رغم كل التهويل الاعلامي والسياسي الذي ترافق مع دعم ترشيح “مرشح التقاطعات” لرئاسة الجمهورية اللبنانية “الموظف في صندوق النقد الدولي ووزير المالية في حكومة فؤاد السنيورة” جهاد أزعور وصولا الى بث بعض الاشاعات التي تتعلق بالامن والاستقرار، إلا ان أزعور لم يحصّل اكثر من 59 صوتا.
ولم تتمكن كل الماكينات التي عملت للتحشيد لأزعور من جذب عدد كبير من النواب لا سيما ممن لا ينضوون في خانة دعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية او ممن هم في خانة “الوسط” إن صح التعبير، وبالتالي فشل الفريق “المقاطعجي” الذي راهن على ترشيح أزعور في محاولة الإطاحة بترشيح فرنجية، فالأخير بقي صاحب الترشيح الثابت والجدي وبقيت الجهات الداعمة له، وفي طليعتها حركة أمل وحزب الله، على جديتها بدعم فرنجية بدون ان تأخذها كل المعارك الوهمية الاعلامية لتسجيل نقاط شكلية بدون أي تأثير فعلي في أرض الواقع.
ولا شك ان فشل ترشيح أزعور يعني انهيار أحلام البعض بإيصال شخص لا يبدو انه قادر على الترفع عن مصالحه الشخصية بالتخلي عن وظيفته في صندوق النقد كرمى لعيون لبنان ورئاسة الجمهورية فيه، فهو لا يريد ترك الوظيفة إلا بعد التأكد من حصوله على “وظيفة” جديدة برتبة رئيس في بلد يعاني الكثير ويحتاج الى عمل قاس للخروج من الأزمات، وبالتالي ما عاد يحتمل مراهنين وباحثين عن مصالحهم الشخصية وانما يحتاج لمن يريد فعليا ان يتحمل المسؤولية لا الهروب منها الى الامام.
وبالتأكيد ان فشل تعويم ترشيح أزعور في جلسة مجلس النواب الـ12 لانتخاب الرئيس وظهور عدم القدرة على إحداث تغيير جذري وفعلي، يدفع الى فتح كوة في جدار الرفض الذي رفعه البعض عندما تمنع عن القبول بالحوار مع الآخرين في لبنان، وتعنت بمعارضة دعوات رئيس مجلس النواب نبيه بري للجلوس وإحداث التلاقي والاتفاق على ما يخرج لبنان من أزماته، فلا شك ان فشل الرهان على أزعور سيكون دافعا قويا للتعقل من قبل البعض للتواضع والبحث عن مصلحة الوطن بدل الاكتفاء بالبحث عن مصالحهم الخاصة.
بالاضافة ان سقوط خيار أزعور سيفتح الباب امام من كان يناور للتوقف عن هذه الامور والبحث بالخيارات الجدية المطروحة، وعدم إضاعة وقته ووقت الناس والبلد بخيارات غير مجدية، والأهم من كل ذلك ان سقوط خيار فوز أزعور كما ترشيحه أدى الى سقوط أقنعة البعض ممن رفع شعارات التغيير والسيادة ومحاربة الفساد وغيرها من العبارات الرنانة التي تبين زيفها عندما تقاطع مع الفاسدين.
ولكن ماذا عمن يدفع باتجاهات غير منطقية لإطالة أمد الفراغ موهما الناس انه يريد انتخاب الرئيس في لبنان؟ وماذا عن المرشح أزعور نفسه الذي ظهر من جلسة 14-6-2023 مدى حظوظه ليس للفوز برئاسة الجمهورية وإنما ليتحول الى “ميشال معوض رقم 2″؟ فهل سيعلن أزعور عوفه عن الترشح ام انه سيواصل المكابرة مع بعض الجهات التي دعمته؟
وبالسياق، كان لافتا ما قاله رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” في لبنان وليد جنبلاط حيث أعلن ان “حظوظ جهاد أزعور بالنجاح في انتخابات رئاسة الجمهورية معدومة وأنه بعد جلسة الأربعاء بينتهي أزعور”، واكد في حديث نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية ان “سمير جعجع لا يريد انتخاب أزعور وهو أساسا مرتاح للفراغ ولا يريد انتخاب رئيس لأنه يكسب على ظهر جبران باسيل، فيما يتيح التقاطع للأخير التقاط أنفاسه مسيحيا”.
وبالتالي يجب انتظار ما ستحمله الايام المقبلة لنفهم مدى وجود إشارات خارجية او اقليمية التقطها البعض للسير باتجاه مغاير في السباق الرئاسي، بما يوقف نزف الوقت الذي نعاني منه ويضر حتما بمصلحة البلد، وهذا ما أشار إليه الرئيس بري بُعيد انتهاء جلسة الانتخاب “لنعترف جميعا بأن الإمعان بهذا السلوك والدوران في هذه الحلقة المفرغة وإنتهاج سياسة الإنكار لن نصل الى النتيجة المرجوة التي يتطلع اليها اللبنانيون والأشقاء العرب والاصدقاء في كل أنحاء العالم، الذين ينتظرون منا أداء وسلوكاً يليق بلبنان وبمستوى التحديات والمخاطر التي تهدده”، وأكد أن “بداية البدايات لذلك هو الإسراع بإنتخاب رئيس للجمهورية وذلك لن يتحقق الا بالتوافق وبسلوك طريق الحوار … ثم الحوار …ثم الحوار , نعم حوارٌ بدون شروط لا يلغي حق أحدٍ بالترشح”، وأشار الى انه “آن الاوان لكي يمتلك الجميع الجرأة والشجاعة من أجل لبنان بسلوك هذا الطريق فهل نحن فاعلون؟”.
المصدر: موقع المنار