخطّطاً غربياً سالفاً، حاولت بريطانيا والولايات المتحدة فرضه على مشرقنا في القرن الماضي عبر مشروع ما عُرف بحلف بغداد المردَف بمشروع أيزنهاور مع فوارق بين المخطّطين منها:
أولاً: كان العهد العراقي الهاشمي بقيادة نوري السعيد المخضرم المرتكز الأرخميدي Archamedean Fulcrum في مشروع مخطّط القرن الماضي، بينما مرتكز اليوم هو العربية السعودية بقيادة وليّ عهدها الشاب.
ثانياً: كان غاية مخطّط القرن الماضي تعبئة المشرق العربي في وجه الشيوعية السوفياتية، بينما غاية مخطط اليوم تعبئة المشرق العربي في وجه خليفة روسيا السوفياتية بقيادة بوتين Putin والصين في آن.
ثالثاً: كان هدف مخطّط القرن الماضي عملاً بمبدأ «فرّق تسد» العتيد إلى تجذير الخلاف العربي البيني وتأجيجه أي الخلاف بين الحواضر بغداد والرياض من ناحية والقاهرة الناصرية من الناحية الأخرى، بينما هدف مخطّط اليوم الجهنمي عملاً بالمبدأ إياه هو تجذير الخلاف البيني المذهبي الإسلامي وتجذيره، أي الخلاف بين أهل السنّة من ناحية وأهل الشيعة من الناحية الأخرى، وذلك باعتبار إيران الشيعية خطراً وجودياً على الأمة العربية. وأن الجوالي العربية الأصيلة الشيعية في كل من العراق وسوريا ولبنان والبحرين والسعودية وسائر الأقطار العربية والإسلامية هي مجرد مخالب لأجهزة إيران الشيعية الأمنية مشهرة ضد سكان هذه الديار السنيين الآمنين وضد إسرائيل والمصالح الغربية في المشرق في آن.
واللافت كل الإلفات في المخططين أن كليهما يرميان إستراتيجياً إلى تحويل أنظار الرأي العام العربي بعيداً من الخطر الصهيوني الحقيقي القابع على سرّة العالم العربي: فلسطين ملتقى مغربه بمشرقه، بل إن الدافع الأكبر أصلاً لكلا المخططين إن هو إلا حرص الغرب العنيد على هذا التحويل تأميناً لمستقبل إسرائيل ولضمانه، واللافت كل الإلفات أيضاً، أن مخطط القرن الماضي تحاشى كلياً أي ذكر لإسرائيل بينما يجاهر مخطط اليوم وعلى رؤوس الأشهاد بأنه يحمل في طياته الحل المرتجى للقضية الفلسطينية، أما كيف يكون ذلك فيبشرنا مخطط اليوم بأن السر يكمن في دور السعودية والسعودية بالذات من حيث أنها المرشحة لتكون المرتكز الأرخميدي الإقليمي المعاصر لمخطط اليوم ولحل القضية الفلسطينية في آن. وهو المخرج الذي فتق لبنيامين نتنياهو طاهي هذا المخطط أصلاً الذي سلف أن سوّقه في حينه بنجاح إلى صاحب الصفقات دونالد ترامب عبر صداقة صهره اليهودي مع ولي العهد السعودي، وهو المخرج إياه الذي كرر نتنياهو تسويقه إلى خليفة ترامب الصهيوني العقائدي منذ نصف قرن وصديقه الحميم المدعو جو بايدن.
ولكن ما هو هذا الدور ولماذا العربية السعودية بالذات؟
يعود بعض الجواب إلى أنه إذا كانت ثمة آلهة تعبدها النخبة السياسية الأميركية فهي يقيناً آلهة المال، وبعضه الأهم أنه خلافاً للتطبيعيين الإبراهيميين السبّاقين الأربعة، فلا وزن أدبياً أو معنوياً، ولا صفة تمثيلية لأي منهم حتى تجاه رعاياهم هم ناهيك عن أي صفة رمزية مهما كانت تتعدى حدودها، بينما إضافة إلى قناطير السعودية المقنطرة فهي إلى كونها دولة كسائر أقرانها تحتل في آن منزلة لا تضاهيها منزلة أي دولة أخرى أينما كانت في هذا الكون طرّاً من حيث سموها ورفعة مقامها وفرادتها الرمزية الروحية بصفتها سادنة الحرمين الشريفين وهو ما يُملي على أُولي الأمر في الرياض وجائب وموجبات لا تنسحب على أي دولة عربية أو إسلامية سواها والتي حريّ بنا أن نتطرق إليها في معالجة تالية بإذن الله.
السنّة لابن سلمان: اسحب فرمان عزل الحريري!
ثمّة ما هو أعقَد من حاجة الطائفة السنية إلى سعد الحريري في هذا التوقيت. المسألة تتعلّق بقرار سعودي جذري باستئصال «الحريرية». لن تخرج أيّ تحوّلات في المنطقة رئيس تيار «المستقبل» من «زنزانته» السياسية، ما دامَ وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مصرّاً على إنزال حكم «الاعتزال» به. هذه معادلة مفروغ منها، ومدخل طبيعي للسؤال عن صحّة ما يُروّج عن عودة الحريري الى نشاطه السياسي المُعلّق منذ أكثر من عامين
فجأة، في خضمّ الزلزال الذي يضرب المنطقة، استفاق اللبنانيون على أخبار عن أن زيارة الرئيس سعد الحريري لبيروت، في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ستكون «غير عادية».
