آخر الأبحاث التي أجرتها مجموعة “بهشت بقيع” قد توصلت إلى نتائج مهمة فيما يتعلق بأقدم وأول صورة مسجلة في تاريخ كربلاء المقدسة وضريح سيد الشهداء (عليه السلام) وضريح العباس بن علي (عليه السلام).
الكولوديون اسم طريقة تصوير قديمة أصبحت شائعة في إيران منذ عام 1229م تقريباً، وفي هذه الطريقة يتم تحضير صور عالية الجودة باستخدام زجاجات مملوءة من محلول الكولوديون، وهذه المادة الكيميائية حساسة للضوء وفي ذلك الوقت، لقد كانت أفضل طريقة للتصوير الفوتوغرافي، والتي بالطبع كانت تواجه بعض المشاكل، وبعد ذلك تم استبدالها بالزجاج الجاف أو الكولوديون الجاف وكانت هذه الطريقة للتصوير تواجه مشاكل أقل بكثير. ولا تزال هذه الطريقة في التصوير الفوتوغرافي تمارس بشكلها الفني وهي طريقة لا تنسى.
وفي معظم فترة حكم ناصر الدين شاه قاجار تقريباً، كانت طريقة الكولوديون طريقة واسعة الانتشار في التصوير الفوتوغرافي، وكان شاه قاجار نفسه مولعاً بالتصوير الفوتوغرافي ولعب دوراً مهماً في تطوير هذا الفن.
في الفترة الاخيرة عرضت في الفضاء الافتراضي صورة مرقد الامام الحسين (عليه السلام) باعتبارها أقدم صورة، وقدمت تفسيرات مختلفة حولها، منها على سبيل المثال أن هذه الصورة التقطت بعد هجوم الوهابية التكفيرية على كربلاء المقدسة والمقام لم يتم ترميمه بعد، هناك تفسيرات غير متخصصة في حين أن المؤلف في الأساس لا يهتم بتاريخ فن التصوير الفوتوغرافي ولا يعلم أنه في ذلك الوقت لم يتم اختراع شيء يسمى الكاميرا. أين الضريح بهذه المواصفات؟ الجواب واضح، هذا مرقد حر بن يزيد الرياحي المعروف بأنه أول شهيد من شهداء كربلاء المقدسة.
لكن فيما يتعلق بفحص أول صورة مسجلة لمدينة كربلاء وضريح السيد الشهداء عليه السلام، فلا بد من الرجوع إلى الأرشيف الكبير من الصور التاريخية، ومعظمها إما مستحيل أو صعب للغاية للوصول.
واحدة من أقدم الصور المسجلة لكربلاء التقطتها السيدة جيرترود بيل. جيرترود هي عالمة آثار ومستكشفة وباحثة وجاسوسة إنجليزية، التقطت هذه الصورة أثناء إقامتها في العراق عام 1288. في معظم المصادر المسجلة، يتم تقديم هذه الصورة وسلسلة الصور الأخرى باعتبارها واحدة من أقدم الصور وأكثرها تاريخية للعراق وكربلاء. فيما سيذكر لاحقاً أن الأمر ليس كذلك وأن الصورة الأولى التقطتها مصور إيراني.
ولكن قبل حوالي أربع سنوات من وجود جيرترود في كربلاء، سافر أبو القاسم ابن محمد تقي نوري المصور الحصري لمظفر الدين شاه إلى العتبة المقدسة بأمر الشاه والتقط صورا فريدة أعدها عام 1284. التقط نوري صورة من أمام باب القبلة وهي جميلة جدا وتثير الإعجاب وفي هذه الصورة الدفعة الثالثة من زهور الحسيني لا تزال قائمة في باحة الضريح.
تم تدمير باقة الزهور هذه والتي كانت تعرف بمئذنة العبد عام 1314 بأمر من ياسين الهاشمي رئيس وزراء العراق آنذاك، وتعددت أسباب التدمير، ولم يتم حتى الآن إجراء أي بحث مستقل في هذا الصدد، لكن كسب المال والقضايا المالية والحصول على الكنوز المدفونة خلف هذه المئذنة أمر لافت للنظر.
لكن قبل حضور أبو القاسم نوري إلى كربلاء المقدسة، كان سيد رضا المصور المعروف بإقبال السلطنة، يرافق ناصر الدين شاه في رحلته إلى العتبات المقدسة في عام 1249م، وقد رافق الملك حوالي 200 من رجال الدولة الذين قد سافروا إلى كربلاء والمدن الأخرى وإلى الأماكن المقدسة وخلال هذه الرحلة التقط سيد رضا، مصور الملك العديد من الصور الجميلة. هذه الصورة هي صورة التقطها سيد رضا من مرقد السيد الشهداء عليه السلام .
لكن يمكن الافتراض أن هذه الصورة هي أقدم صورة للضريح، لكن الأمر ليس كذلك، فقبل حوالي عام من هذه الرحلة، ذهب ناصر الدين شاه إلى سيد رضا للتخطيط لرحلته الى كربلاء المقدسة وفهم الطريق والاماكن المختلفة بشكل أفضل. لذلك أمر سيد رضا المصور أحد طلابه بالسفر إلى العتبات المقدسة والتقاط الصور على طول مسير رحلتهم والاماكن المختلفة وفي النهاية تقديم هذه الصور إلى الملك على شكل ألبوم.
وهكذا وقعت القرعة على اسم عباسعلي بك، كان عباسعلي بك أحد طلاب سيد رضا الذي أسس فيما بعد اول دار عامة للتصوير.
ذهب عباسعلي بك إلى كربلاء في عام 1248 والتقط هذه الصورة الجميلة. هذه الصورة هي أقدم وأشهر صورة مسجلة لمرقد أبي عبدالله الحسين عليه السلام التقطها أحد الإيرانيين. وقد وضع عباس علي بك مرقد العباس بن علي (عليه السلام) بجانب مرقد السيد الشهداء (عليه السلام)، وهذا يعتبر أول كولوديون لكربلاء المقدسة .
ويمكنكم مشاهدة صورة مرقد حر بن يزيد الرياحي والتي تم تقديمها خطأً على أنها أقدم صورة لضريح الإمام الحسين عليه السلام.
المصدر: وكالة مهر