تمكنت حركات المقاومة الفلسطينية منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي من عقد صفقات تبادل للأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، ونجحت خلالها في تحرير آلاف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، كان من بينهم عدد من الشخصيات القيادية والبارزة.
كما لا يزل عدد من قيادات المقاومة والعمل الوطني يرزحون خلف قضبان الاحتلال، ويقضون أحكاما بالسجن المؤبد أو مدى الحياة، ينتظرون اللحظة الحاسمة التي تبيّض فيها السجون، أو يُفرج عنهم عبر صفقة تبادل تبرمها المقاومة الفلسطينية التي تحتجز عشرات الجنود والضباط الإسرائيليين في غزة.
ويرصد “المركز الفلسطيني للإعلام” في هذا التقرير أبرز الشخصيات الوطنية والقيادية التي كسرت المقاومة قيدهم، وأولئك الذين ينتظرون لحظة الخلاص على أيدي الثوار والأبطال الذين تمكنوا خلال الحرب الجارية على غزة منذ السابع من أكتوبر من تحرير نحو 210 أسرى من الأطفال والنساء حتى هذا اليوم.
شخصيات تحررت بصفقات التبادل
محمود بكر حجازي:
ولد ونشأ في مدينة القدس، أول أسير في الثورة الفلسطينية المعاصرة، وقع في الأسر خلال تنفيذه مع فدائيين آخرين عملية “عيلبون” في 18 يناير 1965م، حيث اشتبك مع قوات الاحتلال وأمّن انسحاب أعضاء مجموعته الخمسة، وقد أصيب بجراح وقع إثرها في الأسر، وحُكم عليه بالإعدام.
في عام 1969، نجح الثوار في اختطاف الجندي الإسرائيلي شموئيل فايز، وبعد مفاوضات استمرت نحو عامين أُبرمت صفقة مع إسرائيل تم تنفيذها في يناير 1971، وأفرجت إسرائيل بمقتضاها عن الفلسطيني محمود بكر حجازي، مقابل الجندي فايز.
أجريت عملية التبادل في رأس الناقورة برعاية الصليب الأحمر، وتوجه بعدها حجازي إلى لبنان، وعاد إلى غزة بعد اتفاق أوسلو عام 1994. في عام 2009، فاز بانتخابات المجلس الثوري الفلسطيني التي عُقدت أثناء المؤتمر السادس لحركة فتح في بيت لحم وصار عضوًا فيه، وتُوفي في 22 مارس 2021 في مدينة رام الله.
ليلى خالد:
ولدت عام 1944 في مدينة حيفا، وهاجرت إلى مدينة صور اللبنانية مع بداية النكبة، عاشت في مخيمات اللجوء وانضمت إلى المقاومة مبكرا.
نفذت عمليتي خطف طائرتين، الأولى عام 1969 وانتهت بنجاح وأدت إلى عملية تبادل أسرى، ثم قامت بعمليات تغيير لملامح وجهها حتى لا يعرفها أمن المطارات، ونفذت عمليتها الثانية عام 1970 وانتهت بفشل أدى إلى قتل شريكها بالعملية واعتقالها ما يقارب شهرا ليفرج عنها بصفقة تبادل أسرى.
استمرت ليلى في نضالها وعملها في الجبهة الشعبية وفي عدة أماكن، فداء لقضيتها، وتنقلت بين عدة بلدان، ولم تعرف الاستقرار إلا بعد زواجها وانتقالها إلى سوريا ثم إلى العاصمة الأردنية عمان عام 1992، حيث اكتفت بالعمل السياسي مع الجبهة هناك.
وتصر ليلى على استمرار عملها وترفض التقاعد حتى تعود إلى حيفا. وتعرب في كل المقابلات التي تجريها عن إصرارها على ما فعلته وعدم ندمها على أي شيء منه. وكتب عنها زوجها فايز رشيد كتابا بعنوان “ليلى خالد في عيون بعض حرائر وأحرار العالم”، وقد صدر في بيروت عام 2021.
الشيخ أحمد ياسين:
داعية، ومجاهد، من أعلام الدعوة الإسلامية في فلسطين، ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وزعيمها حتى وفاته.
