فاجأت العملية العسكرية الضخمة التي نفذتها كتائب عز الدين القسام على الحدود مع غزة والتي اطلقت عليها اسم ” طوفان الاقصى” ، كبار المحللين السياسيين والامنيين والعسكريين ، الصهاينة وحتى الدوليين والعرب ، فما قامت به المقاومة الفلسطينية في غزة لم يكن يتوقعه اكثر المتشائمين في الكيان الصهيوني ولا أكبر المتفائلين في العالم العربي والاسلامي .
خلاصة المقال “محرر الشؤون العبرية في موقع المنار علي علاء الدين “
نجاح في التحضير والتخطط والتنفيذ ولكن النجاح الاكبر الذي اذهل الخبراء والمحللين هو النجاح الامني، حيث غابت المعلومات حول تحضيرالمقاومة لعمل بهذه الضخامة عن اجهزة المخابرات الصهيونية والعالمية وحتى العربية المتواطئة مع الكيان ، غياب هذه المعلومات أظهر فشل اجهزة المخابرات الصهيونية بكافة اذرعها الامنية والعسكرية ، ما سيحتم حصول تداعيات على هذه الاجهزة على مستوى التنظيم والقيادة . ولكن تداعيات طوفان الاقصى لن تقتصر على المستوى الامني فقط ، فالكيان الصهيوني تأثر بهذه العملية على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية وحتى على المستوى الدولي.
نتنياهو وحكومة الطوارئ
مقولة واحدة يتم تداولها بين المحللين والخبراء السياسيين “نتنياهو انتهى سياسيا مع انتهاء الحرب ” ، وحكومة نتنياهو في حكم الميتة سريريا بانتظار انتهاء الحرب لاعلان وفاتها ، وفاة لن تمر مرور الكرام بل ستلاحقها لجنة تحقيق لتحاسب كل وزير بما اقترفت يداه وليصبح نتنياهو اولمرت جديد ، ولكن وبحسب توماس فريدمان فان اكثر من سيحاسب هما نتنياهو ويوآف غالانت . 11 شهرا هي المدة التي تربع فيها نتنياهو على كرسي رئاسة الحكومة الصهيونية و11 شهرا هي المدة التي تظاهرت فيها المعارضة الصهيونية رفضا لحكومة نتنياهو المتطرفة ولتعديلاته القضائية والتي كانت محط خلاف داخلي ودولي مع رفض بايدن لما يحاول نتنياهو تمريره ، ولكن وبعد 11 شهرا جاء طوفان الاقصى ليجعل نتنياهو يتنازل عن كل مواقفه برفض المعارضة خلال 11 شهرا وتجعله يبحث في الذهاب الى حكومة طوارئ بالاتفاق مع منافسه الاول بني غانتس ليتم الحديث اخيرا عن تشكيل حكومة بطوارئ مؤلفة من 5 أعضاء ( “بنيامين نتنياهو” رئيساً ” ، بني غانتس” عضواً ، يوآف”غالانت” عضواً ، غدي “آيزنكوت” مراقب “رون ديرمر” مراقب
خسائر اقتصادية كبيرة
اقتصاديا كبدت عملية طوفان الاقصى الكيان الصهيوني خسائر على كافة المستويات بداية من الشيكل وصولا الى اغلاق موانئ ومنشآت نفطية ، حيث انهار الشيكل وبعد ساعات من انطلاق عملية طوفان الاقصى ما يقدر 3% من قيمته ما اجبر المصرف الاسرائيلي المركزي بالتدخل وضخ 30 مليار دولار لحماية الشيكل ، واستمرت خسائر الكيان لتطال اسواق المال حيث تراجعت البورصة في الكيان 8% اما على صعيد الاضرار المادية المباشرة فقد تعدت الخسائر 35 مليون دولار وهي الاضرار بالممتلكات فقط ، واجبرت عملية طوفان الاقصى الكيان الصهيوني على اغلاق ميناء عسقلان ومنشأته النفطية كما اجبر 42 شركة طيران دولية على الغاء رحلاتها الى الكيان ومنها شركات اميركية واوروبية ولم تتتوقف الخسائر عند هذا الحد فقد اضطر الكيان الى ايقاف انتاج حقل غاز “تمار ” مما يشكل ضربة كبيرة لواردات الكيان الصهيوني في وقت يتوقع محللون تأثيرات أخرى مع توسع العمليات.
التطبيع في حالة الموت السريري
لا شك ان عملية طوفان الاقصى قد وجهت ضربة قاسمة لمسار الاستسلام العربي او ما يسمى التطبيع حيث يقول توماس فريدمان ان هذه المعركة جعلت التطبيع بين الكيان الصهيوني والسعودية امرا مستحيلا على المدى القصير ووضع محللون صهاينة وعرب التطبيع في حالة الموت السريري .
طوفان الاقصى اغرق الحجج السعودية حول مطالبها باعطاء الفلسطينيين بعض الحقوق بالاضافة لمطالب أخرى من اجل التوقيع على اتفاق مع الكيان ، ومع ارتفاع عداد الضحايا من الفلسطينيين وزيادة حجم الدمار في غزة هل سيتمكن بن سلمان من غض الطرف والتصرف وكأن شيئا لم يحصل ، وفي المقلب الاخر فان المقاومة الفلسطينية ارسلت بعملية طوفان الاقصى رسالة الى كل من يهمه الامر من السعودية وغيرها من المطبعين بأنه لا يمكن خنق المقاومة ولا تقويدها وبأن السقف المطروح للقبول بالتطبيع هو غير مقبول على الاطلق .
الخلاصة
استطاع طوفان الاقصى أن يسقط مقولة الردع التي كان الكيان الصهيوني يتبجح بها وكذلك الانذار المبكر ، حيث انهارت خطوطه الدفاعية البشرية والتكنولوجية دفعة واحدة ، وشاهد الجمهور الصهيوني بأن العمود الذي يركن اليه وهو الردع والجيش فانما هو عامود هش ضعيف وقد تهشم كليا ما أجبر الولايات المتحدة التدخل لتحاول طمأنة الجمهور الصهيوني الذي احتشد في المطارات محاولا الفرار، ولذلك يحاول الجيش الصهيوني اعادة ثقة الجمهور عبر ارتكاب المجازر في غزة وتدمير كل ما امكنه تدميره . ان الكيان الصهيوني امام خيارات كلها مرة ، وكما تغير حال الكيان الصهيوني بعد عدوان تموز 2006 فكذلك الان، فان ما بعد طوفان الاقصى ليس كما قبله .
المصدر: موقع المنار