فالذكرى عنوانٌ جذّاب لجمهور يعيش انتظاراً للزعيم المُبعَد قسراً، ويرفض أن «يتوّج» بديلاً له. بدا الكلام عن العودة «غير العادية»، كأنه ينطوي على أحجية مثيرة للبحث: هل هناك معطيات جدية يُبنى عليها أم مجرّد ارتجال وهذيان سياسي؟
في كانون الثاني 2022، أعلن الحريري تعليق عمله في الحياة السياسية، داعياً تيار المستقبل إلى اتباع الخطوة ذاتها. كان خروجاً لم يُرده الحريري، وشبيهاً باستقالته التي أُجبرَ عليها في الرياض عام 2017. كُثر حاولوا الاستيلاء على حضوره السياسي ولم يفلحوا، وكثُر اعتبروها استراحة لن تدوم.
في الحالتين، كانت هناك حقيقة لا يُمكن تجاهلها: بقي الحريري الشريك السني في الدولة العميقة، واحتفظ بحق الفيتو في إدارة الملفات. ووفق مصادر مطّلعة، فإنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يكاد لا يتصرّف في أيّ شأن يخصّ الطائفة من دون التشاور معه. وهو حينَ زار الإمارات، نهاية العام الماضي، للمشاركة في مؤتمر تغيّر المناخ، التقى الحريري من دون إعلان.
بعدَ «طوفان الأقصى» فُتِح نقاش كبير في جلسات الفعاليات السنية حول موقع الطائفة ودورها في هذه الانعطافة التاريخية. كلّ المؤشرات باتَت تؤكد التأثير السلبي لغياب الحريري، مهما جرّب البعض أو حاول أن يقول غير ذلك. وللمرة الأولى منذ مغادرته لبنان، يُطالب هؤلاء علناً بعودته بمعزل عن أيّ «غضبة» سعودية يُمكن أن يتعرّضوا لها.
قبلَ أسبوعين، بدأ التحضير لذكرى 14 شباط بشعار «تعوا ننزل ليرجع». سرعان ما لفتت الحملة الانتباه كونها ترافقت مع تحضيرات استثنائية وتواصل مع كوادر ومسؤولين في التيار ومخاتير المناطق واجتماعات ترأّسها الأمين العام للتيار أحمد الحريري.
ولم يكُن رئيس «جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية» أحمد هاشمية بعيداً عن التحضيرات، مؤكداً في تغريدة له: «نازلين نقول للحريري ما رح نخلّيك تفلّ». وعقِدت أمس في عدد من المناطق اجتماعات للمنسّقين لوضع اللمسات الأخيرة على التحضيرات للذكرى، علماً أن التجاوب الشعبي، حتى الآن، ليس على قدر التوقعات!
استجلبت هذه الحفلة الترويجية ردوداً كثيرة. ما قاله علناً نائب التيار الوطني الحر آلان عون للحريري بـ«أننا نستذكر شجاعتك واشتقنالك»، ورئيس مجلس النواب نبيه بري بأن «الحريري هو الناجح الأكبر رغم اعتكافه، ومرحّب بعودته في حال قرر ذلك»، يقال أضعافه في السرّ. لكنّ أيّاً من خصوم الحريري في السياسة وحلفائه ممن «تحمّسوا» للفكرة، لم يعثروا على ما يُمكن الاستناد إليه للتأكد من حقيقة ما يشاع. الجميع يستند إلى ما يقوله نواب سابقون وكوادر تنظيميّون وإعلاميون حاولوا الإيحاء بأنهم في مرحلة الإعداد الجدّي للعودة، فهل هناك فعلاً ما هو جدّي؟
أحد نواب المستقبل السابقين سُئلَ تحت الهواء، قبلَ دخوله إلى مقابلة تلفزيونية، عن عودة الحريري، فأجاب بأن «كل الحكاية مبنيّة على فكرة أن المنطقة ذاهبة إلى تسوية كبيرة، سيكون الملف الرئاسي في لبنان جزءاً منها. والشريك الطبيعي في أيّ تسوية هو سعد الحريري». وهو ما قاله عبد الله بارودي (ناشر ورئيس تحرير موقع «ديموقراطيا نيوز»، ومدير التحرير السابق للموقع الإلكتروني الرسمي لتيار المستقبل)، في مداخلة تلفزيونية، بـ«أننا ذاهبون الى تسوية ستحتّم عودة الحريري».
قيادي ثالث في التيار، يتحدث منذ أسابيع عن أن الحريري «أصبحَ أكثر تفاعلاً مع قيادات التيار وعادَ تدريجياً للحديث في أمور سياسية، وهو على تواصل دائم مع جماعته»، ووصل الأمر بالبعض الى إشاعة أن الحريري «سوّى أموره العالقة مع المملكة»، مستنداً إلى دفع المؤسسات الرسمية في الرياض تعويضات موظفي شركة «سعودي أوجيه»، رغم أن هذا «إجراء قضائي لا علاقة له بالسياسة»!
رغم التحضيرات الاستثنائية للزيارة لا معطيات تفيد بتبدّل موقف الرياض
هذا جانب بسيط من الصورة القائمة حالياً. لكنّ بحثاً أعمق يشير إلى أن ما يتردّد عن العودة، رغم أنه ينبع من أمنيات شخصية، يهدف إلى توجيه رسالة في اتجاهين:
الأول إلى الداخل بالتأكيد أن أحداً لم ينجح في استمالة الجمهور السني الذي لم يقتنع بغير الحريري زعيماً.
