شكل الاتفاق السعودي الإيراني، باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين المقطوعة منذ عام 2016؛ صفعة قوية لكيان الاحتلال، وزعيم حكومته بنيامين نتنياهو، كونه أحبط جهودًا “إسرائيلية” استمرت لأعوام من أجل بناء تحالف إقليمي ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفق محللون.
وشهدت الساعات الماضية ردود فعل ساخطة على نتنياهو من مسؤولين كبار وزعماء أحزاب يهودية، معتبرين الاتفاق بين إيران والمملكة العربية السعودية، “فشل كبير لنتنياهو وحكومته اليمينية، وانتصار سياسي لإيران”، موضحين أنه يمثل “انهيارًا للتحالف الإقليمي ضد طهران”.
“عليه الاستقالة”
رئيس وزراء الاحتلال السابق، نفتالي بينت قال إنّ “تجديد العلاقات بين السعودية وإيران تطور خطير لإسرائيل وانتصار سياسي لإيران، كما أنه ضربة قاتلة لجهود بناء تحالف إقليمي ضد إيران”.
وذكر بينت في تغريدة عبر حسابه بتويتر، أنّ الاتفاق “فشل ذريع لحكومة نتنياهو ناجم عن مزيج من الإهمال السياسي والضعف العام والصراع الداخلي”، فيما عقّبت زعيمة حزب العمل اليهودي، ميراف ميخائيلي، بالتشديد على أنّ “حكومة نتنياهو الخطيرة لن تدوم طويلا بعد هذا الاتفاق”.
وقالت ميخائيلي: إنّ “تجدد العلاقات بين السعودية وإيران العدو الأكبر لإسرائيل فشل كبير من قبل نتنياهو وحكومته، التي بات زوالها أمر مفرغ منه، لكن الضرر الهائل الذي سببته لأمننا، سنستغرق سنوات لإصلاحه”. الأمر ذاته ذكره وزير حرب الاحتلال السابق “بيني غانتس”، حين قال إن “استئناف العلاقات بين إيران والسعودية تطور مقلق”.
بدوره قال رئيس حكومة الاحتلال السابق، يائير لبيد: “إن التحديات الأمنية الهائلة التي تواجه إسرائيل، تتزايد ورئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) وحكومته مشغولون بالانقلاب السلطوي”، مضيفاً “بصفتي شخصا كان شريكا لسنوات طويلة في بناء وصيانة تحالف المعتدلين – أصرح بأن نتنياهو تخلى عن أمن إسرائيل وهذه هي النتائج”، بحسب تعبيره.
وطالب زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، أفيغدور ليبرمان، زعيم حكومة الاحتلال نتنياهو بتحمل مسؤولية عواقب الاتفاق السعودي الإيراني على “إسرائيل”، داعيًا إياه إلى الاستقالة من منصبه .
وقال ليبرما “تجديد العلاقات بين إيران والسعودية فشل ذريع لنتنياهو مسجل باسمه وحده، لقد أوصلنا لوضع لم نشهده من قبل، سيكون لتجديد العلاقات عواقب وخيمة على ساحة الشرق الأوسط بأكملها وأيضًا على أمن (إسرائيل) على نتنياهو تحمل المسؤولية والاستقالة”.
“صفعة مدوية”
من جانبه، يرى الباحث في الشؤون “الإسرائيلية”، صالح النعامي، أنّ هذا الاتفاق شكّل صفعة مدوية لنتنياهو، مشيرًا إلى أنّه يمثل كذلك دليلا على فشل إستراتيجيته الهادفة إلى عزل إيران وبناء تحالف إقليمي في مواجهتها. وذكر النعامي، أنّه “بمجرد أن تم الإعلان عن الاتفاق حتى تعرض نتنياهو لهجوم كاسح من قبل المعارضة والنخب العسكرية والأكاديمية، التي عدت الاتفاق “انتصارا سياسيا مدويا لإيران”، كما قال رئيس الحكومة السابق بينت.
وبحسب النعامي، فإنّ “إسرائيل تخشى أن يحسن الاتفاق الإيراني السعودي من فرص التوصل لتفاهمات أخرى بين الجانبين، سيما فيما يتعلق باليمن، بشكل يحسن من قدرة إيران على توسيع نفوذها في المنطقة”.
