قدّم الفيديو الذي سجل محاولة إطلاق صاروخ من جنين باتجاه مستوطنة “شاكيد” في الضفة الغربية، والتقرير الذي كشف عنه رئيس جهاز الأمن العام للعدو “الشاباك”، لمحة عن الساحة الخفية التي تقلق المنظومة الأمنية للعدو، في حين أن التهديد الصاروخي من غزة أصبح منذ فترة طويلة حقيقة مريرة، فإن المقاومة الفلسطينية مصممة على نقله إلى الضفة الغربية أيضاً، وخلق “توازن رعب جديد”.
المراسل العسكري في القناة 14 العبرية، أشار إلى أن الصاروخ الذي جرت محاولة لإطلاقه من جنين باتجاه مستوطنة “شاكيد” في الضفة الغربية، يرفع مخاوف مضاعفة. وبحسب المراسل فإن ما حصل يعتبر تهديدا من نوع جديد من شأنه ان يتطور في شمال الضفة الغربية قريباً. وأضاف، انه من غير المؤكد ان تكون الجبهة الداخلية قادرة على تفعيل الإنذار حالياً.
رئيس جهاز “الشاباك” رونين بار، كشف خلال عملية “درع وسهم” عن قيام “الشاباك” باعتقال 3 من مقاومي حركة الجهاد الإسلامي في 18 نيسان/أبريل الماضي، خلال عملية نفذت في وضح النهار بمخيم جنين، خططوا لصنع صواريخ محلية الصنع، حسب زعمه، بتعليمات وإشراف من القيادي في الحركة طارق عز الدين الذي اغتيل لاحقاً في قطاع غزة.
يذكر أن عمليات إطلاق الصواريخ من الضفة الغربية لم تكن وليدة اللحظة، ففي كانون الأول/ديسمبر عام 1970، تم إطلاق صاروخي كاتيوشا على القدس من قرية بتير، ما أدى إلى إصابة “4 إسرائيليات” ووقوع أضرار.
وفي تموز/يوليو عام 1971، أطلقت 4 صواريخ كاتيوشا من دير بلوط على مستوطنة “بيتاح تكفا”، وقتل في الهجوم “4 إسرائيليات”، وتم بعد أسبوع اغتيال أفراد الخلية التي أطلقت الصواريخ، والتي كانت تحاول التسلل إلى الأردن.
مع بداية الانتفاضة الثانية عام 2000، كانت هناك محاولات خاصة من جنين وطولكرم، لإطلاق صواريخ على الكيان، لكنها لم تنجح، خاصة وأنها كانت صواريخ بدائية، لكنها أظهرت عزم المقاومة الفلسطينية في الضفة على مواصلة محاولاتها لنقل تكنولوجيا الصواريخ من قطاع غزة إلى الضفة الغربية كما ظهر في الأشهر والسنوات القليلة الماضية.
يقول اللواء متقاعد “عاموس جلعاد”، الرئيس السابق للقسم الأمني والسياسي في وزارة الحرب وقسم الأبحاث الاستخبارات إن “الضفة الغربية هي المنطقة الأكثر حساسية بالنسبة لإسرائيل، والصواريخ فيها سلاح مهم جداً، ولا سيما من الناحية النفسية، وكذلك تعتبر تهديداً جسدياً”.
قبل وقت قصير من عملية “السور الواقي” في شباط/فبراير 2002، تراكمت لدى “الشاباك” معلومات عن تهريب صواريخ قسّام من الورش في نابلس إلى مناطق مختلفة بالضفة الغربية، بما في ذلك طولكرم وبيت لحم لإطلاقها على مدينة القدس، وبعد معلومات استخباراتية دقيقة لـ”الشاباك” تم إحباط نقل بعضها بواسطة كمين عند خروج شاحنة من نابلس باتجاه جنين، وعثر فيها على صندوق يحتوي على 8 صواريخ بطول 1.80 متر.
