تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 18-12-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
الغرب أمام «شيفرة» أنصار الله: أميركا تهدد الاتفاق مع السعودية دعماً لإسرائيل
ابراهيم الأمين
عندما اتّخذ قائد «أنصار الله» السيد عبد الملك الحوثي قرار الانخراط في الحرب ضد العدو، كان هناك البعد العقائدي عند الرجل وما يمثّل. وكانت هناك الحسابات الواقعية أيضاً، وكذلك سلة الأهداف والخطوات التي يمكن اللجوء إليها بحسب الحاجة.
والذين فوجئوا بما قامت به «أنصار الله»، فذلك يعود إلى جهلهم التام بطريقة تفكير هذه الجماعة، وكيفية اتخاذ القرار. وقد يكون صعباً، على هؤلاء جميعاً، فهم أن السيد الحوثي، يمكن له اتخاذ قرار بهذا الحجم، انطلاقاً من قناعته الدينية القائلة، بأن «من لم يتحرك لنصرة غزة، سيحمل الإثم إلى يوم الدين».
لم يكن قرار صنعاء سرياً. وهو جزء من خطة محور المقاومة لجهة تقديم العون للمقاومة والناس في غزة. وكان هدفه حصيلة تشاور بين قيادة «أنصار الله» وأطراف المحور في لبنان وفلسطين. وعندما اتُّخذ القرار، أخرج اليمنيون من الأدراج، مجموعة من الأهداف الإسرائيلية، التي سبق لهم أن استعدّوا لضربها في سياق معركة «سيف القدس» في عام 2021، ولكنّ تطورات المعركة لم توجب المشاركة. علماً أن العدو اضطر لإعادة تشغيل قيادة منطقته الجنوبية بعد طول توقف. وعندما جرت الإشارة إلى إيلات، فالأمر كان ربطاً بالمديات التي تصل إليها صواريخ ومُسيّرات «أنصار الله». لكنّ الذي حصل هذه المرة، أنه تم تحديث الأهداف، لتشمل نقاطاً عسكرية ومنشآت حسّاسة إضافية لكيان الاحتلال في جنوب فلسطين المحتلة.
وبخلاف ما أشاعه كثيرون حول الجهد الاستخباراتي العربي والغربي، فإن صنعاء، التي تقود محادثات مباشرة مع السعوديين حول مشروع اتفاق لإنهاء الحرب، أبلغت الرياض، بقرارها، وقالت لها رسمياً، وبصورة مباشرة، إننا ابتداء من تاريخ كذا.. سوف نباشر عمليات قصف لجنوب فلسطين المحتلة، وأن صواريخ ومُسيّرات سوف تعبر الأجواء السعودية في طريقها إلى فلسطين، وأن صنعاء تريد التأكيد أن هذه المقذوفات لا تستهدف السعودية، وأنها تأمل أن لا يحصل أي اعتراض لها، حتى وصل الأمر بأحدهم إلى التعليق: لقد طلب الحوثيون من السعودية إذن مرور فقط!
الذي حصل في الضربة الأولى، أن السعودية أبلغت جميع المعنيين بما وصلها. لكنها بادرت إلى تفعيل الدفاع الجوي، وعمدت إلى إسقاط تسعة من صواريخ الكروز التي أطلقتها «أنصار الله»، بينما تكفّل المصريون بإسقاط عدد آخر، فيما تولّت البحرية العسكرية الأميركية إسقاط بقية المقذوفات، وفي ذلك اليوم، لم تسقط دفاعات العدو أياً من مُسيّرات أو صواريخ «أنصار الله».
في الوجبة الثانية، استخدمت «أنصار الله» آلية مختلفة في القصف، ما يجنّبها الدفاعات السعودية والمصرية، لكن الذي حصل، هو أن البحرية الأميركية عمدت إلى إسقاط الصواريخ المجنّحة والمُسيّرات، فيما استخدم العدو منظومة «حيتس» لأجل إسقاط الصواريخ الباليستية قبل اختراقها المجال الجوي لفلسطين.
طبعاً، حاولت «أنصار الله» اللجوء إلى أساليب مختلفة لأجل إيصال الصواريخ والمُسيّرات، ولكنّ كل المنظومات الغربية والعربية الموجودة على طول البحر الأحمر، وفي السعودية والعقبة ومصر، عملت بالتعاون مع العدو لمنع وصول هذه الصواريخ، برغم أن بعضها وصل إلى سماء جنوب فلسطين، وكانت واحدة من النتائج المتمثّلة في إثارة الذعر لدى الموجودين في المنطقة، ومن مقيمين أو نازحين فرّوا من غلاف غزة.
لكن، لم تكن هذه هي المساهمة الوحيدة المقرّرة من قبل «أنصار الله»، وتم الانتقال إلى الخطوة التالية التي توجّه ضربات مباشرة إلى السفن المحملة بالبضائع الإسرائيلية التي تعبر البحر الأحمر أو تمر قبالة سواحل اليمن في بحر العرب، وتم تجهيز الفرق البحرية التي تقوم بملاحقة السفن وكان ما كان، إلى أن بدأ العالم يهتم لما يجري. ومع ذلك، فإن صنعاء، وجدت أنه بات من الضروري القيام بخطوات إضافية، بسبب الجرائم المتعاظمة ضد غزة. وكان القرار بمنع مرور أي سفينة تحمل موادَّ تخص إسرائيل.
طبعاً، لم يبق أحد في العالم، إلا ونقل رسائل التهديد والوعيد إلى اليمن، وأن أميركا وأوروبا وإسرائيل سوف تضرب اليمن رداً على ما يقوم به. وفي كل مرة كانت رسائل التهديد تصل، كان اليمنيون يرفعون من درجة الضربات للعدو. إلى أن وصلنا إلى مرحلة التهديد، بشنّ حملة عسكرية ضد «أنصار الله» في حال لم تتوقف عن عملياتها في البحر. وهو جوهر ما يعمل عليه وزير الدفاع الأميركي في زيارته للمنطقة الآن.
