بعد أخذ ورد ساد أجواء الاتفاق على مسودة قرار التجديد للقوات الدولية في لبنان (اليونيفيل)، خيّمت الايجابية، على تطورات تجديد الاتفاق المزمع اتمامه غداً في مجلس الأمن الدولي. ماذا عن تفاصيل هذه المفاوضات؟ وماذا عن الايجابية التي سادت الساعات الأخيرة بعد الوقاحة الفادحة التي مارستها بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن تجاه لبنان وسيادته؟
هذا وبعد الحديث عن تفاصيل مقلقة وسمت المفاوضات الدائرة في نيويورك والتي يخوضها الوفد اللبناني ممثلاً بوزير الخارجية عبد الله بو حبيب، العميد منير شحادة ممثلاً للجيش، وزياد ميقاتي ممثلاً لرئيس الحكومة، ومندوبة لبنان في الأمم المتحدة جان مراد، تفاصيل تمثلت برفع العدو الاسرائيلي من مستوى الضغوط على المعنيين في الأمم المتحدة، وتهديد الولايات المتحدة وبريطانيا لبنان بعواقب إن لم يوافق على قرار التجديد كما يرغبون به، “عاد الجانب الفرنسي وأمّن التوصل إلى صيغة تفرض على العدو وحلفائه الأخذ بالمطالب اللبنانية، واعتماد صياغة تتيح للجميع الخروج من المعركة بصيغة “رابح – رابح””، حسبما ذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية. وهنا نشير إلى ادراك الأخير جيداً استحالة سماح المقاومة في لبنان بتجاوز الخطوط الحمر، وصولاً إلى اعتبار أي تجديد وفقاً لمضمون قرار غير متفق عليه “حبراً على ورق والناس في الجنوب لن يسمحوا بتطبيقه”، كما أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى التحرير الثاني.
وبعد اطلاع لبنان والدول الأعضاء في مجلس الأمن على الصيغة الفرنسية، كُتبت الأخيرة بالحبر الأزرق كصيغة رسمية ستحال للمجلس للتصويت عليها.
لبنان لا يساوم
في وقت سابق، أوضحت مصادر دبلوماسية في مجلس الأمن الدولي أنّ واحدة من القضايا التي ما زالت الدول الأعضاء تتفاوض حولها في ما يخص مسودة مشروع قرار يجدد عمل (اليونيفيل)، تتعلق بـ”حرية تحرك” هذه القوات، وأن “الجانب الفرنسي يعمل على ايجاد حل وسط بين الأطراف المختلفة في ما يتعلق بهذا الموضوع”.
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب، وفق بيان للخارجية، “رفض لبنان للصيغة المتداولة، كونها لا تشير إلى ضرورة وأهمية تنسيق اليونيفيل في عملياتها مع الحكومة ممثلة بالجيش، كما تنص اتفاقية عمل اليونيفيل المعروفة”، في إشارة إلى اتفاقية “صوفا”.
أما الأمين العام لحزب الله فقد أكد في خطابه الأخير، أن الدول الأعضاء “تريد من قوات “اليونفيل” أن تعمل عند الاسرائيلي كجواسيس، وحيث لا تستطيع كاميرا التجسس أن تصل للمطلوب تقوم بذلك كاميرات اليونيفيل”، معرباً عن شكره للدولة اللبنانية “لسعيها تصحيح خطأ العام الماضي الذي أعطى الحرية الكاملة لليونيفيل للتحرك بدون تنسيق وإذن”.
مواقف بوحيبيب والأمين العام لحزب الله عكست مطالب الوفد اللبناني المفاوض التي جاءت على الشكل التالي، حسبما أكدت صحيفة الأخبار:
أولاً، محاولة منع مجلس الأمن من إيراد فقرات حول الوضع السياسي الداخلي اللبناني لجهة عدم حصول انتخاب رئيس للجمهورية، لأن الدول الأساسية في مجلس الأمن اعتبرت أن لهذا الوضع تأثير مباشر على عمل القوات الدولية في الجنوب.
ثانياً، طلب لبنان استبدال تسمية الجزء الشمالي من قرية الغجر بـ”خراج بلدة الماري”، والتشديد على وجوب خروج قوات الاحتلال الإسرائيلي منها.
