ضمن جولة على “بلدان صديقة” في أمريكا اللاتينية، استهلها في فنزويلا ويختتمها في كوبا التي وصل إليها صباح اليوم، كانت زيارة للرئيس الايراني ابراهيم رئيسي إلى نيكاراغوا اختتمها أمس الأربعاء، حيث وقعت اتفاقيات تعاون مشترك بين البلدين، اللذين أكد السيد رئيسي أنهما “يتشاركان تاريخاً نضالياً ومقاومة وثورات ضد عدو مشترك”، مندداً بالولايات المتحدة و”قوى إمبريالية” أخرى.
وفي السياق، وفي تغريدة له على تويتر بهذا الخصوص، كتب وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان أن “ايران وكوبا من رواد تنمية التقارب الاقليمي، حيث بإمكانهما توفير الفرصة لبعضهما للحضور في التحالفات التي تكونت في جانبي الكرة الارضية”. وتابع أن “التعاون (بين ايران وكوبا) يتمركز في المجالات البيوتكنولوجية والتقنية والطبية والطاقة”.
هذا وسبق أن علّق وزير الخارجية الايراني على نتائج زيارة الرئيس الايراني إلى نيكاراغوا، قائلاً إن “مفاوضات أعضاء الوفد رفيع المستوى المرافق للرئيس الايراني مع كبار المسؤولين بجمهورية نيكاراغوا، مفيدة وبناءة في سياق توسيع وتعزيز العلاقات بين البلدين”.
وفي لقائه نظيره النيكاراغوي دنیس مونکادا، استعرض عبداللهيان آخر المستجدات فيما يخص العلاقات الثنائية، مضافاً إلى القضايا الدولية الراهنة. وأعرب وزير الخارجية الايراني، عن تقديره لقاء كرم الضيافة الذي لقيه الوفد الايراني رفيع المستوى في نيكاراغوا.
من جانبه، أعرب مونكادا عن سعادته لزيارة الرئيس الايراني، كما جدد التأكيد على استعداد ماناغوا لرفع مستوى العلاقات وتعزيز قنوات الاتصال وتنويع مجالات التعاون وخاصة الاقتصادية منها، مع طهران.
قوة الدكتاتوريين وأمريكا في تراجع
رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله ابراهيم رئيسي، وخلال حضوره في المجلس الوطني النيكاراغوي الأربعاء، أكد أن “التواصل المستمر بين الدول المستقلة عامل حصانة ضد نظام الهيمنة”، قائلاً إن “النظام العالمي الحالي يتغير والمؤشرات تظهر أن قوة الدكتاتوريين وأمريكا في تراجع وان إرادة دول أمريكا اللاتينية وغرب آسيا آخذة في النهوض”.
وفي اليوم الثاني من زيارته إلى ماناغوا، أشاد آية الله رئيسي إلى “أبطال أمريكا اللاتينية العظماء وشعب نيكاراغوا”، واصفاً “المجلس الوطني النيكاراغوي بأنه دار الشعب في نيكاراغوا”، قائلاً إن “البرلمانات في البلدان المستقلة، التي تقوم على التصويت الحقيقي للشعب ، تعتبر مظهرا من مظاهر تحقيق الديمقراطية وإرادة الشعوب”.
وأشار آية الله رئيسي ، إلى حرب الإرادات بين نظام الهيمنة والشعوب، قائلاً إن “المستكبرين يريدون فرض إرادتهم على الشعوب بمصالح ذاتية وأنانية”، متسائلاً “لماذا لا يطيق المطالبون الزائفون بحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية مثل أمريكا وبعض الدول الغربية الصوت الحقيقي للشعوب بما في ذلك فلسطين ولبنان وأفغانستان والعراق وسوريا وأمريكا اللاتينية؟”.
وفي إشارة إلى رأي الامام السيد علي الخامنئي، رأى رئيس الجمهورية أن “حل القضية الفلسطينية رهن بتصويت أبناء هذا الوطن”، متابعاً “لقد ظلموا الشعب الفلسطيني منذ 70 عاما ولم يسمحوا بتنفيذ الديمقراطية في هذا البلد”.
ووصف رئيسي “الاحتلال العسكري والانقلاب والحصار” بأنها اداة نظام الهيمنة ضد الدول المستقلة، موضحاً أن “أمريكا والدول الغربية تدعي محاربة الإرهاب بالكلام ولكن في الممارسة كما اعترفوا خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، هم من اسسوا جماعة داعش الإرهابية ويدعمونها”.
