يحتوي الكتاب على تقرير لمجموعة من الدروس الأخلاقية التي قدمها آية الله اليزدي والتي حاول فيها أن يستجلي صفات أصلح الناس وأفسدهم من كتاب نهج البلاغة.
إسم الكاتب: الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي
عدد الصفحات: 342
تاريخ الطبعة: 2020
الطبعة الأولى
مقدمة الكتاب
إن ّ الحقيقة أجمل سر ٍّ في الوجود يحتاجه الانسانُ، وأكثرُها أصالة ً ودوامًا، ذلك السر ّ الذي كم ضحّت في سبيله سلسلة المؤمنين والعلماء الصادقين بأرواحهم، وتآمر الجُهال وعَبدة الباطل بالحيل والألاعيب من أجل أن يمحوه أو يمسخوه. فكم هو مر ٌّ هذا الواقع، وهو مظلوميّة الحقيقة، وكم هيٌ حلوة ٌ هذه الحقيقة، وهي أن ّ النتيجة الدائمة للصراع بين الحق ّ والباطل هي أن ّ الحق ّ يخرج مرفوع الرأس على الدوام، والباطل زائل مع غض ّ النظر عن زاهقٌ، وهذه الرفعة والعظمة التي للحقيقة، مدينة ٌ ــ للجهود المخلصة وغير المتناهية للباحثين عن الحقيقة، الذين شَمّروا عن ساعد الهمّة في مجالي العلم والعمل وأوثقوا شد ّ الحزام على أظهرهم، وتخلّوا عن كل ّ عزيز ٍ وحقير ٍ في الدنيا، ويتميّز في هذا الميدان دور الاديان والانبياء الالهيّين وتأثيرهم، وخصوصًا الاسلام والنبي ّ الاكرم وخلفاءَه بالحق.
لقد استلهم علماء الشيعة المشهورون رسالتهم الخطيرة والفريدة من العقل والنقل، ومن الغوص في بحار معارف القرآن والتقطوا جواهر الحقيقة الاصيلة من سيرة أولئك القادة وما قدّموه للعالم البشري، ومن الدفاع المستميت أمام عَبَدة الظالم وأعــداء الحقيقة، فرأوا الفجائع وقدّموا غالي النفوس؛ والان في عصر الازمة الروحانيّة والمعنويّة، حيث يقوم أعداء الحقيقة والانسانيّة بإنتاج عدد ٍ كبير ٍ من الاعمال الكتابيّة والمرئيّة ونشرها، ويعمدون إلى استخدام جميع أنواع الاجهزة والبرامج المتقدّمة في مختلف المجالات للسيطرة على العالم، فإن ّ رسالة الباحثين عن الحقيقة والعلماء الحوزويّين والجامعيّين، وخاصّة علماء الدين، أكبر بكثير وأكثر صعوبةً.
وفي عالم التشيّع، يتمتّع الباحثون الحوزويّون في العلوم الفلسفيّة والكالميّة والتفسيريّة والحديثيّة والفقهيّة والاصوليّة وما شابه ذلك، بسمعة رائعة، وتأملاتهم تتألّق في سماء البحوث الاسلامية.
لقد بذل باحثونا جهودًا كبيرة ً في مجال العلوم الطبيعيّة والتجريبيّة والتقنيّات الحديثة، واتّخذوا خطوات ٍ واعــدةً، واقتربوا من مكانتهم المناسبة في العالم، وهم يواصلون لعب دورهم في الساحة العِلميّة الدوليّة من خلال أنشطتهم المتزايدة المتناسبة مع مقامهم، أمّا في مجال البحوث الاجتماعيّة والانسانيّة، فلم تكن جهود علماء هذه المجالات كما يستحقّه النظام الاسلامي، حيث كانت هناك نظريّات ٌ غير مستقرّةٍ، وتقتصر في بعض الاحيان على ترجمة آراء الاخرين وتكييفها، وقليلا ما يُمكن أن يُعزى أساس الابتكارات في هذا الصدد إلى المباني الاسلاميّة، وخاصّة ً الابداعات الناشئة، وهناك طريق ٌ طويل ٌ وصعب ٌ لتحقيق المكانة المرغوبة؛ ولذلك بالاضافة إلى الاستنباط والاستخراج والتفسير وشرح التعاليم الدينيّة وتنظيم المعارف الاسلامية، يُعد ّ التنقيب في العلوم الانسانيّة والاجتماعيّة من وجهة نظر ٍ اسلامية والعمل على تبيينها، من أهم ّ الاهداف والاولويّات للمؤسّسات العلميّة، لاسيما مراكز البحوث في الحوزات العلميّة.
وقد قامت مؤسّسة الامام الخميني (قدس سره) للبحوث العمليّة وفي ظل دعم قائد الثورة الاسلامية الكبير، والدعم غير المتناهي لخلفه الصالح سماحة آية الله خامنئي (مد ّ ظلّه العالي) منذ التأسيس، وذلك على أساس السياسات والاهداف التي رسمها سماحة آية الله محمّد تقي المصباح اليزدي (دامــت بركاته)، فاهتمّت بمسألة البحوث العلميّة والدينيّة وتعرّضت في مسير سد ّ الاحتياجات الفكريّة والدينيّة للمجتمع، للبحوث التأسيسيّة واالستراتيجيّة والتطبيقيّة.
وفي سبيل تحقيق هذا الامــر المهم ّ سعت عمادة البحوث في المؤسّسة بالاضافة إلى التخطيط والعمل على توجيه المحقّقين والباحثين، إلى بذل الجهود في مجال نشر نتاجات المحقّقين أيضًا، وبفضل الله تم ّ تقديم مجموعة ٍ من الاعمال القيّمة للمجتمع الاسلامي إلى أقصى حد ٍّ ممكنٍ.
والكتاب الماثل أمامنا هو جزء ٌ من المباحث الاخلاقية للاستاذ القدير سماحة آية الله محمّد تقي المصباح اليزدي (دامت بركاته) والتي دُوّنت بجهود الباحث المتميّز سماحة حجّة الاسلام الشيخ كريم
سبحاني، والغرض الرئيسي من هذا الكتاب هو تقديم بعض تعاليم نهج البلاغة الاصيلة والبنّاءة إلى طالبي الحقيقة. نسأل الله عز وجل أن يمن على سماحة الشيخ المصباح بعمر ٍ مليء ٍ بالبركات وعلى الباحث المحترم بمزيد ٍ من النجاح.
المصدر: معهد المعارف الحكمية