ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 08-08-2023 في بيروت على عدد من المواضيع وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي..
البناء:
جنوب أفريقيا: 34 دولة أكدت حضور قمة البريكس وماكرون غير مدعوّ استجابة لرفض بوتين
«إسرائيل اليوم»: 500 قتيل ولا كهرباء أو طرق ومطارات وموانئ في أي حرب مع حزب الله
البخاري يوصل الرسالة: السعودية أهم مشجّعي السياحة إن توصّل اللبنانيون إلى حل أزمتهم
كتب المحرّر السياسيّ
يستعدّ العالم لما سوف تشهده قمة البريكس المرتقبة في جنوب أفريقيا بعد أسبوعين، على خلفية الفشل الذريع الذي أصاب قمّة الناتو التي انعقدت في ليتوانيا قبل أقل من شهر، والقمّة التي سوف يشارك فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر الفيديو، وسوف يحضرها رؤساء ووزراء خارجية 34 دولة أكدوا مشاركتهم، منهم الصين والبرازيل وإيران والهند والجزائر، كأعضاء في المجموعة، إضافة لآخرين يطلبون الانضمام إليها مثل مصر والسعودية وتركيا، تنعقد في أفريقيا في ظروف أفريقية تجذب الأضواء، في ظل التنافس الدولي المحموم على المشهد الأفريقي، بعد قمة أميركية أفريقية فاشلة، وقمة روسية أفريقية ناجحة، وفي ظل عمليات الطرد التي تلاحق فرنسا من مالي إلى بوركينا فاسو وصولاً إلى النيجر، وكان الحدث إعلان وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي طلب المشاركة عبر تصريحات علنية ليس مدعواً، بعدما وجّه الرئيس بوتين رسالة للرئيس الجنوب أفريقي تقول إن حضور ماكرون أمر مرفوض.
في المنطقة برزت التقارير الصادرة في كيان الاحتلال عن حجم المخاطر المترتبة على فرضيّة نشوب حرب مع حزب الله، بينما كان رئيس حكومة الاحتلال يعقد اجتماعاً وزارياً مخصصاً لمناقشة تحدّيات الوضع على حدود لبنان، وكان أبرز التقارير المتداولة ما نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم”، التي نقلت تقديراتها عن جهاز الشاباك، أن قرابة 6000 صاروخ سوف تسقط فوق رؤوس المستوطنين ومنشآت الكيان الحيوية كل يوم، والرقم يعادل مئة مرة أكثر من المعدل الوسطي لما عرفه الكيان في حروبه السابقة مع لبنان وغزة، وقالت إن 500 قتيل سوف يسقطون في الداخل، غير الجنود، وإن لا كهرباء ولا طرق ولا مرافئ ولا مطارات إذا اندلعت الحرب. وأشارت إلى أن “هذا السيناريو يتعلق بالمجال المدني، ولهذا فهو لا يذكر بما يكفي من العمق خطة حزب الله “لاحتلال الجليل”، “للخطف، والقتل واحتلال المناطق المجاورة للحدود”. و”على خلفية هذا السيناريو الكابوسي، نفهم انعدام الرغبة الظاهرة في الانجرار إلى الحرب، وسياسة الرد المعتدلة بل وربما المعتدلة جداً في ضوء استفزازات حزب الله على طول الحدود”. وختمت أن “أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله يفهم جيداً صورة الوضع وكذا حقيقة أن (الشرعية الإسرائيلية) تلقى التحدي الشديد بسبب الشرخ والصدع الداخليين في (إسرائيل)”.
لبنانياً، تراجع حجم الانشغال بالبيانات الصادرة عن السفارات الخليجية، التي دعت بعضها رعاياها الى مغادرة لبنان، ودعا بعضها الآخر الى توخي الحذر، بداعي خطورة الوضع الأمني، فلم يسجل مطار بيروت حالات مغادرة تشير الى حدوث تأثير لهذه البيانات، في ضوء عدم وجود سياح خليجيين في لبنان تنفيذاً لقرارات حكومية سابقة تحظر السفر الى لبنان لا زالت قائمة ومعمولاً بها. وجاء تصريح السفير السعودي وليد البخاري الذي ربط البيان بالوضع في المخيمات، والمخاوف من امتداده غير مقنع، في ضوء المعطيات التي يعرفها الجميع عن محدودية ما يجري بقياس التأثير على الأمن في المناطق التي يمكن أن يتوجه إليها السياح الخليجيون، لكن تصريح السفير السعودي تضمن رسالة توقف أمامها المعنيون مع قوله إن “السعودية كانت وستكون من أهم المشجّعين للسياحة في لبنان وأن الفترة المقبلة ستثبت ذلك إن توصل اللبنانيون إلى حل أزمتهم”، بما يعني بوضوح وفق المصادر المتابعة ربط التشجيع بما وصفه السفير بتوصل اللبنانيين الى حل أزمتهم، والسؤال يبقى حول مضمون الحل الذي يراد للبنان التوصل إليه، خصوصاً أن اداة التشجيع دائماً ما يكون عكسها أداة للعقاب.
وتحت ضغط مواقف المسؤولين اللبنانيين السياسيين والأمنيين المستغربة لمواقف سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد البخاري وتأكيدها بألا معلومات تؤشر إلى أحداث تؤثر على الأمن العام في البلاد، اضطر البخاري للتراجع عن بيانات السفارة السعودية والدول الخليجية الأخرى، والتوضيح بأن خلفية البيان تتعلق بالأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة.
وأكّد البخاري خلال استقباله رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد أن دعوة السعوديين لمغادرة لبنان أتت على خلفية أحداث مخيم عين الحلوة، وأن المملكة حريصة على مواطنيها أينما وجدوا ولا يمكن أن تفرط بهذا الموضوع، مشيرًا إلى أن المملكة كانت وستكون من أهم المشجّعين للسياحة في لبنان وأن الفترة المقبلة ستثبت ذلك إن توصل اللبنانيون إلى حل أزمتهم.
وأبدت مصادر سياسية عبر «البناء» استغرابها لبيان السفارة السعودية والبيانات التي تلتها، علماً أن كل الدول العربية تدرك الأوضاع في المخيمات الفلسطينية التي تحولت الى بؤر أمنية وموئل للجماعات المتشددة والمتطرفة والارهابية بتدخل من هذه الدول تسليحاً وتمويلاً، فما الجديد الذي دفع السفارات الخليجية لإطلاق هذه التحذيرات العالية السقف والتي سمّمت الأجواء الهادئة وموسم الاصطياف المزدهر وبثت الرعب في نفوس المغتربين والسياح الذين توافدوا إلى لبنان بالملايين لقضاء فترة الصيف؟ وما الذي دفعهم لإطلاق التحذير الساعة 12 ليلاً الذي لم يكن صدفة! وبعد توقف إطلاق النار في عين الحلوة بيومين؟ وأكدت المصادر وجود خلفيات وأبعاد سياسية واقتصادية في بيان السفارات، أولاً للضغط على الملف الرئاسي بعد بيان اللقاء الخماسي لتوتير الأجواء والتلويح بورقة الأمن ضد أي توجه لدى فريق الثنائي حركة أمل وحزب الله لانتخاب رئيس للجمهورية من هذا الفريق بحال أثمرت المشاورات اتفاقاً بين حزب الله والتيار الوطني الحر. وهناك بعد اقتصادي – مالي لتخويف المغتربين والسياح من السفر الى لبنان ومغادرة الأراضي اللبنانية للمزيد من الضغط على العملة الوطنية بسلاح الدولار الذي تعطل بفعل توافد أعداد غير مسبوقة من المغتربين إلى لبنان وبالتالي مليارات الدولارات التي لجمت سعر صرف الدولار في السوق السوداء رغم رحيل حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة.
ويعكس القرار الخليجي وفق المصادر «خربطة» في الوضع الإقليمي بعد دخول معطيات دولية وإقليمية جديدة متأتية من الحرب الأوكرانية – الروسية والصراعات في أكثر من ملف والضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية لتجميع الجبهة الأوروبية – الخليجية – التركية ضد روسيا، لا سيما السعودية ما أحدث هزات متوسطة في الساحة الإقليمية لا سيما على الخط الإيراني الروسي – الأميركي السعودي أثرت على لبنان.