ثالثاً، التأكيد على أن تحركات القوات الدولية في الجنوب يجب أن تتم بالتنسيق الكامل مع الجيش اللبناني، وألا يكون للقوات الدولية أي حق في العمل بصورة مستقلة.
رابعأً، التأكيد على أن تحديد الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة لم يكن في سياق مفاوضات لبنانية – إسرائيلية مباشرة، بل تم عبر وساطة قادتها الولايات المتحدة الأميركية.
وينتهي التفويض لمهام البعثة في نهاية الشهر، فيما من المفترض أن يصوت مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار الأربعاء صباحاً بتوقيت نيويورك، بحسب برنامجه الرسمي. وفي حال تعرقلت المفاوضات فمن المتوقع أن يتم إرجاء التصويت للمساء أو لليوم التالي، أي في 31 من الشهر الجاري.
وكان مجلس الأمن الدولي قد ناقش، نهاية الشهر الماضي، في جلسة مفتوحة، جهود الأمم المتحدة لحفظ السلام، تخللتها إحاطات لقادة عمليات حفظ السلام في عدد من الدول من بينها اليونيفيل في لبنان.
ماذا في المسودة؟
بحسب ما جاء في صحيفة “الأخبار”، فإن المسوّدة حاولت الجمع بين طلبات الطرفين إلى حد ما، فكرّرت ما ورد في العام الماضي لناحية أن قوات اليونيفل “لا تحتاج إلى إذن مسبق للقيام بالمهام المنوطة بها”، وأنه مسموح لها “إجراء عملياتها بشكل مستقل”، لكن في الوقت نفسه، تمت إضافة عبارة تتحدث عن التقدير لـ”مواصلة استمرارها في التنسيق مع الحكومة اللبنانية، وفقاً لاتفاقية صوفا”.
من جهة ثانية، كرّرت المسوّدة المطالبة بإدانة كل عمل يؤدي إلى منع القوات الدولية من الوصول “الفوري والكامل إلى المواقع التي طلبتها اليونيفل لغرض التحقيق السريع، بما في ذلك جميع المواقع ذات الأهمية، وجميع المواقع ذات الصلة شمال الخط الأزرق المتعلقة باكتشاف الأنفاق التي تعبر الخط الأزرق والتي أبلغت قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان عن انتهاكها للقرار 1701″، وفي الوقت نفسه أعرب مجلس الأمن عن “القلق إزاء استمرار الوجود الإسرائيلي في احتلال شمال قرية الغجر والمنطقة المتاخمة لها شمال الخط الأزرق في أطراف بلدة الماري، والذي يمثل انتهاكاً مستمراً للقرار 1701، ودعوة إسرائيل لتسريع انسحاب جيشها من تلك المنطقة”.
بانتظار النتائج الأخيرة لهذه المعركة الدبلومسية التي خاضها ويخوضها لبنان، مقابل تهديدات أميركية واسرائيلية وبريطانية معلنة “باستصدار قرار يعتبر فيه الأخيرمخطوفاً من قبل “منظمة إرهابية” هي حزب الله، والدعوة إلى معاقبة الحكومة اللبنانية”، بدا كل هذا تهويلاً لا قيمة له في ميزان اللبنانيين المتمسكين بمقاومتهم، والذين فرضوا على عدوهم ترسيماً للحدود البحرية بشروطهم.
وهنا نذكر أنه خلال حفل غداء أقامته قيادة جنوبي الليطاني في الجيش اللبناني على شرف قائد اليونيفل الجنرال آرولدو لاثارو في ثكنة صور، أكد الخطاب الأممي على “التنسيق مع الجيش كما ينص القرار 1701″، ذلك لأنه، وبحسب المصادر، فإن القوة الدولية مدركة تماماً أن تداعيات “تكريس اليونيفل قوية تطوّر عملها باستقلالية عن الجيش اللبناني”، كما طالبت مندوبة أميركا في مجلس الأمن، تؤدي حتماً إلى “ردود فعل شعبية غاضبة ضد وحداتها”.
المصدر: موقع المنار+صحيفة الأخبار