أهم ما في الأمر، ليس في أن كل هذه التهديدات لن تغيّر من موقف اليمن، بل في كون الولايات المتحدة ومعها الإمارات العربية المتحدة والسعودية، لم تجد أي تجاوب يمني لأجل إعادة إشعال الحرب الداخلية. فقط، لأن بعض خصوم الحوثيين، لمسوا أن الناس سينتفضون ضدهم، ولا يقدرون على تبرير حرب تُفرض خدمة لإسرائيل التي تقتل الشعب الفلسطيني. وبعد كل المحاولات، لم يجد الأميركيون ومعهم الإمارات، سوى طارق صالح ومعه بعض ألوية العمالقة من سلفيّي السعودية، الذين يبدون استعداداً لإعادة إشعال جبهات الحرب مع «أنصار الله». لكنّ السعودية نفسها، تعرف أن ما حصل خلال عامَي الهدنة، لا يتيح لهؤلاء تحقيق أي شيء، ولا حتى إشغال «أنصار الله» عن استمرار عملياتها في البحر الأحمر. كما أوضح المعنيون في سلطنة عمان لسائليهم، أن توجيه الغرب ضربات عسكرية ضد منشآت في اليمن، سيشعل المنطقة كلها، وأن القدرات الصاروخية الموجودة في حوزة «أنصار الله»، تقدر على إصابة أهداف في البحر من مناطق بعيدة عن ساحل البحر الأحمر.
لكنّ السؤال المعضلة الذي لم يتمكّن الغربيون من الإجابة عنه تركّز على الآتي: في حال قام تحالف حربي بتوجيه ضربة إلى «أنصار الله»، فهل يرد هؤلاء، بزرع البحر الأحمر وبحر العرب بمئات من الألغام التي تم إظهارها في العرض العسكري المركزي لليمن قبل مدة؟
وبالتالي، كيف سيتم تجنّب احتمال تعطل كل أنواع الملاحة في هذه المنطقة؟ وكيف سيكون عليه الوضع بالنسبة إلى قوى موجودة في الساحل الشرقي للبحر الأحمر، وخصوصاً في الصومال، والتي تربطها علاقات خاصة بـ«أنصار الله»، ولديها حساب مفتوح مع جميع الدول الغربية في تلك المنطقة؟
ثمة ما يوجب على الجميع التصرف بطريقة مختلفة إزاء ما تفكر به «أنصار الله»، أو كيفية إقناعها بالعدول عما تقوم به، وإذا لم يتوقف العدوان على غزة، فإن العالم سيستهلك الكثير من الوقت والجهد، حتى يقدر على فكّ شيفرة «أنصار الله»!
واشنطن تعاني لتجميع تحالف دولي في البحر الأحمر
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، سيعلن الأسبوع المقبل عن تعاون دولي في البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب تحت اسم «حارس الازدهار». لكن يبدو أن التعقيدات تُلاحق واشنطن ليس فقط في مهام هذا التعاون الدولي، بل أيضاً في تاريخ إعلانه، إذ إن موقع «أكسيوس» الأميركي كان قد ذكر أن موعد الإعلان هو يوم الجمعة الماضي. وفي نهاية الأسبوع، أعلن المتحدث الأميركي جون كيربي أن وزارتَي الخارجية والدفاع تعملان على تجنيد أكبر عدد ممكن من الدول لإرسال سفن إلى فرقة العمل المشترك التي تعمل تحت القيادة المركزية للجيش الأميركي. وقال مسؤولون إسرائيليون إن فرقة العمل الجديدة لن ترافق السفن المبحرة، لكن حقيقة وجود المزيد من السفن الحربية في المنطقة، قد تخلق ردعاً وتمنع الهجمات، كما تسمح بتقديم المساعدة السريعة للسفن التي تتعرّض للهجوم.
أسقط اليمن بدخوله الحرب إلى جانب المقاومة الفلسطينية، دفعة واحدة، حالات الاستخفاف والتوهين التي مورست عليه لعقود طويلة. ولذلك شنّت دول التحالف العربي وشركاؤها الغربيون الحرب عليه لسنوات بهدف إعادته إلى الهيمنة وإخضاعه للوصاية، حينما قرّر التمرّد عليهم ونيل حريته الوطنية.
وبقراره الجريء في فرض حصار مائي على إسرائيل، جعل اليمن جميع داعمي إسرائيل يقفون مذهولين أمام تحدّي صنعاء في مواجهة الغرب الذي يتصرّف على أن البحر الأحمر وبحر العرب وباب المندب حق حصري لدوله، سيما أن ما يحصل في البحر الأحمر هذه الفترة، لم يكن يخطر في بال أحد من الدول الغربية. وحيث ظهر أن كل الغرب بكامل قدراته التكنولوجية وأساطيله عاجز عن استشراف المستقبل بأن اليمن ينطلق بسرعة نحو تفعيل قدراته العسكرية وتوظيف موقعه الجغرافي في سبيل القضية الفلسطينية.
وقد واصلت واشنطن البحث في طريقة لتشكيل هيكل عسكري موسّع في البحر الأحمر. وهو بند رئيسي في زيارة أوستن التي تشمل البحرين وقطر والسعودية وإسرائيل. وتشير المعطيات إلى أن التحالف سيقتصر على توسيع «قوة المهام المشتركة 153»، التي تضم 39 دولة ومهمتها في الأصل مكافحة تهريب السلاح إلى «أنصار الله» عبر البحر الأحمر وخليج عدن، ومقر قيادتها في البحرين.
وقد دفع موقف اليمن الولايات المتحدة وإسرائيل إلى البحث عن بدائل عن قواتهما لمعالجة الموقف. لكنّ دول الخليج لا تبدو متحمّسة للأمر، وهي أوكلت إلى وكلائها في اليمن لعب الدور العملاني. وهي خطوة لا تغيّر من الوقائع التي تزعج واشنطن التي تبدو في وضع التشكيك من قبل الحلفاء على نحو أفقدها القدرة على تجميع تحالف دولي قوي. وقالت وكالة «بلومبرغ» إن الدبلوماسية الأميركية تواجه معضلة على كل الجبهات، حيث تشعر الدول بالجرأة المتزايدة على التشكيك فيها، ولا سيما في الحرب بين إسرائيل وغزة، ما يدفعها إلى تقييد الوقت المتاح أمام حليفتها إسرائيل لإنهاء المعركة.
اليمن في حالة استعداد لحرب يريدها أكثر صعوبة على الإسرائيليين والأميركيين من جبهتَي غزة ولبنان
ورغم توقّعه تلقّيه ضربات جوية أميركية على غرار تلك التي توجهها القوات الأميركية في العراق، فإن اليمن ماضٍ في قرار المواجهة مهما كانت النتائج. وستكون جبهته أصعب على الإسرائيليين والأميركيين من جبهتَي الشمال والجنوب، وأكثر كلفة على الاقتصاد الدولي، خاصة إذا جرّت معها الصومال المنفلتة هي الأخرى من كل القيود والالتزامات الدولية، وفق قيادات يمنية.