وأكدت مصادر مطلعة على الوضع الأمني لـ»البناء» أن الأمن في لبنان مستقرّ نسبياً ولا داعي للخوف والقلق ومواقف السفارات لا تستند الى معلومات خاصة لا تعرفها الأجهزة الأمنية اللبنانية، ولذلك دعت المصادر اللبنانيين والمغتربين والسياح الى عدم الخوف والاطمئنان الى استقرار الوضع الأمني، لكنها حذرت من قرار خارجي أميركي – إسرائيلي – بتواطؤ قوى إقليمية لتهديد الاستقرار لأسباب سياسية.
وشدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء، على أن «معطيات الأجهزة الأمنية لا تدل على أي وضع أمني استثنائي»، لافتاً الى أن «هناك اضطراباً في مخيم عين الحلوة، وعقدتُ اجتماعاً مطولاً مع القيادة الفلسطينية في لبنان ومسؤولين أمنيين لبنانيين واتفقنا على آلية معينة التزم بها الفلسطينيون، وصدر بيان فلسطيني بهذا الصدد».
بدوره، أعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي بعد ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن المركزي، أنه «تمّ اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لمنع انتقال الاشتباكات إلى خارج مخيّم عين الحلوة وللحفاظ على أمن اللبنانيين والإخوان العرب».
وقال مولوي في مؤتمر صحافي «حرصنا على الموجودين على الأراضي اللبنانية لا يقلّ عن حرصنا على اللبنانيين»، معتبراً أن «لا معطيات أمنية بخروج الأمور في مخيم عين الحلوة عن السيطرة وانتشارها إلى مخيمات أخرى».
وكان وزير الداخلية أوضح في دردشة مع الصحافيين، أن «الدول العربية أصدقاء لبنان وتهمهم مصلحته ولا تخوّف من أحداث أمنية، وبالنسبة لنا علينا حفظ أمن بلدنا ولا يجب أن يمتدّ ما يحصل في المخيمات إلى خارجها». تابع: هناك مجموعات مسلحة في المخيمات وهذا بعهدة الجيش الذي تصرف بدقة وحكمة وقيادة الجيش واعية وتعرف كيف تتصرّف مع الظروف.
كما طمأن وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار في حديث لـ «الوكالة الوطنية» أن «البلد بخير والسياحة بخير، ومن حق أي بلد اتخاذ ما يراه مناسباً لرعاياه، لكن الأمن مستتب والبلد بخير والموسم السياحي بخير، فلنكن إيجابيين وخصوصاً في الإعلام».
وأكد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، في تصريح له من السراي الحكومي، أن «الأمور بردت مع دولة الكويت بعد المؤتمر الصحافي الذي عقدته»، معتبراً أنه «حصل استغلال لتعبير لبناني وأعمل على زيارة قريبة لدولة الكويت وسوء الفهم تبدّد بعد التوضيح من قبلنا».
وعلمت «البناء» من أوساط عليمة أن اتصالات واجتماعات تدور على مستوى رفيع فلسطيني لبناني وعربي للمعالجة السياسية والأمنية لأحداث مخيم عين الحلوة، مؤكدة وجود قرار حاسم لدى السلطة الفلسطينية لوقف القتال وعودة المهجّرين الى المخيم. كما علمت أن التحقيقات توصلت الى أن الجماعات المتشددة هي التي فتحت المعركة في المخيم بدعم من جهات إقليمية، مع تأكيدات لدور أميركي في هذه الأحداث.
وأشار عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمشرف على الساحة اللبنانية عزام الأحمد الى أن «هناك جهات إقليمية وراء الأحداث الأخيرة في مخيم عين الحلوة، والقوى نفسها منزعجة من الاتصالات القائمة بين لبنان وفلسطين لتثبيت الهدنة».
واعتبر الأحمد في حديث تلفزيوني، بأن «هدف من أشعلوا المعارك أبعد من مخيم عين الحلوة والهدف الأمن اللبناني والجانب الفلسطيني جاهز لتسليم السلاح للدولة، لكن هناك مسبّبات تمنع ذلك حتى الآن».
الى ذلك، لم يسجّل الملف الرئاسي أي جديد بانتظار ما سيحمله المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الذي يزور لبنان مطلع أيلول، لكن مصادر واسعة الاطلاع أكدت لـ»البناء» حصول تقدم حثيث على خط الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر، حيث تمّ الاتفاق على العناوين الأساسية لخريطة الطريق على صعيد إدارة الدولة وإنجاز الإصلاحات، وانتقل البحث بالعمق الى برنامج رئيس الجمهورية على كافة الصعد وكيفية تطبيقه بمعزل عن هوية وشخص الرئيس في ظل ليونة تلمس من الطرفين اللذين ينطلقان من المصلحة الوطنية وإنهاء الفراغ ووضع قطار الإصلاح والنهوض والإنقاذ على السكة الصحيحة والاستفادة من بعض الانفراج الإقليمي بتسوية سياسية في لبنان برعاية خارجية.
ورأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أن من «يقاطع مثل هذا الشخص الذي نريده ونختاره لرئاسة الجمهورية هو في الحقيقة لا يريد رئيساً للجمهورية في البلاد، ويريد عن قصد أو عن غير قصد تنفيذ المخطط المرسوم في أن يبقى الفراغ قائماً في لبنان وأن تنهار مؤسساته».
وخلال حفلٍ تأبيني في بلدة جبشيت لفت النائب رعد الى أن «الاسم الذي ندعمه لرئاسة الجمهورية يأتي بضمانتنا، ومنفتح على جميع شركائنا في الوطن، ومن شأنهم إما أن يتبادلوا معه الخدمات والمصالح الوطنية أو أن يقاطعوه».
الى ذلك، واصل مجلس الوزراء البحث في قانون الموازنة العامة للعام 2023 في جلسة عقدها أمس في السراي الحكومي وتمّ رفع الجلسة الى الـ16 من الشهر الحالي للحصول على الأرقام النهائية الدقيقة حول الإيرادات والنفقات ونسبة العجز.
وأشار وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، خلال تلاوته مقرّرات الجلسة، إلى أنه «لم يتمّ التطرّق الى موضوع الاقتراض بالعملات الأجنبية من مصرف لبنان في الجلسة».
ولفت الى أنه «لا خطر على موضوع الرواتب، والحل بالتأكيد سيكون متاحاً، ولم يسبق أن حصل خلل بهذا الموضوع»، مضيفاً «قد يكون أحد المخارج دفع رواتب القطاع العام بالليرة اللبنانية ولكن الموضوع لم يُبتّ بعد».
بدوره، اكد وزير المالية يوسف خليل أن «رواتب القطاع العام مؤمنة وستعقد اجتماعات جدية هذا الأسبوع مع نواب الحاكم للتوصل إلى صيغة بموضوع استقراض الحكومة». وأفيد أن «ما يطرح في موضوع رواتب القطاع العام هو أن يحيلها وزير المال على مصرف لبنان بالليرة وتحوّل بالليرة إلى المصارف الخاصة، والأمر لا يحتاج بهذه الحال لتوقيع نائب الحاكم».
وكشف ميقاتي في هذا الصدد أنني «عقدتُ اجتماعاً مطولاً مع النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري، وكل ما ورد في الصحف لا يمت الى الحقيقة بصلة، وكنا على توافق وتمنّى عليّ أن أبلغكم هذا الموقف. نحن على اتفاق والخطة واضحة ونحن لنا ثقة به، ووزير المالية يوسف الخليل في صدد البحث في الطريقة الأنسب والأسرع لمقاربة الملف».
ويعقد مجلس الوزراء جلسة جديدة الخميس المقبل لمواصلة درسه الموازنة، كما يعقد اليوم في الديمان لقاء وزاري تشاوري.
في السياق، أعلن وزراء المالية والعمل والمهجرين والاتصالات والأشغال والإعلام في حكومة تصريف الأعمال مشاركتهم في لقاء الديمان. في المقابل، قال وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار: لن أشارك في لقاء الديمان إلا إذا وجّه البطريرك الراعي دعوة مباشرة للوزراء وأبواب بكركي مفتوحة أمام الجميع.
وأشارت معلومات «البناء» الى أن الوزراء المحسوبين على التيار الوطني الحر لن يشاركوا في الجلسة، فيما يشارك وزراء المردة وحركة أمل، لكن لم يُعرَف بعد إذا كان الوزراء المحسوبون على حزب الله سيحضرون من باب عدم مقاطعة بكركي أو أنهم سيتضامنون مع التيار الوطني الحر لا سيما أن الجلسة رمزية لا تحمل ملفات ملحة.
