يتواصل البحث اللبناني في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية ويتركز هذا البحث في محاولة الوصول الى اسم يحوز غالبية أصوات المجلس النيابي، في ظل وجود المرشح القوي والأبرز وهو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وبهذا الإطار عملت مجموعة من الاحزاب المسيحية (التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية) على التوافق مع عدد من النواب المستقلين على التوافق لتسمية “وزير المال السابق في حكومة فؤاد السنيورة المبتورة والفاقدة للشرعية في وقتها” جهاد أزعور، وطرحه كمرشح بمواجهة فرنجية.
واللافت ان من يسمي أزعور اليوم يدعي انه مرشح توافقي على الرغم من موقعه السابق في حكومة السنيورة المذكورة أعلاه، والتي كانت فاقدة للميثاقية بسبب استقالة الوزراء الشيعة يومها، وللتذكير ان تلك الحكومة رفضت الاستقالة واستمرت بعملها وكأن شيئا لم يكن لما يقارب السنتين، ضاربة بعرض الحائط كل معايير العيش المشترك والتوافق بين اللبنانيين، ولنعرف مدى الزعم بـ”حيادية واستقلالية” أزعور، من المفيد الاشارة إلى ما قاله رئيس حزب “القوات” سمير جعجع خلال مقابلته مع جريدة الأخبار اللبنانية الاربعاء 31-5-2023، حيث قال “الرئيس السنيورة على صداقة قوية مع أزعور، وهو تحدث عنه مع كل من يعرفهم..”.
بكل الأحوال البعض يعتبر ان تسمية أزعور اليوم هدفها المناورة فقط وليس السير الجدي به لخوض معركة رئاسة الجمهورية، خاصة من قبل بعض الافرقاء المسيحيين الذين إما أن لديهم مرشح آخر او اكثر، او انهم يريدون طرح اسمه مقابل فرنجية في محاولة لاقناع داعمي الاخير بإمكانية التوافق على اسم آخر، على الرغم من التأكيدات الحاسمة التي كررها أبرز الداعمين لفرنجية وهو ثنائي حركة امل وحزب الله ان لا خيار آخر لديهم غير اسم سليمان فرنجية.
يبقى الاشارة الى ما نقل في بعض وسائل الاعلام ان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حمل رأي الافرقاء المؤيدين لأزعور ونقله الى الفرنسيين خلال اللقاء الذي جمعه الثلاثاء 30-5-2023 بالرئيس ايمانويل ماكرون، وبانتظار ما سيكون لذلك من تبعات في الفترة المقبلة، بالاضافة الى ما ينتج عن أي تواصل فرنسي سعودي حول الاستحقاق الرئاسي اللبناني.
كما ينتظر ما سينتج خلال عن “اللقاء الخماسي” الذي سيعقد في قطر في الثامن من الشهر المقبل، بالاضافة الى امكانية عودة الموفد القطري الى لبنان مطلع الشهر والقيام بحركة جديدة على المرجعيات والكتل النيابية، علما ان كل التسريبات الاعلامية تتحدث عن ان قطر داعمة لوصول قائد الجيش العماد جوزيف عون الى قصر بعبدا، وهي تواصل طرح اسمه في كل فرصة سانحة على الرغم من كل التطورات الداخلية والخارجية التي حصلت.
وبانتظار ان تنضج الامور يسجل حصول نوع من الضخ الاعلامي بأن فرص جهاد أزعور ترتفع وان أسهمه أقوى من غيره، وهي تكهنات غير مؤكدة وقد تكون مجرد “قنابل صوتية” اكثر منها توقعات واقعية مبينة على الأرقام، خاصة في ظل عدم وضوح موقف بعض القوى النيابية بظل التغيرات التي تحصل بالملف الرئاسي، ومن هؤلاء كتلة “اللقاء الديمقراطي” خاصة بعد تقديم وليد جنبلاط استقالته من رئاسة الحزب الاشتراكي والإيحاء ان ملف الاستحقاق الرئاسي يديره نجله رئيس اللقاء تيمور، بالاضافة الى موقف كتلة “الاعتدال الوطني” التي يدور في “الفلك السعودي”، وصولا لغيرهم من النواب المستقلين، كما انه تطرح تساؤلات عن جدية قبول أزعور بالترشح بعد ما نُقل عنه انه لن يقبل بأن يكون مرشحا للتحدي والصدام مع أحد وانه لن يترشح طالما لا توافق على اسمه، فهل يبقى على موقفه ام انه سيبدل رأيه ويقبل الترشيح؟ فحتى معرفة كل هذه المواقف لا بد من الانتظار لرسم صورة أوضح حول ما يجري.
وبالسياق، قال أمين السر العام في الحزب “التقدمي الاشتراكي” ظافر ناصر في حديث لبرنامج “مع الحدث” على شاشة قناة المنار إن “المقاربة الأساسية والثابتة لدينا للتسوية والحل السياسي هي غير محصورة فقط في اسم المرشح لرئاسة الجمهورية وانما في الملفات المرتبطة ومنها رئاسة الحكومة والملفات الحكومية الكبرى”.
بدوره، قال الصحافي والكاتب السياسي توفيق شومان في حديث لبرنامج “مع الحدث” إن “ترشيح أزعور مشابه لترشيح معوض، هو للعرض فقط والمشكلة ليست محصورة باسم الرئيس المقبل وانما ايضا باسم رئيس الحكومة المقبل والملفات ذات الصلة”.
ويبقى السؤال الأهم هو هل سيدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة قريبة لانتخاب الرئيس، حيث نقلت صحيفة “البناء” اللبنانية عما اسمته “أجواء عين التينة” قولها إن “الرئيس بري لن يدعو الى جلسة لانتخاب الرئيس كما يطالب الفريق الآخر لأنه يعتبر بأن هذا الترشيح غير جدّي ولن يصل الى أي مكان ولا تتوافر فيه فرص التوافق، بل هو مرشح يهدف الى استمرار الأزمة وإطالة أمد الفراغ وعرقلة انتخاب الرئيس وقطع الطريق على الوزير السابق سليمان فرنجية، وبالتالي هو مرشح تحدّ وتخريبي سيضرب الشراكة الوطنية والاستقرار الداخلي”.
المصدر: موقع المنار