تشكل فعاليات إحياء ذكرى عاشوراء محطة سنوية للتعبير عن المواقف من مختلف القضايا لا سيما المحلية والاقليمية المرتبطة بمنطقتنا، لتأكيد الوقوف الى جانب الحق بوجه الباطل نظرا الى ان صاحب المناسبة أي سيد شهداء أهل الجنة الإمام الحسين (ع) خرج في العام 61 للهجرة نصرة للحق بوجه الباطل سيرا على خطى جده رسول الله محمد بن عبد الله (ص) ووالده الامام علي (ع) وأخيه الامام الحسن (ع).
واستمرارا على منهج هذه المدرسة المحمدية بات لزاما على كل مسلم وكل حرّ وشريف في العالم التأكيد على وقوفه بجانب القضايا المحقة للأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية لما تمثله من مظلومية بيّنة في عصرنا الحاضر بمواجهة الطغيان والغطرسة الواضحة المتمثلة بكيان العدو الاسرائيلي ومن يدعمه وعلى رأسهم الادارة الاميركية، بالاضافة الى سلسلة من القضايا المرتبطة بشكل او بآخر بأثر الكيان الاسرائيلي ومقاومته في هذه المنطقة من لبنان الى سوريا والعراق وصولا الى اليمن، فالشعوب الاسلامية والعربية خرجت في يوم العاشر من محرم للتأكيد على الوقوف بجانب الحق ممثلا بالمقاومة بوجه الظلم وبالباطل ممثلا بـ”إسرائيل” وداعميها وأعوانها وأدواتها في مختلف الساحات.
فرغم كل الضغوط والحصار والصعوبات والحروب بكل أشكالها لم تتراجع الشعوب بل صمدت وصنعت الانتصارات وتواصل المواجهة بمختلف الوسائل، بينما يحاول الاعداء الاستمرار بعدوانهم الغاشم، ومن الامثلة على هذه المواجهة بين محور الحق ومحور الباطل:
– محور الباطل يمثل: التفجيرات الإرهابية التي حصلت مؤخرا مستهدفة مدينة السيدة زينب (ع) بريف دمشق، في إشارة الى ان العدو التكفيري الذي دعمته بعض الانظمة الاقليمية والدولية وعلى رأسها الادارة الاميركية وأدواتها الغربية، يعيد “التفريخ” كالفطريات السرطانية في جسد الامة، ولعل هذا هو مخطط البعض للتهدئة في المنطقة من جهة، بينما من جهة ثانية إعادة الاستفادة من الورقة التكفيرية الوهابية التي أسسوها على مدى عقود خدمة لمشاريعهم التآمرية على الامة.
وبمقابل كل ذلك نجد محور الحق ممثلا: بالشعب السوري وقيادته، حيث يواصلون العمل لاعادة النهوض ببلدهم على الرغم من استمرار المشاريع الأميركية لاحتلال أجزاء من أرض سوريا وسرقة نفطها، كما ان جزءا من الرد السوري على الأيادي المخربة جاءت واضحة من خلال المشاركة في إحياء ذكرى العاشر من المحرم في حرم مقام السيدة زينب (ع) في ريف دمشق، للتأكيد على الصمود ومواجهة كل الجرائم الارهابية، ولإيصال رسالة واضحة ان من صمد بوجه العدوان الكوني لما يزيد عن عشرة أعوام لن تخيفه بعض المفخخات.
– محور الباطل، يمثله: كل من يعتدي على حرمة القرآن الكريم ومن يرعاه من حكومات العالم سواء في السويد او الدنمارك وغيرها من الإدارات الداعمة تحت حجج حقوق التعبير والرأي وغيرها من الذرائع الواهية.
وبالمقابل، محور الحق: تمثله الحكومات والأحزاب والتيارات التي رفضت الاعتداء على القرآن والشعوب التي خرجت دفاعا عن كتاب الله وقدسيته ورفضا لأي مس به، وكان من الامثلة على ذلك خروج المسيرات الحاشدة في يوم العاشر من المحرم للدفاع عن الثقلين ورفع شعارات “لبيك يا قرآن، لبيك يا حسين، لبيك يا مهدي”.
– محور الباطل: يمثله الصهاينة في كيان العدو الاسرائيلي لا سيما من يعتدي يوميا على باحات المسجد الاقصى المبارك في انتهاك فاضح للمقدسات، وعلى رأس هؤلاء وزراء حكومة بنيامين نتنياهو الذين يتعمدون التحشيد لاستفزاز الشعب الفلسطيني في القدس وبقية الارض المحتلة.
ومقابل ذلك، يتمثل محور الحق: بالشعب الفلسطيني ومقاومته بكل فصائلها، وكل حركات ودول محور المقاومة التي لا توفر فرصة إلا وتدعم بها الشعب الفلسطيني، وقد ظهر ذلك في قدرات المقاومة بقطاع غزة، ومن ثم في الضفة الغربية التي لقّنت العدو الاسرائيلي مؤخرا دروسا قاسية على أعتاب مدينة جنين ومخيمها، حيث أكدت تهشيم صورة الجيش الاسرائيلي وتآكل قوة الردع لديه.
– محور الباطل: يتمثل بكل جماعات الشذوذ والإباحية ومن خلفها دول وحكومات وجمعيات تعمل لصالح الشيطان الأكبر، ودسّ هذه السموم في أفلام الأطفال والرسوم المتحركة والفعاليات التربوية والتعليمية والثقافية في محاولة منها لتغيير الفطرة الانسانية الطبيعية وتحويل البشر نحو الشذود الفكري والجسدي في مخالفة واضحة لكل الاعراف والقيم الاخلاقية والتعاليم الدينية الإلهية في هذا المجال.
وبالمقابل، يمثل محور الحق: من يواجه كل دعاة الشذوذ بأي طريقة وسبيل، سواء بالفعل او القول وعبر مختلف الوسائل التعليمية والاعلامية والدينية، فحماية المجتمعات والاسرة واجب على الجميع وتحتاج الى تضافرهم بمواجهة كل محاولة “قوننة” الشذوذ والحالات اللاطبيعية.
وهنا من المفيد التذكير بما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمة له خلال إحياء الليلة الاولى للمجالس العاشورائية بالضاحية الجنوبية لبيروت مساء يوم 20-7-2023، حيث أكد ان “كربلاء تعلمنا الصبر والتحمل ومواجهة الحصار ومواجهة الظلم وأن لا ننهار أمام كثرة العدو وقوة سلاحه… كربلاء تصنع الأجيال التي تمهد لصاحب العصر والزمان والتي ستكون مناصرة له بحق وستعينه في إقامة العدل ومحاربة الظلم والطغيان في هذا العالم”.
المصدر: موقع المنار