والثاني إلى الخارج، وتحديداً إلى المملكة، بأن الرجل هو «الرقم الصعب» والورقة الرابحة في أي عملية تفاوض لاحقة.
عملياً، هي لعبة ضغط مكثف يمارسها المستقبليون لدفع محمد بن سلمان إلى سحب «فرمانه»!
لكن ماذا عن الحريري نفسه؟ يؤكد مقربون من الرجل أنه لم يصدر عنه ما يوحي بالعودة، أو أي إشارات بالتراجع عن قرار تعليق العمل السياسي.
ويقول هؤلاء إن الموقف الفصل يكمن في ما إذا كان سيوجّه كلمة سياسية، وهو إن فعل يكون قد «علّق» التعليق وفي طور استعادة دوره.
وهذه نقطة نوقشت مع الحريري نفسه، وأُتبعت بعدد من الأسئلة، ماذا بعد؟ هل يبقى في لبنان أم يغادر، وما هي الخطوات التي ستليها؟ هل ينتظر التفاعل الخارجي وردود الفعل ليُبنى عليها؟ والأهم من كل هذا: كيف ستقرأ الرياض هذه الرسالة وتتعامل معها؟
كلها أسئلة لا إجابات عنها، لكنّ مسؤولين مستقبليّين يشرحون الموقف بالآتي:
أولاً، هي رسالة جريئة إلى محمد بن سلمان، تطلب إعادة النظر في مستقبل السنّة، وإعادة مدّ اليد الى سعد الحريري في ظل استحالة إنتاج بديل منه.
ثانياً، ثمّة نزعة سنّية تتعاظم منذ 7 تشرين تميل الى رفع الصوت في وجه المملكة بأسلوب عتابي يوصي بالانتباه: «احرصوا ألّا نذهب فرق عملة في لبنان»!
ماذا عن السعودية؟ لا شيء جديداً حتى الآن. لا تزال المملكة تتعامل مع هذا الملف (الطائفة السنّية) بلامبالاة. الواضح حتى الآن أن العلاقة مع الحريري لم تجد سبيلاً لحلّ واضح، بل لا تزال في أقلّ مستوياتها.
ديوان المحاسبة لوزير الاتصالات: أين مزايدة البريد؟
منذ تسلّم الوزير جوني قرم وزارة الاتصالات تحوّلت الأخيرة إلى محور عمل الهيئات الرقابية، إذ قلّما خلا عقد أو اتفاق من الشوائب ومخالفة الشروط القانونية. هكذا، تكاثرت تقارير ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام حول كل الملفات التي تعني الوزارة، ما أدى إلى إلغاء عقود لتحسين شروطها لمصلحة الدولة وحماية المال العام، وكان الوزير في كل مرة يلجأ إلى مجلس الوزراء لتأمين غطاء يخوّله تجاوز هيئات الرقابة بذريعة «الظرف الاستثنائي».
وهذا ما حصل فعلياً في إعادة تلزيم خدمة البريد عقب انتهاء عقد «ليبان بوست» وتمديد القرم لها سنة إضافية، ثم إجراء مزايدة لم تستوفِ الشروط وفقاً لرأي هيئة الشراء العام، ليوصي ديوان المحاسبة بتعديل دفتر الشروط وإعادة إجرائها. وبعدما أُطلقت المزايدة ثلاث مرات وأُبطلت، طلب وزير الاتصالات، بحجة «الظرف الاستثنائي»، إدراجها على جدول أعمال مجلس الوزراء لإقرار النتيجة الأخيرة التي صُبّت على العارض الوحيد، تحالف Merit invest – Colis Privé (الأولى لبنانية مملوكة من رودولف سعادة صاحب شركة CMA-CGM للنقل البحري التي التزمت بتشغيل مرفأ بيروت، والثانية فرنسية، لديها رخصة توزيع بريد وليست لديها مكاتب بريدية). إلا أن مجلس الوزراء رفض السير في طلب الوزير، وأوصاه وفقاً للقرار الرقم 2 تاريخ 16/11/2023 بتمديد عقد «ليبان بوست»، على سبيل التسوية، ابتداءً من 1/6/2023 (تاريخ انتهاء سنة التمديد لها) وحتى تسلّم المشغّل الجديد وتكليف وزارة الاتصالات بتعديل جداول أسعار الخدمات البريدية الواقعية إلى حين إطلاق المزايدة الرابعة.
وفقاً لتوصيات الديوان، كان مفترضاً أن يسارع الوزير إلى تعديل دفتر الشروط حفاظاً على المال العام الذي أهدرته «ليبان بوست» طوال 25 عاماً في مخالفات وثّقها الديوان نفسه، أو أن يعمل على استعادة القطاع وإدارته من المديرية العامة للبريد. بدلاً من ذلك، ارتأى قرم إرسال كتاب إلى رئيس الديوان القاضي محمد بدران (8/1/2024) يبلغه فيه بأنه لن يتمكن من تطبيق كل توصيات الديوان، بحجة أن مجلس الوزراء كلّفه في 16/11/2023 بـ«تعديل جداول أسعار الخدمات البريدية الواقعية إلى حين إطلاق المزايدة الرابعة».