وأفادت مصادر إعلامية أنه «من بين المواضيع التي ستبحث في اللقاء التشاوري في الديمان طرح ميقاتي يتناول المثلية الجنسية وضرورة وضع معايير موحّدة تجاه المجتمع المثلي وقضية إدخاله في المناهج التربوية».
قضائياً، أوضحت رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر ما جرى خلال جلسة التحقيق مع المدعى عليه حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة لدى قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت القاضي شربل أبو سمرا بتاريخ 2/8/2023، مؤكدة أنه «لا صحة لما ورد في الصحف بأن القاضية إسكندر غادرت جلسة التحقيق لحصول خلافات بينها وبين القاضي أبو سمرا».
وكشفت أنه «طرحت حوالي 50 سؤالاً على المدّعى عليه بواسطة قاضي التحقيق الأول، وذلك من الساعة الحادية عشرة إلا ربعاً حتى الواحدة والربع، وأكدت لقاضي التحقيق بأنه لم يعُد لديها أسئلة، وطلبت منه إحالة الملف على النيابية العامة الاستئنافية لاستطلاع رأيها، إذ لم يعد لديه أسئلة ليطرحها على المدعى عليه».
وتابع :»خُتمت جلسة التحقيق وتم التوقيع على المحاضر من قبل الفرقاء، فوقّعت عن المدّعية، الدولة اللبنانية، محامية الدولة برتا نعيم وغادر رياض سلامة ووكيله قصر العدل».
على صعيد آخر، لا تزال تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير، تلقي بثقلها على الكيان الإسرائيلي، إذ نشرت صحيفة «إسرائيل اليوم» تقريراً أشارت فيه الى أن الأمن الإسرائيلي يستعدّ لكابوس توحيد الساحات خلال حربه مع حزب لله وأكثر ما يقلقه فاعلية المسيّرات الإيرانية.
وأشارت الصحيفة الى انه «في ظل الصراعات الداخلية داخل «إسرائيل» مع الإصلاح القضائي وضده، تشهد الأحداث الحدودية الشاذة بين «إسرائيل» وحزب الله في الأسابيع والأشهر الأخيرة على ارتفاع بارز في احتمال الحرب على حدود «إسرائيل» – لبنان، ولن تنحصر الحرب هذه المرة، كما تقدر «إسرائيل»، في ساحة واحدة فقط، بل ستكون متعددة الجبهات ومتداخلة، ومن غير المستبعد أن تنضم غزة أيضاً إلى المعركة، وستكون إسرائيل مطالبة بالتصدّي للعمليات في الضفة أيضاً، وعنف وإغلاق طرق داخل الخط الأخضر. وكذا بتهديدات أبعد، ستأتي من إيران أو من دول أخرى في المنطقة».
اللواء:
التحذيرات الخليجيَّة: لا مظلَّة للتلاعب على حافة الهاوية بعد أيلول!
اللقاء الوزاري للتشاور في الديمان يربك الوزراء.. وحزب الله وباسيل يملآن فراغ «التباعدالوطني»
أيقظت رسالة «التحذيرات الدبلوماسية» لدول مجلس التعاون الخليجي، ودعوة رعاياها لتجنب مناطق الاشتباكات قرب عين الحلوة، والمبادرة الى المغادرة فوراً بعضاً من «السبات اللبناني» الموزع بين ارتباك حكومي في ادارة الملفات المالية والادارية من الموازنة بدمج الـ2023 و2024 او اقرار كل واحدة على حدة، مع ان الدستور واضح لهذه الجهة الى كيفية توفير رواتب موظفي القطاع العام والدفع بالليرة او بالدولار، وكيفية اجراء التحويلات، على وقع استمرار الخلاف الفاصل بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحاكم المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري، وكتل نيابية تبحث عن تبريرات لأدائها، فيما حزب الله والتيار الوطني الحر، يحاولان «تقريش» الحوار الجاري بينهما (ولكل حساباته) في عملية داخلية، لم تنجح بعد على وقع مخاوف من «ضربات متبادلة» بين اسرائيل وحزب الله، على الرغم من ان قواعد الاشتباك تتخذ من دمشق واحيائها القريبة مساحة لتبادل الرسائل «الأمنية والسياسية».
والثابت، وفقاً لمعلومات «اللواء» ان «التحذيرات الخليجية» تسحب المظلة العربية والخليجية عن الوضع برمته، اذا ما استمر تلاعب الطبقة السياسية على حافة الهاوية بعد مجيء لودريان في ايلول.
ويتوجه اليوم سفراء الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي الى الجنوب، حيث سيقومون بجولة برفقة اليونيفل عند الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، لمعاينة الوضع عن كثب عشية التمديد لليونيفل لولاية جديدة.
وفي السراي الكبير، كاد مجلس الوزراء ان ينهي مناقشة مشروع موازنة 2023 بعدما أجّل في جلسة امس مناقشة بنود جدول الاعمال التسعة الى جلسة لاحقة، على ان يعقد المجلس حسب معلومات «اللواء» جلستين الاربعاء والخميس المقبلين في16 و17 آب لمواصلة درس الموازنة وللحصول على الارقام النهائية الدقيقة حول الايرادات والنفقات ونسبة العجز. والبحث في بنود جدول اعمال جلسة الامس.
وقد اكد وزير المالية يوسف خليل ان مناقشة المشروع اصبحت في نهايتها، «وهو استكمال لعملية التصحيح والتعافي المالي التي بدأت مع اقرار موازنة عام 2022 والتي تبعتها عدة اجراءات تنفيذية، وأدت إلى تعزيز الواردات المرتقبة لعام 2023 الى حوالي 8-9% من الناتج المحلي بعدما كانت مقدرة بحوالي 6% من الناتج المحلي عام 2022».
وخلال اجتماع عمل عقد في وزارة المال ضمه وممثل صندوق النقد الدولي في لبنان فريديريكو ليما مع وفد من الصندوق، أوضح الخليل «ان الموازنة لم تفرض ضرائب جديدة على كاهل المواطن كما يرى البعض، ولكنها تصححّ قيم بعض الضرائب والرسوم والتراخيص التي أصبحت زهيدة جدا بحيث لا تغطي كلفة الخدمات المقدمة في ظلّ تدهور سعر الصرف، مما اوجب تصحيحها».
مجلس الوزراء
قبل الجلسة، اكد الوزير خليل ان رواتب القطاع العام مؤمنة وستعقد اجتماعات جدية هذا الأسبوع مع نواب الحاكم للتوصل الى صيغة بموضوع استقراض الحكومة. وافادت بعض المعلومات ان المخرج لدفع الرواتب لموظفي القطاع العام قد يكون في أن يحيلها وزير المال على مصرف لبنان بالليرة وتحوّل بالليرة إلى المصارف الخاصة والأمر لا يحتاج بهذه الحال لتوقيع حاكم المركزي بالإنابة.
وفي مستهل جلسة مجلس الوزراء، ابلغ رئيس الحكومة الوزراء ان جدول الاعمال سيتم ارجاؤه الى الجلسة المقبلة، وان البحث سيقتصر فقط على مشروع قانون الموازنة على امل الانتهاء منه في هذه الجلسة. اما موازنة العام ٢٠٢٤ فهي قيد الاعداد للبدء بمناقشتها بالتوازي مع انجاز مشروع موازنة العام ٢٠٢٣، على ان يكون القرار لمجلس النواب بدمج الموازنتين معا او درسهما على حدة.
وقال رئيس الحكومة: ان وزير التربية طلب اصدار مرسوم بدورة استثنائية للامتحانات للشهادتين المتوسطة والثانوية بفروعها الاربعة سيتم اصداره نظرا لضيق الوقت. وفعلاً حدّد المرسوم يوم ٢٣ آب موعداً للدورة الثانية للامتحانات الرسمية.
