بعد أسبوعين من الجهود المتواصلة، أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني اللبناني انه تم إخماد الحريق بمستودع الأقمشة على طريق مطار بيروت الدولي، وقد استشهد خلال عمليات الإطفاء الشهيد المتطوع محمد جهاد بيدي، كما أصيب عدد من العناصر المشاركة بتنفيذ المهمة.
ومع التحية والشكر لكل العناصر التي شاركت بعمليات الإطفاء لا سيما من الدفاع المدني واتحاد بلديات الضاحية الجنوبية وإطفاء بيروت وغيرهم من العناصر في المراكز المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية، إلا ان هذا الحريق بكل ما حصل من تطورات رافقته وطول مدته وصعوبة إخماده بسرعة نسبة للمساحة الموجود فيها وغياب معايير السلامة العامة للحفاظ على أمن الناس، كل ذلك يطرح علامات استفهام وتساؤلات بالجملة عن مدى خطورة ما يحتويه هذا المستودع وغيره من المستودعات المشابهة المنتشرة في مختلف المدن اللبنانية سواء في بيروت أو غيرها؟
هل البلديات في كل لبنان خاصة في المدن الكبرى تعلم ماذا تحتوي المستودعات؟ وما المواد التي توجد بداخلها وهل الأجهزة البلدية تعلم أو تطلع على الاجراءات المتخذة لحماية هذه المواد المخزنة أو المستودعات التي تحتويها؟ وكيف يمكن ضبط هذه المستودعات في المراحل المقبلة؟ خاصة انها تعرض الناس القاطنين في المباني للأخطار، كما انها تضر بشكل واضح بالبيئة حيث تمتد الحرائق لأيام معدودة بما يؤثر سلبا على صحة الناس وتنفسها وعلى الأجواء العامة، لا سيما ان مستودع كـ”مستودع طريق المطار” يقع في منطقة قريبة من المطار ومن مناطق سكنية مكتظة.
وبعد حصول الحريق في مستودع طريق المطار، بادرت “بلدية بيروت” للطلب من “جميع أصحاب وشاغلي المستودعات في الطوابق السفلية المعدة لتخزين المواد بالتصريح لدى البلدية عن ماهية البضائع والمواد المخزنة في المستودعات والمستند القانوني لإشغال المستودع وصورة الترخيص من الجهات المختصة للنشاط القائم وبوليصة التأمين في حال وجودها.. وتقرير فني موقع من مهندس مسؤول عن إستيفاء المستودع لإجراءات السلامة العامة والحماية من المخاطر والحريق(مطافىء يدوية وآلية ضد الحريق، نظام إنذار ضد الحريق)”. ونبهت ان ذلك “تحت طائلة إتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتخلفين عن تقديم التصريح وإبراز المستندات والبيانات المشار إليها أعلاه وفقا للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء، منها تنظيم محاضر ضبط والختم بالشمع الأحمر عند الإقتضاء، على كامل مسؤولية صاحب وأو شاغل المستودع”.
بدورها، طالبت بلديات الضاحية الجنوبية لبيروت (برج البراجنة، المريجة، وتحويطة الغدير، والليلكي) أصحاب المستودعات التصريح العاجل عن محتوياتها، وعن أنظمة الحماية والتأمين المستخدمة في مهلة أقصاها أسبوع تحت طائلة الملاحقة القانونية”، وحذرت “كل من يتخلف عن تسليم البيانات والمستندات المشار إليها أعلاه من أنه سيصبح عُرضة للملاحقة القانونية وسيتم إقفال المؤسسة فورا وسيكون مسؤولا خلال فترة الإقفال عن أي حادث يتعرض له المستودع”.
وحريق المستودع فتح الباب عن مدى قيام السلطات المختصة من قوى أمنية وبلدية بمهامها ومدى متابعتها لكل الابنية والمستودعات خاصة تلك التي قد تتضمن مواد خطيرة او قابلة للاشتعال، ومدى اتخاذ كافة الاجراءات الأمنية واجراءات السلامة العامة لحماية أمن الناس وممتلكاتهم وبيوتهم، والحفاظ على سلامتهم الشخصية وسلامة عائلاتهم.
كما ان ما جرى يفتح الباب عن مدى نوعية التجهيزات التي تعمل بها فرق الإطفاء سواء بالدفاع المدني او اتحادات بلديات الضاحية، وغيرها من المؤسسات المنتشرة في مختلف المناطق، فهل لدى هذه الاجهزة التجهيزات اللازمة والمناسبة للقيام بواجباتها بالسرعة المطلوبة واللازمة أم أنه يوجد نقص حاد في هذه التجهيزات وتحتاج الاجهزة المعنية للمزيد من الاهتمام؟ وهل الجهات المختصة بالإشراف الجدي والفعلي على هذا الأمر، ممثلة بوزارة الداخلية والبلديات تقوم بواجباتها على أكمل وجه؟
لا شك ان السلامة العامة وصحة الناس أمنهم وأمانهم يجب ان تبقى أولوية في مختلف الظروف أو الأزمنة ولا يجب التهاون بها، ولو طالت الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فلا يجوز التذرع بالفراغ والتعطيل الحاصل في الدولة للتنصل من المسؤوليات ورميها على الآخرين، وبعد انتهاء الحادث -سواء حريق او غيره- تعود الامور في البلد الى طبيعتها من دون فتح أي تحقيق أو الوصول الى نتائج جدية ومجدية حول ما حصل.
وبهذا الإطار، قالت المديرية العامة للدفاع المدني في بيانها للإعلان عن إتهاء الحريق بتاريخ 14-8-2023 إن “عودة المواطنين القاطنين في المبنى حيث اندلع الحريق في الطوابق السفلية، مرهونة بالقرار الّذي ستتّخذه المراجع المعنيّة بهذا الشأن”. ولفتت الى انه “بعد أن تم التأكد من انتهاء عمليّات التّبريد، ستكلف المديرية، كما جرت العادة، خبيرا معتمدا لديها، لإجراء التّحقيقات اللّازمة والكشف عن الأسباب الّتي أدّت إلى اندلاع النّيران وجلاء الموضوع برمّته”.
المصدر: موقع المنار