وتأكيداً على أن الجمهورية الإسلامية دفعت اثماناً كبيرة في مكافحة الإرهاب، تحدث عن “جريمة أمريكا باغتيال الحاج قاسم سليماني كبطل لمحاربة الإرهاب”، قائلاً إن “شعوب العالم لا تصدق مزاعم اميركا الكاذبة في محاربة الإرهاب”.
وفي إشارة إلى أن “الإمبراطورية الإعلامية لنظام الهيمنة تسعى إلى تغيير تصورات الشعوب”، شدد رئيسي على “ضرورة زيادة الوعي من أجل محاربة الاجواء المثارة من قبل العدو”. وقال رئيس الجمهورية إن “إيران الإسلامية دولة متقدمة وتكنولوجية خلافا لرغبات نظام الهيمنة، وأن الشعب الايراني حول التهديدات والعقوبات إلى فرص وحقق تقدما ملموسا”.
وفي السياق، أكد آية الله رئيسي أن “أحداث الشغب في إيران العام الماضي كانت مؤامرة وفتنة من نظام الهيمنة لوقف تقدم الشعب الايراني”، لافتاً إلى أن “الأعداء أخطأوا في حساباتهم، لأن شتلة الثورة الإسلامية الإيرانية ، على عكس اعتقادهم ، أصبحت شجرة قوية لدرجة أنها لن تتضرر من هذه الهزات”.
هذا وقام الرئيس الايراني بزيارة النصب التذكاري لأبطال الثورة في نيكاراغوا، الذين قاوموا الديكتاتورية بين عامي 1979 و 1990.
فلتحيا ايران، فليحيا قاسم سليماني
وخلال استقباله الرئيس الايراني آية الله ابراهيم رئيسي في ماناغوا، أدان رئيس نيكاراغوا دانييل اورتيغا “جريمة الأميركيين في اغتيال بطل مكافحة الارهاب الحاج قاسم سليماني”، قائلاً “فلتحيا ايران، فليحيا قاسم سليماني”.
وأشار رئيس نيكاراغوا، إلى تزامن ثورتي إيران ونيكاراغوا، موضحاً أن “لهما جذور قوية في النضال ضد هيمنة الاستكبار، ولا سيما اميركا التي سعت دائمًا إلى فرض إرادتها على الآخرين”.
ورأى اورتيغا أن “الهيمنة جزءٌ من طبيعة الإمبريالية”، مضيفاً أن “الاستكبار يضغط على الدول المستقلة بحجة حقوق الإنسان والديمقراطية ، لكننا ما زلنا نقف ضده بقوة”. وختم كلمته بعبارة “فلتحيا ايران، فليحيا قاسم سليماني”.
هذا وتوجه رئيس نيكاراغوا إلى الرئيس الايراني بالقول “أنتم شعب مقاوم ولقد قاومتم 60 عاماً ضد الامبريالية وانتصرتم، رجاءً أبلغوا حبي وإحترامي الى قائد الثورة الاسلامية والشعب الايراني”. وأضاف أورتيغا أن “نظام الهيمنة فرض عقوبات همجية على فنزويلا، إلا انه بمساعدة ايران تمكنوا (فنزويلا) من الاستفادة من حقهم الطبيعي”.
إبرام ثلاث عقود نفطية بين إيران وفنزويلا
ووقعت إيران وفنزويلا ثلاثة عقود نفطية في مجال إعادة إعمار وتحديث وحدات البتروكيماويات العابرة للحدود الوطنية وتطوير محطة خوزيه النفطية وتصدير وتجهيز خمس محطات لزيادة ضغط الغاز. وجاء التوقيع على العقود النفطية الثلاثة خلال زيارة الرئيس الإيراني للبلاد.
وكانت إيران وفنزويلا قد وقعتا سابقا عقدين لتصدير 2 مليون برميل شهريًا من مكثفات الغاز الإيراني وتجديد وإعادة بناء مصفاة إل باليتو البالغة طاقتها 140 ألف برميل لتصدير 100 ألف برميل يوميًا من النفط الإيراني.