وتعديل الأسعار هنا يتعلق بقيمة رسوم الخدمات البريدية التي تقدّمها «ليبان بوست»، والتي لم تُعدّل منذ بدء الأزمة المالية.
ما يريده وزير الاتصالات فعلياً هو السماح للشركة برفع التعرفة وزيادة أرباحها من دون أن يترتّب عليها رفع حصة الدولة من هذه الخدمات! وقال قرم في ختام كتابه إلى الديوان إن تعديل جداول أسعار الخدمات البريدية سيحقق «تحسين التشغيل للمرفق البريدي وتعزيز فعّاليته، ما يسمح باستقطاب مستثمرين جدد، وسيلزم الشركة بأن تسدّد حصة الدولة وفقاً للسعر الواقعي»، إلا أنه «لن يحقق النتيجة المرجوّة من توصيات الديوان».
ما يقول قرم للديوان، بكلام آخر، هو أنه سيسمح لـ«ليبان بوست» بزيادة أسعار خدماتها بما يتناسب مع التغيّرات الاقتصادية بما يضاعف أرباحها من دون أن تتقاضى الدولة حصة من هذه الرسوم! ومن هذا المنطلق، توجّه وزير الاتصالات إلى الديوان بالسؤال الآتي: «هل يمكن تعديل جداول الأسعار، علماً أن ذلك لا يحقق شيئاً من توصياتكم؟»، التي تطالب الوزارة برفع النسبة المئوية من حصة الدولة على الإيرادات الإجمالية السنوية وأن يشمل ذلك كل الخدمات التي تقدّمها «ليبان بوست»، سواء أكانت بريدية أم غير بريدية. كما طلب الديوان إعادة النظر في بدلات إيجار العقارات العائدة للدولة والمشغولة من قبل الشركة، إذ ثبت أن هناك مكاتب «مستأجرة» من الدولة مجاناً، وأخرى لم يتم تعديل بدلاتها منذ 25 عاماً.
الديوان ينتقد «بطء» الوزير
أول من أمس، ردّ رئيس الديوان على كتاب قرم في مذكّرة صادرة عن رئيس الغرفة الثانية القاضي عبد الرضا ناصر قال فيها إن توصيات الديوان لا تتعارض بتاتاً مع الإجراءات الآيلة إلى رفع تعرفة الخدمات البريدية.
وشرح للوزير كيفية زيادة حصة أرباح الدولة بالنسبة المئوية توازياً مع رفع سعر الخدمة. وعرض الديوان في المذكّرة جدولاً يقارن فيه بين التعرفة المفترضة للخدمات، وأوضح – على سبيل المثال – أن خدمة بقيمة 10 آلاف ليرة لبنانية قبل الأزمة كانت حصة الوزارة منها 5% أي ما يساوي 500 ليرة، وأن تعديل التعرفة بعد قرار مجلس الوزراء لتصبح 600 ألف ليرة سيؤدي إلى حصول الدولة على 30 ألف ليرة وفقاً للنسبة القديمة، فيما سيرفعها إلى 48 ألف ليرة بعد تطبيق توصية الديوان.
طلب قرم السماح لـ«ليبان بوست» بتعديل أسعارها من دون زيادة حصة الدولة
«لذلك يجب على الوزير الحرص على رفع نسبة حصة الدولة، وتطبيق كامل توصيات الديوان بالتوازي مع تطبيق قرار مجلس الوزراء لعدم التعارض بينهما»، ولا سيما في ما يتعلق بتعديل العقد مع «ليبان بوست» ريثما يتم إجراء المزايدة الرابعة. وحثّ الديوان وزير الاتصالات على العمل «من دون إبطاء لإطلاق مزايدة جديدة لتلزيم وتشغيل المرفق العام البريدي، إضافة إلى ضرورة إدارة الوقت واستثماره بالطريقة الفضلى لما له من قيمة مالية وأهمية بالغة في عملية تلزيم القطاعات الاقتصادية والمرافق العامة الحيوية، ما يرفد الخزينة بالأموال».
اللواء:
الحراك الدبلوماسي في «الوقت الضائع»: الوزير الفرنسي اليوم وهوكشتاين خلال أيام
المصارف تطالب بتعديل سعر دولار السحوبات.. وتصحيح التقديمات بين ميقاتي والموظفين
على خطين متوازيين، تتحرك نقاط الاتصالات الدبلوماسية، لاحتواء مخاطر الانهيار العسكري الواسع على جبهة جنوب لبنان، وكلاهما اميركي واوروبي، في وقت طرأ تطور ميداني على الموقف، باعلان حركة «أمل» استشهاد 3 من مقاتليها في المعركة نفسها التي يخوضها حزب الله، كمساندة للشعب الفلسطيني ومقاومته في غزة.
وفي الوقت الذي استبق فيه وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس وصول وزير الخارجية الاميركي انطونيو بلينكن الى تل ابيب، التي وصل اليها الموفد الاميركي آموس هوكشتاين، في اطار مهمة متعددة، ابرزها الحث على تجنب التصعيد، بدا ان هذا الخط مرتبط بما سيحدث على جبهة غزة، حيث مالت الاجواء الى رفض العروض الاسرائيلية او ما عُرف بورقة مؤتمر باريس الرباعي حول صفقة تبادل الاسرى بين اسرائيل وحماس، استبق الوزير الاسرائيلي الوصول باعلان ان الوقت ينفد لايجاد حل دبلوماسي في جنوب لبنان.
