ليس كغيره من الشهور.. رمضان شهر الصوم والعبادة والتقرب من الله تعالى، وكذلك شهر للجهاد والانتصارات، فقد جمع بين الجهادين، الأكبر والأصغر.
ولأن الأكبر هو جهاد النفس، وتهذيبها وهذا أحد علل الصوم، غير أن الجهاد الأصغر كان حاضراً في هذا الشهر، منذ بداية الدعوة الإسلامية، وحتى يومنا هذا.. من غزوة بدر الكبرى ويوم الفرقان (2هـ – 624مـ) إلى سيف القدس (1442هـ – 2021مـ).
1397 سنة، جرت خلالها على الأمة الإسلامية حوادث كبيرة، ومصاعب عدة، لكنها حملت أيضاً انتصارات… وشهر رمضان الكريم كان المحور، الذي دارت عليه كل تلك الأحداث، حتى سمي بـ “شهر الانتصارات”، بسبب أن العديد من المعارك الإسلامية الهامة والاستراتيجية، كانت في هذا الشهر.
ولعل غزوة بدر هي المحطة الاولى، التي غيرت مجرى الدعوة الإسلامية، وجعلت المسلمين في ذلك الوقت قوة عسكرية وسياسية لا يستهان بها. واستتبعت الإنتصارات بفتح مكة (8هـ – 630مـ)، الذي أسس لقيام الدولة الإسلامية، والتي استمر بنيانها الفكري والإداري والسياسي حتى يومنا هذا.
وأيضاً، هناك غزوة الطائف (8هـ – 630 مـ)، وفيها حاصر النبي (ص) مشركي المدينة من ثقيف حتى أسلموا، وفيها كسر أمير المؤمنين (ع) أصنامهم.
غزوة تبوك (9هـ – 630مـ) والتي جُهزت في عام العسرة، لقتال الروم، الذين كانوا يستعدون للهجوم على المدينة المنورة، عاصمة الدولة الإسلامية الوليدة في ذلك الوقت. وانتهت الغزوة بفرار الروم رغم أنه لم يجر قتال فيها. لكنها حققت اهدافها، بإبعاد خطرهم عن المناطق الإسلامية.
وأكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي داوود شهاب في مقابلة مع موقع المنار، أن رمضان هو شهر الهمة، وليس غريباً أن سجل المسلمون في تاريخهم انتصارات كبيرة، شكلت نقطة تحول في تاريخ الإسلام.
وفي العصر الحديث، فإن حرب تشرين التحريرية (1393 هـ – 1973 مـ)، حصلت أيضاً في رمضان، حيث أشعلت هذه المعارك الامل بالأمة بتحرير القدس، بعد الإنتصارات التي حققها الجيشان السوري والمصري على جبهات القتال.
وأيضاً، هناك معركة سيف القدس (1442 هـ – 2021 مـ)، التي تعد المعركة الأولى التي بدأتها المقاومة الفلسطينية، وحددت ساعة انطلاقها واهدافها، ورسخت وحدة المسار بين الضفة وغزة، وأكدت على محورية القدس في أي قتال جديد. وأظهرت قدرة المقاومة على تغيير المعادلات العسكرية والسياسية في فلسطين، وكشفت عن هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، عسكرياً وسياسياً.
وفي الصراع مع العدو الصهيوني، اكد القيادي شهاب أن العرب والمسلمين سجلوا انتصارات كبيرة، أبرزها حرب اوكتوبر 1973، وأيضاً المقاومة الفلسطينية حققت انجازات هامة، وأهمها عملية زقاق الموت ( 1423 هـ – 2002 مـ)، في مدينة الخليل، بالإضافة إلى معركة سيف القدس، الخالدة في الذاكرة الفلسطينية والإسلامية والعربية.
وشدد شهاب، أن العدو الصهيوني، يخشى تكرار المواجهات وجولات الصراع خلال رمضان، وهذا يدل على أن عزيمة المسلمين في هذا الشهر أشد قوة وبأساً.
وبالإضافة إلى أنه شهر للمعارك والانتصارات، فإن لهذا الشهر مكانة كبيرة لدى المسلمين، تشكل حافزاً لهم، للتحرر ومقاومة الظلم، ومنها:
– نزول الكتب المقدسة على نبي الله إبراهيم (ع)، والنبي موسى بن عمران (ع)، ونزول الإنجيل المقدس على النبي عيسى بن مريم (ع)، وكذلك نزول الزبور على نبي الله داوود بن سليمان (ع).
– نزول القرآن الكريم، وهو الكتاب المقدس لدى المسلمين.
– الإسراء والمعراج، وفيه أسرى الله الرسول الأعظم (ص) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم العروج به إلى السماء، قبل الهجرة بـ 6 أشهر.
– ومن المناسبات العظيمة في هذا الشهر أيضاً، استشهاد مولى الموحدين أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) في مسجد الكوفة سنة 40هـ.
جميع هذه المناسبات، جعلت من شهر رمضان الكريم المحفز للمسلمين على القتال، وليس أولى من القتال في القدس، وهذا ما يدركه الصهاينة جيداً، لذلك هم يتخوفون كل عام من رمضان، ومن قوة الدفع والمعنويات العالية التي يعطيها هذا الشهر للفلسطينيين وللأمة الإسلامية، فهو ليس شهراً للترفيه، كما تريد الإمبراطوريات الإعلامية وسمه، بل هو أقل ما يمكن أن يطلق عليه “شهر الإنتصارات”.
المصدر: موقع المنار