وتابع رئيس الحكومة : عقدت يوم السبت اجتماعا مطولا مع النائب الاول لحاكم مصرف لبنان، وكل ما ورد في الصحف اليوم لا يمت الى الحقيقة بصلة، وكنا على توافق وتمنى عليي ان ابلغكم هذا الموقف. نحن على اتفاق والخطة واضحة ونحن لنا ثقة به، ووزير المالية في صدد البحث في الطريقة الانسب والاسرع لمقاربة الملف. ونتمنى على وزير المالية تزويدنا بالارقام المتعلقة بحقوق السحب الخاصة لأننا لا نريد حصول اي امر يتعلق بالرواتب والادوية في شهر آب، مع كشف حساب واضح بكل المبالغ التي صرفت ووجهة صرفها.
وكرر شرف الدين في تصريح لـ«اللواء» أنه سيشارك في اللقاء التشاوري اليوم في الديمان لانه اولاً لقاء تشاوري وليس مجلس وزراء، وثانيا لأنه سيناقش موضوع النازحين السوريين في لبنان.
ولفتت مصادر وزارية إلى أن الاجتماع لا يحل مكان مجلس الوزراء على الإطلاق إنما هو يحمل صفة التشاور مع سيد بكركي الذي ستكون لديه استفسارات بشأن بعض الملفات والعمل الوزاري.
من جانبها، اكدت اوساط حكومية ان اللقاء اليوم للتشاور في ملفات راهنة وضرورية لتمتين «الوحدة الوطنية».
ونفت ما يتم بثه من شائعات واقاويل كاذبة، عن ان اللقاء سيتناول ملفات غريبة عن المجتمع وتعديل المناهج التربوية في شأنها، مشيرة الى ان تعميم هذه الاخبار يندرج باطار التشويش ليس إلا.
اضاف: في ما يتعلق بالبيانات التحذيرية الصادرة عن دول مجلس التعاون الخليجي ، فان معطيات الاجهزة الامنية لا تدل على اي وضع امني استثنائي.هناك اضطراب في مخيم عين الحلوة، وبالامس عقدت اجتماعا مطولا مع القيادة الفلسطينية في لبنان ومسؤولين امنيين لبنانيين، واتفقنا على آلية معينة التزم بها الفلسطينيون، وصدر بيان فلسطيني بهذا الصدد.
وعلمت «اللواء» ان المجلس قرر تفويض وزير المال تكليف بعض موظفي الدوائر العقارية التابعين للمدرية العامة للشؤون العقارية من اجل انجاز المعاملات المتراكمة في دوائرجبل لبنان، على ان يتم العمل خارج الدوام الرسمي، ويصار الى اعطائهم بدل اتعاب عن اعمالهم. كما تقرر صرف سلفة حزينة بقيمة 12 مليار ليرة لمديرية الشؤون العقارية لتسديد بدل الاتعاب. وصدرالمرسوم وكالة عن رئيس الجمهورية بعدما تنازل الوزراء عن الحق في طلب اعادة النظربالقرار.
وبعد الجلسة قال وزير الاعلام زياد مكاري: تقرر تعيين جلسة في ١٦ الجاري للبت النهائي بالموازنة بعد تعديل الارقام.
وردا على سؤال قال: لم يتم التطرق الى موضوع الاقتراض بالعملات الاجنبية من مصرف لبنان في الجلسة.
واضاف ردا على سؤال: لا اعتقد ان هناك خطرا على موضوع الرواتب، والحل بالتأكيد سيكون متاحاً، ولم يسبق ان حصل خلل بهذا الموضوع.
وردا على سؤال قال: قد يكون احد المخارج دفع رواتب القطاع العام بالليرة اللبنانية ولكن الموضوع لم يُبتّ بعد.
وعن موضوع اضراب تلفزيون لبنان قال: ليس هناك مشكلة في التلفزيون، لأن الاموال موجودة، كما ان الاضراب أعلن بعدما اتينا بالاموال.
ويعقد اليوم في الديمان لقاء وزاري تشاوري بحضور المطارنة الموارنة، للبحث في موضوعي عودة النازحين السوريين وما يثار حول الشذوذ الجنسي وتشريعه بقانون، يحضره وزراء المالية والعمل والمهجرين والاتصالات والاشغال والاعلام. فيما قال وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار: لن أشارك في لقاء الديمان إلا إذا وجه البطريرك بشارة الراعي دعوة مباشرة للوزراء وأبواب بكركي مفتوحة أمام الجميع.
وقال الوزير شرف الدين لـ «اللواء»: ان البطريرك الراعي سيزور الفاتيكان قريباً وسيطرح المساعدة في موضوع عودة النازحين، ما يدعم موقف لبنان في مواجهة قرار دول الاتحاد الاوروبي والبرلمان الاوروبي، الذي دعا الى بقاء النازحين في لبنان ودمجهم في المجتمع اللبناني.
من جهته أبدى وزير الصناعة جورج بوشيكيان لـ«اللواء» ترحيبه بهذا اللقاء الذي ينعقد تحت قبة البطريركية المارونية، وأكد انفتاحه على كل من شأنه أن يعكس صدى إيجابيا في البلد، معلنا أن الاجتماع أساسي لجميع المكونات والبطريركية تشكل مرجعية أساسية في البلد.
بخاري: المملكة أمَّنت مظلة دولية للبنان
على صعيد التحذيرات الخليجية للرعايا، أكّد سفير المملكة العرية السعودية وليد البخاري «أن دعوة السعوديين لمغادرة لبنان أتت على خلفية أحداث مخيم عين الحلوة، وأن المملكة حريصة على مواطنيها أينما وجدوا ولا يمكن أن تفرط بهذا الموضوع، والمملكة كانت وستكون من أهم المشجعين للسياحة في لبنان وان الفترة المقبلة ستثبت ذلك إن توصل اللبنانيون إلى حل أزمتهم.
كلام بخاري جاء خلال استقباله وفداً من «التجدد للوطن» برئاسة شارل عربيد، وسلمه الورقة السياسية الأولى الصادرة عن التجدد. وناقش المجتمعون سبل الخروج من الأزمة الداخلية في لبنان من خلال ما سيقوم به الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في المرحلة المقبلة مكلفا من لقاء الدول الخمس لجهة التأكيد على المعايير التي تسمح بتقريب وجهات النظر بين اللبنانيين. وجرى التأكيد على أهمية اتفاق الطائف واحترام تطبيقه.
وأشار السفير البخاري في هذا الإطار إلى «المظلات الدولية التي أمنتها المملكة للبنان، وأبرزها لقاء الدول الخمس، وما سبقه من بيان ثلاثي سعودي فرنسي أميركي والقمة الفرنسية السعودية».
مجلس الأمن المركزي إجتماعات مفتوحة
والبارز على صعيد المعالجات الامنية ان مجلس الامن المركزي يتجه الى عقد اجتماعات مفتوحة لمواكبة الاوضاع الامنية، وعدم السماح بحدوث خروقات او اعتداءات.
واعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي انه «تم اتخاذ كل الاجراءات الضرورية لمنع انتقال الاشتباكات إلى خارج مخيّم عين الحلوة وللحفاظ على أمن اللبنانيين والإخوان العرب». وقال مولوي في مؤتمر صحافي بعد اجتماع مجلس الأمن الداخلي المركزي: حرصنا على العرب الموجودين على الاراضي اللبنانية لا يقل عن حرصنا على اللبنانيين. ولا معطيات أمنية عن خروج الأمور في مخيم عين الحلوة عن السيطرة وانتشارها إلى مخيمات أخرى.
وشدد مولوي على انه «لا مساومة على تطبيق القانون ولن نقبل أن ننجر إلى مكان آخر، ولبنان ليس صندوق بريد ولن نسمح بأن يكون مسرحاً لتوجيه رسائل».
وكان الوزير مولوي قد اوضح في دردشة مع الصحافيين، أن الدول العربية أصدقاء لبنان ويهمهم مصلحته ولا تخوّف من أحداث أمنية، وبالنسبة لنا علينا حفظ أمن بلدنا ولا يجب أن يمتد ما يحصل في المخيمات إلى خارجها. وقال مولوي: المطلوب عدم وجود أي مسلح على الأراضي اللبنانية ونحن لا ننفذ أجندات أحد.
أضاف: لا نقبل التفلّت الأمني في لبنان وأي دعم لفصائل مسلحة أمرٌ مرفوض ونرفض السلاح المتفلت ولا نقبل أي تعرض لأمن اللبنانيين أو العرب في لبنان.
تابع: هناك مجموعات مسلحة في المخيمات وهذا بعهدة الجيش الذي تصرف بدقة وحكمة وقيادة الجيش واعية وتعرف كيف تتصرف مع الظروف.