وقد أعدّت صنعاء العدة لتلك المواجهة. هذا ما كتبه على منصة «إكس»، نائب وزير خارجية صنعاء، حسين العزي، الذي أكّد «أننا لم نستعد لقب اليمن السعيد، إلا أننا استعدنا لقب اليمن مقبرة الغزاة»، ودعا الشعب اليمني لشد الأحزمة «فالحرب مع الحلف الصهيوني الدولي أمر محتمل».
مسوّدة اتفاق إنهاء الحرب السعودية جاهزة للتوقيع
تمرّ السعودية في مرحلة اختبار صعب بين خيارين كلاهما مرّ. فإما أن تخرج من المستنقع اليمني وفق خارطة طريق متفق عليها مع صنعاء، وإما أن تخضع للإملاءات الأميركية وتنخرط في التحالف البحري الدولي، وهذا يعني بقاءها عرضة للابتزاز. المؤشرات تفيد بأن المملكة، رغم تعرّضها لضغوط أميركية، ماضية في مسار السلام بالاستفادة من التجارب السابقة. وهي تعمل على صدّ دعاة الحرب ووكلاء المشاريع الخارجية التي تسعى لإبقاء المنطقة مشتعلة، وتسعى حتى هذه اللحظة للإسراع في إنجاز ملفات الاتفاق للتوقيع عليه، تجنباً للمزيد من عرقلة الإماراتيين أو الوكلاء المحليين.
وأفاد مصدران مطّلعان في صنعاء والرياض «الأخبار» بأن اتفاق السلام جاهز للتوقيع وأن الطرفين وضعا ملاحظاتهما الأخيرة عليه. وقد سُلِّمت النسخة المنقّحة إلى مبعوث الأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، لأن التوقيع سيكون برعاية الأمم المتحدة. وقالت المصادر إن الأخير شرع بالفعل في إجراءات التنسيق للترتيبات والمراسم البرتوكولية الخاصة بتوقيع اتفاق خارطة السلام، بما فيها تحديد مكان وزمان التوقيع، في أقرب وقت ممكن، وإن كان الاتفاق في سباق مع تصاعد التوتر في البحر الأحمر وباب المندب.
وقالت مصادر صنعاء إن خيارات عدة مطروحة لمكان التوقيع، والكرة في ملعب الرياض التي تتعرّض لضغوط أميركية لتأخير التوقيع والدخول في تحالف حربي ضد اليمن في البحر الأحمر. على أن المملكة لا تزال تتحايل على تلك الضغوط حتى اللحظة. ومن المفترض، في حال صمدت أمامها، أن يُوقّع الاتفاق قبل نهاية السنة.
لكنّ مصادر دبلوماسية قالت إن «ترتيبات التوقيع على اتفاق السلام في اليمن تأجّلت بشكل مفاجئ بعد أن تم تحديدها الأسبوع الجاري، بضغوط أميركية على المبعوث الأممي». وأشارت إلى أن «هناك تأييداً روسياً وسعودياً وعمانياً لتوقيع الاتفاق بعد أن سلّمت الأمم المتحدة أطراف الصراع اليمنية نسخة من صيغة الاتفاق الذي سيجري التوقيع عليه في مسقط، إلا أن واشنطن تعمل على مقايضة تعديل موقفها بوقف صنعاء هجماتها على إسرائيل».
وتفيد مصادر الطرفين بأن الاتفاق مقسّم إلى ثلاث مراحل ويستجيب في مرحلته الأولى لمطلب صنعاء القديم بخصوص الملف الإنساني، وينهي الحصار المفروض على البلد، ويلحظ أيضاً آلية توافقية ترضي الطرفين بشأن تسليم رواتب موظفي الدولة في عموم المحافظات اليمنية، وكذلك تصدير النفط المتوقف حالياً بقرار من حكومة صنعاء.
جماعة الإمارات في الجنوب تحاول تخريب مساعي الرياض لإنجاز التسوية مع صنعاء
وترى المملكة أن الوقت الحالي مثالي لها للانتهاء من عبء الحرب لأن أنظار العالم بأكمله منصرفة إلى الحرب على غزة. على أن الضغوط لتأجيل الاتفاق ليست مقتصرة على واشنطن، إذ ثمة أطراف يمنية قريبة من الإمارات تسعى لعرقلته. وهذا ما أكّده مساعد رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» السعودية، عبدالله آل هتيلة، القريب من دوائر القرار، عبر حسابه في منصة «إكس» حينما كتب أن «الطرف اليمني الذي سيتعاطى بسلبية مع جهود إحلال السلام هو من سيدفع الثمن غالياً وسيكون خارج المعادلة».
كما تخشى المملكة من أن دخولها إلى جانب الأميركيين في التحالف الحربي، سيؤدي بالضرورة إلى العودة إلى مربع الحرب، مع ما يعنيه ذلك من استهداف لمنشآتها الحيوية والنفطية، وهي تعلم علم اليقين أن ليس لدخولها التحالف البحري أي قيمة مضافة يمكن أن تغيّر موازين القوى أو تؤثّر في رسم جديد للخارطة السياسية في المنطقة يكون لها فيه حظ أوفر، فضلاً عن أن حلف واشنطن سيزيد من تعقيد الموقف في البحر الأحمر ويمكن أن يعرّض موانئها، ولا سيما ميناء جدة، للاستهداف.
ويبدو أن الثقة السعودية متزعزعة بالأميركيين الذين يحشدون حالياً دول العالم لدعم إسرائيل في البحر الأحمر، وفي أنها ستُترك وحيدة في نهاية الحرب على غزة من دون النظر إلى مصالحها.
وخلافاً للتغطية الإعلامية السعودية المنحازة بالمطلق إلى السردية الأميركية حول البحر الأحمر وباب المندب، يظهر أن الموقف السعودي من الأحداث الجارية من استهداف للسفن الإسرائيلية، لا يجاري الموقف الأميركي. ففي الوقت الذي كان مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، يزور الرياض، علّق وزير خارجية السعودي، فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحافي للجنة الوزارية العربية المشتركة، ووزير الخارجية النرويجي في أوسلو، على هجمات «أنصار الله» في البحر الأحمر بالقول إن المنطقة لا تحتاج إلى مزيد من التصعيد. وفي موقف آخر، ذكر الوزير السعودي أن بلاده تمضي مع اليمن في مسار السلام. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدرين مطّلعين أن السعودية طلبت من الولايات المتحدة ضبط النفس في الرد على هجمات «أنصار الله».
