عندما تذكر مصطفى بدر الدين لا بد أنك تذكر المقاومة، القائد الذي نشأ وترعرع في شوارع وأزقة الضاحية الجنوبية لبيروت وبالتحديد في الغبيري، عشق المقاومة وتربى على حب فلسطين ولازم البندقية منذ نعومة أظافره ولم يعرف حياة بعيدة عن المقاومة وحزب الله، فهو فتى من أبناء ذلك الجيل المؤسس ممن آمنوا بربهم فزادهم هدى وفتح الله على أيديهم وأسسوا للأمة مقاومة هدفها واضح وبوصلتها محددة وفلسطين هي الهدف.
هذا الفتى كَبُر وبات قائدا مقاوما ومن ثم شهيدا وبات بالإمكان الحديث عنه كما لم يكن ممكنا من قبل، فالسيد ذوالفقار الذي استشهد في سوريا يوم 13 أيار/مايو من العام 2016، كان حاضرا في الميدان منذ الطلقة الأولى ولم يترك الساحة إلا لأسر أو جرح أو شهادة، وبالإمكان القول إنه كان حاضرا في كل المحطات الأساسية التي عاشتها المقاومة بمواجهة العدو الاسرائيلي منذ العام 1982 وحتى اليوم وربما لسنوات طويلة قادمة بفعل عمله وتأسيسه وإنجازاته.
ويمكن الاشارة الى بعض المحطات التي كان للسيد ذوالفقار بصمة فيها، ومنها:
-حضوره في الميدان في مواجهات خلدة كما بقية رفاق دربه المقاومين الذي بادروا للتصدي للاجتياح الاسرائيلي للبنان الذي وصل الى بيروت في العام 1982، وبعدها اشتد عود المقاومة اللبنانية والاسلامية لتأخذ مداها في كل المناطق المحتلة وصولا لطرد الاحتلال من غالبية الأرض اللبنانية المحتلة في أيار/مايو من العام 2000.
-حضوره بشكل مؤثر في قيادة العمل العسكري للمقاومة بجانب رفيق دربه القائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية (الحاج رضوان)، وصولا لتثبيته معادلات الردع لحماية المدنيين خلال عدوان نيسان/ابريل من العام 1996.
-دوره البارز في تطوير قدرات المقاومة الأمنية والعسكرية وقيادته لعملية أنصارية الشهيرة وما تكبده العدو من خسائر فادحة فيها على مختلف المستويات البشرية والنفسية والامنية والعسكرية والاعلامية.
-حضوره في قيام الجهاز الامني للمقاومة بكشف وملاحقة شبكات عملاء العدو الاسرائيلي التي كان يزرعها الصهاينة في الداخل اللبناني.
-حضوره المباشر في عمليات التفاوض غير المباشرة لاطلاق سراح الاسرى اللبنانيين في معتقلات العدو الاسرائيلي، ومن بينها التفاوض لاطلاق سراح الاسرى بعد حرب تموز 2006 وعلى رأسهم عميد الاسرى الشهيد سمير القنطار.
-إشرافه على عمل الاعلام الحربي في المقاومة بما قدمه هذا الجهاز من نشر انتصارات المقاومة وعملياتها وما حققه هذا الاعلام في وظيفة مؤثرة في الحرب النفسية في العدو الاسرائيلي ومن ثم الارهاب التكفيري، وقدرته على نقل الصورة الحقيقية لانجازات المجاهدين في الميدان.
-حضوره المباشر في صدّ العدوان الارهابي على سوريا، من خلال قيادته للعمليات العسكرية والامنية للمقاومة وضرب المخططات التي استهدفت المقامات الدينية (الاسلامية والمسيحية) وصولا لحماية لبنان من الارهاب التكفيري وتحرير الجرود المحتلة في سلسلة جبال لبنان الشرقية وحماية القرى الحدودية والداخل من التفجيرات التي كان يعد لها الارهابيون.
لا شك ان قامة بحجم الشهيد السيد مصطفى بدر الدين ستبقى حاضرة ما حيينا في مجتمع المقاومة وعلينا مواصلة الطريق وتحمل المسؤولية تجاه دماء الشهداء حتى تحقيق المبتغى، وبالسياق، قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد السيد ذوالفقار “بالنسبة لنا دماء الشهيد السيد مصطفى بدر الدين، دماء شهدائنا وجرحانا، وآلام أسرانا وتضحيات شعبنا، تحملنا المسؤولية الأكبر والتي يجب أن نكون بمستواها، رحم الله شهيدنا القائد وكل الشهداء، الذين هم مدعاة إفتخارنا وإعتزازنا وهم الخزان الوجداني الهائل والقوة المعنوية الهائلة التي تدفعنا إلى الامام على أمل الإنتصار…”.
المصدر: موقع المنار