الاخبار:
التحذيرات الخليجية ضغوط لا مخاوف: الرياض تعود إلى التشدد رئاسياً
التحذيرات التي صدرت عن دول مجلس التعاون الخليجي لرعاياها، سواء بوجوب المغادرة فوراً أو الالتزام بقرار منع السفر إلى لبنان، بقيَت مليئة بالغموض. ولليوم الرابع على التوالي، لم يكُن بالإمكان إقناع أحد من القوى السياسية بأن البيانات كما خرجت – بتوقيتها (ليلاً) وصيغتها وعلانيتها – مربوطة حصراً بمعارك مخيم عين الحلوة التي هدأت «مبدئياً» كما قال السفير السعودي وليد البخاري. فالسلوك السياسي السعودي يشي بأن الرياض، والمحور المعادي للمقاومة بشكل عام، مصرّان على تحقيق مكاسب في الساحات كافة، وهي مكاسب من النوع الذي يستلزم مكاسرة. وعليه تتوقّف هذه القوى في ما خصّ لبنان عند إشارات متعددة:
– الأولى تتعلق بسلوك المملكة. قبلَ الاتفاق الإيراني – السعودي برعاية صينية، تصرّف السعوديون بحيادية سلبية على قاعدة أنهم غير معنيين بما يجري في لبنان، وبعدَ الاتفاق، عادوا قليلاً إلى الوراء لإبداء «النوايا الحسنة» من دون إعطاء إشارة جدية للمساعدة. بعدها حصلت تطورات كثيرة في المنطقة، تبدأ باهتزاز التفاهم في اليمن ولا تنتهي عند حقل الدرة في الكويت وتراجع الحماسة للتطبيع مع سوريا وتأجيل فتح السفارة، وكان لا بدّ لهذه التطورات أن تلفح الملف اللبناني. وفي لقاء الدوحة الأخير (17 تموز الماضي) ظهرت نذر التشدّد في التعامل مع لبنان، عبر التهديد باتخاذ إجراءات ضد المعرقلين لانتخاب رئيس جديد. ويومها، تسرّب عن اللقاء الخماسي أن ممثل المملكة كانَ الأكثر عدائية وسلبية في الحديث عن الضغط وهو من اقترح منع السياح من المجيء إلى بيروت.
– الثانية مرتبطة بالتناقض في التعامل مع المبادرة الفرنسية، ولا سيما في ما يتعلق بفكرة الحوار. فقد بات واضحاً أن الرياض غير متحمّسة للدور الفرنسي ولا تريد أن تكون منخرطة في أي حل، وهي لا توفّر جهداً لضرب الجهود التي يقوم بها المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، خصوصاً في ما يتعلق بالدعوة إلى الحوار. وبينما تعلن السعودية أن الانتخابات الرئاسية شأن لبناني، ترفض الحوار العام «خشية استغلاله لضرب الطائف»، علماً أن لودريان حينَ أتى إلى لبنان قبل أسبوعين أكّد أنه يتكلم باسم الدول الخمس لا باريس فقط.
– الثالثة تخص الجبهة السياسية الممتدة من الرياض حتى واشنطن مروراً ببيروت والعاملة ضد حزب الله، والتي لا يُمكِن التعامل معها على أساس أنها «منفصلة» عن بعضها. فالماكينة الإعلامية – السياسية لا تتوقف عن تحميل الحزب مسؤولية كل ما يحصل في البلد، وصارَ «الموضة» أخيراً في شمل الثنائي الشيعي واتهامه وحده بتعطيل البلد وإيصاله إلى الانهيار الكامل.
مرجع سياسي: عودة إلى الحديث عن عزل الطائفة الشيعية ومحاصرتها داخلياً وخارجياً
وفي هذا السياق، نُقل عن مرجع سياسي بارز قوله بأنّه لمس في الفترة الأخيرة العودة إلى الحديث عن عزل الطائفة الشيعية، والعمل على محاصرتها داخلياً وخارجياً، واضعاً في هذا السياق بيان لجنة الخارجية في الكونغرس الأميركي الذي طالب الرئيس الأميركي جو بايدن في ذكرى 4 آب بالضغط على الرئيس نبيه بري. وقال المرجع إن الحملة التي تطالب بفرض عقوبات على بري ترد في سياق «العزل» الذي يسعى إليه البعض. وأضاف المرجع أن النواب اللبنانيين الذين زاروا واشنطن قبل مدة، لعبوا دوراً في التحريض على رئيس المجلس بوصفه «أداة بيد حزب الله»، ودعا إلى التعامل مع هذا الأمر بكثير من الدقة والانتباه لأن «أثمانه كبيرة».
من جهته، دعا وزير الداخلية بسام المولوي إلى عقد سلسلة من الاجتماعات لمجلس الأمن المركزي لمراجعة الوضع الأمني في البلاد من نواحٍ عدة، على أن يقدّم الجيش تقريراً مفصّلاً عن واقع المخيمات، خصوصاً بعد معارك عين الحلوة، وذلك ربطاً بمعطيات حذرة لدى الحكومة ولدى عواصم خارجية من احتمال تجدّد الاشتباكات وتوسّعها إلى مخيمات أخرى.
تهديدات إسرائيل للبنان… أهداف بلا حروب
بالغت إسرائيل، بل أفرطت في المبالغة، في الحديث عن إمكانات الحرب في مواجهة حزب الله لأهداف ردعيّة لم تتحقّق، ولم تغيّر في تموضع الطرف الآخر ونياته بالردّ على اعتداءاتها وتجاوزاتها، وفي استمراره في التعبير ميدانياً عن وجوده العسكري والأمني على طول الحدود مع فلسطين المحتلة. لا بل إن التهديدات التي شارك فيها كبار قادة الكيان وصغارهم، ومَن بينهم، رتّبت أثماناً على إسرائيل. إذ إنّ هلع مستوطنيها في الشمال من الحرب، وإدراكهم حجم الأذى الذي سيلحق بهم جرّاءها، ألزم تل أبيب التراجع و«توضيح» تقديراتها لطمأنة مستوطنيها، ولو أدى ذلك إلى مزيد من تآكل الردع في مواجهة حزب الله.
مع ذلك، تستمر التهديدات، وقد تكون هذه هي حالة الردع المتبادل الذي يعدّ بالنسبة إلى الأضعف – مادياً وعسكرياً – نصراً متواصلاً بلا انقطاع، وبالنسبة إلى الأقوى هزيمة مستمرة. وهذه المعادلة هي ما تفتقد إلى التظهير رغم أهميتها القصوى في تحليل الواقع وتقدير ما سيلي من أحداث ووقائع، ومن بينها التهديدات الإسرائيلية المتتالية. والمواجهات غير الصاخبة التي تبقى ما دون التسبب في مواجهات عسكرية، الجانبان غير معنيين بها، تكشف للطرفين والجمهورين حدود قواعد الاشتباك، وتبيّن أن هذه القواعد أكبر وأوسع وأشمل مما كان يُعتقد، وهو ما لا يتوافق مع مصلحة تل أبيب في إبقاء الضبابية حول هذه المعادلة، في حين أن انكشافها يزيد من توثّب حزب الله في حالات تتعلق بانتزاع الحقوق أو الردّ على اعتداءات.
إلا أنّ نتيجة التهديدات باتت مغايرة لمقصدها، ولم تعد تؤثر كثيراً في الوعي الجمعي لجمهور المقاومة، وبطبيعة الحال ليس لدى صاحب القرار في حزب الله. وهذه نتيجة طبيعية جداً في مقابل أي جهة عدائية تهدّد كثيراً وتفعل قليلاً، وفي الحالة الإسرائيلية – اللبنانية، تكاد تل أبيب لا تفعل شيئاً رغم كثرة تهديداتها.
يقع عدد من المحللين في خطأ تحليل الواقع وتقدير ما يليه، لأنهم يكونون أسرى الحديث عن تفاصيل تهديد معيّن وعن مناسبته وظرفه، ما لا يوصل إلى فهم تموضع إسرائيل الآني، وهو الأهم، وتحديداً إمكان نشوب مواجهة محدودة أو واسعة. وهذا يوجب العودة أعمق قليلاً للبحث في نقطة التحول التي بدأ منها إطلاق التهديدات، وفي المقاصد بناء على سياقات أوسع وأشمل.