في عام 1982 اعتقل الشيخ الشهيد أحمد ياسين واتهم بتشكيل تنظيم عسكري وحيازة أسلحة، حكم عليه بالسجن لمدة 13 عاما، لكن أطلق سراحه عام 1985 في صفقة تبادل الأسرى مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، المعروفة إعلاميًّا بصفقة جبريل.
في عام 1987 خلال الانتفاضة الأولى، شارك في تأسيس حماس وأصبح زعيمها الروحي. اعتقل مرة أخرى عام 1989م في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على الجنود والمستوطنين واغتيال العملاء.
في عام 1991م أصدرت محكمة إسرائيلية حكماً بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عاماً أخرى بتهمة التحريض على اختطاف وقتل جنودٍ إسرائيليين وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني.
وفي عام 1997م أُفرج عنه بموجب اتفاقٍ جرى التوصل إليه بين الأردن وإسرائيل على إثر العملية الفاشلة التي قام بها الموساد في الأردن، والتي استهدفت حياة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس آنذاك.
استشهد الشيخ أحمد ياسين في هجوم صاروخي شنته طائرات الاحتلال عليه وعلى من معه من مساعدين. حيث قصفته الطائرات أثناء عودته على كرسيه المتحرك بعد أداء صلاة الفجر بمسجد المجمع الإسلامي القريب من منزله. تمتع الشيخ أحمد ياسين بموقع روحي وسياسي متميز في صفوف المقاومة الفلسطينية، مما جعل منه واحداً من أهم رموز العمل الوطني الفلسطيني طوال القرن العشرين.
يحيى السنوار:
ولد السنوار، في مخيم خان يونس للاجئين بغزة عام 1962. ومن هذه السنوات الـ61، قضى في السجون الإسرائيلية 22 عاما هي معظم سنوات شبابه.
في عام 1982 أُلقي القبض على السنوار ووضع رهن الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر بتهمة الانخراط في “أنشطة تخريبية”، وفي عام 1988، قضت محكمة إسرائيلية على السنوار بالسجن مدى الحياة أربع مرّات (مدة 426 عاما)، أمضى منها 22 عاما في السجن.
السنوار من أعضاء حركة حماس الأوائل، وقد أسهم في تشكيل جهاز أمنها الخاص المعروف اختصارا بـ (مجد)، وكانت نقطة التحول في مسار السنوار، عندما تفاوضت إسرائيل على صفقة لتبادل الفلسطينين المعتقلين لديها مقابل الجندي جلعاد شاليط الذي أسرته حماس عام 2011. وبالفعل في 2011، أُطلق سراح السنوار.
وفي سبتمبر/أيلول 2015، أدرجت الخارجية الأمريكية يحيى السنوار على لائحتها السوداء “للإرهابيين الدوليين”، وانتُخب السنوار عام 2017، قائدا لحركة حماس في قطاع غزة. وفي مارس 2021، تم انتخابه لولاية ثانية مدتها أربع سنوات؟
يقود يحيى السنوار حركة حماس في غزة إلى هذه اللحظة. وقالت “إسرائيل” إنه المخطط الأول برفقة محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام، لهجوم السابع من أكتوبر على مستوطنات غلاف غزة، والذي أودى بحياة مئات الجنود والمستوطنين وأوقع العشرات منهم في الأسر.
نائل البرغوثي:
نائل صالح البرغوثي، ولد في 23 أكتوبر 1957، هو أقدم أسيرٍ فلسطيني في سجون الاحتلال الاسرائيلي، ويُطلق عليه البعض لقب أبو اللهب، نظرًا لشخصيته القيادية الثورية، أما الأسرى فيُسمونه أبو النور، كما يُلقب بعميد الأسرى الفلسطينيين.
اعتُقل نائل للمرة الأولى 18 ديسمبر 1977 وحُكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر، وأُعيد اعتقاله بعد 14 يومًا من الإفراج عنه بتهمة مقاومة الاحتلال برفقة ابن عمه فخري البرغوثي وشقيقه عمر البرغوثي (أبو عاصف)، ليصدر بحقهما حكمٌ بالسجن المؤبد و18 عامًا.