من الواضح أن الخلاف الأميركي – السعودي حول استهداف اليمن، هو ليس على أصل العدوان، فكلا الطرفين متفقان على إعادة اليمن إلى عهود الوصاية وإلغاء دوره ومنعه من توظيف موقعه. لكنّ الخلاف يدور حول توقيت الخروج من الهدنة والعودة إلى الحرب. أما التردّد السعودي في الدخول في حلف عسكري سببه أن الرياض لطالما طالبت أميركا بالتدخل المباشر في الحرب وكانت واشنطن ترفض، بل كانت أيضاً في كثير من الأحيان تستخدم الحاجة السعودية للابتزاز السياسي والمالي. إضافة إلى أن السعودية لا تريد أن تظهر أمام الرأي العام بأنها تنضم إلى حلف هدفه دعم إسرائيل.
القائد يبدأ معركة المجلس العسكري
استعجلت المعارضة استثمار التمديد لقائد الجيش في الملف الرئاسي. ما جرى حتى الآن اتفاق مشروط ومحدّد بوقته. ما سيلي ذلك، صفقة المجلس العسكري في موازاة توجيه الأنظار إلى الجنوب
لن ينتهي قريباً مفعول التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون. ما جرى في جلسة الجمعة الماضي كان أبعد من تمديد بفعل القانون، وحلقة من مسلسل سياسي يتعلق بالجنوب وبمستقبل حزب الله ولبنان. ولما بعد التمديد وجهان، الأول داخلي، والثاني يتعلق بمفاعيل التسوية الإقليمية التي رعت التمديد.داخلياً، بعيداً عن رفع لافتات التهنئة والاحتفالات المموّلة من شخصيات معروفة، واتصالات المنتفعين، وبركة البطريرك بشارة الراعي الذي رعى التمديد، فإن ما يُنتظر في اليرزة مسار متجدّد من الكباش مع وزير الدفاع والتيار الوطني الحر. وهذا سيفتح مجدّداً باب الاستهدافات المتبادلة بين الطرفين، والتي ستكون أكثر حدة بعد الخسارة التي مُني بها التيار، إلا إذا قرّر قائد الجيش الممدّد له وضع الماء في النبيذ، في حين يؤكد التيار بأن عون سيبقى على توتره مع وزير الدفاع ومع رئيس التيار جبران باسيل، إضافة إلى أن العين ستكون على ما يلي صفقة التمديد، في ما يتعلق بالمجلس العسكري وملء شغوره.
فقائد الجيش كان يدعو سابقاً إلى تعيين رئيس أركان ينوب عنه، مكرّراً لازمة تعذّر مغادرته لبنان لعدم وجود بديل عنه، والحاجة إلى السفر أصبحت أكثر إلحاحاً في إطار خوض معركته كمرشح رئاسي. وما جرى بعد استعداد الحزب التقدمي الاشتراكي للقبول بتعيين رئيس للأركان، وتطيير جلسة الحكومة، أن الأوراق خُلطت مجدداً، وصار فعل التعيين بذاته هاجساً للذين لا يريدون أن تعطى حكومة تصريف الأعمال هذا الحق، لأن التعيين كان مرتبطاً بالطعن في المرسوم المحدد بستة أشهر، لا بالقانون الذي أعطى عون سنة كاملة. وأي لجوء إلى هذا الخيار، بعد ما جرى في مجلس النواب، يعني مزيداً من الانتهاكات الدستورية في غياب رئيس الجمهورية. والأهم أنه حتى الساعات الأخيرة، تجدّدت مطالبة الاشتراكي بتعيين رئيس الأركان، وتعزّزت بإصرار قائد الجيش والتمسك بالمرشح لهذا المنصب. وفي حين بدأت ساعات النهار أمس بالكلام عن أن الحديث عن التعيين لا يزال محصوراً بالمقعد الدرزي فيما تعيين المفتش العام الأرثوذكسي والمدير العام للإدارة الشيعي غير مطروحيْن، تساءلت أوساط سياسية عن إمكان تمرير الثنائي الشيعي لسلة التعيينات كاملة، وعما إذا كان ذلك يعني خوض معركة ثانية مع التيار سيكون حملها ثقيلاً. علماً أن إخراج التسوية طُرح على الطاولة بتنسيق بين الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري اللذين كانا في الكويت معاً. وإذا حصل الاتفاق بمباركة الثنائي، فسيكون هذا تصويباً مباشراً على باسيل، بإمكان تمرير التعيينات من دون موافقة وزير الدفاع، وإعطاء قائد الجيش ما يطلبه، ما يضفي على الصفقة السياسية بعداً آخر.
قلق الداخلي لدى معارضي الحزب من أن تكون التسوية المصغّرة مقدّمة لتسوية أكبر
النقطة الأخرى تتعلق بملف رئاسة الجمهورية. اذ استعجلت المعارضة الحزبية، ومعها نواب تغييريون كانوا في جلسة الجمعة جزءاً لا يتجزّأ من المنظومة السياسية والقوى الحزبية، تجيير ما حصل لاستثماره في الملف الرئاسي. فدخول اللجنة الخماسية على خط التمديد، اعتبرته المعارضة استعادة لدور اللجنة في تحريك الملف الرئاسي، وتالياً معالجة الملف اللبناني. لكنّ واقع الحال ليس كذلك. ما حصل هو توافق على القطعة وليس تسوية سياسية شاملة لا محلية ولا خارجية. وما كان قائماً قبل أسابيع قليلة حول تعيين بديل لعون، تبدّل ربطاً بما جرى في غزة والجنوب وتفعيل القرار 1701، ومفاوضات دولية مع إيران حول ساحات عملها في المنطقة. وهنا يدخل دور القوات الدولية التي كانت تحثّ دولها على عدم الدخول في متاهة تعيين قائد جديد وتدفع في اتجاه التمديد. وإذا كانت السعودية شاركت في السعي للتمديد بوضوح في حركة لافتة بعد انكفاء، فهذا لا يعني أنها استعادت أي مبادرة في الملف اللبناني ككل. ففي خضمّ الانشغال المحلي بالتمديد، كان بيان ثلاثي صيني – سعودي – إيراني يصدر من بكين لأول اجتماع للجنة الثلاثية المشتركة، في موازاة تأكيدات غربية عن مسار قائم للعلاقة السعودية مع إسرائيل. وهذا يعني انشغال الرياض بإطار أوسع من ملف لبنان لدورها في المنطقة، فلا تتخلّى عنه بالمطلق ولا تدفع في اتجاه مبادرة كاملة في شأنه. وهذا تماماً ما بدأ يثير قلقاً لدى معارضي حزب الله من غير الذين أبرموا معه بالواسطة تسوية التمديد لقائد الجيش.