واحدة من الأخطاء هي القراءة التلقائية للتهديدات الإسرائيلية على أنها إشارة إلى قرب نشوب حرب أو اعتداء محدود. وهو تحليل بات ممجوجاً، ولم يعد يفي بالغرض منه، إذ إنه قائم على عوامل ترتبط بالماضي وظروفه ومكوّناته عندما كانت إسرائيل تعمل وفقاً لتشخيص المصلحة، فيأتي العمل وفقاً للتشخيص ويتناسب مع توقعات تكاد تكون متطابقة مع الواقع. أما اليوم، فقد باتت الأمور مغايرة، وما يحكم قواعد الاشتباك التي ثبتت صلابتها عبر السنوات الماضية، هو أنه ليس كل تهديد يصدر عن إسرائيل يعني ما يعنيه، وأنه سيُترجم أفعالاً. صحيح أنه لا يزال في الإمكان تقدير المصالح الإسرائيلية، لكن لم يعد ممكناً تقدير كيف ستحقق إسرائيل هذه المصالح أو ما إذا كانت قادرة على تحقيقها بالمطلق.
المتغير الرئيس في كل ذلك هو قدرة الطرف الآخر، حزب الله، على إيذاء إسرائيل رداً على اعتداءاتها، ما يدفعها للموازنة بين العمل الاعتدائي وبين المنفعة المحققة منه. وقد بلغت القدرة على الإيذاء مستوى عالياً جداً من شأنه أن يجعل من مجرد منع وقوع الحرب واحدة من أهم المصالح الإسرائيلية.
طبيعي جداً ألا يعود للتهديدات تأثير عندما تهدّد كثيراً وتفعل قليلاً أو لا تفعل شيئاً كما هي حال إسرائيل
فالحرب في مواجهة حزب الله لم تعد خياراً أو وسيلة لتحقيق أهداف، بل بات منع وقوعها هو الهدف لمنع الأذى عن إسرائيل، والفارق كبير بين الحالتين. مع ذلك، لا يزال كثير من الكتبة والمحللين والسياسيين أسرى معطيات الماضي، عندما كانت إسرائيل تقرر، وتنفّذ ما تقرّره.
في التهديدات الإسرائيلية، هناك تهديدات ناجمة عن خشية من توثّب الطرف الآخر ونيته الإقدام على الإضرار بمن يهدّد، فيأتي التهديد لمنع الأذية أو الحدّ منها؛ وهناك الردّ التهديدي على تهديدات «فعلت فعلها» بين المستوطنين وأثارت قلقهم. فيرى صاحب القرار نفسه مضطراً، رغم التبعات السيئة على المصالح الإسرائيلية، إلى الردّ بتهديدات مقابلة لتظهير القدرة والجهوزيّة؛ وهناك تهديدات تهدف إلى منع الطرف الآخر من القيام بما لا يتناسب مع المصالح الإسرائيلية، ليس في الإضرار أو الأذية المباشرة، بل مثلاً في تعظيم القدرة على الأذية بما يقيّد هامش المناورة الإسرائيلية في لبنان. وهي تهديدات ذات أهداف خاصة بها، تنتهي بانتهاء مفعولها وما تتسبب به: إذا تراجع الآخر تكون التهديدات نجحت في تحقيق أهدافها، وإذا لم يتراجع، فلا تعني أن أفعالاً ستعقبها، بل تتجوّل – كما باتت العادة الإسرائيلية – من التهديد إلى الاحتواء السلبي بلا أفعال.
في المقابل، هناك تهديدات تشير إلى نيات اعتدائية، لكنها تهدف إلى منع الطرف الآخر من الرد إذا نفّذت إسرائيل تهديداتها، أو إلى أن يكون الرد شكلياً؛ كما توجد تهديدات هي بمثابة تمهيد الأرضية الميدانية للعمل العسكري الذي هو موضوع التهديدات.
على ما ورد، فإن التهديد الذي تعقبه أفعال هو واحد من أصناف عدة من التهديدات، لكنه معيوب: إن أرادت إسرائيل الحرب فلن تهدد بها وتنذر أعداءها مسبقاً بما يعطي الطرف الآخر، القادر على أذيّتها، فرصة الاستعداد للمواجهة.
العدو يضرب «خبط عشواء» في الضفة: وهم استعادة الردع
بحث جيش الاحتلال، عقب عملية تل أبيب التي نفّذها الشهيد كمال أبو بكر وأسفرت عن قتل عنصر أمن، عن ردّ سريع يمسح العار الذي لحق بالمؤسسة الأمنية، وخصوصاً مع الانتقادات اللاذعة التي وُجّهت إلى الأخيرة من قِبل المستوطنين ووسائل الإعلام. وفي هذا السبيل، جاءت عملية اغتيال 3 مقاومين، هم براء القرم ونايف أبو خويص ولؤي أبو ناعسة قرب بلدة عرابة جنوب جنين، بهدف استعادة شيء من الردع، على الرغم من كونها تصفية وحشية، حاول العدو تغليفها بقالب أمني استخباراتي لتضخيم الإنجاز، من خلال الادّعاء أنها جاءت لإحباط عملية فدائية كبيرة. وبحسب المعطيات والظروف التي أحاطت بالاغتيال، فإن الأخير استهدف الانتقام واستعراض القوة ليس إلا؛ إذ أظهر مقطع فيديو وثّق تنفيذ الجريمة بواسطة مجموعتَين، إحداهما من الوحدة الخاصة التابعة لشرطة الاحتلال «يمام»، وثانيتهما من جيش العدو وجهاز «أمنه العام» (الشاباك)، كانتا تحتميان خلف مركبتين تحملان لوحتَي ترخيص فلسطينيتَين، وأطلقتا أكثر من 100 رصاصة على المركبة الفلسطينية الصغيرة التي كانت تبعد أمتاراً قليلة عنهما، بحيث كان بإمكانهما اعتقال الشبّان الذين على متنها.
وفي مقابل تلك المشاهد، ادّعى الناطق باسم جيش الاحتلال، دانيال هغاري، أن قواته كانت عازمة على إعدام الشبّان الثلاثة ميدانياً، ولم تسعَ إلى اعتقالهم، قائلاً: «علمنا أن هناك ثلاثة إرهابيين كانوا يخطّطون لشنّ هجوم في الطرق القريبة من المستوطنات الإسرائيلية»، مضيفاً أنه «لم تكن هناك نيّة لإيقافهم، فبمجرّد تحديد الوسائل والنية لديهم، وأنهم في طريقهم لتنفيذ هجوم، كانت المهمّة هي القضاء عليهم». على أن هذه المزاعم بدت «هوليودية» تماماً، ورامية إلى امتصاص الغضب على الجيش والحكومة، وخصوصاً أن الاغتيال أعقب عملية تل أبيب بساعات، وتزامن مع عقد المجلس الوزاري المصغّر جلسة لتقييم الأوضاع الأمنية، فضلاً عن أنه لا يُعقل توجّه 3 مقاومين لتنفيذ عملية كبيرة، كما ادّعى الاحتلال، ببندقية واحدة فقط ومن دون وسائل قتالية أخرى. ومن هنا، يعتقد المختصّ في الشأن الإسرائيلي، سعيد بشارات، أن «عملية الاغتيال جاءت للتغطية على ما حدث في تل أبيب»، لافتاً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «جيش الاحتلال كانت لديه معلومات حول هؤلاء الشبان، ورأى أن التوقيت مناسب لتنفيذ العملية لتسجيل نقطة لصالحه بعد الفشل الكبير في منع عملية تل أبيب».
وإذا كان الاغتيال متوقَّعاً بعد هجوم تل أبيب، ولا سيما مع فشل جيش الاحتلال منذ عامين في ترميم قوّة درعه، فضلاً عن اجتثاث المقاومة في الضفة، على رغم العمليات العسكرية التي أطلقها منذ «كاسر الأمواج» مروراً بالعدوان الواسع على مخيم جنين ومن ثمّ مخيم نور شمس، وعودته إلى تنفيذ اغتيالات باستخدام الطائرات المروحية، فقد استثارت عملية التصفية الأحدث مخاوف لديه من ردّ المقاومة، وخصوصاً أن الأخيرة تعهّدت بأن الرد «قادم وكبير». ولذا، استعدّ العدو لاحتمالية إطلاق صواريخ من قطاع غزة، عبر رفع حالة التأهب في مناطق انتشار «القبة الحديدية» في مدن «أسدود» و«عسقلان» و«سديروت»، كما استنفر قواته في الضفة وعلى طول جدار الفصل العنصري. وكانت توعّدت حركة «حماس» بـ«الردّ الكبير» على عملية الاغتيال، بينما أكدت حركة «الجهاد الإسلامي» أن «العدو سيدرك عمّا قريب أن حماقاته ستُقابَل بردّ قوي من المقاومة، وأن سرايا القدس لا تفرّط أبداً بدماء مجاهديها وقادتها».
