لا فوارق في المشهد داخل سور هذا الصرح.. فهنا اختلط الدم بين المدنيين والعسكريين.. جميعهم أُخذوا غيلة على يد الإرهاب الأسود.. فانقلبت طاولة الاحتفالات الى ألواح لتكفين الشهداء؛ وأسرّة لعلاج الجرحى ..
حتى الآن هو مشهد بقدر ما يؤلم القلب على قسوة الصورة الظاهرة للعيان.. إلا أنه ثمة صورة أكثر إيلاماً.. إنها فاجعة قلوب المكلومين التي لن تموت بالتقادم ولن تشفى جراحها بطول العلاج مهما بلغ من عناية.. ولا مهدئ لهذه القلوب المفجوعة بهول فقد أحبائهم أمام اعينهم وبشكل جماعي وسط محرقة همجية معادية للإنسان وساحقة للبراءة..
لا متسع لذكر الأسماء.. فقد اتفق القدر مع اهالي هذا البلد النكوب أن يسميهم شهداء وضحايا.. ويبقى الصبر مخدر الامهم.. في الامس ومنذ اقل من 24 ساعة آن أوان الشهداء للارتقاء.. فناموا مظلومين واصبحوا على وطن..
80 قمراً تراوحت أعمارهم بين 4 سنوات بعمر براعم لم تدرك حتى الآن ما حل بها.. و70 عاماً.. ولا يفهم أحد منهم بأي ذنب قتلوا..
لا يمكن هنا للمقارنة بمن يرتدون البذة العسكرية ومن أتوا للاحتفال بتخرجهم.. فنالوا رتبة موحدة تاجها الشهادة، ولباسها الموحد منسوج من بياض مصائرهم التي غسلتها دموع من تحولوا بشكل جماعي الى ثكالى ويتامى وفاقدين.. وولتبدأ الفاجعة تؤرق حياتهم حتى بقية الحياة.. مع تفجيرات المجرمين بدمهم الازرق في عروقهم الملوثة بالأحقاد..
مهما تأمل اي شخص ساحة العرض العسكري بتخريج دفعة من الضباط كانوا بحالة سلام مع فرحهم بوجود ذويهم. هنا تحولت الساحة من حفل منظم الى ساحة عاث بها الموت فوضى وخراباً.. والجميع يدرك انه لا مفر من حسرة الرحيل والاخذ غيلة …
المصدر: موقع المنار