ما يجري جنوباً هو أقل من حرب وأكثر من اشتباكات حدودية. والعين بعد التمديد على ما يجري حقيقة فيه، في ظل بقاء المنطقة الحدودية ساحة مشتعلة. وحزب الله الذي لا يزال منذ أكثر من شهرين على درجة عالية من الاستنفار والتحسب لأي احتمالات عسكرية أكبر من تلك الجارية حالياً، لا يعنيه الملف الرئاسي بقدر ما تشكله تطورات حرب غزة والحدود الجنوبية من أولوية مطلقة له. وتفعيل القرار 1701، الذي يفترض أن يمس الجيش، لا يتوقع أن يُترجم اليوم تزخيماً لانتشاره والموافقة الداخلية على تعزيز وجوده وزيادة عديده. ومن المبكر الكلام عن أن التحذيرات والمطالب الغربية، التي تُرجمت في التمديد، ستبلور حلاً سريعاً ومتكاملاً لتنفيذ رؤية «جديدة» للقرار 1701. فأيّ مندرجات مختلفة للقرار، تقارب انتشار حزب الله، ليس من السهل التعامل معها، على أنها خطوة عادية. لأنها تعني أولاً وآخراً وجود الحزب في الجنوب وإطاراً آخرَ لصراعه مع إسرائيل. وهذا لا يمكن أن يتم من ضمن ترتيبات سريعة، في حين أن حرب غزة لا تزال مشتعلة وكذلك جبهة الجنوب والتهديدات الإسرائيلية. والقلق الداخلي لدى معارضي الحزب من أن تكون التسوية المصغّرة مقدّمة لتسوية أكبر. ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة… وبتغطية من المعارضة.
المقاومة تواصل الإشغال شمالاً: ارتقاء متدرّج يؤرّق العدو
تحافظ المنطقة الجنوبية الحدودية مع فلسطين المحتلة، على وتيرة مرتفعة من العمليات التي تنفّذها المقاومة في لبنان، ضد أهداف عسكرية إسرائيلية، على طول الحافة الحدودية من الناقورة غرباً، إلى مزارع شبعا شرقاً. وفي المقابل، يرفع العدو من وتيرة اعتداءاته على القرى الحدودية، مستهدفاً أحياناً مناطق في عمق الجنوب. لكن، إلى اليوم، لا يزال إيقاع تبادل النيران مضبوطاً – إلى حدّ بعيد – ضمن قواعد الاشتباك التي باتت معروفة، وعنوانها العام: الفعل وردّ الفعل؛ إذ في الأعمّ الأغلب، فإن المقاومة هي التي تبادر إلى تنفيذ العمليات ضدّ مواقع العدو، ضمن مدى جغرافي محدود. وفي المقابل، يهاجم الأخير في القرى الحدودية عموماً، متجنّباً أيضاً توجيه ضربات في العمق اللبناني. لكن، ما يُسجّل على أنه ارتقاء، هو تعزيز المقاومة نيرانها، نوعاً وكمّاً، وبشكل يومي، حيث زادت من استخدام الصواريخ الموجّهة بأنواعها المختلفة، وخصوصاً تلك «الفراغيّة»، التي تتسبّب بدمار ملحوظ وواضح في المباني التي تستهدفها. كما كثّفت من إطلاق صواريخ «البركان» التي تُحدث أيضاً انفجاراً كبيراً أينما سقطت. وفي المقابل، رفع العدو من وتيرة استخدام الطائرات الحربية في الإغارة على منازل وأهداف ضمن القرى الحدودية. كما بات يعمد إلى تمشيط مدفعي يوميّ، يطلق فيه عشرات القذائف المدفعية على القرى وأحراجها، على طول الحافة الحدودية. وصباح أول من أمس، نفّذ المقاومون هجوماً جوياً بطائرة مُسيّرة انقضاضية على تموضع لجنود الاحتلال خارج ثكنة «راميم» (في قرية هونين اللبنانية المحتلة). وفي وقت لاحق، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جندي في العملية، وإصابة آخرين، منهم إصاباتهم خطيرة. وتُعتبر هذه العملية نوعيّةً من حيث التحضير والإعداد والتنفيذ؛ إذ إن تموضع الجنود الذي استُهدف، كان في موقع خلفيّ لا يمكن رصده من الأراضي اللبنانية، ما يعني أن المقاومة استخدمت وسائط استخبارية نوعيّة لتحديد الهدف. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن «المقاومة تستخدم لاستطلاع أهداف من هذا النوع، طائرات مُسيّرة استطلاعية، قبل تنفيذ العملية، من دون أن يتمكّن العدو من اكتشافها أو اعتراضها». كما أنه بات من الواضح أنها تستخدم هذه المُسيّرات، بوتيرة ملحوظة، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي، مرات عديدة خلال الأيام الفائتة، اشتباهه باختراق مُسيّرات أجواء فلسطين المحتلة، ما دفعه إلى إطلاق عشرات الصواريخ الاعتراضية. أما من حيث التنفيذ، فيُسجّل نجاح لافت لدى المقاومة في استخدام الطائرات المُسيّرة المفخّخة، والتي تنقضّ على أهدافها بشكل دقيق، وتحقّق إصابات مباشرة، من دون أن تتمكّن أنظمة الإنذار الإسرائيلية المعقّدة من اكتشافها، ثم اعتراضها.
ويوم أمس، واصل حزب الله استهداف ثكنات العدو ومواقعه وتجمّعات جنوده على طول الحدود، موقعاً المزيد من القتلى والجرحى في صفوفه. وأعلنت المقاومة الإسلامية، في سلسلة بيانات متلاحقة، استهداف جنود الاحتلال في بركة ريشا ومحيط موقع حانيتا وشرق سعسع وحرج عداثر وجلّ العلام ودوفيف، ومحيط قرية هونين. كما طاولت هجمات المقاومين ثكنة «أفيفيم»، ومقرّ قيادة مستحدثاً قرب «إيفن»، وجنوداً في هونين. وفي هذه الأثناء، كان وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، يجري تقييماً للوضع في منطقة المطلّة على الحدود مع لبنان، بالتعاون مع قائد القيادة الشمالية وقادة آخرين. وفي حديث أجراه هناك مع جنود الجيش، قال غالانت إنه «إذا أراد حزب الله أن يصعّد مستوىً واحداً، فسنصعّد خمسة – لا نرغب في ذلك، لكنّنا لن نسمح بإجلاء سكان الشمال لفترة طويلة جداً». كما تلقّى غالانت إحاطة عن نشاط الجيش «ضدّ أهداف حزب الله في المنطقة»، وفقاً للإعلام العبري.
