تشارك الصين من موقع قوة في الاجتماع السنوي لمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) الجمعة، وسط مخاوف من الانعطافة الحمائية التي أعلن عنها الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب.
وقد يعني فوز رجل الاعمال الملياردير في الانتخابات الرئاسية الأميركية الحاضر الغائب في القمة، نهاية اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (تي بي بي)، وقد يحرك في الوقت نفسه المبادرات المنافسة التي تسعى بكين لتحقيقها.
وسيهيمن هذا التحدي على المحادثات خلال المنتدى الذي يجمع 21 قوة اقتصادية من ضفتي المحيط الهادئ تعتبر من أكثر المستفيدين من العولمة التي يعترض عليها الرأي العام بشكل متزايد في اوروبا والولايات المتحدة.
ويمثل اعضاء أبيك الذين يجتمعون حتى الأحد في عاصمة البيرو حوالى 60% من الاقتصاد العالمي و40% من سكان العالم.
ووقعت اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ عام 2015 بين 12 دولة هي الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وتشيلي وأستراليا ونيوزيلندا واليابان وبروناي وماليزيا والبيرو وسنغافورة وفيتنام، واستبعدت الصين من الاتفاقية التي دفعت إليها إدارة أوباما، التزاما بسياسة الرئيس الاميركي القاضية بوضع محور آسيا والمحيط الهادئ في صلب استراتيجيته الاقتصادية، غير أنها لن تدخل حيز التنفيذ الا بعدما تبرمها واشنطن.
الا ان دونالد ترامب المؤيد للحمائية والمدافع عن الحفاظ على وظائف الصناعة الأميركية، انتقد اتفاقية الشراكة التي وصفها خلال حملته الانتخابية بأنها “اتفاقية فظيعة”، كما اعلن عزمه على معاودة التفاوض في اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) الموقعة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
وقال براين جاكسون، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في مركز “آي إتش إس غلوبال إينسايت”، لوكالة فرانس برس “من المؤكد أن فشل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ سيكون انتصارا هائلا للصين. سواء سياسيا أو اقتصاديا”.
وتابع المحلل “سياسيا استغرقت المفاوضات حول اتفاقية الشراكة سنوات وراهنت فيها الدول الشريكة برصيدها السياسي. وفشلها سينعكس سلبا على مصداقية الولايات المتحدة في اي مفاوضات مقبلة في المنطقة”.
وتابع “على الصعيد الاقتصادي. بات من الواضح ان الصين ستعمل جاهدة لتوقيع اتفاقيات تجارية اقليمية لضمان احتفاظها بسبل وصول للاسواق (المحلية) تؤمن لها التنافسية”.
وأوضح أنها “كانت ستفعل ذلك حتى في حال إقرار اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، لكن في حال فشلها، فهذا سيعزز الى حد كبير موقعها التفاوضي كالمصدر البديل الرئيسي للفرص” التجارية.
ومن المتوقع ان تغتنم بكين هذه الفرصة لإعادة ترسيم المبادلات الاقتصادية في آسيا، بإعطاء دفع لاتفاقياتها التجارية الخاصة، لا سيما مشروعها لإقامة منطقة تبادل حر في آسيا والمحيط الهادئ، على أمل ضم جميع دول أبيك الي21 اليها.
كما ستدعم الصين مشروع اتفاقية التبادل الحر بين رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والصين واستراليا والهند واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، ومن دون الولايات المتحدة.
وقال مارسيل تيليانت من مركز “كابيتال ايكونوميكس” إن “مشروع الاتفاقية بديل آسيوي محتمل لاتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ”.
وفي مقابلة مع صحيفة “فايننشل تايمز” الاربعاء. أبدى وزير التجارة الاسترالي ستيفن سيوبو اهتمامه بالحل الصيني، وقال “إن أي قرار يسمح لنا بخفض الحواجز التجارية وتسهيل الصادرات والدفع بالنمو والوظائف هو خطوة في الاتجاه الصحيح”.
وقال الاستاذ في معهد “إلكانو” في مدريد كارلوس مالامود “في الوقت الحاضر، يبقى الغموض مهيمنا هناك أسئلة أكثر مما هناك أجوبة وهذا الموضوع سيشغل كل المحادثات الرسمية وغير الرسمية خلال القمة” في ليما.
وتابع إن “ترامب سيتحرك. هذا أكيد وستكون الدولتان في الجوار المباشر للولايات المتحدة، كندا والمكسيك، الخاسر الاكبر”.
غير أن “الحجة ضد التبادل الحر كانت ذات استخدام انتخابي داخلي. فيما يبقى الأمر الأكيد أن اقتصاد الولايات المتحدة يتوقف الى حد بعيد على الخارج”.
وأكد أن “ترامب هو في طور إدراك المخاطر والكلفة بالنسبة للعمال الاميركيين إذا ما أقر على سبيل المثال زيادة بنسبة 25% في الضرائب على استيراد بعض المنتجات”.
وحذر بانه “في حال قيام حرب تجارية بين بلدين، فكل منهما يخسر الكثير، الأمر الأكيد هو انه في حال أدارت الولايات المتحدة ظهرها لأميركا اللاتينية. فستكون الصين المستفيدة”.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية