ينتقل الملف الرئاسي إلى مرحلة جديدة من المواجهة، مع توجه عدد من القوى السياسية لتبني جهاد أزعور كمرشح جديد لرئاسة الجمهورية، ويجري الحديث أن أزعور سيكون مرشحًا لمن يسمّون أنفسهم “معارضة” إضافة لعدد من نواب “التغيير” يضاف إليهم التيار الوطني الحر، الذي لم يصدر موقفًا رسميًا بهذا الخصوص بعد.
الصورة النهائية لهذه الخطوة لم تتضح بعد، بانتظار الساعات القادمة، فيما يستعد البطريرك الماروني بشارة الراعي لإجراء جولة جديدة على المسؤولين اللبنانيين بعد عودته من زيارة فرنسا والفاتيكان، لا سيما أن الموقف الفرنسي كان واضحًا من أن الإجماع المسيحي على مرشح لا يكفي للمضي به من قبل باريس.
ترشيح أزعور لا يزال قيد النوايا
وجدد رئيس مجلس النواب نبيه بري تأكيده على استمرار ترشيح رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية ومد اليد للجميع من اجل التعاون على انجاز الاستحقاق الرئاسي.
وفي حديث صحفي، اعتبر الرئيس بري ان ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لا يزال قيد النوايا، معلنا انه عندما يصبح ترشيحه جديا سيدعو الى جلسة فوراً.
واعرب الرئيس بري عن ارتياحه للموقف الفرنسي المتمسك بترشيح فرنجيّة. وذكَر الرئيس بري ان السعودية لا تمانع وصول فرنجيّة، ولا تضع “فيتو” على أحد وتدعو إلى انتخاب رئيس وبرنامج إصلاحي وستحكم على هذا البرنامج وتطبيقه.
اسم جهاد أزعور يتنظر تبنيا رسميا
ويتنظر اسم جهاد أزعور تبنيا رسميا.. وفرنسا للراعي: الاتفاق المسيحي حول أزعور غير كاف.
التوافق هو طريق إنجاز الاستحقاق الرئاسي
رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين أكد أن “الطريق الوحيد المتاح لإنجاز استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية هو التفاهم والتوافق، وهذا ما قلناه منذ اليوم الأول، وما زلنا ندعو إليه”، مشيرًا إلى أن “البعض في لبنان ذهبوا يمينًا ويسارًا وطافوا بلدان العالم، وحاولوا أن يتحدثوا إلى كل جهة يسافرون إليها أو تأتي إليهم، وقلنا لهم لا تتعبوا أنفسكم، فكل هذا التعب لا يوصل إلى أي نتيجة”.
مُقتنعون بفرنجية
بدوره، أكد رئيس تكتل نواب بعلبك الهرمل النائب حسين الحاج حسن أن مرشحنا الرئاسي هو الوزير السابق سليمان فرنجية ونحن مقتنعون بأنه الشخص المناسب لهذا الدور، والفريق الآخر كان لديه مرشح واليوم يحاولون الاتفاق على مرشح ثانٍ، ولنرَ ماذا سيحصل بينهم، وهناك تطورات جديدة بدأت تظهر بين اليوم والغد، لكن السؤال الأساسي، أولاً هل الرئيس يمكن أن يحصل انتخابه من دون تفاهم وطني؟.
الرئيس بري ينتظر اتصالات الراعي
صحيفة الأخبار ذكرت أن المعلومات المتوافرة تشير إلى أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يدعو المجلس إلى الانعقاد سريعاً. إذ تبين أن البطريرك الماروني بشارة الراعي كان قد أبلغ الفرنسيين أنه سيقوم بجولة جديدة من الاتصالات مع الأفرقاء المسلمين لإقناعهم بالسير بالتوافق انطلاقاً من وجود مرشحين، لأنه ليس قادراً على مباركة مرشح من دون الآخر، طالما يحظى الاثنان بدعم قوى كبيرة في البرلمان، كما أنه غير قادر على الضغط على أي منهما للانسحاب، وأن كل ما يمكنه القيام به هو تكثيف الحوار بين القوى كافة، علها تصل إلى تفاهم على اسم لا يعتبر فوزه تحدياً لفئة أو طائفة.
وإلى هذا السبب، فإن الاتصالات بين أطراف الفريق الداعم للوزير السابق سليمان فرنجية أسفرت عن ضرورة إعطاء بعض الوقت حتى تبرد السخونة المرافقة لترشيح أزعور، خصوصاً أن احتساب الأصوات في هذه اللحظة لا يعطي نتيجة ثابتة. فيما يراهن كثيرون على أن معركة النصاب ستطل برأسها من جديد.
وقالت مصادر في قوى المعارضة إن “حزبيْ القوات والكتائب كانا يطمحان إلى عقد مؤتمر صحافي يضمّ كل القوى التي تتبنّى ترشيح أزعور أو إصدار بيان مشترك موقّع منها جميعاً”. لكن هذه النقطة لم تحسم بعد، كاشفة أن “السيناريو الأكثر قبولاً حتى الآن، هو الإعلان عن ترشيح أزعور من منزل المرشح السابق للمعارضة النائب ميشال معوض، الذي يفترض أن يقرأ بياناً يعلن فيه انسحابه لمصلحة أزعور، في حضور ممثلين عن «القوات» والكتائب ونواب تغييريين ومستقلين”.
ووفق هذا السيناريو، يتوقع أن يُعلِن التيار الوطني الحر منفرداً تأييد أزعور. وستبدأ عملية التدقيق في حجم الأصوات التي سيجيرها التيار لمصلحة أزعور، في ظل إصرار بعض النواب على رفض التصويت له أو لفرنجية. وقد دخل هؤلاء في حالة ربط نزاع مع رئيس التيار النائب جبران باسيل، ومن غير المعلوم حتى الساعة كيف سيكون رد فعلهم في حال اختصر باسيل موقف التيار بالمؤيدين من دون العودة إليهم.
حلف أزعور يغطي بصراخ الدعوة لجلسة
صحيفة البناء كتبت أنه يجري التحرك نحو بلورة صورة الخطوة التالية من الاستحقاق الرئاسي على إيقاع الشرط الذي وضعه رئيس مجلس النواب نبيه بري لتوجيه الدعوة لعقد جلسة انتخابية، وهو وجود ترشيحين جدّيين، والمقصود كما قالت مصادر نيابية إعلان كتل نيابية بشكل رسمي ترشيح رئاسي واضح، وإعلان المرشح الرئاسي ترشيح نفسه، وفيما ينتظر المرشح سليمان فرنجية الإعلان عن ترشيح منافسه وزير المال في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة جهاد أزعور، المفترض أن يعلن ترشيحه، يبدو الصراخ الصادر لمطالبة الرئيس بري بالدعوة لجلسة محاولة للتغطية على أزمة حلف أزعور، حيث تؤكد مصادر نيابية أن هناك محاولة للتغطية على مأزق مَن سيعلن ومَن لا يريد أن يعلن عن ترشيح أزعور من الكتل النيابية، التي تتوزّع بين مَن يريد أكثر من مرشح، مثل نواب التغيير والتيار الوطني الحر، ومَن يريد حصر الأمر بأزعور مثل القوات اللبنانية وحزب الكتائب.
وبالمقابل هناك مشكلة لدى أزعور فهو لا يريد الاستقالة من منصبه إلا إذا فاز بالرئاسة، وإعلان ترشيحه يستدعي منه الاستقالة من صندوق النقد الدولي وفقاً لقواعد عمل الصندوق، وهو يخشى أن يخرج خاسراً في المكانين، ولذلك فهو يمانع تلبية دعوته لإعلان ترشيحه.
وأكدت أوساط نيابية مطلعة في التيار الوطني الحر لـ”البناء” بأن التيار يرفض أن يسير بمرشح تحدٍ لحزب الله وإن رشح أزعور في هذه المرحلة بمعزل عن فرص فوزه، لكن على الحزب أن يساعد التيار بالاقتناع أولاً بأن دعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية يخالف القرار المسيحي وإرادة الكتل النيابية المسيحية، وثانياً الحوار للتوافق على مرشح ثالث بديل عن فرنجية وأزعور”.