فيما يلي تفاصيل ثلاث عقود نفطية وُقعت بين البلدين:
1- عقد إعادة إعمار وتحديث وحدات البتروكيماويات العابرة للحدود الوطنية: تم توقيع أول عقد لإعادة إعمار وتحديث وحدات البتروكيماويات العابرة للحدود الوطنية بعد مناقشة المصافي العابرة للحدود الوطنية في الحكومة الحالية. بناءً على ذلك ، ستقوم شركة إيرانية في اطار هذا العقد بإصلاح جزء من وحدات مجمع الأمونيا في فنزويلا ، وسيتم سداد الاستثمار من خلال المشاركة في بيع منتجات هذا المجمع.
تمتلك فنزويلا 12 مليون طن من الطاقة البتروكيماوية الاسمية ، ولكن ما هو نشط منها الان يبلغ 2 مليون طن فقط بسبب العقوبات الأميركية ، وتظهر دراسات الخبراء بوزارة النفط أنه من خلال تصدير الخدمات الهندسية الفنية والمعدات الإيرانية ، يمكن تحويل 4 ملايين طن من القدرة الكامنة لفنزويلا بسهولة الى القدرة الفعلية.
تجري مفاوضات حول مجمعات بتروكيماوية فنزويلية أخرى بالاستفادة من امكانيات القطاع الخاص الإيراني من أجل تصدير خدمات ومعدات هندسية تقنية إلى مجمعات البتروكيماويات الفنزويلية.
2- عقد تطوير مرفأ النفط في فنزويلا: تعتبر محطة خوزيه النفطية في فنزويلا واحدة من أكبر محطتين للنفط في منطقة أميركا اللاتينية التي يتم من خلالها تصدير النفط والمنتجات النفطية واستيراد مكثفات النفط والغاز. وفقًا لهذا العقد ، فإن زيادة التخزين في محطة النفط خوزيه ، واستكمال صهاريج التخزين ، وتحديث أنظمة النقل وزيادة سعة التحميل هي من بين أهداف هذا العقد ، وسيكون تمويل هذا المشروع على عاتق الجانب الفنزويلي.
هذا هو أول عقد EPC لشركات إيرانية في الخارج ، وهي خطوة كبيرة لشركات النفط الإيرانية لتصدير الخدمات الفنية والهندسية ودخول الأسواق العالمية.
سيؤدي تنفيذ هذا المشروع إلى تسهيل وتسريع أهداف التعاون الثنائي بين إيران وفنزويلا فيما يتعلق بتبادل النفط الخام ومكثفات الغاز والمنتجات النفطية ، وفي الوقت نفسه ، سيكون تنفيذه مفيدًا لشركة “بتروبارس” الايرانية وسيدعم العلاقات الاستراتيجية بين طهران وكراكاس.
3- عقد تصدير وتجهيز خمس محطات لرفع ضغط الغاز: تم التوقيع على هذا العقد في مجال أنظمة الأتمتة وأجهزة الاتصالات والأجهزة الدقيقة والقياس عن بعد وغيرها من المعدات اللازمة لمحطات رفع الضغط. سيتم بناء وتركيب المعدات اللازمة لمحطات زيادة ضغط الغاز هذه من قبل الشركات المعرفية الإيرانية.
للمرة الأولى توقع شركات معرفية إيرانية بدعم من وزارة النفط عقد بيع خدمات نفطية معرفية لشركة أجنبية ، ويأتي هذا الإجراء تماشيا مع تنفيذ نهج وزارة النفط في الحكومة الايرانية من أجل دعم الشركات المعرفية الإيرانية النشطة في صناعة النفط.
كذلك، كانت هناك مفاوضات واتفاقيات أخرى بين إيران وفنزويلا فيما يتعلق بتجديد مصفاة كاردون البالغة طاقتها 310 آلاف برميل ، وتطوير حقول النفط ، وتصدير المعدات ، وما إلى ذلك ، والتي لم يتم الإعلان عن تفاصيلها رسميًا في وسائل الإعلام حتى الآن.
هذا وقد وصل الرئيس الإيراني الثلاثاء، إلى عاصمة نيكاراغوا ماناغوا؛ قادما من العاصمة الفنزويلية كاراكاس، في اطار جولته التي بدأها الاثنين على اميركا اللاتينية. وغادر رئيسي مساء الأربعاء، نيكاراغوا متجها الى العاصمة الكوبية هافانا، وذلك تلبية لدعوة رسمية من نظيره الكوبي ميغيل دياز كانيل، وكان في استقباله بالمطار وزير الخارجية هذا البلد برونو رودريغيز بارييا.
المصدر: موقع المنار + مواقع إخبارية