على وقع انهيار مراهنات البعض بالتقاطع على “الموظف في صندوق النقد الدولي ووزير المالية السابق في حكومة فؤاد السنيورة” جهاد أزعور لإيصاله لرئاسة الجمهورية، باتت التساؤلات تطرح عن السيناريوهات المفترضة لما بعد سقوط خيار أزعور.
وهنا من الممكن تسجيل ملاحظات عدة، منها:
-بقاء ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية ثابتا وجديا، بل ترسخه اكثر بعد النتيجة الوازنة التي حققها في ظل الظروف التي عقدت فيها جلسة الاربعاء 14-6-2023، ففرنجية حصل على 51 صوتا في ظل كل الضخ الاعلامي والتهويل السياسي لصالح أزعور، وللاشارة فقط عن نوعية الضغط الذي حصل، ذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية عن “نائب مستقل قوله إنه رفض عرضا بنصف مليون دولار ثمنا لصوته في جلسة أمس، وقال لمحدّثه: ولو، نصف مليون؟ شو عم ننتخب مختار؟”.
-هذه النتيجة لا شك قابلة للتغيير والأصوات المؤيدة لفرنجية قابلة للازدياد مع إمكانية انتقال كتل نيابية عدة من ضفة لأخرى او تغيير مواقفها تبعا لتغير بعض المعطيات، ففي حين يتحدث البعض عن إمكانية تغيير موقف كتلة “اللقاء الديمقراطي” بعد كلام هام لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بأن “لا حظوظ لأزعور بالوصول الى سدة الرئاسة”، وهجوم جنبلاط على سمير جعجع عبر قوله إن الأخير “مرتاح للفراغ ولا يريد انتخاب رئيس”، ما يبشّر بانفصال الجهات المتقاطعة على أزعور بالمرحلة المقبلة.
-إمكانية حصول تغييرات إقليمية – دولية وبروز توافق ما على السير بدعم ترشيح سليمان فرنجية، خاصة مع قرب إنطلاق عمل الموفد الفرنسي الجديد الى لبنان جان إيف لودريان، واللقاء المرتقب الجمعة بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وإمكانية الخروج بتوافق ما حول الملف الرئاسي اللبناني.
-لا بد من ترقب كيف ستتصرف فرنسا مع تلمسها حقيقة ثبات ترشيح فرنجية امام تذبذب وسقوط ترشيحات غيره ولا سيما أزعور ومن يماثله من أسماء مفترضة قد تطرح لاحقا (كما حصل سابقا مع النائب ميشال معوض)، وبالتالي فشل كل الضخ الاعلامي والسياسي باتجاه فرنسا عبر الحديث عن التوافق والاجماع المسيحي، خاصة ان فرنجية حصد نسبة كبيرة من الاصوات المسيحية ناهيك عن تنوع الاصوات التي نالها وطنيا ومن مختلف الطوائف، ما يجعل باريس قادرة على السير بطرح فرنجية للرئاسة بزخم اكبر.
-انطلاقا مما سبق ستبقى الأعين على ما ستكون عليه مواقف “اللقاء الديمقراطي” وكتلة “الاعتدال الوطني”، فـ”اللقاء” صوّت لأزعور بينما كل الترجيحات تتحدث عن تغيير باتجاه فرنجية او غيره بحسب ما تشتهيه المتغيرات الاقليمية – الدولية او التواصل الذي سيحصل حتما بين جنبلاط والرئيس نبيه بري كداعم أساسي لترشيح رئيس “المردة”، أما “كتلة الاعتدال” فهي اكدت بعد جلسة الاربعاء انها في أي جلسة مقبلة ستصوّت لمرشح محدد ولن تكتفي كما فعلت بالجلسة الأخيرة بالتصويت لشعار ما، حيث صوتت باسم “لبنان الجديد”.
-كما ان العيون ستبقى شاخصة الى إمكانية تعيين الرئيس بري جلسة قريبة لانتخاب رئيس الجمهورية، لكن ذلك سيبقى رهنا بحصول متغيرات جديدة تضيف اي شيء على ما حصل بجلسة “سقوط الرهان على أزعور”، خاصة ان رئيس المجلس حث بُعيد جلسة الأربعاء على ضرورة الحوار لانهاء الشغور الرئاسي، كما دعا الى جلسة تشريعية عامة يوم الاثنين في 19-6-2023، ما يؤكد ان حاجة البلد لانجاز ما هو عالق من ملفات معيشية وحياتية وتشريعية بالتوازي مع الاستحقاق الرئاسي الذي يبقى ينتظر الحوار الملحّ.
-لا شك ان الجميع سينتظر مواقف “التيار الوطني الحر” لناحيتين:
*عدم تصويت كل نواب التيار مع خيارات رئيسه جبران باسيل وكيف سيتصرف الأخير للملمة ما جرى، حيث تبين ان عددا من نوابه يرفضون أزعور وربما يرفضون أي خيار آخر يتخذه.
*إمكانية عودة التواصل بين التيار وحزب الله وهل ستعود الاتصالات بعد فشل رهان باسيل على إسقاط ترشيح فرنجية، مع ما قد يحمله ذلك من جديد في الملف الرئاسي.
كل هذه الأفكار وغيرها ستبقى رهن الأيام وربما الأسابيع المقبلة مع ما تحمله من حلول او أجوبة، سواء بالجملة او بالمفرق، لاعادة تركيب الصورة وصولا لانجاز المشهد الرئاسي بما يخدم المصلحة العامة باعتماد الحوار والتوافق كسبيل ضروري للحفاظ على العيش اللبناني الواحد.
المصدر: موقع المنار