أُفرج عن نائل ضمن صفقة وفاء الأحرار عام 2011، وذلك بعد 33 عامًا داخل السجن، وبعد تحرره تزوج من الأسيرة المحررة إيمان نافع في 18 نوفمبر 2011، وكانت قد اعتُقلت سابقًا في عام 1987 وأُفرج عنها في فبراير 1997. فرض الاحتلال الإسرائيلي عليه الإقامة الجبرية، حيث مُنع من الخروج من مُحيط مدينة رام الله وقراها، حيث كان يقطن في قرية كوبر شرق رام الله.
التحق فيما بعد بجامعة القدس المفتوحة لدراسة التاريخ ولكن أُعيد اعتقاله 8 يونيو 2014 وذلك بعد خطابٍ ألقاه في جامعة بيرزيت، حكم عليه بالسجن 30 شهرا، ورفض الاحتلال الإفراج عنه بعد قضائه مدة محكوميته وأعاد حكمه السابق، أي المؤبد و18 عاما بدعوى وجود ملف سري.
أحلام التميمي:
ولدت أحلام عارف التميمي عام 1980 في مدينة الزرقاء الأردنية، لعائلة فلسطينية تعود جذورها إلى قرية فلسطينية في مدينة رام الله. بدأت أحلام النضال في صفوف كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس أثناء انتفاضة الأقصى عام 2000، لتكون أول امرأة تلتحق بالكتائب.
قادت التميمي العملية الاستشهادية التي نفذها الاستشهادي عز الدين المصري في مطعم سبارو بالقدس المحتلة يوم 9 أغسطس/آب 2001، وأسفرت عن مقتل 15 إسرائيليا، واعتقلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم 14 سبتمبر/أيلول من نفس العام، بعد اقتحام منزل والدها في قرية النبي صالح.
قضت أحلام في السجون الإسرائيلية عشر سنوات بعد أن حكم عليها بالسجن المؤبد 16 مرة، غير أن إسرائيل أفرجت عن أحلام وسلمتها إلى الأردن يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 2011 ضمن الدفعة الأولى لصفقة تبادل الأسرى “وفاء الأحرار” بين إسرائيل وحركة حماس.
وفي 14 مارس/آذار 2017، طالبت وزارة العدل الأميركية الحكومة الأردنية بتسليم الأسيرة المحررة حاملة الجنسية الأردنية، وذلك بعد أن وضعها مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) على رأس لائحة “الإرهابيين” المطلوبين بتهمة المشاركة في تفجير مطعم إسرائيلي عام 2001 قتل فيه أميركيان. وتواجه الأسيرة المحررة عقوبة السجن مدى الحياة إذا اعتقلت وحوكمت في الولايات المتحدة.
كما أن العديد من الشخصيات البارزة حررت أيضًا في الصفقة وكان لها ولا يزال دور كبير في قيادة العمل الوطني الفلسطيني، وإنما جاء عرض النماذج أعلاه كمثال.
شخصيات بارزة بانتظار “وفاء الأحرار”
مروان البرغوثي:
ولد عام 1958 في قرية كوبر شمال غرب رام الله.عمل محاضرا في جامعة القدس في أبو ديس، وتولى العديد من المسؤوليات السياسية. انخرط في العمل السياسي مبكرا ونشط في حركة فتح بقيادة الرئيس ياسر عرفات، وكانت إحدى مسؤولياته السياسية الأولى توليه رئاسة مجلس الطلبة بجامعة بيرزيت.
عمل البرغوثي ضابط اتصال لمكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في عمّان وتونس. تم ترحيله إلى الأردن، لكنه استمر من موقعه بالمنفى عضوا في اللجنة العليا للانتفاضة بمنظمة التحرير، وعمل في اللجنة القيادية لفتح (القطاع الغربي). وانتخب عضوا بالمجلس الثوري لفتح في المؤتمر العام الخامس للحركة، وانتخب أمين سر للحركة في الضفة بعد عودته إلى الأراضي المحتلة في أبريل/نيسان 1994، وعام 1996 انتخب عضوا بالمجلس التشريعي نائبا عن دائرة رام الله.
تعرض البرغوثي للمطاردة فاعتقل عام 1984 وأعيد اعتقاله عام 1985، ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية قبل أن يتعرض للاعتقال الإداري في السنة نفسها. وفي اجتياح إسرائيلي لرام الله، كان البرغوثي على قائمة المطلوبين، وتمكنت القوات الإسرائيلية من اعتقاله يوم 15 أبريل/ نيسان 2002.