ناقش المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر اتّخاذ خطوات لمساعدة السلطة الفلسطينية
وتبدو خيارات الردّ مفتوحةً أمام المقاومة، سواءً بعمليات إطلاق نار تستهدف الجنود أو المستوطنين أو الحواجز العسكرية، أو عمليات في الداخل المحتلّ، من دون استبعاد عودة الفصائل إلى تنفيذ هجمات تفجيرية داخل الخطّ الأخضر. وفي هذا الإطار، يرى بشارات أن «الردّ لن يكون من غزة كما توقّع الاحتلال، الذي أراد ذلك لنقل المعركة من الضفة إلى غزة، وهذا يعود إلى وعي الفصائل التي ترى أن تركيز الأوضاع في الضفة أفضل للحالة الفلسطينية وأكثر تأثيراً على العدو»، مضيفاً أن «تطوّر الأحداث وتصاعد المقاومة في الضفة يفتحان باب الردّ على مصراعَيه بكلّ الأشكال والطرق، فكما شهدنا عملية إطلاق نار في تل أبيب، قد نرى غداً عملية تفجيرية في الداخل، خاصة مع تطوّر صناعة المتفجرات والعبوات في الضفة». ويلفت إلى «فشل الاحتلال في وأد المقاومة وتقييدها ومنع انتشارها»، متابعاً أن «الحالة في الضفة متطوّرة دوماً، وتتصاعد بشكل متسارع، خاصة أن هناك استفزازات من المستوطنين وعمليات قتل من قِبلهم ومن قِبل الجيش الذي يوفّر لهم حماية. وبالتالي، فإن الردود ستتركّز في الضفة الغربية لأن أيّ ردّ آخر سيكون له تأثير سلبي على الأخيرة».
ووسط النشوة التي تعتري المؤسسة العسكرية عقب عملية الاغتيال، قال موقع «واللا» العبري إن الجيش سيمنح الضوء الأخضر لتوسيع نطاق عمله في الضفة، عبر تنفيذ اغتيالات على غرار ما جرى في جنين، ناقلاً عن مسؤولين عسكريين قولهم إن عملية مساء الأحد «كانت البداية فقط»، وإن ثمّة توجّهاً لـ«ضرب البنية التحتية للإرهاب، وتنفيذ عمليات في قلب جنين في المستقبل، مع التركيز على المخيم». وأضاف هؤلاء أن «ما حدث لعرين الأسد في نابلس، سيتمّ فعله ضدّ كتيبة جنين»، مستدركين بأن «القتال ضدّ المسلحين في مخيم جنين قد يستمرّ لبعض الوقت، وربّما لعدّة أشهر أخرى».
وبالتزامن مع التصعيد العسكري الذي تلوّح به حكومة الاحتلال ضدّ المقاومة في الضفة، ناقش المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر اتّخاذ خطوات لمساعدة السلطة الفلسطينية، استجابة لضغوطات أميركية في هذا المجال. ومن بين التسهيلات التي ناقشها «الكابينت» مساء الأحد، تجميد سداد السلطة للديون المقدَّرة بحوالي 500 مليون شيكل لمدّة عام، وتوسيع جسر اللنبي (تمديد ساعات العمل على جسر الكرامة وجسر الملك حسين)، والترويج لمنطقة ترقوميا الصناعية في الخليل. وكشفت «القناة الـ13» الإسرائيلية أن «قرار رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عرض التسهيلات المخطَّط تقديمها للسلطة الفلسطينية على وزراء الكابينت، جاء نتيجة للضغط الأميركي»، لافتةً إلى أن المجلس المصغّر، الذي لم يشهد تصويتاً على المقترح، فوّض نتنياهو، ووزير الحرب يوآف غالانت، اتّخاذ قرار في شأنه، فيما يُتوقّع الإعلان رسمياً عن الخطوات المتّخذة حيال رام الله، خلال الأيام المقبلة.
بوادر تدخّل عسكري في النيجر: أزمة جديدة تنتظر «الساحل»
مرّ يوم أوّل من أمس على النيجر، وسط حالة من الترقّب، فرضتها نهاية المهلة غير التقليدية التي أعطتها قمّة «الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» (إكواس) لقادة الانقلاب، لإعادة الرئيس المعزول، محمد بازوم، إلى منصبه، والتراجع عن الاستئثار بالسلطة. وفيما تصدّرت عناوين نهاية المهلة، وما سيليها من تدخُّل عسكري محتمل من قِبَل قوات المجموعة، أو تمديد «فرصة الحلّ السلمي»، واجهة المشهد، بدت لافتة مشاركة عشرات آلاف النيجريين في تجمّع في العاصمة نيامي، دعماً للانقلاب في مواجهة تهديدات «إكواس» بالتدخّل العسكري، وإدانة ما سمّوها «النوايا الإمبريالية» لفرنسا تجاه بلادهم.
ما بعد مهلة «إكواس»: فتح أبواب جهنّم في الساحل؟
بدت مواقف باريس وواشنطن الداعمة بقوّة، وبتفويض غير مشروط، لقمّة «إكواس» المعنيّة بأزمة النيجر، بمثابة توكيل غربي لقادة المجموعة الكبار (نيجيريا، غانا، والسنغال تحديداً) بالتدخّل العسكري لتسوية الأزمة. وهكذا، نحت فرنسا، التي أعلنت النيجر قطع علاقاتها الديبلوماسية معها إلى جانب الولايات المتحدة ونيجيريا وتوغو، نحو سياسة إنكار الأمر الواقع، معلنةً، في الرابع من الجاري، رفْضها سحْب قواتها من هذا البلد، بدعوى أن «الإطار القانوني لتعاونها مع النيجر في مجال الدفاع، قائم على اتّفاقات عُقدت مع سلطات النيجر الشرعية». ويشير هذا الموقف، والكاشف عن تراجع الديبلوماسية الفرنسية في أفريقيا إلى مستويات دنيا، إلى احتفاظ باريس بورقة التدخّل العسكري المباشر لرعاية مصالحها في النيجر وإقليم الساحل عامّةً.
ومع إكمال قادة «إكواس» (4 آب) وضع خطّة للتدخّل في النيجر، وحثّهم جيوش الدول الأعضاء على توفير الموارد اللازمة للتحرّك «عقب توقّف المفاوضات مع المجلس العسكري»، يبدو أن الأمور تتّجه نحو التصعيد، بصرف النظر عن التكاليف الباهظة للعملية المرتقبة، والتي أَعلن مبعوث «إكواس» للشؤون السياسية والسلم والأمن، عبد الفتاح موسى، عن اكتمال كل عناصرها، بما في ذلك «التوقيت والموارد المطلوبة وكيفيّة وموقع ووقت نشر مثل هذه القوّة». وتحسُّباً لهذه التهديدات الجدّية، أعلن «المجلس العسكري» الحاكم في النيجر (مساء 6 آب)، قراره إغلاق المجال الجوي للبلاد، فيما تحدّث ممثّل عنه عن انتشار مسبق لقوات «إكواس» في بلدَين من بلدان وسط أفريقيا، استعداداً للتدخّل العسكري، في إشارة على ما يبدو إلى رواندا التي سبق أن أرسلت بالفعل قوات عسكرية إلى بنين المجاورة، قوامها نحو ألف جندي، بناءً على طلب الأخيرة لمواجهة تهديدات داخلية.
