لا زالت تداعيات التصدي البطولي لأهالي قرية مسعدة ومنطقة الحفاير في الجولان السوري المحتل، ضد جنود الاحتلال الاسرائيلي للحؤول دون قيامهم بإقامة توربينات هوائية تتطلب استيلاءً على آلاف الدونمات الزراعية، لا تزال تلقي بظلالها على السوريين شعباً ودولة، معلنين عن تضامنهم مع الأهالي ورفضهم أي اعتداء على سيادة البلاد. هذا ولاقت الحادثة تفاعلاً من كل الشرفاء الرافضين لممارسات العدو التوسعية.
مجلس الشعب
في التفاصيل، فقد توجه مجلس الشعب السوري في بداية جلسته اليوم “بالتحية لصمود أهلنا في الجولان السوري المحتل وتمسكهم بأرضهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ورفضهم مخططه الاستيطاني إقامة توربينات هوائية على أراضيهم الزراعية”.
وأكد مجلس الشعب أن “ممارسات كيان الاحتلال الإسرائيلي بحق أهلنا في الجولان العربي السوري المحتل، انتهاك صارخ لقرارات الشرعية الدولية، وتعد سافر على أملاك السكان وأرزاقهم”.
وقال المجلس في بيان إن “السلوكيات العنصرية التي تستمر قوات الاحتلال الصهيوني الغاشم باتباعها هي امتداد لسلسلة الممارسات العدوانية الإجرامية المتكررة بحق أهلنا في الجولان المحتل ومحاولات يائسة لتغيير بنيته السكانية والديموغرافية والجغرافية لجذب المزيد من قطعان الصهاينة والمستوطنين في انتهاك صارخ لقرارات الشرعية الدولية، وخاصة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 لعام 1981 الذي اعتبر فيه قرار كيان الاحتلال بفرض قوانينه وولايته وإدارته على الجولان لاغياً وباطلاً”.
وأشار البيان إلى أن كل ذرة من تراب الجولان “جزء لا يتجزأ من أرض سورية”، مجدداً “الوقوف الدائم بالوسائل كافة إلى جانب أبناء الجولان حتى استعادة كامل ترابه وعودته غير منقوص إلى الوطن الأم سورية”.
وقفات تضامنية
شعبياً، وفي سياق التضامن مع أهالي الجولان، نظم أبناء محافظة درعا اليوم وقفة احتجاجية تنديداً بعدوان الاحتلال الإسرائيلي ومحاولته سرقة أراضي في الجولان لتنفيذ مخططات استيطانية.
كما نظم أبناء محافظة السويداء وقفة تضامنية مع أهلنا الصامدين في الجولان السوري المحتل وذلك أمام مبنى مجلس المدينة، تنديداً باعتداءات الاحتلال الوحشية عليهم ومحاولته الاستيلاء على أراضيهم.
ونظمت فعاليات حزبية وشعبية وقفة تضامنية أمام مقر الأمم المتحدة بدمشق استنكاراً لممارسات كيان الاحتلال.
دروز لبنان يتضامنون مع أخوانهم في الجولان
هذا واحتشد متظاهرون من الموحدين الدروز من مختلف المناطق اللبنانية، عند الحدود مع كيان العدو مقابل مستعمرة المطلة، تضامناً مع أهلهم في الجولان السوري المحتل. وقامت قوات الإحتلال بالاستنفار، وسيرت الآليات قرب السياج الحدودي، وسط انتشار للجيش اللبناني، عند مثلث الاستشهادي ابو زينب على طريق كفركلا – الخيام – الوزاني.
وحيّا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى “مشايخ وأبناء الجولان العربي المحتل حيال التحركات التي يقومون بها، دفاعاً عن هويتهم وتمسكهم بأرضهم وتصدّيهم للمخططات الاسرائيلية التوسّعية”.