هذا على صعيد الخط الاول، وعلى الخط الثاني، يصل اليوم الى بيروت وزير الخارجية الفرنسية سيتفان يسجوانيه للبحث في تطبيق القرار 1701، ومنع تمدد الحرب الاسرائيلية، وترددت معلومات عن انه يحمل تحذيرا ليوقف حزب الله اعماله في منطقة جنوب الليطاني.
وتوقعت مصادر ديبلوماسية ان يزور المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين بيروت بعد انتهاء لقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين في غضون الايام القليلة المقبلة، بالرغم من عدم تبلغ المسؤولين اللبنانيين، اية مراسلات عن نيته زيارة لبنان حتى الان.
واشارت المصادر إلى أن توقعات زيارة هوكشتاين، تستند إلى ان الافكار التي ناقشها مع الإسرائيليين للاتفاق على إنهاء الاشتباكات المسلحة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وتثبيت الهدوء على جانبي الحدود اللبنانية الجنوبية،تتطلب عرضها ومناقشتها مع المسؤولين اللبنانيين ومن خلالهما مع حزب الله، لتذليل الصعاب الموجودة وإنهاء التباينات بين الطرفين، تمهيدا للاتفاق المطلوب.
ورصدت المصادر إشارات تشدد من الجانب الاسرائيلي بخصوص بعض النقاط التي تناقش حول الترتيبات الامنية والمناطق التي تشملها، بينما يسعى هوكشتاين الى تجزئة نقاط الخلاف، والمباشرة بحل الممكن منها وإبقاء المعقد منها إلى وقت لاحق.
الرئاسة: أجواء إيجابية
رئاسياً، سادت اجواء ايجابية تتعلق بتوفير مناخات ملائمة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بالتنسيق ما بين رئاسة المجلس واللجنة الخماسية، بانتظار جلاء الوضع الميداني في الجنوب المترابط بغزة.
وتوقفت أوساط سياسية مطلعة عند عودة المقاربات المختلفة في ملف الرئاسة ما يحول دون إحراز أي تقدم، ورأت أن الحديث عن وضع شروط في هذا الملف يعرقل أي مسعى فيه بما في ذلك الشق المحلي منه، معربة عن اعتقادها أن ما من تبدل نوعي طرأ منذ حراك سفراء اللجنة الخماسية، وهذا لا يعني أن الملف ترك إنما تم تحييده، ولم تصل معطيات جديدة عن المرحلة التالية ربما بانتظار الخطوة من اللجنة الخماسية.
وقالت لـ«اللواء» أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي ولقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين تندرج في سياق الحراك الديبلوماسي من أجل العمل على التهدئة وتطبيق القرارات الدولية، في حين يحضر الملف الرئاسي انطلاقا من العمل على انجازه من دون أن يحمل معه أي معطى بأعتبار المسألة بيد اللجنة الخماسية، في حين ليس معروفا ما إذا كان سيشير إلى زيارة أي موفد فرنسي أو لا.
الموازنة ومطالب المصارف
وفيما وقَّع الرئيس نبيه بري مشروع قانون موازنة العام 2024، واحاله الى المجلس النيابي، ناقش الرئيس نجيب ميقاتي الوضع المصرفي مع وفد من جمعية المصارف، لا سيما التعميم 166، الذي يقضي باعطاء كل مودع 150 دولاراً من حسابه.. فضلاً عن مطالبة الجمعية الحكومة بقرارات لتحديد سعر صرف «دولار السحوبات».
وفي اطار احتواء اعتراضات الموظفين والمتقاعدين، التقى الرئيس ميقاتي وفداً من موظفي الادارة العامة بحث معه المطالب المرفوعة، والتي ادت الى اعلان الاضراب حتى الخميس المقبل 8 شباط. وذكر الوفد رئيس الحكومة بدل البدل المالي عن شهري ايلول وتشرين الاول الماضيين، معلناً انه لمس تجاوباً، على ان تبت المطالب في اول جلسة لمجلس الوزراء، لكن الاضراب لن يتوقف قبل ادخال تحسينات مقبولة على الرواتب والمعاشات.
وامس، توجه حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إلى المملكة العربية السعودية، للمشاركة في مؤتمر مالي وعقد لقاءات رسمية، بدعوة من المصرف السعودي المركزي.
الجميِّل: ارتفاع وتيرة التهديد
سياسياً، اعتبر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل انه لبنان في دائرة التهديد، وان الوتيرة في هذه الفترة ترتفع.. وقال: العنف ليس خيارنا، ونحن نرفض الشراكة في سلطة يسيطر عليها حزب الله. واصفاً ما يحدث في غزة لا يمكن احتماله، ونحن مع احقية الشعب الفلسطيني بأن يكون لديه دولة، مجدداً ثقته الكاملة بالجيش اللبناني.
وفي السياق السياسي ايضاً، في هذا الوقت وعلى بعد اسبوع من احياء الذكرى 19 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، استمر تيار المستقبل في التحضير لمشاركة شعبية للرئيس سعد الحريري، الذي سيصل الى بيروت، في قراءة الفتاحة والتجمع في وسط بيروت.
3 شهداء لأمل
ميدانياً، دخلت تطورات جديدة على الوضع الميداني، عبر استهداف الطيران المعادي تجمعات حركة امل في الجنوب.
