لا سجال في الكيان الصهيوني حول أهمية وضرورة التطبيع مع السعودية، ولا في كون هذه الخطوة هي بحدّ ذاتها خطوة مباركة ومرحّب بها، من مختلف التيارات والاتجاهات والاصطفافات، وإنّما يدور النقاش تحديداً حول الأثمان والتبعات، الفرص والمخاطر والأعراض الجانبية، يبرز سجال داخلي حول دور وحضور المؤسّسة الأمنية والعسكرية الصهيونية، ورأيها “المهني” من مسألة الموافقة على الشرط النووي السعودي، كما حول فرص ومخاطر التحالف الدفاعي، الذي تتضمّنه الصفقة الثلاثية، من جهة، بين واشنطن و”تل أبيب”، ومن جهة ثانية بين واشنطن والرياض.
زيارات متكررة
وفي هذا السياق، وصل وزير الاتصالات شلومو كرعي إلى الرياض، على رأس وفد إلى المؤتمر الاستثنائي للاتحاد البريدي العالمي لعام 2023، في الزيارة الرسمية الثانية التي يقوم بها وزير صهيوني إلى المملكة العربية السعودية، وتأتي زيارة كرعي، الذي رافقه رئيس لجنة الاقتصاد بالكنيست دافيد بيتان، بالرحلة بعد أقل من أسبوع من قيام زميله في حزب الليكود ووزير السياحة حاييم كاتس بأول زيارة علنية لوزير صهيوني الى السعودية.
وسيلقي كرعي كلمة في المؤتمر ويلتقي بالسفير الأمريكي لدى السعودية مايكل راتني وشخصيات أخرى من بينها وزير الاتصالات التركي. وقال كرعي بعد هبوط طائرته في الرياض “نحن هنا خلال عطلة عيد العرش، في مؤتمر دولي. سنلتقي بممثلين من جميع أنحاء العالم، وسنقرب السلام بين دولة إسرائيل والمملكة العربية السعودية”.
ومن المقررأن يعقد المؤتمر في فندق الريتز كارلتون بالعاصمة السعودية الرياض، ويختتم يوم الخميس والاتحاد البريدي العالمي هو وكالة تابعة للأمم المتحدة تعمل على تنسيق السياسات البريدية الدولية. وقال الاتحاد إن مؤتمر هذا العام سيركز على قضايا تشمل مقترحات متعلقة بتغير المناخ ومستقبل الخدمات المالية البريدية.
وخلال تواجده في الفندق نشر الوزير الصهيوني تسجيل فيديو له وهو يمارس طقوس عيد العرش الصهيوني، حيث ظهر يصلي بلفائف التوراة ورموز عيد العرش الاربعة.
وقبل كرعي وحاييم وصل الى المملكة وفد صهيوني مكون من تسعة موظفين لحضور اجتماع لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو كمراقبين. وترأس الوفد رئيس سلطة الآثار الصهيوني وضم دبلوماسيين.
شروط للتوقيع
تأتي هذه الزيارات لتمهد الطريق امام محاولات الرئيس الاميركي بايدن في الوصول الى اتفاق تطبيع بين الكيان والسعودية، ولتحقيق ذلك تضع السعودية شروط مختلفة على رأسها شرطين اساسين، ابرام اتفاقية دفاع مشترك مع الولايات المتحدة وصفقات اسلحة كبيرة، اما الشرط الثاني فهو حصول المملكة على التكنولوجيا النووية والحصول على برنامج نووي خاص.
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، قد قال للصحافيين أنه تم التوصل إلى “إطار أساسي” للاتفاق، لكنه شدد على أن الترتيب “المعقد” سيتطلب “تنازلات” من جميع الأطراف، واما نتنياهو فقد قال خلال حديثه امام الجمعية العامة للامم المتحدة إن “إسرائيل على وشك التوصل إلى صفقة تاريخية مع السعودية”، هذه التعليقات جاءت بعد أيام من قول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لقناة “فوكس نيوز” إن “كل يوم نقترب من تطبيع بلاده العلاقات مع إسرائيل”.
صفقة الرزمة الثلاثية التي تجري صياغتها بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والسعودية تشتمل، برأي خبراء، على عنصرين على الأقل ينبغي أن يثيرا قلق الكيان: طموح السعودية بالحصول على برنامج نووي خاص بها، والمطالبة بتنازلات مهمّة تجاه الفلسطينيّين. وهناك عنصران آخران محبّذان فعلياً: اتفاق تطبيع، وحلف دفاع بين واشنطن والرياض.
وحول الحلف الدفاعي بين واشنطن والرياض، يذكر الخبراء سببين وراء دعم الكيان لمثل هذه الخطوة:
• الأوّل: حلف دفاع بين الرياض وواشنطن، والذي بموجبه يتعهّد الطرفان بمساعدة بعضهما البعض في التعامل مع هجمات من الخارج، قد يبرّد رغبة بن سلمان الشديدة في الحصول على نووي، الذي يمكن أن يُحوّله بسهولة إلى نووي عسكري إذا “شعر بتهديد من جانب إيران”.
• والثاني: أنّ أيّ شراكة أمنية بين الولايات المتحدة والسعودية من شأنها أن تُبقي الرياض داخل دائرة النفوذ الأمريكية، وستكبح تقاربها إلى الصين وروسيا. لا شك أنّ مثل هذا الكبح سوف يخدم المصالح الصهيونية أيضاً.
مكسب آخر يمكن أن يحقّقه هذا التحالف يتمثّل في كبح المطالب الوطنية والإقليمية للسلطة الفلسطينية، واستبدالها بترتيبات مؤقتة ومساعدة اقتصادية.
المصدر: موقع المنار