كما أعرب الشيخ أبي المنى عن “تضامنه الكامل مع أبناء الجولان ووقوفه إلى جانبهم بوجه التعديات والاعتداءات الهمجية”، منوهاً “بالموقف الموحّد والجامع لأبناء الجولان الذين يعانون من ظلامية الاحتلال وتمييزه العنصري وسائر العشيرة المعروفية، في النضال المستمر لصون الحقوق والثوابت”.
الأرض لنا
يُذكر أن العشرات من أهالي الجولان السوري المحتل في قرية مسعدة ومنطقة الحفاير اصيبوا أمس الاربعاء جراء اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي عليهم.
وبدأ الأهالي يوم إضراب وغضب رفضاً لإجراءات الاحتلال وممارساته التعسفية والإجرامية بحقهم وبحق أرضهم، واحتشد المئات منهم في مجمع أبي ذر الغفاري بمنطقة المرج استعداداً للتوجه إلى منطقة الحفاير شرق قرية مسعدة، والتي أغلق الاحتلال الطرق المؤدية إليها منذ أمس.
هذا وبدأ الاحتلال بتجريف مساحات من أراضيها الزراعية لتنفيذ مخططه الاستيطاني. وتوجه الأهالي إلى المنطقة بصدورهم العارية، حيث اضطروا لاستخدام طرق وعرة للوصول إليها بهدف منع آليات الاحتلال من مواصلة تجريفها.
لكن قوات الاحتلال استقدمت تعزيزات كبيرة إلى المنطقة وسط تحليق للطيران المسير، وحاصرت الأهالي، وأطلقت الرصاص وقنابل الغاز السام عليهم منذ لحظة وصولهم، ما أدى إلى إصابة العشرات بينهم إصابات خطيرة، ومنعت سيارات الإسعاف من الوصول إليهم، كما اعتقلت 10 شبان. وأكد الأهالي تمسكهم بأرضهم، وعدم السماح للاحتلال بالاستيلاء عليها وتهجيرهم منها.
وفي السياق، قال عميد الأسرى السوريين المحررين صدقي المقت إن أبناء الجولان المحتل “يسطرون اليوم ملحمة بطولية جديدة رسموها بأسطع صور النضال وأجملها، حيث تصدوا بصدورهم العارية لقوات الاحتلال وآلياته العسكرية رغم اعتداءاته الوحشية عليهم، مؤكداً أن مخطط التوربينات مرفوض جملة وتفصيلاً لأن هدفه الحقيقي الاستيلاء على آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية وهذا المخطط لن يمر مهما بلغت التضحيات، فأهالي الجولان ثابتون صامدون حتى آخر نفس من رجل وشيخ وامرأة وطفل، ولن يتزحزحوا عن هذه الأرض.
وتضامناً مع أبناء الجولان، خرج الفلسطينيون في منطقة الجليل بالأراضي المحتلة عام 1948 بمظاهرة حاشدة، وقطعوا عدداً من الطرق مطالبين بوقف اعتداءات الاحتلال. كما ندد المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذوكس باعتداء قوات الاحتلال، مشدداً على أنه “مهما اشتدت حدة العدوان وممارساته في القتل والبطش وسرقة الأراضي وانتهاك المقدسات فإنه لن ينال من عزيمة أهل الجولان وفلسطين فهم أصحاب الأرض”.
بدورها، أدانت حركة حماس “الاعتداء الآثم لقوات الاحتلال على أهالي الجولان المحتل”، مؤكدة دعمها وتضامنها معهم.
وينفذ أهالي الجولان المحتل منذ عام 2019 إضرابات عامة وشاملة واعتصامات ومظاهرات ووقفات احتجاجية للتصدي لمخطط التوربينات، الذي يعد من أخطر المخططات الاستعمارية التهويدية التي تستهدف الجولان، حيث يعمل الاحتلال على تمريره بذريعة توليد الكهرباء من طاقة الرياح، في حين أن هدفه الحقيقي الاستيلاء على أكثر من ستة آلاف دونم من أراضيهم.
المصدر: موقع المنار