مع دخول الأحداث في السودان يومها السابع، أعلن كل من الجيش وقوات الدعم السريع الموافقة على هدنة إنسانية لمدة اثنين وسبعين ساعة تبدأ من السادسة صباحاً بتوقيت البلاد، وذلك بمناسبة حلول عيد الفطر.لكن هذه الهدنة، وهي الثالثة بعد هدنتين تمّ خرقهما، تبقى حذرة في ظل تبادل اتهامات بخرقها بين طرفي الصراع بعد فترة قصيرة من الإعلان عنها. ويبدو أن ما قيل ليس مجرد اتهامات، إذ إن الجيش أعلن “مواصلة العمليات في كل ولاية الخرطوم”، وأن الهدنة “هي مدة لمساعدة ما تبقى من قوات الدعم السريع التي تريد الإنسحاب والهروب”.
وفي السياق، فقد أكدت قيادة الدعم السريع، في بيان الجمعة، أن “أحياء العاصمة السودانية الخرطوم استفاقت في أول أيام عيد الفطر على وقع قنابل الطائرات والمدافع الثقيلة في هجوم كاسح من الجيش”.
هذا وقد أعلن الجيش السوداني صباحاً شنّ قصف مكثف على قوات الدعم السريع في جنوب الخرطوم، لافتاً إلى “مواصلة العمليات في كل ولاية الخرطوم”. وقال الجيش السوداني، في بيان له إنه “نشر آلافا من عناصر القوات المسلحة والمخابرات والاحتياطي لعمل مسح بري كامل لولاية الخرطوم”، مضيفاً أن “المسح يأتي بعد نجاح عملية حسم جوي استهدفت نقاط تواجد المليشيات في الخرطوم فجراً”.
وردا على تداول معلومات حول عملية تفاوض، أكدت القوات المسلحة السودانية أن “التفاوض الوحيد هو لتسليم العتاد والسلاح فقط، وغير ذلك مجرد أكاذيب تهدف إلي رفع الروح المعنوية للتمرد المنهار، والدليل على ذلك إعلانهم عن هدنة من طرف واحد لمدة 72 ساعة”.
وطلبت القوات المسلحة السودانية من السودانيين “الصبر وتحمل ما تبقى من العمليات التي هي في آخرها، والدعاء للقوات المسلحة فهي الآن تدافع عن الوطن ضد عدوان خارجي بأياد داخلية”.
وأشارت تقارير إعلامية إلى تواصل الاشتباكات العنيفة بالأسلحة الثقيلة بين الجيش والدعم السريع في أمدرمان قرب سلاح المهندسين. ونقلت تقارير محلية عن شهود أن الجيش بدأ باستخدام صواريخ موجهة عالية الدقة لأول مرة منذ بدء المعارك.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني قائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان، قال إنه لن يقبل بهدنة مع قائد الدعم السريع، طالما أن قواته تتواجد في الأحياء السكنية وتعطل المرافق العامة في الخرطوم. وأعرب البرهان في كلمة بمناسبة حلول عيد الفطر، عن الأمل “في أننا مع شعبنا العظيم سنتجاوز هذه المحنة ونخرج منها أكثر وحدة وقوة وتماسكا”. وقال “إننا على ثقة في تجاوز هذه المحنة بالدربة والحكمة والقوة، وبما يحافظ علي أمن ووحدة البلاد ويمكننا من الإنتقال الآمن للحكم المدني”.
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه قيادة الدعم السريع صباحاً ، موافقتها على إعلان الهدنة مشيرة في بيان لها أنه “بناءً على تفاهمات دولية وإقليمية ومحلية وافقنا على الهدنة لفتح ممرات إنسانية لإجلاء المواطنين وإتاحة الفرصة لهم لمعايدة ذويهم”.
بسم الله الرحمن الرحيم
قيادة قوات الدعم السريع
بيان هام
21-4-2023
بناءًا على تفاهمات دولية واقليمية ومحلية وافقنا على هدنة انسانية لمدة 72 ساعة تبدأ اعتبارًا من الساعة السادسة من صباح اليوم .
وننوه الى ان الهدنة تأتي تزامنا مع عيد الفطر المبارك ولفتح ممرات إنسانية لاجلاء… pic.twitter.com/tkzqbLO69G— Rapid Support Forces – قوات الدعم السريع (@RSFSudan) April 21, 2023
وتلقى قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان اتصالات هاتفية من رؤساء دول أفريقية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووزراء خارجية الولايات المتحدة والسعودية وقطر، وذلك من أجل وقف العنف واللجوء إلى الحوار لإنهاء القتال الدائر. كما ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأطراف المتناحرة في السودان الالتزام بوقف إطلاق النار خلال عطلة عيد الفطر للسماح للمدنيين بالوصول إلى مناطق آمنة.
يٌذكر أنه سبق أن تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن هاتفيا بشكل منفصل مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، لحضهما على “وقف إطلاق النار وفرضه في كل أنحاء البلاد حتى نهاية عيد الفطر” أي الأحد 23 نيسان/أبريل، حسبما ذكر بيان للخارجية الأمريكية.
السودانيون يستقبلون العيد رغم كل شيء
وأدّى السودانيون اليوم صلاة عيد الفطر المبارك، رغم تصاعد حدة الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في أكثر من مدينة ومنطقة.
وفي العاصمة الخرطوم حيث تتركز المواجهات، أدت مجموعات من السكان صلاة العيد في عدد من المساجد والساحات العامة في المدن الثلاث الخرطوم والخرطوم بحري وام درمان.
وتعذر إقامة صلاة العيد في عدة أحياء في العاصمة بسبب التدهور الأمني واستمرار القصف المتبادل بين الجيش والدعم السريع، فيما بدا الوضع مختلفا في الولايات، لا سيما في المناطق التي خفت فيها حدة المواجهات أو تلك التي لم تشهد مواجهات أصلا.
ففي مدينة بورتسودان، ثاني أكبر مدن البلاد والواقعة على البحر الأحمر، أدى السكان صلاة العيد في أكثر من موقع.
وفي ولاية النيل الأزرق جنوبي البلاد، أدت جموع من المواطنين صلاة العيد في إحدى الساحات العامة بمدينة الدمازين عاصمة الولاية. وتناول خطيب الصلاة الأوضاع الراهنة في البلاد، داعيا طرفَي الصراع إلى وقف الاقتتال.
243 قتيلاً منذ بدء الصراع
وقالت نقابة الأطباء في السودان إن 13 مستشفى في العاصمة الخرطوم ومناطق سودانية أخرى تعرضت للقصف خلال الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع فيما تعرض 19 مستشفى للإخلاء القسري. كما ذكرت النقابة أن 55 مستشفى توقف نهائيا عن الخدمة بسبب المعارك.
هذا وأعلنت نقابة الأطباء اليوم ارتفاع عدد الضحايا المدنيين الذي سقطوا منذ بدء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى 243 قتيلاً و1335 مصاباً.
المصدر: موقع المنار