وجهت له تهم عديدة منها التحريض على قتل عشرات الإسرائيليين، وحكمت عليه المحكمة المركزية في تل أبيب عام 2004 وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة بخمسة أحكام بالمؤبد وأربعين عاما.
حسن سلامة:
ولد عام 1971 في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة، ومن عام 1988 حتى 1992 اعتقل 5 “اعتقالات إدارية” بقي في كل منها 6 أشهر بدون تهمة وبلا محاكمة. ثم بدأ الاحتلال سلسلة اعتقالات طالت أفراد المجموعة التي كان يعمل معها، فخرج متخفيا من فلسطين عام 1992 وتلقى تدريبات عسكرية في سوريا وإيران وليبيا والسودان. ثم عاد بعد عامين إلى غزة وكانت السلطة الفلسطينية في بداية عهدها، فاعتقلته عام 1994 ومكثا في سجونها 6 أشهر.
تدرج في أنشطة المقاومة إلى أن أصبح يعمل مباشرة مع القائد العام للكتائب محمد الضيف. ثم انتقل إلى الضفة، حيث واصل نشاطه العسكري انطلاقا من مدينة الخليل، فشارك في تشكيل مجموعات جهادية تابعة لكتائب القسام في الضفة إلى جانب يحيى عياش، الذي اغتاله الاحتلال، فرسم سلامة خطة مسلحة ثأرا له.
خطط سلامة لعدة عمليات مسلحة كبدت الاحتلال خسائر جمة، وأدت وفق ما تقول المصادر الإسرائيلية إلى مقتل 46 إسرائيليا وإصابة العشرات، وعلى إثر ذلك بدأ الاحتلال سلسلة مداهمات ورصد ومتابعة له ولمن حوله، وحوصرت غزة والضفة من أجل ذلك، وكان سلامة المطلوب الأول على رأس القائمة. واعتقل في الخليل في مايو/أيار 1996.
حكم على حسن سلامة بالسجن المؤبد 48 مرة، وطالبت الولايات المتحدة الأميركية إسرائيل بتسليمها حسن سلامة، تمهيدا لمحاكمته في واشنطن بحجة وجود عدد من الأميركيين بين قتلى العمليات التي كان مسؤولا عن تدبيرها.
عوقب خلال فترة اعتقاله-بالسجن الانفرادي 13 سنة، ولم تنته عزلته إلا بعد أن خاض الأسرى الفلسطينيون إضرابا مفتوحا عن الطعام عام 2012 انتهى برفع العزلة عن كافة السجناء. وخلال سنوات اعتقاله كتب عدة كتب منها: “خمسة آلاف يوم في عالم البرزخ”. و”ملحمة 14 عاما في زنازين العزل”. و”عمليات الثأر المقدس”.
أحمد سعدات:
ولد عام 1953 في مدينة البيرة، التحق بصفوف العمل الوطني في إطار العمل الطلابي بعد هزيمة يونيو/ حزيران 1967، وبعد عامين من ذلك -وتحديدا في 1969- انضم لصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. اعتقل للمرة الأولى في سجون الاحتلال في فبراير/شباط 1969 لمدة ثلاثة أشهر، ثم اعتقل مرات عديدة، أحيانا لفترات قصيرة وأحيانا أخرى لفترات طويلة. كذلك اعتقل في سجون السلطة الفلسطينية ثلاث مرات بين العامين 1995 و1996.
تقلد مسؤوليات متعددة ومتنوعة داخل السجون وخارجها، وانتخب عضوا في اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية في المؤتمر الرابع عام 1981. وأعيد انتخابه لعضوية اللجنة المركزية العامة والمكتب السياسي في المؤتمر الوطني الخامس عام 1993 أثناء وجوده في المعتقل الإداري. كان عضوا في لجنة فرع الجبهة الشعبية في الأرض المحتلة، وصار مسؤولا عن فرع الضفة الغربية منذ عام 1994.
انتخب أمينا عاما للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -ثاني أكبر الفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية بعد فتح- في أكتوبر/ تشرين الأول 2001، بعد اغتيال الأمين العام السابق أبو علي مصطفى في أغسطس/آب 2001.