وكشف “الشاباك” في تلك الفترة عن معمل متفجرات لحركة حماس في اليامون قرب جنين كان بداخله صاروخ قسّام جاهز للإطلاق، بالإضافة إلى وسائل قتالية أخرى، واعتقل 14 عنصراً منهم، وكشف التحقيق معهم عن وجود بنية تحتية واسعة النطاق لإنتاج الصواريخ والعبوات بتوجيه وتمويل من قبل مسؤولي حماس في الخارج.
وفي عام 2006، زاد ارتفاع مستوى التهديد بشكل مقلق، وأعلنت مجموعات مقاومة فلسطينية عن إطلاق صواريخ من شمال الضفة باتجاه الكيان، لكن جيش العدو نفى حينها سقوط أي صواريخ ويبدو أنها انفجرت داخل مناطق الضفة، لكن في عام 2008 أعلن فصيل يتبع لفتح عن إطلاقه صاروخ من شمال جنين على مستوطنة “شكيد”، ولكن الجيش نفى حينها ذلك، وبعد أيام داهمت قوة عسكرية أحد الأماكن قرب نابلس وعثرت على صاروخين في المراحل الأولى من التطوير.
آخر محاولة كانت قبل نحو أسبوعين بمحاولة إطلاق صاروخ من محيط طولكرم باتجاه مستوطنة “شكيد”، الذي حمل توقيع اسم “كتيبة العياش”.
مسؤولون سابقون من “الشاباك” يقولون إن المعرفة حول صناعة الصواريخ في الضفة غير موجودة، وأن الأمر ليس بتلك البساطة، ويقولون حتى في ذلك الوقت استغرق بناء القدرة الصاروخية في قطاع غزة سنوات كثيرة، بالرغم من أننا لم نكن في قطاع غزة على الإطلاق.
وقال أحدهم أتذكر نكات السياسيين مثل “شمعون بيريس” الذين ضحكوا من الصواريخ التي أطلقت على “سديروت” في السنوات الأولى، صواريخ القسام القديمة، وقالوا أنها لا تقتل، الطاقة الإنتاجية للصواريخ وصلت إلى نسبة كبيرة، ناهيك بالطبع عن استيراد الصواريخ الجاهزة من إيران، المعرفة ليست شيئاً بسيطاً، وبالتأكيد ليس في الصواريخ، ومع ذلك فالأمر لا يحتاج إلى صواريخ في الضفة الغربية، ويكفي أن يكون هناك مدافع الهاون.
يقدر الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي (INSS) كوبي ميخائيل، أن “حماس والجهاد يبذلان الكثير من الجهد في تطوير القدرات الصاروخية في الضفة الغربية، أعتقد أن حزب الله، بإيحاء من إيران يحاول جاهداً مساعدتهم”.
وأضاف “المنطق الذي يوجههم هو قبل كل شيء خلق تأثير على الوعي وربط الساحات، الضفة وغزة وجنوب لبنان والفلسطينيين في الداخل، ويقدرون أنه بمجرد إثبات قدرتهم على القيام بمثل هذا الشيء، فإنهم سيحرجون إسرائيل بشكل كبير، ويضعون الجمهور الإسرائيلي في حالة من القلق والاضطراب، ويخلقون انقسامات بين الجيش والمجتمع والمستوى السياسي، لأن الجهات الأمنية لن تكون قادرة على الإيفاء بما هو مطلوب منها”.
وتابع “ميخائيل” قوله إن “هذا الشيء بدوره الخطير يشكل مضاعفة القوة بالنسبة لهم، إن القدرة على احداث الضرر أعلى بكثير، لأن إطلاق صاروخ على تجمع سكاني أو على بنية تحتية يمكن أن ينتج عنه تأثير يوازي تأثير عدد من الهجمات التي يتم العمل عليها لمدة طويلة جداً”.
قد يحقق هذا الشيء إنجازات في معركة الوعي ليس فقط أمام “الجمهور الإسرائيلي”، ولكن أيضاً أمام الجمهور الفلسطيني والعالم العربي، لأنه سيكون دليلاً على هشاشة “إسرائيل” والقدرة العالية للفلسطينيين. وستكون هذه دعوة المعركة لديهم – ها قد حان الوقت تعالوا وانضموا إلينا وسنسقط “إسرائيل”.
المصدر: الهدهد + اعلام العدو