في ظل الجمود المسيطر على ملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني وصل الى بيروت اليوم الاربعاء الموفد الفرنسي الخاص جان إيف لودريان للقاء عدد من المسؤولين اللبنانيين، بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وبالتأكيد سيلتقي لودريان عدد من القيادات في الاحزاب والتيارات السياسية والكتل النيابية للاطلاع على مواقفهم وتحليلاتهم، في محاولة لتحريك الملف.
وذكرت صحيفة “البناء” اللبنانية أن “السفارة الفرنسية في بيروت حددت مواعيد لعدد كبير من رؤساء الكتل النيابية وشخصيات سياسية ونواب، لكن لم تشمل كافة الانتماءات السياسية، كذلك استثنت معظم نواب قوى التغيير والمستقلين”.
وفيما تحدثت بعض المصادر ان الموفد الفرنسي لا يحمل مبادرة محددة الاطر والنقاط، بات من المهم فهم مدى قرب حصول التقارب الدولي والاقليمي للتوافق على اسم معين يجري تقديم الدعم له ليشكل رافعة لوصوله الى قصر بعبدا، في ظل عدم قدرة فريق لبناني معين على إيصال مرشحه مباشرة الى القصر المذكور، وقد أظهرت الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيس الجمهورية في 14 حزيران مدى الانقسام الحاصل في البلد، على الرغم من وجود مرشح جدي ثابت هو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مدعوم من كتلة نيابية صلبة وحقيقية ولديه رؤية سياسية واضحة، مقابل وجود فريق يدعم مرشح تلو آخر بدون ثبات او جدية او خارطة طريق وهدفه فقط عرقلة وصول فرنجية الى رئاسة الجمهورية.
فبين جدية فريق وعرقلة آخر، يصل الموفد الفرنسي مع بدء التسريبات عن اللقاء الذي جمع الرئيس ايمانويل ماكرون وولي العهد محمد بن سلمان، وبالسياق، نقلت صحيفة “الاخبار” اللبنانية عن “مصادر سياسية بارزة” قولها إن “لبنان الذي حضر بإيجاز في البيان الذي صدر عن الإليزيه، وكان موضوعه ثانوياً في محادثات القمة الفرنسية ـــ السعودية”، وتابعت “تطرق إليه الطرفان بإيجاز واتفقا على بذل كل الجهود لإخراجه من أزمته مع التأكيد على أن هذا الأمر لا يحصل إلا بالتوافق، مع تمنّ فرنسي بأن تلعب الرياض دوراً أكبر في معالجة الأزمة قابله بن سلمان بإيجابية”.
هذه الايجابية السعودية ربطها البعض بالدعوة التي وجهها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري للسفير الإيراني مجتبى أماني والقائم بأعمال السفارة السورية علي دغمان، للمشاركة بالعشاء الذي يقيمه البخاري على شرف وزير الخارجية عبدالله بو حبيب مساء الخميس، والذي دُعي إليه عدد كبير من السفراء العرب والأجانب.
بدورها، تحدثت صحيفة “الجمهورية” اللبنانية نقال عما اسمته “أوساط متابعة” قولها إن “لودريان يزور لبنان بعدما أصبحت باريس بالنسبة إلى بعض القوى الداخلية تشكل جزءا من المشكلة اكثر منها جزءا من حل مُحتمل، ولم تعد الأُم الحنون التي يُسمع لها”، وتابعت “بالتالي فإن هذه القوى، وتحديدا تلك الرافضة ترشيح سليمان فرنجية، لا تجد في الموفد الفرنسي الوسيط الحقيقي الذي يقف على مسافة واحدة من جميع الاطراف المرشحين، الا اذا كان سيحمل مقاربة مختلفة للاستحقاق، علما ان هناك من يستبعِد ان تكون باريس قد تخلت عن دعمها لانتخاب فرنجية على أساس تسوية متوازنة تحمل شخصية قريبة من الطرف الآخر الى رئاسة الحكومة”.
من جهتها، نقلت صحيفة “البناء” عن مصادرها قولها إن “فرنسا ليس لديها مرشح، ودعمت فرنجية ضمن خريطة طريق للخروج من الجحيم”، ولفتت الى أن “الفرنسيين يريدون الخروج من الأزمة، وهناك سلسلة من القرارات كسلة متكاملة، انتخاب رئيس الخطوة الأولى، والثانية تكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة جديدة لتفادي أي مماطلة بالاستحقاقات المقبلة، لأننا لا نملك ترف الوقت في زمن الانهيار وهذا الوضع المأساوي وفي ظل حالة الإنكار من السلطة السياسية”، وأوضحت أن “تسوية فرنجية – نواف سلام، للحفاظ على التوازن السياسي في البلد، الأول ينتمي الى فريق المقاومة ورئيس الحكومة للخط السياسي الآخر”.
وبالتزامن، أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام وفد نيابي أوروبي الثلاثاء إلى أنه “لا بد من التوافق والحوار بين الأطراف كافة للخروج من الازمة السياسية”، وأكد أن “انتخاب رئيس للجمهورية وتسمية رئيس حكومة وتشكيلها هما المدخل لإنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
وعما يمكن ان تنتهي اليه مهمة لودريان، نقلت صحيفة “الجمهورية” عن “مصدر ديبلوماسي في بيروت” قوله “أستبعد انتخاب رئيس الجمهورية في القريب العاجل”، ولفت الى ان “الامر ربما يتطلب وقتا إضافيا بعد وذلك في انتظار تقاطع الظروف الخارجية والمحلية التي يمكن ان تسمح بإتمامه”.
المصدر: موقع المنار + الصحف اللبنانية