اعتقلته السلطة الفلسطينية في 15 يناير/كانون الثاني 2002 في الضفة الغربية بتهمة تهريب الأسلحة، وأودعته سجن أريحا مع المتهمين بقتل وزير السياحة الإسرائيلي تحت رقابة أميركية وبريطانية مقابل فك الحصار عن الرئيس عرفات. وكانت المحكمة العليا قد أصدرت قرارا بإطلاق سراحه غير أن السلطة الفلسطينية أعلنت رفضها إطلاق سراحه بسبب التهديدات الإسرائيلية باغتياله .وحمّلته إسرائيل مسؤولية العملية الاستشهادية التي وقعت في نتانيا شمال إسرائيل في 19 مايو/ أيار 2002 وأسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة 56.
ألقت إسرائيل القبض عليه مع رفاقه في 14 مارس/آذار 2006 بعدما حاصرت سجن أريحا الذي انسحب منه حينها المراقبون البريطانيون والأميركيون، وبدأت محاكمة الرجل. وفي 25 ديسمبر/كانون الأول 2008 حكمت عليه المحكمة العسكرية الإسرائيلية بالسجن لمدة ثلاثين عاما.
إبراهيم حامد:
يعد واحدا من أهم القيادات العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فهو قائد كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة. بدأت مطاردته عام 1998، واعتقل عام 2006 ثم نُقل إلى التحقيق بشأن مسؤوليته المباشرة في تخطيط وتدبير عمليات أدّتْ إلى مقتل وإصابة عشرات الإسرائيليين.
عانى حامد في مسيرة حياته؛ إذ اعتقله الاحتلال للمرة الأولى عام 1989، ومرة أخرى عام 1994، واعتقله جهاز الأمن الوقائي عام 1998 وتعرَّض لتعذيب قاسٍ، وبقي في سجونه حتى بداية الانتفاضة الثانية عام 2000، وقام الاحتلال بهدم منزله واعتقال زوجته مدة ثمانية أشهر في محاولة للضغط عليه، ثمَّ إبعادها مع طفليها إلى الأردن، ومداهمة بيت العائلة عدة مرات واعتقال إخوانه وأبنائهم والتحقيق معهم، كما تعرّض لأكثر من محاولة اغتيال.
من أبرز العمليات التي يتهم حامد بالمسؤولية عن التخطيط والإعداد لها داخل إسرائيل عملية مقهى “مومنت” التي نفذها الشهيد فؤاد الحوراني في القدس الغربية بتاريخ 9/3/2002 وأدت إلى مقتل 15 إسرائيليا وإصابة نحو تسعين آخرين بجراح.
ومن العمليات المتهم بتدبيرها أيضا عملية مقصف الحقوق في الجامعة العبرية في القدس، وهي الأولى من نوعها وتمت بتفجير عبوة ناسفة موجهة عن بعد بواسطة جهاز خلوي، وليس بواسطة استشهادي، وذلك ظهر الحادي والثلاثين من يوليو/تموز 2002. وأدت في حينه إلى مقتل تسعة إسرائيليين وإصابة ما يزيد على سبعين آخرين.
يعتبر حامد من الشخصيات الوازنة في سجون الاحتلال، ومن كبار مثقفي الحركة الفلسطينية الأسيرة، وقد كتب عددًا من الإصدارات تركَّزت في مجملها على القضية الفلسطينية ومحطاتها المختلفة وتاريخ الحركة الوطنية ورجالاتها والمشروع الصهيوني، وله اهتمام في الجوانب الفكرية وتاريخ المنطقة العربية، ومن أولى مؤلفاته كتاب شعارات الانتفاضة دراسة وتوثيق (مشترك مع طارق محمد، 1993)، وكتاب قرية زرعين (1994)، كما كتب عددًا من الدراسات والأبحاث والمقالات التحليلية في أكثر من مجلة فلسطينية وعربية متخصصة.
بسام السعدي:
وُلد في مخيم جنين عام 1960، بعد عودته من الأردن إلى جنين، انضم السعدي لحركة الجهاد الإسلامي ونشط في صفوفها قبل أن يتم إبعاده نهاية عام 1992 مع 415 فلسطينيا من حركتي حماس والجهاد إلى مرج الزهور في جنوب لبنان، وهناك برز اسمه.