ووفق الباحث في الشؤون الإسرائيلية، فإنها “تخشى كذلك أن يشكل الاتفاق انهيار المعسكر العربي الذي راهنت على التحالف معه في مواجهة تحديات أخرى وليس فقط إيران”، موضحاً أنّ “إسرائيل استبقت هذا التطور بزعم أن السعودية اشترطت التطبيع بسحب إسرائيل اعتراضها على حصولها على مفاعل ذري للأغراض المدنية، وهو ما لن توافق عليه إسرائيل المعنية بالحفاط على تفوقها النوعي، وتحديدا في المجال غير التقليدي، فإسرائيل معنية بحلفاء عرب لكن بدون أسنان”.
“عدة مؤشرات”
بدوره، يرى الخبير في الشؤون “الإسرائيلية”، عادل ياسين، أنّ إعلان تجديد العلاقات بين السعودية وإيران، ينعكس بعدة مؤشرات على الاحتلال، أولها دخول الصين طرفًا بالاتفاق يعني استمرار تراجع الدور الأمريكي في المنطقة، موضحاً أن تراجع دور الولايات المتحدة بقيادة جو بايدن، بالمنطقة يؤثر سلبًا على مكانة “إسرائيل”، التي تعتبر الولايات المتحدة بمثابة صمام أمان لوجودها وجسر عبور لإقامة علاقات مع دول العالم.
ووفق ياسين، فإنّ الإعلان يعني أن الفشل “الإسرائيلي” مركّب ما بين فشل سياسي وكذلك أمني في معرفة تفاصيله مسبقًا ومحاولة عرقلته بأساليبها التقليدية.
وبحسب الخبير في الشؤون “الإسرائيلية”، فإنّ أكثر ما يقلق إسرائيل حاليًا هو الاعتقاد بأن السبب الرئيس الذي دفع السعودية لتجديد علاقاتها مع إيران هو الشعور بأن تهديداتها وادعاءاتها بامتلاك القدرة على توجيه ضربة لإيران ما هي إلا شعارات ليس لها رصيد عملي.
متابعًا: “لاسيما وأننا سمعنا عن التهديدات والتدريبات وتخصيص الميزانيات لضرب إيران منذ سنوات طويلة”.
وذكر ياسين أنّ ما يزيد الطين بلة هو فشل “إسرائيل” في إقناع الولايات المتحدة والدول الأوربية بالتلويح فقط بالخيار العسكري أمام إيران.
وبيّن أنّ “كيان الاحتلال الآن أمام اختبار صعب، فإما أن يثبت العكس ويؤكد مصداقية تهديداته رغم ما يترتب عليه من أثمان وتبعات يصعب عليه تحملها في ظل حالة التفكك والانقسام الداخلي، أو إما أن يغض الطرف ويقبل بالهزيمة ويعترف ضمنيا بتراجع قوة ردعه وعجزه عن توجيه ضربة عسكرية لإيران”، لافتاً إلى أن الاحتمال الثاني يعني أن “إسرائيل” باتت مدركة أن إيران قادرة على توجيه ضربة ثانية بعدة وسائل ومن عدة أماكن.
“ترحيب فلسطيني”
ولقي الاتفاق الإيراني السعودي، ترحيبا فلسطينيا، إذ أكدت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أنها ترحب باستئناف العلاقة بين المملكة العربية السعودية وبين جمهورية إيران الإسلامية، وعدّتها خطوة مهمَّة على طريق توحيد صفوف الأمَّة، وتعزيز الأمن والتفاهم بين الدول العربية والإسلامية، وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وقال رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية وعضو المكتب السياسي للحركة د. خليل الحية في تصريح صحفي أمس الجمعة: “إننا نرى أنَّ هذه الخطوة المهمّة تصبّ في صالح القضية الفلسطينية، ودعم صمود شعبنا في مواجهة الاحتلال وعدوانه المتواصل على أرضنا وشعبنا ومقدساتنا”، كما أعربت حركة الجهاد الإسلامي، عن ترحيبها بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين الجمهورية الإسلامية في إيران والمملكة العربية السعودية.
وأكدت الحركة في تصريح صحفي، ️أنّ الاتفاق الإيراني السعودي وعودة العلاقات بينهما خطوة مهمة وكبيرة في الاتجاه الصحيح، موضحة أن تخفيف حدة التوترات بالمنطقة يعود بالمصلحة على المنطقة العربية ويخدم مصالح شعوب ودول العالم العربي والاسلامي.
وعبرت عن أملها بأن يكون للاتفاق بين البلدين المسلمين مردود إيجابي على القضية الفلسطينية ويدعم حق الشعب الفلسطيني في نضاله ومقاومته من أجل استرداد حقوقه التاريخية والشرعية الثابتة.
المصدر: وكالة شهاب