هذه المرة، يُصر المستوطنون المتطرفون بقيادة وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو وأعضاء “كنيست” أكثر تطرفاً على حشد غير مسبوق للمشاركة في “مسيرة الأعلام” التهويدية، بمناسبة ما تُسميها المنظمات الاستيطانية، بـ “يوم توحيد القدس”، وسط مباحثات بين المستوى “العسكري والسياسي” الإسرائيلي، لتغيير برنامجها خشية من اندلاع مواجهات وتوسيع رقعتها وصولاً إلى قطاع غزة على غرار معركة “سيف القدس” في مايو 2021.
وبالرغم من أن حكومة الاحتلال تُريد إثبات قوتها وقدرتها على تنفيذ وعودها بتنظيم “مسيرة الأعلام”، إلا إنها تحاول جاهدة لتحريف مسارها خوفاً من مواجهات قد تصل نهايتها إلى معركة جديدة مع قطاع غزة، بعدما كسرت المقاومة الفلسطينية هيبتها في “ثأر الأحرار” التي أرضخت بنيامين نتنياهو على شروط سرايا القدس لوقف إطلاق النار.
وفي معركة “ثأر الأحرار” الأخيرة، دكّت سرايا القدس وفصائل المقاومة، المستوطنات و”العمق الإسرائيلي” بـ أكثر من ألف و469 صاروخاً من القطاع، أحدثت دماراً هائلاً في العمران والبنى التحتية، وأجبرت أكثر من مليون مستوطن للهرب إلى الملاجئ، ما دعا إلى أرغامها على شروط المقاومة لوقف إطلاق النار.
نداءات الحشد الصهيونية المتواصلة يقابلها تهديدات وتحذيرات نارية من المقاومة الفلسطينية، بأن “مسيرتكم لن تمر كما تخططون لها، وسنكون لكم بالمرصاد”.
وعلى غير العادة تأخذ “مسيرة الأعلام” التهويدية هذا العام أكثر من مسار، إذ سيتم اقتحام البلدة القديمة عبر الدخول من باب العامود مرورًا بالحيّ الإسلامي، ثم التوجه صوب حائط البراق “في السور الغربي للأقصى”، بينما سيدخل مستوطنون من باب الخليل (أحد أبواب البلدة القديمة)، مرورا بالحي الأرميني إلى ساحة البراق.
رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي، يرى أن حكومة الاحتلال “الإسرائيلي” تُحاول استعادة ماء وجهها الذي فقدته في غزة، بتمرير “مسيرة الأعلام”، مستدركاً: ” لكن عليه أولاً اجتياز الشعب الفلسطيني الذي يرفض هذه المسيرة ويرى فيها تعدياً على حقوقه وثباته وهويته في المدينة المقدسة”.
ويعتقد الهدمي في تصريح خاص لـ “وكالة فلسطين اليوم الإخبارية”، أن الشعب الفلسطيني ومقاومته لن يقبلا بتمرير مسيرة الأعلام خاصة حال إصرارها على الوصول إلى حائط البراق عبر أزقة البلدة القديمة، قائلا: “الفلسطينيون سيدافعون عن مقدساتهم بكل قوة وبسالة، والتوقعات تُشير إلى اندلاع مواجهات واسعة في قادم الساعات”.
مواجهات
وأضاف: “لا اعتقد أن مسيرة الأعلام ستمر وفق مخططات الاحتلال، لأن ذلك يعني اندلاع مواجهات كبيرة وستكون دموية خاصة في ظل المستوى العالي من الاستفزازات التي يقوم بها قطعان المستوطنين بمشاركة وزراء وأعضاء كنيست متطرفين”.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال الذي خرج من مواجهة عسكرية قريبة مع المقاومة في قطاع غزة، سيحاول عدم الانجرار إلى معركة أخرى، لذلك هناك توقعات بتغيير برنامج مسيرة الأعلام خشية من توسع رقعة المواجهة وصولاً إلى تدخل المقاومة في قطاع غزة.
وتابع: “حكومة الاحتلال تنظر إلى أن السيادة على فلسطين تبقى منقوصة ما لم يتم السيطرة بشكل كامل على المسجد الأقصى المبارك والمدينة المقدسة، ومسيرة الأعلام شكل من أشكال إظهار السيادة على الأقصى والقدس”.
“ثأر الأحرار” جديدة
من جانبه، يرى المختص في شؤون القدس د. جمال عمرو، أن حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة تحاول تحقيق أي إنجاز أو انتصار لها بشأن الأقصى لاستعادة كرامتها وخسارتها التي مُنيت بها بعد معركة “ثأر الأحرار” عقب العدوان الأخير على غزة.
ويرى د. عمرو في تصريح صحفي، أن ما يجري في المسجد الأقصى من اقتحامات بأعداد كبيرة بمثابة اجتياح عسكري غير مسبوق من المستوطنين بحماية قوات الاحتلال “الإسرائيلي”، مشيراً إلى تحويل الأقصى إلى ثكنة عسكرية ونشر كل عناصر الخاصة و”حرس الحدود” في باحاته وعند أبوابه لتأمين اقتحامات هؤلاء المتطرفين قبيل تنفيذ “مسيرة الأعلام” في القدس المحتلة.
وأضاف: “نحن أمام تحدي واجتياح عسكري هائل بدأ منذ يومين بمشاركة كل أذرع الاحتلال الأمنية والاستخباراتية والعناصر المدججة بالسلاح استعدادًا للمسيرة الاستفزازية التي تنطلق مساء اليوم من غربي القدس وصولًا إلى باب العامود”، معتبراً أن منع قوات الاحتلال دخول الشبان للأقصى منذ صلاة الفجر ولم تسمح إلا لأعداد قليلة بالدخول له، يهدف لفرض هيمنتها وسيطرتها وتأمين الحماية الكاملة للمتطرفين أثناء الاقتحامات.
ويعتقد أن القدس ستشهد استفزازات واعتداءات من المستوطنين والاحتلال تزامنًا مع “مسيرة الأعلام” والتي سيتخللها رفع أعلام الاحتلال في منطقة باب العامود وصولًا إلى حائط البراق غربي الأقصى، قائلا: “ما يُسمى بوزير الأمن القومي المتطرف “إيتمار بن غفير” يحاول استفزاز المسلمين والفلسطينيين عبر السماح لجيش الاحتلال بمنع رفع العلم الفلسطيني بالقدس وإبعاد المقدسيين بشتى الوسائل عن المدينة”.
ودعا عمرو، لضرورة الحذر من خطورة تصاعد الأوضاع في القدس بسبب “مسيرة الأعلام والاحتلال يراقب ردود فعل الشارع الفلسطيني تجاه ما سيجري خلال المسيرة، والتصدي لهذه المسيرة الاستعراضية بكل قوة عبر تكثيف التواجد والرباط في منطقة باب العامود ورفع العلم الفلسطيني.
بدأت أفواج من المستوطنين يتقدمهم “الحاخام المتطرف يهودا غليك” باقتحام ساحات المسجد الأقصى المبارك بحماية من قوات الاحتلال، تزامناً مع يوم “مسيرة الأعلام” التهويدية”.
وأفادت مصادر مقدسية، أن مئات المستوطنين المتطرفين مقسمين على جماعات يواصلون اقتحام المسجد الأقصى المبارك ويدنسون باحاته.
وأغلقت قوات الاحتلال “الإسرائيلي” فجر اليوم الخميس 18 ايار/ مايو 2023، أبواب المصلى القبلي تمهيداً لاقتحام المستوطنين المتطرفين المسجد الأقصى المبارك.
المصدر: فلسطين اليوم