كوهين: نحن لا نقاتل حماس فحسب، بل نقاتل أيضاً الحوثيين وحزب الله
وتحدّثت وسائل الإعلام الإسرائيلية، في غضون ذلك، عن إطلاق صواريخ موجّهة من لبنان نحو مستوطنة «أفيفيم» في الجليل الأعلى، إضافة إلى 6 صواريخ على الأقلّ استهدفت مستوطنة «مرغليوت» (هونين)، التي دوّت فيها صفارات الإنذار. وأتى هذا فيما وزّع «مجلس الجليل الأعلى» تعليمات جديدة على من بقي من المستوطنين في 13 مستوطنة عند الحدود مع لبنان، بـ«البقاء في الملاجئ حتى إشعار آخر». أما المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي فقال، في تقييم حول الوضع في الشمال، إن «جنوب لبنان سيكون منطقة حرب طالما أن حزب الله منتشر هناك»، في حين اعتبرت وسائل إعلام عبرية أن «ما حصل في الشمال، هو أن حزب الله فرض منطقة أمنية في الجانب الإسرائيلي، وينفّذ عمليات بشكل يومي».
مع هذا، لا يزال العدو يعوّل على «حلّ سياسي» للتصعيد على الحدود مع لبنان، حيث قال وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، أمس، خلال لقاء نظيرته الفرنسية، إن حزب الله «يعرّض لبنان والمنطقة برمّتها للخطر»، مضيفاً أنه «يمكن حلّ المشكلة دبلوماسياً أو بالعمل العسكري»، متابعاً أنه «فقط تنفيذ القرار 1701 وإبعاد إرهابيّي حزب الله شمال نهر الليطاني سيمنعان الحرب في لبنان». وتحدّث الوزير الإسرائيلي عن «المحادثات التي أجريناها في الأسابيع الأخيرة، حول الترويج لتحرّك دبلوماسي دولي من شأنه إزالة تهديد حزب الله من الحدود الشمالية لإسرائيل، والسماح لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين تمّ إجلاؤهم بالعودة إلى منازلهم بأمان»، لافتاً إلى «أننا قمنا بتشكيل مجموعة عمل مشتركة لفرنسا وإسرائيل، بهدف العمل بالتنسيق لتنفيذ القرار 1701». كذلك، قال كوهين: «نسمع من العالم دعوات لوقف إطلاق النار ضد حزب الله وحماس وذلك يُعتبر مكافأة للإرهاب»، مضيفاً: «نحن لا نقاتل حماس فحسب، بل نقاتل أيضاً الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان».
إلى ذلك، أعلن حزب الله، أمس، استشهاد المقاومين موسى مصطفى «جهاد» من بلدة بيت ليف الجنوبية، وحسن الضيقة «أسامة» من بلدة حزّين البقاعية، وحسن معن سرور «علي إبراهيم» من بلدة عيتا الشعب الجنوبية.
اللواء:
برّي وميقاتي يعزَّيان أمير الكويت.. وتعيين رئيس الأركان أمام الجلسة غداً
توسُّع النطاق الجغرافي للمواجهات.. وكولونا تنقل تهديدات إسرائيلية
تحولت الحرب الدائرة منذ اكثر من سبعين يوماً بين اسرائيل وحماس في غزة الى عامل مقرّر لمعظم التطورات في المنطقة، والحركة السياسية والدبلوماسية، وامتد الامر الى لبنان، حيث تتطور المواجهة العسكرية بكل ما هو متاح لها من اسلحة من صواريخ وطائرات ومسيرات وقذائف وعبوات ناسفة، مع اعتراف اسرائيل بالخسائر، ونعي حزب الله المزيد من الشهداء على «طريق القدس».
وهذا الموضوع كان على طاولة البحث بين وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا ووزير الخارجية الاسرائيلي ايلي كوهين، قبل ان تنتقل اليوم الى بيروت، في اطار مهمة نزع فتيل توسع الحرب باتجاه لبنان.
ونسب الى كوهين مطالبته كولونا بالضغط لإجبار حزب الله على الانسحاب شمال نهر الليطاني، من زاوية انه في حال اخفقت الدبلوماسية، فالحل باستخدام القوة العسكرية.
واعتبرت كولونا من قاعدة عسكرية قرب تل ابيب ان خطر التصعيد قائم، ولا مصلحة لاحد اذا خرجت الامور عن السيطرة، وطالبت الاطراف المعنية بخفض التصعيد.
التعازي بأمير الكويت
في هذا الوقت، كان لبنان الرسمي يقدم واجب العزاء لأمير دولة الكويت الشيخ مشعل الاحمد الجابر الصباح بوفاة امير الدولة الراحل الشيخ نواف الاحمد الجابر الصباح.
وضم الوفد الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ونائبه سعادة الشامي.
واعتبر ميقاتي ان غياب الامير نواف يشكل خسارة ليس للكويت وحسب، بل للعالم العربي ولبنان، فهو كان خير داعم للبنان في المحطات الصعبة.
وكان لبنان اعلن الحداد الرسمي لمدة ثلاثة ايام حداداً، على الامير الراحل.
اشغالات الاسبوع
وبين المحادثات مع كولونا، واستكمال ملء الفراغ في المراكز الشاغرة في القيادة العسكرية، اذ ان الاتصالات تركز على تعيين رئيس لأركان الجيش، ومدعوماً من الحزب التقدمي الاشتراكي ومن آل عودة، بعد ترفيعه الى رتبة لواء، وتعيين مدير للادارة في الجيش.
الجلسة في موعدها، وسيطرح الرئيس ميقاتي من خارج جدول الاعمال تعيين رئيس للاركان، وينشط مسؤولو الحزب التقدمي الاشتراكي، لا سيما النائب وائل ابو فاعور في اجراء الاتصالات لتوفير ما يلزم لهذه الخطوة، «غير المضمونة بعد».
وافادت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن أكثر من ملف يتركز عليه النقاش في الاسبوع الراهن بدءًا من زيارة وزيرة خارجية فرنسا مرورا بجلسة مجلس الوزراء وما تحمله من تعيين رئيس الأركان أو لا غدا، فضلا عن مباشرة التيار الوطني بالتحرك اعتراضا على تأجيل تسريح قائد الجيش. وفي هذا الملف، أكدت المصادر أن نواب التيار سيقدمون طعنا في المجلس الدستوري في اقرب وقت ممكن، ولفتت إلى أنه بعد قرار التمديد، والاتفاق الذي جرى ينطلق التيار في خطوة معارضة.
