حظيت زيارة الرئيس الإيراني السيّد إبراهيم رئيسي إلى دمشق، باهتمام ومتابعة خبرية وتحليلية، من وسائل الإعلام العبرية ومن المُعلّقين والخبراء فيها، في ظل غياب مواقف رسميّة من جانب المؤسّستين السياسية والأمنية.

وفيما تعدّدت القراءات الإعلامية بشأن التوقيت والدلالات والأهداف، بدا أنّ الخيط الموحّد لمجمل المقاربة الإعلامية هو خيط القلق العام، واعتبار أنّها تعكس صورة انتصار محور المقاومة.

وعلى تعدّد الاتجاهات التي سلكتها المقاربة الإعلاميّة (السياق والتوقيت، والأهميّة، والغاية المركزية منها والرسائل والدلالات، وغيرها من العناوين التفصيلية)، على الرغم من ذلك فإنّ ثمّة اتجاه عام مُوجِّه، يُشير إلى أنّها تعبّر عن تعزّز محور المقاومة الذي تقوده إيران، وأنّ مؤشّراتها بالنسبة للكيان سلبية.

“هذه الزيارة وهذا اللقاء ليس خبرا سارا للامن القومي الاسرائيلي”
ايال بن رؤوفيم قائد الفيلق الشمالي في الجيش الصهيوني

الزيارة التي وُصِفت بالتاريخية والرمزية، وقيل إنّها “قمّة الشر والإرهاب”، وُضِعت في سياق زمني، عُدّ مهماً وحساساً، من النواحي السياسية والأمنية، إن لجهة التحوّلات الإقليمية والدولية التي تعمل – بالمجمل – لمصلحة إيران وحلفائها، وفكّ العزلة العربية عن إيران وسوريا، لاسيّما التقارب الإيراني – السعودي، أو لجهة الظروف السلبية التي يمر بها الكيان.

وفي قراءة الغاية المركزية من الزيارة، كان التباين واضحاً، بين من عدّها محاولة إيرانية لإعادة تشكيل الساحة السياسية – الإقليمية وفق معايير طهران، حيث قال عساف جبور ماكوريشون ” من وجهة نظر عسكرية وأمنية، تهدف زيارة رئيسي إلى إبراز الجبهة الموحدة بين إيران وسوريا، جارة إسرائيل، كجزء من التحالف الأكبر الذي تشكله إيران مع حزب الله في لبنان وروسيا والصين. أظهر التحالف مؤخرًا علامات توسع مع دفء علاقات إيران مع المملكة العربية السعودية وتركيا. من وجهة نظر إيران، فإن وحدة القوات معدة لتحالف ضد إسرائيل أو بلغتها “القوة الصهيونية”. وبين من شدّد على أنّ البُعد المركزي للزيارة هو بُعد اقتصادي، في إطار المنافسة المستقبلية بين طهران والرياض على إعادة إعمار سوريا، وقطف الثمار الاقتصادية والسياسية لهذه العملية.

الخبير في الشأن الصهيوني علي حيدر ضمن برنامج بانوراما اليوم حول الموقف الصهيوني من زيارة رئيسي الى سوريا

من جهة ثانية، لَفت مُعلّقون إلى ما أسموه “الاستقبال الإسرائيلي الحارّ” للسيّد رئيسي، في “تزامن أحداث”، حيث قصف الكيان في حمص بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيراني، واستقبلت الرئيس الإيراني بقصف مطار حلب.

رسائل تعتبر على المستوى الميداني فشلا كبيرا للكيان المؤقت، فمن خلال الاعتداء على سوريا كان الكيان قد اعلن انه يريد ان يخرج ايران من سوريا، وها نحن نرى الرئيس رئيسي في سوريا واما الحديث عن المعركة بين الحروب فتعتبر الاعتداءات على سوريا من العام 2018 وحتى الان فشلا استراتيجيا وهذا تقدير صهيوني، حيث كان معهد الابحاث الامن القومي في الكيان المؤقت قد اجرى قراءة لاستراتيجية المعركة بين الحروب يقول فيها انه في عامين (2018- 2019) كان عدد الضربات في سوريا بين 30 و32 ضربة في العام اما في اعوام (2020-2021-2022) كان عدد الضربات بين 42 لـ43 ضربة، ويكمل المعهد هل هذا الحجم من الضربات بامكانه منع بناء قدرات عسكرية للمقاومة او حتى تدمير الدولة السورية، الجواب هو لا، خاصة ان 50% من الضربات هي لمنشآت للجيش السوري.

أما بشأن الرسائل والدلالات لزيارة السيد رئيسي، فإنّ الزيارة – برأي البعض – تدلّ على أنّ إيران في ذروة ارتياحها، الإقليمي والدولي، فالزيارة تمثّل “إشارة انتصار إيراني”، فيما يواجه الكيان ذروة أزمة سياسية واجتماعية غير مسبوقة.

وفي مقابل من رأى أنّ الزيارة تعبّر عن تتويج مسار سابق، عبر قطف ثمار سياسية في المنطقة، قدّر آخرون أنّها تمثل بداية مسار، فهي زيارة تأسيسيّة للعهد الإيراني الجديد في المنطقة.

الخبير في الشأن الصهيوني علي حيدر ضمن برنامج بانوراما اليوم حول وحدة الساحات

في الخلاصة، أصبح الكيان الصهيوني يدرك ان وحدة الساحات لم تعد مسألة نظرية وهو ما قاله هرتسي هاليفي “الجيش الان ينصب تركيزه على بلورة وصياغة الاستراتيجية التي سيتم بناء خطة المتعددة السنوات لبناء القوة مع التركيز مع بناء قوة لحرب متعددة الساحات”، وهذا تحول خطير في مجرى الصراع مع الكيان المؤقت.

المصدر: قناة المنار