إنطلق الأسبوع الحالي على وقع احتدام الحديث عن الاستحقاق الرئاسي اللبناني بعد ان تم ترشيح “وزير المال الأسبق في حكومة فؤاد السنيورة” جهاد أزعور الى الانتخابات الرئاسية، حيث تقاطعت قوى عدة (بينها القوات اللبنانية والكتائب والتيار الوطني وعدد من النواب المستقلين) بشكل مريب على ترشيح أزعور بمقابل ثبات ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية المدعوم من شريحة وازنة وطنيا وسياسيا ونيابيا وشعبيا.
وبعد انتقال أزعور من مرشح يوصف بـ”التوافقي” الى مرشح فريق معين بمواجهة ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، توضحت الصورة بأن من يقف خلف ترشيح أزعور لا يهدف للتوافق بقدر ما يطرحه للتحدي بمواجهة ترشيح فرنجية لإسقاطه او بالحد الادنى -كما يريد البعض- لطرح معادلة الذهاب الى اسم ثالث تتوافق عليه مختلف القوى، علما ان هناك من يحافظ في هذه الخانة على طرح اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون.
ولا شك ان ترشيح أزعور يثير العديد من التساؤلات والإشكالات، لا تبدأ بأنه من فريق سياسي واقتصادي معروف الأداء والأهواء ولا مجال ببعض الضجة الإعلامية إزالة الشكوك والمخاوف حوله، وهو الذي يحتفظ بمنصبه حتى الساعة في “صندوق النقد الدولي” مع ما يمكن ان يثيره هذا الامر من علامات استفهام، علما ان بعض وسائل الاعلام تحدثت ان “أزعور لن يفرّط بمنصبه في صندوق النقد الدولي بهذه السهولة، وبالتالي إن لم يكن جديا ترشيحه لرئاسة الجمهورية فلن يدخل في البازار الانتخابي”.
كما ان ترشيح أزعور حتى الساعة يلقى بالحد الادنى معارضة ممثلي طائفة بأكملها في البرلمان اللبناني (المقصود هنا نواب الثنائي الوطني) بالاضافة الى غيرهم من مختلف الطوائف، ما يطرح تساؤلات عن إمكانية السير بمرشح لرئاسة الجمهورية يخالف الميثاقية ويناقش صيغ العيش المشترك المنصوص عليها في مقدمة الدستور اللبناني، التي أكدت انه “لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”، ففي مقابل التأييد المسيحي الكبير لأزعور إلا انه يعاني معارضات على المستوى الوطني، وبالتالي يجب على من رشحه السعي لمعالجتها إذا ما أراد تعبيد الطريق أمامه للوصول الى قصر بعبدا.
وفي مقابل ذلك فإن ترشيح فرنجية يحظى بغطاء وطني دون وجود طائفة او مكون بأكمله يعارضه، فالرجل لديه من المواصفات والمؤهلات والعلاقات ما يجعله منفتحا على الجميع في الداخل والخارج، ومن ضمنهم من أدينوا بقتل عائلته، وبالتالي لا مجال للمقارنة بين المرشحين فرنجية وأزعور ووضع ترشيحهما في خانة واحدة تمهيدا للحديث عن طرحمها جانبا والسير بمرشح ثالث، لان فرنجية بالنقاط -سياسيا ووطنيا- يتقدم على أزعور ولا يتساويان بين بعضهما البعض.
وبالتوازي مع كل ذلك وبشكل سريع أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري عن موعد الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس للجمهورية في 14-6-2023، ليرد على كل من يحاول توتير الأجواء والقول إن “مجلس النواب مغلق بقرار سياسي…”، وخطوة الرئيس بري الطبيعية والمتوقعة تأتي في ظل عدم وضوح الصورة النهائية لخارطة توزيع الأصوات بين فرنجية وأزعور او غيرهما من الاسماء او الورقة البيضاء التي عاد الحديث عنها من جديد من باب طرح ضرورة التعقل وعدم استفزاز أي فريق لبناني والتواضع والقبول بالحوار والتفاهم بين اللبنانيين لانتخاب الرئيس العتيد.
هذا الحوار المطلوب أدى الى لقاء بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وموفد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، رئيس أسافقة بيروت المطران بولس عبد الساتر، الذي سمع من السيد نصرالله استمرارا لدعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية والتأكيد على أهمية الحوار من أجل انجاز الاستحقاق الرئاسي.
وبانتظار ان تنجلي الأمور وتتضح صورة مجريات الملف الرئاسي وتهدأ بعض الرؤوس الحامية ممن يرفع لواء ترشيح أزعور ويريد إقناع الناس عبر التهويل الاعلامي بأنه بات قاب قوسين او ادنى من الدخول الى قصر بعبدا، علينا البحث عما يريح الأوضاع ويجمع بين اللبنانيين واعتماد الخطاب الوطني الجامع وصولا لتمرير هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها البلد.
المصدر: موقع المنار