ورأت أن هذا الملف غير مرتبط بملف رئاسة الجمهورية الذي يحضر في لقاءات وزيرة خارجية فرنسا بالإضافة إلى تشديدها على ضبط التوتر.
اما بالنسبة إلى مجلس الوزراء فإن اتصالات تسبق انعقاده وفق ما علمت «اللواء» لمناقشة بنود ادرجت سابقا في حين أن طرح تعيين رئيس الأركان ليس واضحا بعد ما إذا سيكون في هذه الجلسة ام لا، مع العلم أن هذا التعيين بات شبه محسوم.
وفي اطار متصل، ينتظر التيار الوطني الحر صدور قانون التمديد سنة لقادة الاجهزة العسكرية والامنية ليتقدم بطعن فيه امام المجلس الدستوري.
وكرر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وصف ما جرى في المجلس النيابي في اطار التمديد لقائد الجيش وباقي قادة الاجهزة الامنية بأنه يدخل في «اطار استمرار المؤامرة».
الوضع الميداني
ميدانياً، لم تسلم القرى الحدودية من القصف المعادي والمتكرر، وصولاً الى العمق اللبناني، اذ اغارت طائرة معادية على نقطة في بلدة حومين التحتا، خارقة بذلك قواعد الاشتباك المتعارف عليها.
وتعرضت بلدة عيتا الشعب عصر أمس لقصف مدفعي اسرائيلي، وهناك معلومات عن وقوع اصابات.
كما تعرضت أطراف بلدة عيترون الحدودية عصر امس، لقصف مدفعي متقطع، مصدره المرابض الاسرائيلية داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة. الى ذلك، استهدفت مسيَّرةاسرائيلية منزلاً في عيتا الشعب.
وأطلقت مروحية معادية من نوع أباتشي، قرابة الرابعة و35 دقيقة من عصر امس، وفي عدوان متواصل، صاروخا موجها على بلدة عيترون، من دون الافادة عن وقوع اصابات.
واندلع اشتباك بأسلحة رشاشة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في مزارع شبعابعد ظهر امس واطلق صاروخ مضاد للدبابات تجاه موقع عسكري إسرائيلي على الحدود مع لبنان».
ورأى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد اننا ما زلنا في بداية الطريق، ولم نستخدم من جهزناه لحربنا ضد العدو الاسرائيلي، ولا يرهبنا تهويله ولا شعاراته التي يطلقها عبر سماسرة دوليين.
واعتبر الناطق باسم الجيش الاسرائيلي ان جنوب لبنان اليوم هو منطقة قتالية، موضحاً ان عناصر جيشه ستواصل استهداف مواقع حزب الله.
ونعى حزب الله 3 شهداء جدد على طريق القدس في المواجهات الجارية مع الاحتلال الاسرائيلي، وعلى طريق القدس الشهيد معن سرور (من بلدة عيتا الشعب) والشهيد حسن موسى الضيقة (من بلدة حزين في البقاع) والشهيد موسى محمد مصطفى (من بلدة بيت ليف).
واستهدفت المقاومة الاسلامية تجمع لآليات وجنود العدو في محيطق قرية هونين اللبنانية المحتلة، وثكنة أفيعيم بالاسلحة المناسبة وكذلك موقع الراهب، بالاضافة الى 7 مواقع اضافية.
البناء:
جيش الاحتلال عالق في حرب استنزاف: لواء جولاني خسر ربع قواته حتى الآن
مقتل ثلاثة أسرى والعائلات نواة شارع بمئات الآلاف يضغط للتبادل ووقف الحرب
حزب الله: مَن يريد التهدئة على جبهة جنوب لبنان عليه البدء بالتهدئة من غزة
كتب المحرّر السياسيّ
بدأ كيان الاحتلال بعد سبعين يوماً من حربه على غزة وقد شاخ سبعين عاماً إضافية، حيث التشكيك برئيس الحكومة والحكومة وقيادة الجيش، يحصل على الملأ ويستقطب أغلبيّة الشارع في الكيان، والكيان وسط حرب هي الأصعب في تاريخه، كما يجمع قادته؛ بينما لم يشهد الكيان مثل هذا الجدل وهو في حال حربٍ من قبل، وبالتوازي يبدو الجيش في حال لا يُحسَد عليها، حيث الخسائرُ المتراكمة تحوّلها من حرب لإنهاء حركة حماس إلى حرب استنزاف لجيش الاحتلال؛ بينما المقاومة وفي قلبها حماس تبدو ممسكة بزمام المبادرة مقتدرة وتواصل حربها بكل كفاءة وجدارة؛ بينما جيش الاحتلال يفشل في تحقيق أهداف حربه ويعجز عن إخضاع أيّ منطقة من قطاع غزة لسيطرته الكاملة. فكل المناطق التي دخل إليها لا تزال مناطق اشتباك، وقواته قد خسرت 5000 إصابة من أصل 20 ألفاً يقاتلون في غزة، والنسبة نفسها هي نسبة ما خسره أهم ألوية النخبة في الجيش لواء جولاني. كما قال قائده السابق موشي كابلنسكي، الذي أكد في حوار صحافيّ أن اللواء خسر 25% من عديد قواته.
حربُ استنزاف أخرى تقودها عائلات الأسرى المحتجزين لدى قوى المقاومة في غزة، على خلفيّة حادث مقتل ثلاثة أسرى كانوا محتَجزين لدى حركة حماس، تمكّنوا من الفرار وتوجّهوا نحو جنود الاحتلال رافعين الرايات البيضاء ويصرخون باللغة العبريّة أنقذونا. فأطلق الجنود عليهم النار وقتلوهم، وأطلق الحادث ديناميكيّة احتجاجيّة شاملة ضمّت مئات الآلاف من الذين خرجوا في شوارع القدس وتل أبيب، يطالبون بوقف الحرب فوراً والذهاب الى تفاوض على تبادل الأسرى مع قوى المقاومة تحت عنوان «الكل مقابل الكل».
في لبنان، حيث يكثر حديث الصالونات السياسي بمضمون ما يقوله قادة الكيان عن مشروع لإبعاد حزب الله الى خلف الليطانيّ، وعن وجود مبادرات دولية تعرض على حزب الله لتطبيق القرار 1701 وإيجاد حلول للقضايا العالقة على الحدود مقابل تهدئة الجبهة، وقد تحدّث عدد من قادة حزب الله عن الموضوع، فقالوا إن جواب المقاومة لكل الذين يريدون التهدئة في جنوب لبنان هو أن التهدئة تبدأ من غزة.
