الانقسام السياسي الحاد الذي يضرب الكيان الصهيوني، انتقل تأثيره إلى الجيش، حيث أصبح يؤثر على تماسك الوحدات المختلقة، ما قد يؤدي إلى تفكيكه من الداخل.
وكان قائد هيئة الأركان العامة للجيش، هرتسي هليفي قد حذر في محادثات مغلقة، من أن “الخطاب العام في المجتمع الإسرائيلي، يُشكّل خطرًا على الجيش”.
وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية اليوم الجمعة، أن الأيام القليلة الماضية، كانت صعبة للغاية، على القيادة العليا للجيش الصهيوني، فبدلاً من الانشغال بالعمليات والتدريب، ينصب التركيز الأساسي والحصري لهم تقريبًا، على انعكاسات الانقسام السياسي الحاد، على المؤسسة العسكرية.
وزاد هذا الأمر، بعد انتشار مقطع فيديو تمثيلي، شاركه وزراء في الحكومة على رأسهم الوزير ميكي زوهار، من حزب الليكود ووزير “الامن القومي” ايتمار بن غفير، على مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر أن سلاح الجو، يرفض تقديم دعم الإسناد، لوحدات المشاة في حربٍ مُستقبلية، بسبب التباين بوجهات النظر السياسية بينهما، ما أثار غضبا واسعا داخل الجيش الصهيوني خاصة وان الفيديو قد أعجب اليمين وعملوا على تداوله بكثرة .
ويرى خبراء، أن التقسيم الطبقي في الكيان الصهيوني، يعتمد إلى حد كبير على التقسيم الطائفي بين الأشكناز والشرقيين، فسياسيًا، يُشكّل الأشكناز العمود الفقري لليسار، والشرقيون عصب اليمين، لكن الأشكناز بغالبيتهم يذهبون إلى سلاح الجو، والشرقيين إلى المشاة وكانت العديد من وسائل الاعلام العبرية قد تناولت موضوع الطبقية في الجيش حيث أن ألوية المشاة يتجند لها الفتيان من سكان الأطراف المهمشة، ومن المنتمين للصهونية الدينية؛ بينما المجندين الجدد من منطقة المركز يديرون ظهورهم للخدمة في الوحدات القتالية، ويفضلون الخدمة في الوحدات التكنولوجية وسلاح الجو التي تضمن لهم مستقبلًا في سوق العمل
وأوقف عدد من ضباط احتياط سلاح الجو تطوّعهم في الجيش، احتجاجا على التعديلات القضائية التي يسير بها نتنياهو وحكومته. وافادت القناة 12 العبرية الجمعة عن اعتزام أكثر من 500 طيار تشغيلي في سلاح الجو الإعلان عن عدم نيتهم الإستمرار في التطوع للخدمة الاحتياطية بسبب التعديلات القضائية.
من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، أن الضرر الحاصل في الجيش بالغ، وأنه حتى لو تم وقف التشريعات، فإن “الجيش الإسرائيلي لن يعود إلى ما كان عليه. والأزمة السياسية والاجتماعية حولت الجيش مثلما عهدناه إلى جهاز متخاصم”.
وأشار يهوشواع إلى أن “الوضع صعب في شعبة الاستخبارات والوحدات الميدانية وليس في سلاح الجو فقط. وليس المقصود الضباط برتب متدنية في وحدات غولاني والمظليين، وإنما في أوساط الضباط في الخدمة الدائمة في هذه الوحدات وغيرها. فالخطاب السياسي بصورته الأكثر تسميما انتشر في كل مكان”.
وكان قائد سلاح الجو الصهيوني، تومر بار قد صرح مساء أمس ردا على هجوم نتنياهو على الجيش، إن “التصريحات القاسية التي تم توجيهها للجيش على خلفية الانقسام الحاصل في إسرائيل حول خطة إصلاح القضاء، تسبب وتسببت بالفعل في إلحاق ضرر كبير بتماسك القوات الجوية”، مشددا على أن رفض أوامر الاستدعاءات العسكرية “يسبب ضررا سيستغرق إصلاحه سنوات عديدة”.
تقرير مصور | اوساط صهيونية: الكيان على موعد مع الخراب الثالث
ولا تؤثر الظاهرة رفض الخدمة، على جهوزية الجيش فحسب، ولكن أثرها الاجتماعي عميق ومُدمِّر، لدرجة أن الجيش، بات يحذّر من أنها قد تؤدي إلى تفكيكه من الداخل. إذ تُعتبر مسألة تماسك الوحدات المختلقة، أمرًا بالغ الأهمية، وهي جزء من تعاظم الجيش وأساس قوته. وحالما ينكسر هذا التماسك، وتعتني كل وحدة أو فرد بنفسه فقط، سيضعف الجيش الصهيوني بشكل كبير.
كما يواجه هليفي تحديًا، ليس أقل قلقًا من ازمة الطيارين. فهو مُكلّف بإعداد تقرير للحكومة، حول مدى أثر إيقاف التطوّع في الاحتياط، على جهوزية الجيش. وتعتبر هذه المهمة محفوفة بالمخاطر، وعليه أن يكون حذرًا فيها. لأنه إذا اعتبر أن الظاهرة تمس بالجهوزية، فستنظر إليه الحكومة، على أنه محسوب على الاحتجاج، وعلى العكس، إذ قلل من أثرها، فسيعتبره المُحتجون، أنه لم يناضل ضد الحكومة بما يكفي. وقال موقع “واينت” العبري، إنه “في الحالتين، سيتعين عليه تقديم تفسيرات”. علمًا أن ولايته بدأت بالكاد، قبل ستة أشهر.
المصدر: قناة المنار