ويمكن استشراف إقدام «إكواس»، مدعومةً بقوّة قتالية متطوّرة من رواندا في الغالب – بحسب تلميحات «المجلس العسكري» -، وغطاء جوّي من القوات الغربية، على عملية خاطفة في الأيام القليلة المقبلة في جنوب النيجر (حيث تقع نيامي على بعد نحو 300 كيلومتر فقط من شمال بنين وشمال غرب نيجيريا التي تمتدّ حدودها مع النيجر على مساحة تتجاوز الـ 1500 كيلومتر) لا تستهدف الحسم في المقام الأول، بقدر ما تروم خلْق واقع جديد يبطّئ مسار الانقلاب، ويكرّس (مرحليّاً على الأقلّ) خلْق أزمة أمنية مزمنة تستنزف على مدى أبعد هذا المسار بالكامل، ولا تكترث للتصعيد السلبي الذي قد يَنتج من سيناريو كهذا في إقليم الساحل وأطرافه، سواء في شمال أفريقيا أو دول غرب القارة.
النيجر والورقة الروسية
تصدّر الدور الروسي المحتمل في دعم انقلاب النيجر، مشهد الأزمة الراهنة، على رغم الفتور الواضح في تعليقات الكرملين والحكومة الروسية إزاءها. ورأت موسكو، في موقف مبدئي، أن «التدخّل الأجنبي لن يحلّ الأزمة»، محذّرة من أيّ تدخّل من هذا القبيل، بعدما دعت في أكثر من مناسية إلى العمل على تهدئة الأوضاع في هذا البلد. لكن توقيت الانقلاب عشية قمّة روسيا – أفريقيا، والتقارير الغربية المكثّفة حول زيارة الجنرال النيجري ساليفو مودي لمالي وتواصله هناك «مع أحد مسؤولي فاغنر» طلباً لدعم المجموعة الروسية لنيامي في الفترة المقبلة، قدَّم رسائل مضطربة حول «تورّط روسيا» في الانقلاب.
طالت سياسات فرنسا الأفريقية في السنوات الأخيرة، اتّهاماتٌ بالعشوائية والجنوح إلى تكريس الوضع القائم
ويمثّل الاقتراب الروسي من النيجر، التي تضمّ عدداً من أكبر القواعد الأميركية والغربية في القارة الأفريقية، هاجساً رئيساً، وبأبعاد «مكارثية» واضحة للقوى الغربية، بعد نجاح موسكو الملموس في توطيد العلاقات مع دول في غرب أفريقيا، أبرزها مالي وبوركينا فاسو وغينيا. وعلى رغم اللهجة الأميركية المتشدّدة إزاء تسوية الأزمة في النيجر، ثمّة بوادر أوّلية إلى وجود بدائل لواشنطن غير التدخّل العسكري. فبعد تواصل القيادة العسكرية الأميركية مع قادة الانقلاب في نيامي، منذ الساعات الأولى لوقوعه، أعلن أحد الناطقين باسم مجلس الأمن القومي الأميركي («نيوزويك»، 6 آب) أنه، وعلى رغم إشارة «إكواس» المعلَنة إلى التدخّل كخيار أخير، «(أنّنا) نركّز على التوصّل إلى حلّ ديبلوماسي، ونحن على اتصال وثيق بقيادة إكواس»، في موازاة زيارة قام بها نائب مستشار الأمن القومي، جون فينر، إلى الغابون ونيجيريا (2 الجاري) للتباحث في سبل هذا الحلّ.
وتبدو حظوظ حضور روسيا في النيجر وافرة بشكل كبير لعدّة اعتبارات، أهمّها توقّع وجود تنسيق مسبق بين موسكو وقادة الجيش النيجري، سواء بشكل مباشر أو عبر حكومتَي مالي وبوركينا فاسو، وتمتُّع هذا الحضور بحاضنة شعبية نيجرية – غير معلومة الحدود – تمثّلت بعض معالمها في رفع الأعلام الروسية خلال التظاهرات الأخيرة، جنباً إلى جنب مع أعلام النيجر والشعارات المناهضة لفرنسا على نحو غير مسبوق. وفي هذا الإطار، يَبرز الدور المرتقب لـ«فاغنر» في حماية المصالح التعدينية للعديد من الشركات والدول العاملة في البلاد، وفي مقدّمها الصين التي عادت إلى قطاع التعدين في النيجر بعد توقّف دام عقداً كاملاً.
فرنسا والبحث عن الزمن الضائع
طالت سياسات فرنسا الأفريقية في السنوات الأخيرة، اتّهاماتٌ بالعشوائية والجنوح إلى تكريس الوضع القائم، وباعتبار القارة (ولا سيما دول مستعمرات فرنسا السابقة) ساحة خلفية تقليدية لباريس وحلفائها، إضافة إلى سمة أصيلة في سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون تجاه أفريقيا، عنوانها تقديم مصالح الشركات الفرنسية في قطاعات الطاقة والتعدين والاتصالات. مغ ذلك، تحدّث مراقبون عن تراجع أولوية القارة السمراء لدى باريس، كما اتّضح تراجع مستوى الكوادر التي تدير هذه السياسات في الخارجية الفرنسية بشكل واضح، مقارنة بأقرانهم في «إدارات أخرى». ويمكن تلمُّس هذا الاضطراب في بيان الإليزيه عقب الانقلاب، إذ لم يكن موفّقاً بنصّه على «عدم تسامح» فرنسا مع أيّ هجوم ضدّها ومصالحها (في النيجر)، وأنه إذا أصيب «أيّ فرد»، فإنّ «الانتقام سيكون فوريّاً»، ما أعاد إلى الأذهان – بحسب قراءات متنوّعة للبيان – شكل «السيد الإمبريالي» الذي يصدر تحذيرات حادّة لسكان «مستعمرة» تبعد آلاف الأميال عن «المتروبول».
كذلك، ظهرت هذه النظرة في تعليقات وزيرة الخارجية، كاثرين كولونا (5 آب)، التي تحدّثت عن جدّية التهديد الإقليمي باستخدام القوّة (ضدّ النيجر)، بالتأكيد أن «الانقلابات لم تَعُد ملائمة. لقد حان الوقت لوضع نهاية لها»، على رغم أن باريس تظلّ الداعم الأكبر لسلسلة من الانقلابات العسكرية والدستورية في غرب أفريقيا والساحل، وآخرها تقلُّد محمد إدريس ديبي السلطة في تشاد، من دون أسس تشريعية واضحة، وبدعم شخصي من ماكرون الذي حضر مراسم تنصيبه. ويعني التناقض في تصريحات كولونا، حيرة وارتباكاً فرنسيَّين متصاعدَين في مواجهة رفض شعبي كبير ومتنامٍ منذ سنوات بالفعل ضدّ إرث باريس الاستعماري واستمراره كأداة لنهب ثروات الدول الأفريقية وتكريس تخلّفها بتيسير واضح من نخب الأخيرة الحاكمة، وكذا عجز فرنسا المزمن عن تبنّي سياسات أفريقية متوازنة ومعبّرة عن شراكة بين دول «على قدم المساواة». وعند قراءة ردّ الفعل الفرنسي المتوتّر تجاه انقلاب النيجر، لا يَظهر في الأفق أن باريس تسعى إلى إعادة ضبط علاقاتها الأفريقية كون الصيغة الحالية، التي تواجه راهناً رفضاً شعبيّاً أفريقيّاً غير مسبوق منذ عقد الستينيات الماضي، هي «المثلى والمضمونة».
ماذا بعد؟
بالنظر إلى ضعف بنية جيوش «إكواس» (يصل عديد قوات دولة بنين على سبيل المثال إلى نحو خمسة آلاف جندي فقط، وتحلّ مع سيراليون وليبيريا والسنغال في المراتب الأخيرة في قوّة الجيوش الأفريقية، بحسب «غلوبال فايرباور»)، باستثناء نيجيريا (رابع أقوى الجيوش الأفريقية)، يُتوقّع أن تقود الأخيرة عمليّاً أيّ تدخل لـ«إكواس» في النيجر. لكن اصطفاف بوركينا فاسو ومالي وراء نيامي، واحتمالات تحصّل الأخيرة على دعم روسي، سيقود حتماً إلى تدهور الأوضاع في الإقليم بأكمله، وخلْق أزمة مزمنة جديدة تضاف إلى حزمة أزماته، غير أنها تتّسم بوجود تدخّل عسكري خارجي لن يقود إلّا إلى إطالة الأزمة وتغذية معضلات أخرى مثل العنف والإرهاب وتراجع مؤشرات التنمية البشرية، ويقوّض في المحصلة فكرة العمل الجماعي الأفريقي الفرعي في غرب أفريقيا، على رغم المكاسب المؤقتة التي ستتحصّل عليها نيجيريا من قيادة التدخّل العسكري في النيجر.
المصدر: صحف