كما اغار الطيران المعادي على احد المنازل في بيت ليف مما ادى الى سقوط ثلاثة قتلى من حركة أمل. ولاحقا نعت «أمل» شهداءها الثلاثة إثر القصف الإسرائيلي وهم : حسن حسين سكيكي (شمران)، جعفر أمين اسكندر (أفواج)، وحسين علي عزّام (أبو زهراء).
واستمر القصف الاسرائيلي جنوبا، وافيد عن غارة معادية جديدة في محيط الغارة السابقة عند مثلث بلدات الجبين – شيحين وطير حرفا.
وتعرضت اطراف بلدات علما الشعب والضهيرة وطير حرفا الى قصف مدفعي معادٍ. واصيبت سيارة تابعة لجمعيتي كشافة الرسالة الاسلامية والهيئة الصحية الاسلامية في بلدة الجبين. كما غارت الطائرات الاسرائيلية على بلدتي ميس الجبل وبيت ليف.
بالمقابل، تركزت ضربات المقاومة امس بالصواريخ على موقع السماقة في مزارع شبعا للمرة الثانية، كما استهدفت المقاومة ثكنة يفتاح بالاسلحة المناسبة.
البناء:
بلينكن في جدة: التطبيع جائزة لوقف الحرب… وليس مقابل الدولة الفلسطينية
المقاومة تهاجم القاعدة الأميركية في حقل العمر… و6 قتلى من الجماعات الكردية
باريس وواشنطن في مساع للتهدئة وشائعات إسرائيلية عن تقدم نفاها حزب الله
كتب المحرّر السياسيّ
أجرى وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن محادثات مكثفة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قالت المصادر الأميركية الإعلامية المواكبة للزيارة إنها تركزت على تشجيع الرياض على المساهمة في سلة يمكن أن تخرج المنطقة من مخاطر التصعيد. وتقوم الصيغة التي يحملها وزير الخارجية الأميركية لولي العهد السعودي على التخلي عن شرط ربط التطبيع السعودي الإسرائيلي بقيام الدولة الفلسطينية وفقاً لنص المبادرة العربية للسلام، التي اقترحتها السعودية، بربط التطبيع مع “اسرائيل” بقبول “اسرائيل” لوقف الحرب، مقابل تعهد أميركي بالسير في سلسلة خطوات لاحقة لوقف الحرب تنتهي بقيام الدولة الفلسطينية. وقالت المصادر إن الموقف السعودي القائم على عدم رفض التطبيع، ربط السير بخطوات عملية سياسية ودبلوماسية تطبيعية بمعادلة خطوة مقابل خطوة، واعتبار التعهد بالتطبيع عند قيام الدولة الفلسطينية أمراً يمكن قبوله مقابل إعلان إسرائيلي بوقف الحرب والقبول بقيام دولة فلسطينية من حيث المبدأ. وهو ما لا يعتقد الوزير الأميركي أنه ثمن كافٍ لإنزال القيادة الإسرائيلية عن شجرة التصعيد، مبدياً عدم الارتياح للمواقف السعودية المشابهة لرفض المشاركة في حلف البحر الأحمر والتمسك باعتبار ما يفعله أنصار الله اليمنيون مرتبطاً بما يجري في غزة.
في سورية والعراق واصلت المقاومة عملياتها باستهداف القواعد الأميركية، وكان أبرزها استهداف القاعدة العسكرية الأميركية في حقل العمر النفطي. وفي وقت لاحق نقلت الوكالات العالميّة أخبار سقوط ستة قتلى من جماعات قسد الكردية، التي أناط بها الأميركيون مهمة الحراسات الظاهرة للقواعد الأميركية، كي يتسنّى للجنود الأميركيين الاحتماء داخل التحصينات المعدة لتفادي الهجمات. وقالت مصادر في شرق الفرات إن “قسد” حوّلت مقاتليها إلى أكباش فداء نيابة عن الجنود الأميركيين وحولت الأكراد في المنطقة الى دروع بشرية لقوات الاحتلال الأميركي.
على جبهة الحدود اللبنانية، تواصل المقاومة عملياتها، ويواصل جيش الاحتلال استهداف القرى والبلدات الجنوبية. وسجل في هذا المجال ارتقاء ثلاثة شهداء من مقاتلي حركة أمل، بينما يصل الى بيروت وزير الخارجية الفرنسي قادماً من تل أبيب حيث يواصل المبعوث الرئاسي الأميركي أموس هوكشتاين اتصالاته، والعنوان المشترك هو البحث بمقترحات للتهدئة على الحدود اللبنانية الجنوبية، روّجت مصادر إسرائيلية لتحقيقها تقدماً نحو الوصول الى تفاهم، وهو ما نفاه حزب الله جملة وتفصيلاً معيداً التأكيد على موقفه المبدئي، بأن لا شيء قابل للبحث قبل وقف العدوان على غزة.
وشهدت الجبهة الجنوبية مزيداً من السخونة والتهديدات الإسرائيلية بتوسيع العدوان على لبنان، عشية وصول وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه الى لبنان آتياً من الأراضي المحتلة، وذلك للحث على تطبيق القرار 1701 ومنع تمدّد الحرب الاسرائيلية.
وأشارت مصادر “البناء” الى أن “زيارة الوزير الفرنسي تندرج في إطار الدور والحراك الدبلوماسي الفرنسي على خط بيروت “تل أبيب” لاحتواء التصعيد بين حزب الله و”إسرائيل” ومنع تدحرج العمليات العسكرية المتبادلة على الحدود الى حرب كبيرة لا يمكن حينها إيقافها”.