يعرف عن الشيخ بسام السعدي أنه شخصية اجتماعية ورجل إصلاح، يحظى بعلاقة قوية مع كل مكونات وفصائل المخيم. لا يعرف للسعدي دور تنظيمي محدد داخل حركته، لكنه يوصف بـ”القيادي السياسي البارز”.
يتكرر اعتقاله “إداريا” بموجب ملف سري وبدون تهمة محددة أو محاكمة، وتقول إسرائيل إنه مسؤول الحركة في شمال الضفة الغربية. أما جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، فأعلن -وقت اعتقاله الأخير- أن السعدي “عمل بجهد أكبر في الأشهر الأخيرة لإحياء أنشطة الجهاد الإسلامي، إذ كان وراء إنشاء قوة عسكرية كبيرة للتنظيم في الضفة بشكل عام، وفي جنين بشكل خاص”.
أمضى حتى الآن ما يزيد على 15 عاما مجتمعة في السجون الإسرائيلية. وتعرض منزله للقصف بطائرة إسرائيلية في معركة مخيم جنين أبريل/ نيسان 2002. كانت المحطة الأصعب بالنسبة للسعدي استشهاد ولديه التوأم (16 عاما) خلال مواجهات في مخيم جنين، الأول هو عبد الكريم الذي استشهد بداية سبتمبر/أيلول عام 2002، وإبراهيم الذي لحق به بعد شهرين فقط، وكانا عضوين نشطين في صفوف حركة الجهاد. كما استشهدت والدته بين يدي الجنود حين أخبروها -كذبا- بقتل ابنها وأن عليها معاينة الجثة، فصدمت وتوفيت على الفور.
أغسطس/ آب 2022، اعتقلت قوات الاحتلال بسام السعدي من جديد واعتدت عليه، مما أدى إلى تصعيد مع حركة الجهاد الإسلامي في غزة، شنّت خلاله إسرائيل غارات على قطاع غزة دامت 3 أيام؛ استشهد خلالها 46 من الفلسطينيين، بينهم أطفال ونساء.
عبد الله البرغوثي:
ولد في الكويت عام 1972، وانتقل للعيش في الأردن بعد حرب الخليج الثانية عام 1990، وحمل الجنسية الأردنية، قبل أن يلتحق بإحدى الجامعات الكورية الجنوبية ليدرس الهندسة الإلكترونية 3 سنوات، وكانت سببا في تعلمه صناعة المتفجرات، لم يكمل دراسته بسبب حصوله على تصريح دخول إلى فلسطين.
دخل إلى فلسطين أول مرة عام 1997، والتحق بالعمل المقاوم ضد إسرائيل، مع بداية الانتفاضة الثانية عام 2000، وأصبح مهندس العمليات الفدائية في فلسطين، واعتقل لمدة شهر من قبل جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، بعد تنفيذ أول عملية في مطعم “سبارو” في تل أبيب في أغسطس/أب عام 2001، والتي قتل فيها 15 إسرائيليا، وأصيب عشرات آخرون.
طارده الاحتلال الإسرائيلي بعدها لمدة سنتين، واستطاع تجهيز استشهاديين فلسطينيين لتنفيذ عمليات تفجيرية في مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة (48)، ومدينة القدس.
انقطع البرغوثي عن عائلته لمدة 20 يوما، ووصل إلى العائلة لينقل ابنه لأحد الأطباء في مدينة البيرة، قبل اعتقاله بالصدفة من قبل قوات خاصة إسرائيلية، وتم نقله للتحقيق لمدة 3 أشهر متتالية، ذاق فيها كل أصناف التعذيب النفسي والجسدي، وتم عرضه على المحكمة العسكرية مرتين فقط.
وفي المحاكمة الثانية، حضر عشرات من عائلات القتلى الإسرائيليين، وحُكم عليه كأطول حكم في تاريخ الاحتلال، بل إن آخرين وصفوه بأنه أطول حكم لأسير في التاريخ، وسط تهديدات من أهالي القتلى بالانتقام منه.