ورأت الأوساط بأن الحل الوحيد لتفادي التصعيد والانقسام السياسي والطائفي هو البحث عن مرشح توافقي بين الثنائي حركة أمل وحزب الله وبين التيار يوافق عليه اللقاء الديمقراطي والتغييريون والاعتدال الوطني. وأوضحت أن “العلاقة ليست مقطوعة مع حزب الله لكن لا حوار وتواصل على المستوى الرئاسي والتي تتطلبها المرحلة والاستحقاق الرئاسي”.
ولفتت الأوساط الى أن “البطريرك الراعي لم يتحدث بأسماء في لقائه مع الرئيس الفرنسي بل همه الضغط باتجاه انتخاب رئيس توافقي وليس رئيس تحدٍ، لكن طريقة طرح فرنجية وفرضه على الآخرين كمرشح أو لا أحد استفزت الأطراف الأخرى لا سيما المسيحية، بخاصة أن المرحلة لا تناسب فرنجية والأوضاع والظروف الاقتصادية والمالية والنقدية تتطلب رئيساً جامعاً لأكبر شريحة نيابية ووطنية يملك رؤية اقتصادية ومالية لإنقاذ البلد، ولا يشكل استمراراً للمنظومة القائمة والسياسات السابقة”.
الانفراجات تتراجع والنكد يُراكم التعقيدات
صحيفة الجمهورية قالت إن الحمولة الزائدة من النكد السياسي التي تُثقل الملف الرئاسي، شَلّته الى حدّ انّه بات عاجزاً عن التقدّم ولو خطوة واحدة الى الامام، فلا قوة دفع محلية وَفّرت له “عكازاً” يستند إليه ويعينه على المشي، ولا قوة الدفع الخارجية استطاعت ان تؤمّن له كرسياً متحركاً يكرُج فيه نحو انتخاب رئيس للجمهورية. والنتيجة الطبيعية لهذا الواقع المشلول هي انّ طريق الانتخاب سينبت عليها العشب.
وذكرت الصحيفة أن الاجواء الواردة من باريس تعكس مستوى عالياً من الإمتعاض لدى المستويات الرسمية الفرنسية، وابلغت مصادر ديبلوماسية موثوقة الى “الجمهورية” قولها: انّ “باريس انتظرَت تجاوباً من القادة السياسيين في لبنان مع جهودها لإنهاء أزمته الرئاسية، لكنها تشعر بالاحباط مِن مَنحى التعقيد القائم، وعدم تفاعل السياسيين مع مصلحة لبنان ومع حاجته التي باتت اكثر من ملحّة للخروج ممّا هو فيه من مصاعب على كل المستويات”.
ولفتت المصادر إلى “انّ موقف الإيليزيه من الملف اللبناني ثابت عند الحسم السريع لملف الرئاسة في لبنان، وفق المسار الذي تقاطعت حوله مع اصدقائها الدوليين، وهو ما تمّ تأكيده للقادة والشخصيات والسياسيين الذين زاروا العاصمة الفرنسية في الاسابيع الاخيرة، وآخرهم البطريرك الماروني بشارة الراعي. فلبنان كما تراه فرنسا امام لحظة تاريخية لانتخاب رئيس على وجه السرعة، والّا فإن الوضع القائم حالياً سينحدر بصورة دراماتيكية الى واقع أكثر صعوبة ومأساوية على كامل مكونات الشعب اللبنانيين، والمسيحيين منهم على وجه الخصوص، الذين يشكّل لبنان نقطة الوجود الوحيدة المتبقية لهم في الشرق”.
ونَسبت المصادر إلى مسؤول رفيع في الخارجية الفرنسية قوله بصوت منفعل امام بعض زواره اللبنانيين: باريس حريصة على لبنان وتريد ان ينعم بالأمان والاستقرار، وهي انطلاقاً ممّا يربطها من علاقات وثيقة وتاريخية مع هذا البلد تبذل أقصى جهدها لحل ازمته، فماذا تنتظرون؟ في بداية الازمة صَرخ وزير الخارجية جان ايف لودريان لنجدتكم وقال: ساعدوا أنفسكم قبل ان ينهار بلدكم، ومع الأسف ما زلنا نرى عكس ذلك في لبنان.
المصدر: موقع المنار + صحف