يُرتقب وصول وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى لبنان اليوم، حيث ستزور رئيسَيْ مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي وعدداً من المسؤولين السياسيين والعسكريين، كما أنّها ستزور قوات بلادها في الجنوب العاملة ضمن القوات الدولية اليونيفيل. وبحسب مصادر دبلوماسيّة فإن باريس تعمل على منع تدهور الوضع في الجنوب. وتشير المصادر إلى أن كولونا لن تبحث في الملف الرئاسي، إنما ستركز على الوضع في الجنوب والقرار 1701.
ودعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا كل الأطراف الى “خفض التصعيد على الحدود بين إسرائيل ولبنان”. واعتبرت كولونا خلال زيارتها قاعدة عسكرية قرب تل أبيب، أن “خطر التصعيد يبقى قائماً… وفي حال خرجت الأمور عن السيطرة، أعتقد أن ذلك لن يكون في مصلحة أحد، وأقول ذلك لـ”إسرائيل” أيضاً”، مضيفة “هذه الدعوة الى الحذر وخفض التصعيد تنطبق على الجميع”.
وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد “أننا ندافع عن كل لبنان ونحمي السيادة الوطنية والأمن الوطني”. وأكد أننا “ما زلنا في بداية الطريق، ولم نستخدم ما جهّزناه لحربنا ضد العدو الإسرائيلي ولا يرهبنا تهويله ولا شعاراته التي يطلقها عبر سماسرة دوليين من أجل أن يحيد شعبنا عن منطقة من مناطقنا في الجنوب”، معتبراً أنّه “من حقنا أن نمارس حق الدفاع عن وطننا، ونحن نُشخّص طريقة الدفاع وكل ما يحلم به العدو هو أضغاث أحلام لن نستدرج للبحث في تفاصيل أوهامه وغطرساته”.
وقال النائب حسن فضل الله: “نحن من دعاة تحصين الساحة الداخليّة، بعيداً عن تسجيل البطولات الوهمية، ومحاولات الاستثمار والرهانات الخاطئة والتفسيرات غير المنطقيّة لبعض الخطوات ومحاولة وضعها في غير موضعها الخاص، وربطها بموضوعات أخرى، وقد بات معلوماً للجميع أن بلدنا قائم على تفاهمات وطنيّة، وهي أقصر الطرق لإيجاد الحلول والمعالجات، وأما ما بقي من محاولات كتحقيق مكاسب ومزايدات وسجالات وإلى ما هنالك، فهذا لا يُوصل إلى أي مكان”.
وفيما منع مجلس النواب الشغور في قيادة الجيش من خلال إقرار قانون رفع سن التقاعد، تتجه الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء يوم غد وسط دعوات سياسية الى ضرورة تعيين رئيس للأركان وأعضاء المجلس العسكري، وسط معطيات وزارية تشير إلى أن هذا الموضوع يمكن أن يطرح من خارج جدول الأعمال.
أكدت اوساط سياسية متابعة أن موقف المرده الرافض لتعيين رئيس الأركان ليس نهائياً، وأن الأمور ستكون محل تفاوض وتشاور، مع إشارة المصادر إلى أن أكثرية الثلثين لا تتأمن من دون وزيري الإعلام زياد المكاري ووزير الاتصالات جوني القرم، بالإضافة إلى وزير الصناعة النائب جورج بوشيكيان.
إلى ذلك لبّى رئيس تيار المرده سليمان فرنجية دعوة قائد الجيش جوزيف عون إلى العشاء. وتناول البحث كل ملفات الساعة ولا سيما الاستحقاق الرئاسي والعلاقة المتدهورة مع “التيار الوطني الحر”.
وكشفت مصادر مقرّبة من بنشعي أن فرنجية لبّى دعوة قائد الجيش لقناعته بأنه منافسه الجدّي الوحيد للرئاسة ولإيصال رسالة بأنه يمكن التنافس ديمقراطياً والحفاظ على علاقات جيّدة.
ولفتت إلى أن فرنجية أراد تطبيع العلاقة مع قائد الجيش بعد فترة فتور وهو يدرك أن وصول عون للرئاسة رهن قراره بالانسحاب ما ليس مطروحاً حالياً، لكن فرنجية لن يكرر تجربة ميشال عون بعرقلة الاستحقاق الرئاسيّ وتأخيره للوصول إلى بعبدا.
وشكر البطريرك الماروني بشارة الراعي الله على أنّه جنّب لبنان بالأمس خطر أزمة سياسيّة وأمنيّة، بالقرار الذي اتّخذه مجلس النواب إذ مدّد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنيّة لمدّة سنة. هكذا ظهرت الإرادة الحسنة التي ترفّعت عن المصالح الشخصيّة والفئويّة، وتطلّعت حصرًا إلى “المصلحة الوطنيّة العليا” المعروفة قانونًا ودوليًّا بالفرنسيّة “Raison d’Etat” . هذه المصلحة الوطنيّة هي تجنّب الفراغ المميت في قيادة الجيش؛ الصمود الفطن بوجه الاعتداءات الإسرائيليّة اليوميّة المسلّحة والمستمرّة على قرى الجنوب اللبناني؛ تثبيت وحدة الجيش وثقته بنفسه وبقيادته؛ تجنّب أي زعزعة في صفوفه بداعي التغيير، وفقًا للقاعدة الذهبيّة: الشريعة للإنسان، لا الإنسان للشريعة. وقد عبّرت عن مشاعر الشعب اللبناني الكلمة التي افتتح بها رئيس مجلس النواب عمليّة التصويت على القانون الرامي إلى التمديد لرتبة عماد أو لواء، إذ قال: كلّ اللبنانيّين دون استثناء هم مع الجيش اللبنانيّ، وما حدا يزايد على الثاني”.
وختم الراعي: ليلتئم المجلس النيابي سريعًا وينتخب رئيسًا للدولة الذي بدون السلطة المنوطة به لا ينتظم أداء المؤسّسات الدستوريّة، فليدرك نوّاب الأمّة أنّ الفوضى السياسيّة العارمة، واستباحة خرق الدستور نصًّا وروحًا، والنزاعات الداخليّة، والانقسامات على حساب الدولة والمواطنين لا يمكن إزالتها إلّا بوجود رئيس للدولة كفوء ونزيه ونظيف الكفّ، لا يهتمّ إلّا بالمصلحة الوطنيّة العليا. فلا يساوم عليها، بل يضعها فوق أي اعتبار.
المصدر: صحف