ولفتت المصادر الى أن “وزير الخارجية الفرنسي أجرى محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين وسيتحدّث مع المسؤولين اللبنانيين ويحمل رسالة تحذيرية للطرفين من مغبة الانخراط في حرب ستكون مدمرة ولن يخرج فيها رابح، بل جميع الأطراف خاسرة”، كما سيبحث سيجورنيه “الآليات المتاحة لتطبيق القرار 1701 لجهة تعزيز قوات اليونفيل وتفعيل دورها وكذلك دور الجيش اللبناني”.
ووفق المصادر فإن الوزير الفرنسي يحمل رسالة من “إسرائيل” إلى لبنان تتضمن مقترحات لحل ملف الحدود ودفع الحكومة اللبنانية الى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق القرار 1701 ووقف العمليات العسكرية التي يقوم بها حزب الله ضد “إسرائيل”، وذلك مقابل تجميد أن وقف “إسرائيل” لأي عمل عسكري واسع النطاق في الجنوب لضمان أمن مناطق الشمال المحاذية للحدود مع جنوب لبنان.
وأشار المتحدث باسم حكومة الاحتلال ايلون ليفي، الى أننا “أطلعنا المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين على انتهاكات حزب الله عند حدودنا الشمالية”، مؤكداً أن “صفقة إطلاق الرهائن لن تتم عبر دفع أثمان أخرى”.
بدوره، أكد وزير الخارجية في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس، أن الوقت ينفد لإيجاد حل دبلوماسي في جنوب لبنان. وقال “إذا لم يتم التوصل لحل سياسي فسيكون هناك تحرّك عسكري لإعادة سكان البلدات الإسرائيلية على حدود لبنان”.
وواصل الموفد الرئاسي الأميركي اموس هوكشتاين اتصالاته في “اسرائيل”، لإقناعها بعدم الذهاب نحو اي خيار عسكري في ما خصّ الحدود الشمالية مع لبنان.
وأكدت جهات سياسية مطلعة على موقف المقاومة لـ”البناء” أن حزب الله لن يوقف الجبهة الجنوبية بل سيستمر بعملياته ضد شمال فلسطين إلا بعد توقف العدوان على غزة، وهذا ما أبلغه الحزب لكل ما راجعه وسأله من الوسطاء والرسل، وأن أي محاولة من قبل الموفدين والمبعوثين الدوليين لتحقيق مكاسب لكيان الاحتلال بالطرق الدبلوماسية عجز عن تحقيقها بالحرب في الميدان هي محاولة فاشلة ولن تنجح. وعلى هؤلاء الموفدين أن يضغطوا على حكومة الاحتلال لوقف عدوانها على غزة وعلى لبنان لكي يعود الوضع الى ما كان عليه قبل 7 تشرين الأول، وأي كلام آخر يعني الاستمرار في المكابرة وتمديد أمد حرب الاستنزاف لجيش الاحتلال ووضع المنطقة برمّتها على شفير الحرب الكبيرة. وحذرت الجهات من أن أي توسيع للعدوان الإسرائيلي على لبنان سيلقى الرد المناسب الذي سيلحق أضراراً كبيرة في كيان الاحتلال تفوق بأضعاف ما تكبده في حرب غزة.
وفي سياق ذلك، أكّد رئيس الهيئة الشرعية لحزب الله الشيخ محمد يزبك أن “المقاومة انطلقت من تكليفها لمواجهة هذا العدو الغادر، وهي لم تستخدم إلا بعضًا ممّا تقتضيه المعركة، ولكن إذا ما اتسعت الحرب فهناك شأن آخر”.
وقال سماحته إنّ “عملية طوفان الأقصى قلبت المعادلة وأرست معادلة جديدة، وبالتالي أفرزت بين من يريد الكرامة والعزة والحرية لأمته وشعبه، وبين من يعيش في الذل والهوان”، مضيفًا: “بعد أربعة أشهر، لم يستطع العدو الصهيوني أن يحقق أيًا من أهدافه، بالرغم من دعم أميركا والغرب وتواطئهم مع بعض الدول العربية والإسلامية”.
ورأى يزبك أن “غارات أميركا وحلفائها التي تُشن على اليمن والعراق وسورية دلالة على التخبط الأميركي، ويتنافى مع ما تدعيه بأنها لا تريد توسعة الحرب، أليس هذا توسعة الحرب؟”، مشددًا على أن: “هذه الغارات تعطي المقاومة قوةَ وزخمًا في المواجهة، ونحن اليوم في هذا المحور نزداد قوةً وتعاظمًا يوماً بعد آخر”.
بدوره شدد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض خلال تشييع حزب الله وجمهور المقاومة في بلدة الطيبة الجنوبية الشهيدين على طريق القدس عباس علي مبارك ومحمد جودات يحيى، وذلك بمسيرة حاشدة انطلقت من أمام منزلي الشهيدين، شارك فيها عضوا كتلة الوفاء للمقاومة أن “العدو الإسرائيلي الذي يُكثر من تهديداته في هذه الأيام ومن سيناريوهاته الواهمة، إنما هو في هذه الأيام ذئب جريح عاجز عن التمييز بين الخطوات المحسوبة وبين الجنون المتهور، وبالتالي، لا فرق في حسابات المقاومة واستعداداتها لمواجهته، سواء كانت هذه التهديدات تهويلًا أو تعبيرًا عن نيات مبيّتة”.