نُقل مباشرة إلى العزل الانفرادي، وتنقل خلالها بين عدة سجون، وبقي معزولا لمدة 10 سنوات، لقب بـ”أمير الظل”، بعد أن ألّف كتابا من محبسه بعنوان “أمير الظل”، يتحدث فيه عن حياته منذ ولادته وتنقله من الكويت إلى الأردن وكوريا الجنوبية وفلسطين، وتفاصيل عمليات المقاومة التي نفذها برفقة شهداء وأسرى آخرين، ووصف في الكتاب كيف كان يُدخل المتفجرات عن طريق الحواجز العسكرية الإسرائيلية، وكيف قام بتنفيذ عمليات تفجير عن بعد، وتفاصيل دقيقة أخرى.
تفاجأ الاحتلال عام 2015 عندما اتصل البرغوثي من محبسه بإحدى الإذاعات المحلية في قطاع غزة، ووجه رسالة لكتائب القسام بعدم التسرع بإبرام صفقة تبادل أسرى، الأمر الذي كان سببا في إعادته إلى العزل والتحقيق مرة أخرى.
ألّف البرغوثي عدة كتب منها “أمير الظل”، وعدة روايات أبرزها “الماجدة” و”المقصلة”. كما حصل خلال سنوات اعتقاله على شهادة البكالوريوس بتخصص التاريخ من جامعة الأقصى، وماجستير علوم سياسية من جامعة الأمة، وماجستير دراسات إقليمية من جامعة القدس، وحصل على دكتوراه فخرية، من إحدى الجامعات المغربية.
عباس السيد:
ولد عام 1966 في مدينة طولكرم، وهو قائد عسكري وسياسي فلسطيني، يعد من كبار القادة السياسيين لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وهو أحد مؤسسي كتائب القسام في الضفة الغربية.
تتهمه إسرائيل بقيادة عدة عمليات حدثت ضدها أدت إلى مقتل عشرات الإسرائيليين وإصابة مئات آخرين، أبرزها مجزرة عيد الفصح التي تعد أضخم عملية تفجيرية تحدث في تاريخ إسرائيل، والتي على إثرها أطلقت إسرائيل عملية الدرع الواقي العسكرية.
اعتقلته إسرائيل بتاريخ 8 مايو 2002 بعد مطاردة طويلة كان قد تعرض خلالها لعدة محاولات اغتيال، وحكمت عليه بالسجن لمدة مئات السنين. تولى في السجن رئاسة الهيئة العليا لأسرى حماس بكافة السجون الإسرائيلية، ويعتبر من أبرز رموز الحركة الأسيرة الفلسطينية، ووضعته إسرائيل ضمن المرتبة الأولى لقائمة أخطر الأسرى الفلسطينيين، وهو صاحب فكرة إنجاب الأسرى عن طريق تهريب النطف.
في شهر مارس 2012، وحيث الذكرى السنوية لمجزرة عيد الفصح، تعرض الأسير عباس السيد لمحاولة قتل على أيدى السجانين الذين اقتحموا زنزانته، واعتدوا عليه بالضرب في المناطق العلوية، قائلين له أثناء الاعتداء عليه: “هذا من أجل فندق بارك.. هذا انتقامًا لقتلى نتانيا”، وقد أصيب السيد حينها بجراح، وأغمي عليه ونقل للمستشفى. وقال السيد خلال رسالة إلى وزارة الأسرى الفلسطينيين أنه نجى من الموت بأعجوبة شديدة.
في 2019، قررت إسرائيل عزل عباس السيد كعقاب له، بعد أن اكتشفت حدوث مكالمة هاتفية داخل السجن بينه، وبين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. وجرت المكالمة الهاتفية بحضور مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف الذي كان حاضرًا وقتها بجانب هنية، وقد استمع المبعوث الأممي ملادينوف من عباس السيد بشكل مباشر.
ويشير المركز الفلسطيني للإعلام، إلى أن هناك العديد من الشخصيات البارزة وقيادات الحركة الأسيرة وعمداء الأسرى لا يزالون في السجون ويترقب شعبنا بأسرهم حريتهم، إضافة للأسماء الواردة أعلاه التي ذكرت كأمثلة للأبطال المرتقب حريتهم.
المصدر: مواقع إخبارية