“ترانس أوشن” وصلت الى لبنان يوم الاربعاء 16 آب 2023، وبوصول منصة التنقيب وتحديداً مع انطلاق عملها بالتنقيب عن النفط والغاز اواخر هذا الشهر، يدخل لبنان المرحلة العملية في مسار التنقيب، الذي يؤمل ان تكون نتائجه واعدة بحيث يدخل لبنان فعلياً نادي الدول النفطية.
هذه النتائج ستبدأ بالظهور خلال شهر الى شهرين من الآن، ليعلَن بعدها هل تَكرس فعلا وجود كميات تجارية من النفط او الغاز ام لا، علما ان البلوك 9 الذي رست فيه منصة الحفر والتنقيب هو واحد من 10 بلوكات قسّم لبنان عبرها مياهه الاقليمية ولكن ليس بالضرورة ان تشهد جميعها عمليات تنقيب، وكان قد ثبت في البلوك 4 منذ سنوات وجود للغاز دون وصول الى مكامن غازية، ولكن هذه الاثار اعطت مؤشرات قد تكون واعدة لطبيعة ما تحت اعماق البحر، لا سيما ان خبراء عدة توقعوا وجود كميات كبيرة من الغاز في المياه اللبنانية.
هذه الكميات إن وجدت فعلا عبر مسار التنقيب سيعول عليها بشكل اساسي في ضخ اموال بكميات كفيلة بأن تخرج لبنان من ازماته الاقتصادية المتكررة لا سيما الازمة الكبرى التي يرزح تحتها اليوم، حيث ينظر الكثيرون الى ملف النفط كبارقة امل وحيدة لانتشال لبنان من وضع نقدي منهار ووضع اجتماعي صعب جدا تراجعت فيه قيمة الرواتب والاجور الى ما بين 10 الى 20% من قيمتها بالدولار قبل الازمة الاخيرة، ما جعل كثيرا من اللبنانيين غارقين في ازمات مادية، في وقت تضاعفت فيه الاسعار والدولار الجمركي والفواتير الرسمية وغير الرسمية للمياه والكهرباء مرات ومرات ورُفع الدعم عن المواد الاساسية يضاف ذلك الى كلفة الطبابة والمدارس والكثير غيرها. كما يعاني لبنان من تضييق وحصار اميركي يطال العديد من القطاعات. واذا كان الوضع اللبناني القائم والذي كانت نتائجه متعددة من الهدر والفساد الى السياسات المالية الخاطئة الى الحصار والضغوط والتدخلات الخارجية، فإن خروجه من النفق يبقى صعبا ويعول على اي نتائج ايجابية للملف النفطي.
ومع افتراض الوصول الى نتائج سعيدة في هذا الملف تبرز اهمية حسن ادارة العائدات المفترضة بحيث تُصرف في اماكنها المناسبة بما ينتشل لبنان ويعيده الى مسار تأمين سير القطاعات الاساسية والضرورية والخدماتية بالشكل السليم ثم الالتحاق بركب التقدم والتطور، وهنا تمكن اهمية وجود الصندوق السيادي لعائدات النفط والغاز واهمية ادارته بالشكل المطلوب.
مسار التنقيب ما كان ليصل الى مرحلة دخول “ترانس أوشن” او غيرها لاحقاً، لولا عدة عوامل منها بطبيعة الحال الجهد السياسي والوزاري ولكن اهمها عامل قوة لبنان، اي المقاومة. اذ لا شك ان دخول لبنان الجدي في مسار التنقيب عبر بدء عمل منصة الحفر يرجع فيه فضل كبير الى حسن استغلال اعمدة قوة لبنان لا سيما المقاومة التي فرضت على العدو الموافقة على مسار الترسيم البحري الذي تم في 27 تشرين الاول من العام الماضي 2022 وتكاملت فيه الوحدة السياسية مع قدرات المقاومة الرادعة للعدو عن سرقة حقوق لبنان.
المسار النفطي في لبنان كان يفترض ان يكون اسرع وتيرةً بكثير ولكنه تأخر لسنوات نتيجة عوامل داخلية وازمات سياسية متكررة ومتراكمة وعوامل خارجية.
محطات اساسية في هذا المسار
- عام 2013 أطلق وزير الطاقة والمياه حينها جبران باسيل جولة التراخيص الاولى في المياه البحرية اللبنانية نتج عنها تأهل 46 شركة الى مرحلة تقديم العروض.
- في كانون الثاني عام 2017 اعلن الوزير سيزار أبي خليل “إن لبنان فتح خمس مناطق بحرية (1 و4 و8 و9 و10) أمام تقديم العروض في أول جولة لترسية التراخيص”، بعدما تاخرت سنوات بسبب الازمة السياسية
- أطلق لبنان دورة التراخيص الثانية في 5 نيسان من العام الحالي 2019
- أعلنت وزيرة الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ندى بستاني اواخر 2019 إصدار وتسليم أول ترخيص لتجمع شركات “توتال وإيني ونوفاتيك” للتنقيب عن النفط والغاز في بلوك 4″.
- بدأ لبنان رسميا أعمال حفر بئر استكشافي لمصادر الطاقة (النفط والغاز) في المياه الإقليمية اللبنانية، في بلوك 4 في 27 شباط 2020.
- في نيسان 2020 أعلن وزير الطاقة حينها ريمون غجر أن النتائج الأولية للحفر أثبتت وجود الغاز على أعماق مختلفة داخل الطبقات الجيولوجية في البئر الكائن بالبلوك رقم 4 شمال لبنان لكنه لم يتم التحقق من وجود مكمن غازي”.
- جرى في 29 كانون الثاني 2022، حفل توقيع الاتفاق بين “قطر للطاقة”، و”توتال إينرجيز” و”إيني” للاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في البلوكين 4 و9.
المصدر: موقع المنار