وأكد النائب فياض “أننا على مدى كل تاريخنا، كنا نأخذ التهديدات الإسرائيلية بكل جدية، وفي هذه الأيام نأخذها بأعلى درجات الجدية، ومهما تنوعت خيارات العدو وسيناريوهاته، فإن للمقاومة سيناريو واحداً، هو المقاومة والدفاع عن هذه الأرض ومواجهة كل عدوان واستهداف يطال هذا الوطن وأهلنا وأرضنا وسيادتنا”.
وكانت المقاومة واصلت عملياتها وأعلنت استهداف “موقع السمّاقة في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة وموقع رويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة”. ونعى حزب الله الشهيد سلمان محمد حسن فقيه من بلدة عيترون والشهيد عباس أحمد الخرسا من بلدة الطيري في جنوب لبنان والشهيد عباس خضر ناصر من بلدة يارون في الجنوب.
كما نعت حركة أمل” في بيان حسن سكيكي وجعفر اسكندر وحسين عزّام الذين “استشهدوا أثناء قيامهم بواجبهم الوطنيّ”.
في المقابل استمرّ العدو الاسرائيلي بعدوانه على القرى الجنوبية، واستهدف أطراف مركبا قضاء مرجعيون ووادي حامول واللبونة والناقورة. وتعرضت منطقة وادي حسن وأطراف بلدة مجدل زون لقصف مدفعي. وأغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية على أطراف بلدة مروحين. كما أشارت القناة 12 الإسرائيلية الى “أن 8 صواريخ أطلقت من لبنان في اتجاه الجليل الأعلى والجيش الإسرائيلي ردّ بقصف مدفعي”.
وأشار رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، خلال ندوة نظمها التيار حول “وثيقة الأخوة الإنسانية بين النظرية والتطبيق”، الى “أننا نريد سلاماً يوقف جريمة الإبادة في فلسطين ويعاقب المرتكب ويعيد الحق لشعب ظلمته عقيدة استعمارية غريبة عن ثقافتنا، جعلت جماعات لا رابط بينها سوى مشروع مركّب على الدين تحتل أرضاً وتطرد شعبها وترفض السلام معه”، معتبراً أن “لا سبيل الى السلام مع من يغتصب الحقوق ولا سبيل الى السلام مع من يقتل شعباً ويهجّره ويحرمه من أرضه ومن دولته”.
وسأل باسيل :”كيف السبيل الى السلام مع من يعتبر نفسه فوق القانون الدولي وفوق المحاسبة. انّ الزمن تبدّل فليتنبّه أصحاب هذا الفكر التسلّطي التدميري في “إسرائيل” قبل فوات الاوان”.
وشدد باسيل على ان “السلام الحقيقي هو حالة داخلية يعيشها المعني به وهو فعل اقتناع عميق داخله، أساسه صدق الافكار في الحوار لاكتشاف الآخر وفهمه وبناء الثقة معه، لأن الانسان عدو لمن وما يجهل”، متسائلاً: “أليس مثل هذا السلام ما ينقص شرقنا الغارق في حروب ومظالم لا تنتهي؟ لن يُبنى السلام في منطقتنا من دون حوار ركيزته الاعتراف المتبادل بالوجود وبالحقوق وبإسقاط كل فكر إلغائي للآخر وفي طليعته الصهيونية والداعشية، عقيدةً وممارسةً”.
ولم يسجل الملف الرئاسي أي جديد، بانتظار الخطوة المقبلة من اللجنة الخماسية من أجل لبنان، وغداة تصريحات رئيس مجلس النواب نبيه بري التي حملت معطيات جديدة لا سيما ما نقله عن السفراء خلال لقائه بهم، بأن لا فيتو على أي مرشح بمن فيهم الوزير السابق سليمان فرنجية، وتوجيه رسالة الى كتلتي “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية” لتلبية دعوته للتشاور قبل عقد جلسات، قطع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الطريق على الحوار والتشاور، بقوله إننا “مع الحوار في كلّ لحظة ولكن لا نتيجة له لأنّ الثنائي متمسّك برئيس تيار المردة سليمان فرنجيّة”، لافتاً الى أنه “إذا اللجنة الخماسيّة تريد فرنجيّة فلتنتخبه ومعظم الدول المهتمّة بلبنان تريد قائد الجيش رئيساً”.
واعتبر جعجع، في حديث تلفزيوني أن “رئيس مجلس النواب نبيه برّي نسف طرح السفراء بخيار رئاسي ثالث والدعوة إلى جلسة انتخاب وهم يئسوا بعدما سمعوه”.
على صعيد آخر وقع الرئيس بري مشروع قانون موازنة عام 2024 وأحاله الى مقام رئاسة مجلس الوزراء.
من جهته، استقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفداً من جمعية المصارف برئاسة سليم صفير.
وأكد مستشار رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية نقولا نحاس أن ميقاتي سيطرح على مجلس الوزراء الخميس المقبل سلّةً متكاملة للانتظام المالي الجديد بناءً على دراسة توصّلت اليها اللجنة التي شكّلها ميقاتي آخذاً رأي المصرف المركزي.
ليس بعيداً، غادر حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إلى المملكة العربية السعودية أمس للمشاركة في مؤتمر مالي وعقد لقاءات رسمية، بدعوة من المصرف المركزي السعودي.
المصدر: صحف