من جديد دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري للحوار بين اللبنانيين حول أزمة الشغور الرئاسي، وخلال كلمته في ذكرى تغييب الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه، وجه الرئيس بري دعوة لكل الأفرقاء للدخول الى حوار لمدة سبعة أيام وبعدها الذهاب الى جلسات متتالية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان.
دعوة لاقت قبولا من شريحة وازنة من مختلف الأفرقاء اللبنانيين، سواء من حلفاء الرئيس بري لا سيما حزب الله وأيضا من حلفاء “الثنائي الوطني” أو من بقية الأطراف وعلى رأسهم التيار الوطني الحر، بالمقابل هناك فئة معينة ترفض التجاوب مع هذه الدعوة للحوار، على الرغم من الظروف الضاغطة التي يعيشها البلد وتحتاج الى تضافر الجهود لإيجاد الحلول حيث يشكل إنهاء الشغور الرئاسي “المدخل” للخروج من الأزمات المتراكمة.
من هنا باتت تطرح تساؤلات، لماذا يعاند البعض برفض كل دعوات الحوار؟ ولماذا يرفضون الجلوس مع بقية الأفرقاء والشركاء؟ هل هذا الأمر مرتبط بنظرتهم “الخاطئة” للحل أم أن الأمر يتعلق بمسائل اخرى هدفها تعميق الأزمة بالتناغم مع بعض الخارج الذي أظهر أداء معرقلا للوصول الى حلول خاصة بالملف الرئاسي؟ بمعنى آخر، هل الإصرار على رفض الحوار من قبل البعض هو مجرد حسابات سياسية خاطئة أم أجندات خارجية؟
واللافت ان الفريق الذي يرفض الحوار هو نفسه الذي رفض سابقا كل دعوات الحوار من قبل الرئيس بري او غيره، حول الملف الرئاسي وعدد من الملفات الأخرى، كما ان هذا الفريق نفسه وقف بوجه ولاية الرئيس ميشال عون عندما أراد محاربة الفساد وإيجاد الحلول للعديد من الملفات العالقة، ونفس هذا الفريق يعمل لتحريض اللبنانيين على بعضهم البعض واستغلال كل مشكلة لبث السموم الطائفية والمذهبية من حادثة خلدة الى الطيونة والكحالة وغيرها، صولا الى كل إشكال يقع شمالا او جنوبا.
دعوة الرئيس بري للحوار لاقت تجاوبا من قبل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران وسلسلة كبيرة من السياسيين والأحزاب اللبنانية من مختلف الطوائف والمذاهب، فالبطريرك الراعي حث النواب على المشاركة، وقال “إذا حصل (الحوار) برغم التجاذبات بين القبول والرفض، إنما يقتضي أولا المجيء إليه بدون أحكام مسبقة وإرادة فرض أفكارهم ومشاريعهم ووجهة نظرهم من دون أي اعتبار للآخرين.. ويقتضي ثانيا روح التجرد من المصالح الشخصية والفئوية…”. أما باسيل فقال “… سمعنا ما هو جيد وإيجابي من رئيس مجلس النواب نبيه بري، واذا كان الامر هكذا يكون لدينا في أيلول رئيس للجمهورية..”.
وقد سارع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بـ”إطلاق النار” على الحوار، وتبعه في ذلك رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” سامي الجميل ومعهما بعض النواب ممن يسمون أنفسهم بـ”التغييرين”، وكأنهم يتنافسون في المزايدة على رفض الحوار على الرغم من موقف البطريرك الراعي الإيجابي من التلاقي والتفاهم، والسؤال: هل يتعطل الحوار الوطني برعاية الرئيس بري إذا كان هناك غالبية ساحقة تؤيده من مختلف الطوائف والمناطق والكتل النيابية؟ ولماذا اصرار فئة معينة على معارضة كل توافق أو تقارب لبناني؟
مع الإشارة الى موقف رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط الذي أكد في حديث له السبت الماضي “موقف الحزب واللقاء الديموقراطي الداعي دائما الى الحوار المجدي، في ظل انسداد الافق السياسي الحاصل”. ورحب “بالزيارة المرتقبة للبطريرك الماروني الكردينال بشارة الراعي الى الجبل الجمعة المقبل لتكريس ثمار المصالحة والبناء على انجازها”. وأمل ان “يتم تغليب منطق التسوية والمصالحات في كل قضايانا الوطنية المختلف حولها”.
وبالسياق، نقلت صحيفة “البناء” اللبنانية عن مصادر نيابية تأكيدها ان “98 نائبا يؤيدون الدعوة للحوار”. وسألت عن “مصير معارضة 30 نائبا للحوار ومقاطعة الجلسات المتتابعة لانتخاب رئيس للجمهورية”. وقالت “ربما يكون التصعيد عائدا الى العجز عن تعطيل النصاب والهروب الى الأمام برفع شعار كبير يغطي الإفلاس السياسي”.
وبانتظار ما سيعلنه الرئيس بري عن تفاصيل عقد الحوار من عدمه بعد اعلان مختلف الافرقاء عن آرائها، ومعرفة ماذا سيخرج عن هذا الحوار من نتائج مسهلة لانتخاب الرئيس، بالتزامن ربما مع وصول المبعوث الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان وما يحمله من جديد على هذا الصعيد.
المصدر: موقع المنار